بتـــــاريخ : 11/1/2009 7:25:05 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 986 1


    تفسير بن كثير - سورة البقرة - الآية 2

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : quran.al-islam.com

    كلمات مفتاحية  :

    ذَلِكَ الْكِتَابُ

    القول في تأويل قوله تعالى : { ذلك الكتاب } قال عامة المفسرين : تأويل قول الله تعالى : { ذلك الكتاب } هذا الكتاب . ذكر من قال ذلك : 201 - حدثني هارون بن إدريس الأصم الكوفي , قال : حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي , عن ابن جريج , عن مجاهد : { ذلك الكتاب } قال : هو هذا الكتاب . 202 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : حدثنا ابن علية , قال : أخبرنا خالد الحذاء , عن عكرمة , قال : { ذلك الكتاب } هذا الكتاب . 203 - حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي , قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري قال : حدثنا الحكم بن ظهير , عن السدي في قوله : { ذلك الكتاب } قال : هذا الكتاب 204 - حدثنا القاسم بن الحسن , قال : حدثنا الحسين بن داود , قال : حدثني حجاج عن ابن جريج قوله : { ذلك الكتاب } هذا الكتاب . قال : قال ابن عباس : { ذلك الكتاب } : هذا الكتاب . فإن قال قائل : وكيف يجوز أن يكون " ذلك " بمعنى " هذا " ؟ و " هذا " لا شك إشارة إلى حاضر معاين , و " ذلك " إشارة إلى غائب غير حاضر ولا معاين ؟ قيل : جاز ذلك لأن كل ما تقضى وقرب تقضيه من الأخبار فهو وإن صار بمعنى غير الحاضر , فكالحاضر عند المخاطب ; وذلك كالرجل يحدث الرجل الحديث , فيقول السامع : إن ذلك والله لكما قلت , وهذا والله كما قلت , وهو والله كما ذكرت . فيخبر عنه مرة بمعنى الغائب إذ كان قد تقضى ومضى , ومرة بمعنى الحاضر لقرب جوابه من كلام مخبره كأنه غير منقض , فكذلك ذلك في قوله : { ذلك الكتاب } لأنه جل ذكره لما قدم قبل ذلك الكتاب { الم } التي ذكرنا تصرفها في وجوهها من المعاني على ما وصفنا , قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : يا محمد هذا الذي ذكرته وبينته لك الكتاب . ولذلك حسن وضع " ذلك " في مكان " هذا " , لأنه أشير به إلى الخبر عما تضمنه قوله : { الم } من المعاني بعد تقضي الخبر عنه { الم } , فصار لقرب الخبر عنه من تقضيه كالحاضر المشار إليه , فأخبر عنه بذلك لانقضائه ومصير الخبر عنه كالخبر عن الغائب . وترجمه المفسرون أنه بمعنى " هذا " لقرب الخبر عنه من انقضائه , فكان كالمشاهد المشار إليه بهذا نحو الذي وصفنا من الكلام الجاري بين الناس في محاوراتهم , وكما قال جل ذكره : { واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار هذا ذكر } 38 48 : 49 فهذا ما في " ذلك " إذا عنى بها " هذا " . وقد يحتمل قوله جل ذكره : { ذلك الكتاب } أن يكون معنيا به السور التي نزلت قبل سورة البقرة بمكة والمدينة , فكأنه قال جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : يا محمد اعلم أن ما تضمنته سور الكتاب التي قد أنزلتها إليك هو الكتاب الذي لا ريب فيه . ثم ترجمه المفسرون بأن معنى " ذلك " : " هذا الكتاب " , إذ كانت تلك السور التي نزلت قبل سورة البقرة من حملة جميع كتابنا هذا الذي أنزله الله عز وجل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم . وكان التأويل الأول أولى بما قاله المفسرون ; لأن ذلك أظهر معاني قولهم الذي قالوه في ذلك . وقد وجه معنى ذلك بعضهم إلى نظير معنى بيت خفاف بن ندبة السلمي : فإن تك خيلي قد أصيب صميمها فعمدا على عين تيممت مالكا أقول له والرمح يأطر متنه تأمل خفافا إنني أنا ذلكا كأنه أراد : تأملني أنا ذلك . فرأى أن " ذلك الكتاب " بمعنى " هذا " نظير ما أظهر خفاف من اسمه على وجه الخبر عن الغائب وهو مخبر عن نفسه , فكذلك أظهر " ذلك " بمعنى الخبر عن الغائب , والمعنى فيه الإشارة إلى الحاضر المشاهد والقول الأول أولى بتأويل الكتاب لما ذكرنا من العلل . وقد قال بعضهم : { ذلك الكتاب } يعني به التوراة والإنجيل , وإذا وجه تأويل ذلك إلى هذا الوجه فلا مؤنة فيه على متأوله كذلك لأن " ذلك " يكون حينئذ إخبارا عن غائب على صحة .

    لَا رَيْبَ فِيهِ

    القول في تأويل قوله تعالى : { لا ريب فيه } وتأويل قوله : { لا ريب فيه } " لا شك فيه " , كما : 205 - حدثني هارون بن إدريس الأصم , قال : حدثنا عبد الرحمن المحاربي عن ابن جريج , عن مجاهد { لا ريب فيه } , قال : لا شك فيه . 206 - حدثني سلام بن سالم الخزاعي , قال : حدثنا خلف بن ياسين الكوفي , عن عبد العزيز بن أبي رواد عن عطاء : { لا ريب فيه } قال : لا شك فيه . 207 - حدثني أحمد بن إسحاق الأهوازي , قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري , قال : حدثنا الحكم بن ظهير , عن السدي , قال : { لا ريب فيه } لا شك فيه . 208 - حدثني موسى بن هارون الهمداني , قال : حدثنا عمرو بن حماد , قال : حدثنا أسباط , عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك , وعن أبي صالح , عن ابن عباس , وعن مرة الهمداني , عن ابن مسعود , وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : { لا ريب فيه } : لا شك فيه . 209 - حدثنا محمد بن حميد , قال : حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق , عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت , عن عكرمة , أو عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس : { لا ريب فيه } قال : لا شك فيه . * حدثنا القاسم بن الحسن قال : حدثنا الحسين , قال : حدثني حجاج عن ابن جريج , قال : قال ابن عباس : { لا ريب فيه } يقول لا شك فيه . 210 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : حدثنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر عن قتادة : { لا ريب فيه } يقول : لا شك فيه . 211 - وحدثنا عن عمار بن الحسن , قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر , عن أبيه عن الربيع بن أنس قوله : { لا ريب فيه } يقول : لا شك فيه . وهو مصدر من قولك : رابني الشيء يريبني ريبا . ومن ذلك قول ساعدة بن جؤية الهذلي . فقالوا تركنا الحي قد حصروا به فلا ريب أن قد كان ثم لحيم ويروى : " حصروا " , و " حصروا " , والفتح أكثر , والكسر جائز . يعني بقوله : " حصروا به " أطافوا به , ويعني بقوله , { لا ريب فيه } لا شك فيه , وبقوله : " أن قد كان ثم لحيم " يعني قتيلا , يقال , قد لحم إذا قتل . والهاء التي في وفيه . عائده على الكتاب , كأنه قال : لا شك في ذلك الكتاب أنه من عند الله هدى للمتقين

    هُدًى

    القول في تأويل قوله تعالى : { هدى } . 212 - حدثني أحمد بن حازم الغفاري , قال , حدثنا أبو نعيم , قال : حدثنا سفيان , عن بيان , عن الشعبي . { هدى } قال , هدى من الضلالة . 213 - حدثني موسى بن هارون , قال , حدثنا عمرو بن حماد , قال : حدثنا أسباط بن نصر , عن إسماعيل السدي , في خير ذكره . عن أبي مالك , وعن أبي صالح , عن ابن عباس , وعن مرة الهمداني , عن ابن مسعود , وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : { هدى للمتقين } يقول : نور للمتقين . والهدى في هذا الموضع مصدر من قولك هديت فلانا الطريق - إذا أرشدته إليه . ودللته عليه , وبينته له - أهديه هدى وهداية . فإن قال لنا قائل : أو ما كتاب الله نورا إلا للمتقين ولا رشادا إلا للمؤمنين ؟ قيل . ذلك كما وصفه ربنا عز وجل , ولو كان نورا لغير المتقين , ورشادا لغير المؤمنين لم يخصص الله عز وجل المتقين بأنه لهم هدى , بل كان يعم به جميع المنذرين ; ولكنه هدى للمتقين , وشفاء لما في صدور المؤمنين , ووقر في آذان المكذبين , وعمى لأبصار الجاحدين . وحجة لله بالغة على الكافرين ; فالمؤمن به مهتد , والكافر به محجوج . وقوله : { هدى } يحتمل أوجها من المعاني ; أحدها : أن يكون نصبا لمعنى القطع من الكتاب لأنه نكرة والكتاب معرفة , فيكون التأويل حينئذ : الم ذلك الكتاب هاديا للمتقين . و " ذلك " مرفوع ب " الم " , و " الم " به , و " الكتاب " نعت ل " ذلك " . وقد يحتمل أن يكون نصبا على القطع من راجع ذكر الكتاب الذي في " فيه " , فيكون معنى ذلك حينئذ : الم الذي لا ريب فيه هاديا . وقد يحتمل أن يكون أيضا نصبا على هذين الوجهين , أعني على وجه القطع من الهاء التي في " فيه " , ومن الكتاب على أن " الم " كلام تام , كما قال ابن عباس إن معناه : أنا الله أعلم . ثم يكون " ذلك الكتاب " خبرا مستأنفا , ويرفع حينئذ الكتاب ب " ذلك " و " ذلك " بالكتاب , ويكون " هدى " قطعا من الكتاب , وعلى أن يرفع " ذلك " بالهاء العائدة عليه التي في " فيه " , والكتاب نعت له , والهدى قطع من الهاء التي في " فيه " . وإن جعل الهدى في موضع رفع لم يجز أن يكون " ذلك الكتاب " إلا خبرا مستأنفا و " الم " كلاما تاما مكتفيا بنفسه إلا من وجه واحد ; وهو أن يرفع حينئذ " هدى " بمعنى المدح كما قال الله جل وعز : { الم تلك آيات الكتاب الحكيم هدى ورحمة للمحسنين } 31 1 : 3 في قراءة من قرأ " رحمة " بالرفع على المدح للآيات . والرفع في " هدى " حينئذ يجوز من ثلاثة أوجه , أحدها : ما ذكرنا من أنه مدح مستأنف . والآخر : على أن يجعل الرافع " ذلك " , والكتاب نعت ل " ذلك " . والثالث : أن يجعل تابعا لموضع " لا ريب فيه " , ويكون " ذلك الكتاب " مرفوعا بالعائد في " فيه " , فيكون كما قال تعالى ذكره : { وهذا كتاب أنزلناه مبارك } . 6 92 وقد زعم بعض المتقدمين في العلم بالعربية من الكوفيين أن " الم " رافع " ذلك الكتاب " بمعنى : هذه الحروف من حروف المعجم , ذلك الكتاب الذي وعدتك أن أوحيه إليك . ثم نقض ذلك من قوله فأسرع نقضه , وهدم ما بنى فأسرع هدمه , فزعم أن الرفع في " هدى " من وجهين والنصب من وجهين , وأن أحد وجهي الرفع أن يكون " الكتاب " نعتا ل " ذلك " , و " الهدى " في موضع رفع خبر ل " ذلك " كأنك قلت : ذلك لا شك فيه . قال : وإن جعلت " لا ريب فيه " خبره رفعت أيضا " هدى " بجعله تابعا لموضع " لا ريب فيه " كما قال الله جل ثناؤه : { وهذا كتاب أنزلناه مبارك } كأنه قال : وهذا كتاب هدى من صفته كذا وكذا . قال : وأما أحد وجهي النصب , فأن تجعل " الكتاب " خبرا ل " ذلك " وتنصب " هدى " على القطع ; لأن " هدى " نكرة اتصلت بمعرفة وقد تم خبرها فتنصبها , لأن النكرة لا تكون دليلا على معرفة , وإن شئت نصبت " هدى " على القطع من الهاء التي في " فيه " كأنك قلت : لا شك فيه هاديا . قال أبو جعفر : فترك الأصل الذي أصله في " الم " وأنها مرفوعة ب " ذلك الكتاب " ونبذه وراء ظهره . واللازم له على الأصل الذي كان أصله أن لا يجيز الرفع في " هدى " بحال إلا من وجه واحد , وذلك من قبل الاستئناف إذ كان مدحا . فأما على وجه الخبر لذلك , أو على وجه الإتباع لموضع " لا ريب فيه " , فكان اللازم له على قوله أن يكون خطأ , وذلك أن " الم " إذا رفعت " ذلك الكتاب " فلا شك أن " هدى " غير جائز حينئذ أن يكون خبرا " ذلك " بمعنى الرافع له , أو تابعا لموضع لا ريب فيه , لأن موضعه حينئذ نصب لتمام الخبر قبله وانقطاعه بمخالفته إياه عنه .

    لِلْمُتَّقِينَ

    القول في تأويل قوله تعالى : { للمتقين } . 214 - حدثنا سفيان بن وكيع , قال : حدثنا أبي عن سفيان , عن رجل , عن الحسن قوله : { للمتقين } قال : اتقوا ما حرم عليهم وأدوا ما افترض عليهم . 215 - حدثنا محمد بن حميد , قال : حدثنا سلمة بن الفضل , عن محمد بن إسحاق , عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن عكرمة , أو عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس : { للمتقين } أي الذين يحذرون من الله عز وجل عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى , ويرجون رحمته بالتصديق بما جاء به . 216 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد , قال : حدثنا أسباط , عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك , وعن أبي صالح , عن ابن عباس , وعن مرة الهمداني , عن ابن مسعود , وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : { هدى للمتقين } قال : هم المؤمنون . 217 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبو بكر بن عياش , قال : سألني الأعمش عن المتقين , قال : فأجبته , فقال لي : سئل عنها الكلبي ! فسألته فقال : الذين يجتنبون كبائر الإثم . قال : فرجعت إلى الأعمش , فقال : نرى أنه كذلك ولم ينكره . 218 - حدثني المثنى بن إبراهيم الطبري , قال : حدثنا إسحاق بن الحجاج عن عبد الرحمن بن عبد الله , قال : حدثنا عمر أبو حفص , عن سعيد بن أبي عروبة , عن قتادة . { هدى للمتقين } هم من نعتهم ووصفهم فأثبت صفتهم فقال : { الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون } 219 - حدثنا أبو كريب , قال : حدثنا عثان بن سعيد , قال حدثنا بشر بن عمار , عن أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس : { للمتقين } قال : المؤمنين الذين يتقون الشرك ويعملون بطاعتي . وأولى التأويلات بقول الله جل ثناؤه : { هدى للمتقين } تأويل من وصف القوم بأنهم الذين اتقوا الله تبارك وتعالى في ركوب ما نهاهم عن ركوبه , فتجنبوا معاصيه واتقوه فيما أمرهم به من فرائضه فأطاعوه بأدائها . وذلك أن الله عز وجل إنما وصفهم بالتقوى فلم يحصر تقواهم إياه على بعضها من أهل منهم دون بعض . فليس لأحد من الناس أن يحصر معنى ذلك على وصفهم بشيء من تقوى الله عز وجل دون شيء إلا بحجة يجب التسليم لها , لأن ذلك من صفة القوم لو كان محصورا على خاص من معاني التقوى دون العالم منها لم يدع الله جل ثناؤه بيان ذلك لعباده , أما في كتابه , وإما على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ; إذ لم يكن في العقل دليل على استحالة وصفهم بعموم التقوى . فقد تبين إذا بذلك فساد قول من زعم أن تأويل ذلك إنما هو : الذين اتقوا الشرك وبرءوا من النفاق ; لأنه قد يكون كذلك وهو فاسق غير مستحق أن يكون من المتقين . إلا أن يكون عند قائل هذا القول معنى النفاق ركوب الفواحش التي حرمها الله جل ثناؤه وتضييع فرائضه التي فرضها عليه , فإن جماعة من أهل العلم قد كانت تسمي من كان يقع ذلك منافقا , فيكون - وإن كان مخالفا في تسميته من كان كذلك بهذا الاسم - مصيبا تأويل قول الله عز وجل للمتقين .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()