مبادرة البنك الدولى لـ(التمويل من أجل التشغيل) تنطلق فى مصر قريبا

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : - نيفين كامل | المصدر : www.shorouknews.com

- نيفين كامل

 يتكبد الشرق الأوسط خسائر تتراوح بين 40 و50 مليار سنويا نتيجة لمعدلات البطالة العالمية والتى تصل إلى 25% بين الشباب الذكور فى الشرق الأوسط، و30% بين الشابات الإناث فى المنطقة، وهى المعدلات الأعلى فى العالم.

فى الوقت نفسه، لا تتجاوز نسبة مساهمة الشباب فى سوق العمل فى المنطقة الــ 30% فقط، وهو ما يقترب من نصف المتوسط العالمى وهو 52%، ليتكبد الشرق الأوسط خسائر تصل إلى ما بين 40 و50 مليار دولار سنويا نتيجة لهذه المعدلات العالية من البطالة، أى ما يعادل إجمالى الناتج المحلى لدول عربية مثل تونس ولبنان.

«ألم تكن هذه المعدلات العالية من البطالة، أحد الأسباب الرئيسية للثورات العربية التى قادها الشباب فى المنطقة؟ فلا أحد ينسى ما تسببت فيه ضغوط المعيشة من انتحار لبوعزيزى التونسى، نتيجة لعدم وجوده عمل لائق يوفر له احتياجاته. وما أكثر أمثال بوعزيزى فى المنطقة العربية»، هذا ما بدأ به حديثه روبرت وزليك، رئيس البنك الدولى، مساء أمس الأول، فى المؤتمر الصحفى الخاص بإصدار مؤسسة التمويل الدولية، عضو مجموعة البنك، والبنك الإسلامى للتنمية لتقرير «التعليم من أجل التوظيف: تحقيق إمكانات الشباب العربى»، والذى يتبنى المبادرة الخاصة بتحسين التعليم فى المنطقة العربية.

ويضيف زوليك «لا يوجد وقت أنسب من ذلك، الوقت الذى يقود فيه الشباب الثورات فى المنطقة ويشكلون بأيديهم المستقبل، لإطلاق مثل هذه المبادرة وإعداد جيل المستقبل».

وتأتى مبادرة مؤسسة التمويل الدولية، «التعليم من أجل التشغيل»، لتركز على التحديات التى تواجه الشباب العربى فى سوق العمل، فـ«ليس من المهم كم طفلا أو شابا يتلقى التعليم، ولكن ما يحسب هو جودة التعليم الذى يحصلون عليه وإذا كانت تؤهلهم للالتحاق بسوق العمل أم لا»، بحسب زوليك الذى يؤكد أن مستوى التعليم فى المنطقة متدنى حتى الآن ولا يتناسب مع متطلبات التوظيف.

وتستهدف هذه المبادرة، والتى بدأت نشاطها فى كل من تونس والأردن، مخاطبة جميع الأطراف المعنية (القطاع الخاص، والقطاع العام، والمجتمعات المدنية، وصانعى السياسات، والطلبة أنفسهم)، من أجل الإسراع فى وضع حلول ملائمة للتعليم تتضافر مع طاقة شباب المنطقة، وقدرة القطاع الخاص على بناء مستقبل اقتصادى واجتماعى «أكثر إشراقا للجميع»، بحسب قول لارس ثنل، الرئيس التنفيذى لمؤسسة التمويل الدولية.

ولقد اعتمد معدو التقرير، الذى تم إصداره فى كل من مصر، والمملكة العربية السعودية، والأردن، وواشنطن سويا، على تقصى آراء 1500 شاب، و1500 موظف، فى 9 دول عربية، وهى المغرب والجزائر، ومصر، والأردن، وفلسطين، والعراق، والمملكة العربية السعودية، عمان، واليمن، ليتوصل إلى أن القطاع العام مازال هو الموفر الأساسى للوظائف فى المنطقة (75ــ80%).

ويرجع ذلك فى السبب الأول، إلى الفجوة بين المؤهلات التعليمية «الضعيفة»، ومتطلبات القطاع الخاص «العالية»، وما يدلل على ذلك بحسب عبدالعزيز الهنائى، نائب رئيس البنك الإسلامى للتنمية، عدد العمالة الأجنبية الموجود فى المنطقة والذى يصل إلى ما يقرب من 15.1 مليون عامل أجنبى فى منطقة الخليج فقط.

وبرغم تضاعف عدد المسجلين فى التعليم الخاص الجامعى فى مصر، على سبيل المثال، ليصل إلى 450 ألف طالب فى 2003/2004، فإن هذا الرقم لا يمثل سوى 20% من إجمالى عدد المسجلين، وهذا ما ينتج عنه ضعف فى القدرات المؤهلة للعمل. «فقط ثلث العاملين بالمنطقة العربية تتوافر لديهم الامكانات والمؤهلات التى تتماشى مع احتياجات سوق العمل حاليا، وفقط 30% من المعينيين يشعرون أنهم مؤهلون لوظائفهم»، بحسب ثنل.

فمعظم الخريجين لا يجيدون اللغة الإنجليزية، ولا استخدام التكنولوجيا، وليست لديهم القدرات التى تؤهلهم من اتخاذ قرارات أو حل المشاكل. وهذا ما يعكس، وفقا لأحمد جلال، رئيس منتدى البحوث الاقتصادية، ضعف المستوى التعليمى فى مصر، برغم تراجع أعداد الاميين وزيادة عدد الملتحقى بالتعليم الابتدائى. «ما يهم هو جودة التعليم وليس عدد المتعلمين»، بحسب قوله، محددا ثلاث عوامل أساسية لتقييم النظام التعليمى. «المنهج، والتحفيز، والرقابة. وللأسف مصر تكتفى فقط بالنقطة الاولى لتضع حدا للإبداع، وتنمية القدرات»، بحسب قوله.

فلقد اقتربت مصر، بحسب جلال، من تحقيق أهداف الألفية الخاصة بالتعليم، حيث تراجع عدد الأميين من 39.4% فى 2006، إلى 26% فى 2009، وتستهدف مصر الوصل به إلى 10% فى 2015. فى الوقت نفسه، تسعى مصر إلى القضاء على الامية ما بين الفئات العمرية (15/24) بحلول 2015، والذى يصل الآن إلى 30%. «وهذا أيضا ممكن. ولكن الأرقام ليست كافية ولا تعكس تقدما حقيقيا فى مستوى التعليم. والأهم من هذا نوعية التعليم الجامعى والذى لا يزال عقيما فى مصر».

ومن هنا يرى الرئيس التنفيذى لمؤسسة التمويل الدولية ضرورة تضافر الجهات المعنية كلها من أجل تطوير التعليم، وذلك من خلال ثلاثة محاور أساسية، وهى تحديد المعايير والمؤهلات اللازمة للتشغيل، وتوفير التمويل اللازم من قبل القطاع الخاص لتحقيق هذه المعايير الأساسية، والاهم من ذلك توفير مقدمى خدمة التعليم القادرين على تحقيق ذلك. «لابد من تدريب رواد الأعمال لكى يقوموا بتوسيع أعمالهم فى الأسواق، فهنا توجد الوظائف»، بحسب ثنل، معلنا بدء المبادرة عملها فى مصر قريبا.

وتقول الملكة رانيا، ملكة الأردن، راعية المبادرة، فى كلمتها أثناء احتفالية إصدار التقرير فى الأردن إن التعليم من أجل التشغيل بات حاليا حاجة ملحة أكثر من أى وقت مضى. «فالحصول على عمل لائق حلم شرعى للشباب الذى طالما عانى من هذه المصطلحات: مناهج.. تقليدية وفقيرة، أساليب تدريبية.. متأخرة، تدريب.. ضعيف، مهارات.. ضعيفة، وغيرها من الانتقادات. أى سيرة ذاتية لا تتواءم مع العالم، لذلك لقد حان الوقت لصياغة سيرة ذاتية أفضل للشباب العربى صانعى المستقبل، لأنها باتت سيرة ذاتية للمنطقة بأكملها».