بتـــــاريخ : 9/14/2008 11:48:20 AM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1064 0


    خريف يائس الأوقات

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : طالب همّاش | المصدر : www.adab.com

    كلمات مفتاحية  :

     

    مستسلماً كالأحرفِ العطشى‏

    إلى ياءِ النداءِ‏

    ومنصتاً بالروحِ للصوتِ الحدائيِّ‏

    الذي ينأى ولا يدنو‏

    كأجراس الرَّحيلْ..‏

    مستسلماً مثل الحمامِ إلى سماوات‏

    معلقةٍ على أجراسها الكسلى‏

    يموّجني هبوبُ الريحِ‏

    كالقمصانِ في حبلِ الغسيلْ.‏

    لا أسمعُ الناياتِ إلاَّ وهي تصفرُ‏

    في أديمِ الليلِ باللاءاتِ..‏

    والمزمارُ يخبطُ أعرجاً في الأرضِ‏

    تتبعهُ نواقيسُ الدموعِ العاليهْ‏

    ببكائها المعتلِّ، والصوت القتيلْ.‏

    دنياهُ يا دنيا!‏

    يغنّيها الغريبُ برجعهِ الموجوعِ‏

    في أرجاءِ من رحلوا‏

    ومن حزنٍ إلى حزنٍ‏

    يأوّههُ بكاءٌ أعزلٌ في الروحِ‏

    مجروح الهديلْ.‏

    دنيا..‏

    تقسّمها (مزاميرٌ) من الرّستِ الحنونِ‏

    على مسامع عاشقينَ‏

    مجمّدينَ على أديمِ فراقهم،‏

    وعلى سكارى نائمينَ على ذراعِ الموت‏

    كالمتصوفينْ.‏

    ممحوّةٌ كالقمحِ في ماء الحنينِ حروفُهَا البحّاءُ‏

    يرفعها النحيبُ على أنامل صوتهِ المبحوحِ‏

    ثم يصبّها في الناي أغنيةً مقفّاةً‏

    بأسماءِ الذين تغيبوا عن حانةِ الدنيا‏

    وظلَّ خيالهم‏

    أبداً على أبوابنا مطراً حزينْ.‏

    لكأنما هي آخرُ الكلماتِ قبل الموت‏

    والمُتَحَسَّرُ الأبديُّ للجمعاتِ‏

    في تنويحها المفؤودِ‏

    تُصْدِيِهَا كمنجاتُ الفراقِ‏

    بقوسها المغروس مثل الرمحِ‏

    في جسدِ المغني:‏

    نمْ قريرَ العينِ يا ولدي الحسينْ!‏

    وكأنها تكرارُ صوتِ سكينةَ‏

    المذروِّ كالورقِ العتيق‏

    على بلاد الرَّافدينْ.‏

    لا هذه الصحراءُ مبكاي القديم‏

    لكي أيممَ قلبي المهجورَ‏

    شطرَ رِمالها العطشى،‏

    وأنصابَ الكأبةِ‏

    أو أسرحَ في براريها‏

    ضفائرَ شعريَ السوداءَ‏

    ليلاً إثر ليلٍ‏

    كلما هبّتْ على الصحراءِ ريحْ.‏

    لا شمسها شمسي‏

    لتهدلَ نخلةٌ في الروحِ ذياكَ الهديلَ..‏

    ولا استدارَ بأُفقها القمرُ الأشفُّ‏

    لليلةِ العشّاقِ‏

    كي أبكي على قلبي الجريحْ.‏

    مستسلماً لليلِ كالفزاعةِ الثكلى‏

    لأحزانِ الأمومةِ في السوّادِ‏

    أهزُّ رأسي بالنياحةِ‏

    بين مريمَ والمسيحْ.‏

    لا شيءَ إلا دمعة الحسراتِ‏

    تذرفها عيونُ اللَّيل في كفيْ،‏

    وتلعقها شفاهُ اليأس أوقات السآمهْ.‏

    ويدورُ ناعورُ الفراق على خريفٍ‏

    يائس الأوقاتِ‏

    كي يجترَّ ما أبقتْ ليَ‏

    الأيامُ من ساعاتها الصفراء‏

    وهي تهرُّ كالأكفان من شجر الندامهْ.‏

    لا لم يعدْ إلاَّ السواد محدّقاً‏

    في وحشتي‏

    وأنا أحدّقُ في أناجيلِ المغيبِ‏

    كناسكٍ أعمى‏

    فيبصرني وأبصرهُ‏

    ونمعنُ كالثكالى بالرحيلْ!‏

    سقطتْ على تغريبةِ الروحِ الحزينة‏

    آخرُ الناياتِ‏

    والأحزانُ يُصديها تضرّعُهَا الحزينُ‏

    على حديدِ الوقت‏

    ثم يعيدها محواً على الأسماع‏

    حزنٌ مستحيلْ!‏

    لا شيءَ غير ربابةٍ‏

    تبكي على صدرِ الغريب تصرّمَ الأيام‏

    في سأمٍ‏

    فيلقي رأسه السكرانَ‏

    من وجعِ الحياةِ على مخدّةِ ركبتيهِ‏

    مكفّناً ببكائه، وفراقهِ‏

    ويغطّ في حزن طويلْ!‏

    فكأنما لا بدّ من تغريبةٍ للروح‏

    حين تحينُ ساعتها الأخيرةُ‏

    كي تنوحَ على ضريحِ العزلةِ النائي‏

    وتسقطَ مثل ليلٍ شاغرٍ‏

    في حفرةِ الموت القتيلْ.‏

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()