كتاب هدية المسافر – الوصية السادسة

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : شبابيك | المصدر : www.shabayek.com

وهنا اختار المؤلف اندي اندروز الرئيس الأمريكي ابراهام (=إبراهيم) لنكولن، ليلقي الوصية السادسة على بطل قصته هدية المسافر. لمن لا يعرف، لنكولن كان نكرة حتى الأربعين من عمره، رجل جرب العمل في مهن وحرف كثيرة، فشل في معظمها، فهو لم يحصل على تعليم أكاديمي، رغم ذلك علم نفسه القانون، وعمل كمحامي، وكان له مرافعات ذكية تثير الإعجاب، وهو صاحب الفضل في حماية الولايات المتحدة الأمريكية من التفكك إلى دويلات متناحرة، وهو من ألغى عبودية الزنوج الأمريكيين، وهو أول رئيس أمريكي يموت غيلة.
القرار السادس للنجاح: اليوم سأختار أن أكون متسامحا
لفترة طويلة، حبست داخلي أي ذرة تسامح ملكتها، وأخفيتها عن العيون، على أمل أن أعطيها يوما لمن يستحقها عن جدارة، وللأسف، فلقد وجدت معظم الناس لا تستحق عفوي وتسامحي، ولأنهم لم يطلبوه مني قط، فأبقيته لنفسي. الآن، هذا التسامح الذي حبسته في قلبي تحول إلى نبتة مُر طعمها.
لكن ليس بعد الآن، فمن اللحظة هذه، سيملأ حياتي الأمل والثقة، ومن دون الناس جميعا، فأنا سأمتلك سر تبديد الغضب والسخط. الآن أعلم أن للعفو والتسامح قيمة كبيرة – فقط حين أبذله للغير. عبر عفوي عن الغير، فأنا أحرر شياطين الماضي التي لا أملك فعل شيء لها، وبهذا يصبح لي قلبا جديدا، وبداية جديدة.
اليوم سأختار أن أكون متسامحا، سأسامح حتى هؤلاء الذين لم يطلبوا مني أن أسامحهم.
كم من المرات اشتطت فيها غضبا، بسبب كلمة بدرت أو فعل صدر من شخص عابث أو غير مكترث، ما جعلني أضيع ساعات طوال في التفكير في طرق الانتقام أو المواجهة. الآن تتراءى لي حقيقة هذه العقبة النفسية بداخلي، فالغضب الذي أججته هو من طرف واحد فقط، لأن من اجترأ علي لا يفكر في جرمه هذا.
من الآن، سأمنح عفوي في صمت – حتى لهؤلاء الذين يظنون أنهم ليسوا بحاجة إليه. عبر عفوي هذا، فأنا أحرر نفسي من التفكير غير المثمر. سأتوقف عن شعوري بالمرارة، وسأسعد بنفسي وسأعود منتجا بمساعدة أقراني.
اليوم سأختار أن أكون متسامحا، سأسامح الذين ينتقدونني بغير وجه حق.
لأن الرق بكل صوره خطأ، فأنا أؤمن كذلك أن من يعيش حياته بناء على آراء الغير هو من الرقيق والعبيد، وأنا لست كذلك. أنا أعرف الفرق بين الصواب والخطأ، أنا أعرف ما هو أفضل مستقبل لأسرتي، ولن أدع رأيا غير سليم أو نقدا غير عادل يغير من مسيرتي هذه.
إن من ينتقدون أهدافي وأحلامي لا يفهمون الهدف السامي الذي أسعى إليه، لهذا، فإن احتقارهم لي لا يؤثر على معنوياتي أو قراراتي. سأسامح انعدام الرؤية لديهم، وسأمضي في طريقي. الآن أعلم أن الانتقاد هو جزء من الثمن الذي أدفعه مقابل رفضي لأن أكون شخصا عاديا تقليديا.
اليوم سأختار أن أكون متسامحا، وسأبدأ بأن أسامح نفسي.
لسنوات طوال، كان ألد أعدائي نفسي التي بين ضلوعي، فكل غلطة، زلة، خطأ، سقطة، كبوة فعلتها، أبقيتها في الذاكرة واسترجعتها مرات ومرات في عقلي. كل وعد لم أف به، كل يوم أضعته سدى، كل هدف لم أحققه، كل هذا نتج عنه ذاك الشعور المرير بداخلي بسبب قلة انجازاتي ونجاحاتي في حياتي. هذا السخط نتج عنه شعورا داخليا أصابني بالشلل. عندما أخيب أملي، فأنا أتفاعل مع هذه الخيبة بجمودي وتوقفي عن الحركة، ما يزيد من شعوري بخيبة الأمل.
أدرك الآن استحالة محاربتي لعدو سكن رأسي. عبر مسامحتي لنفسي، فأنا أمحو الشك والخوف والإحباط الذي جعل الماضي يصبح حاضري. من هذا اليوم فصاعدا، لن أترك تاريخي يتحكم في مصيري، فأنا سامحت نفسي وعفوت عنها، وحياتي بدأت من الآن.

سأسامح حتى هؤلاء الذين لم يطلبوا مني أن أسامحهم، سأسامح الذين ينتقدونني بغير وجه حق، وسأسامح نفسي.
 
اليوم سأختار أن أكون متسامحا.