جبروت الحجاج

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : قصيمي | المصدر : www.ahm1.com

جبروت الحجاج
* طلب من يحيي بن يعمر آية قرآنية تثبت
أن الحسن والحسين أحفاد الرسول!
* عندما أفحمه العالم الجليل أمر بنفيه إلي خراسان!


ويقول الرواة ان الحجاج بن يوسف سمع عن هذا التابعي الجليل، يتحدث عن أحفاد الرسول صلي الله عليه وسلم بحب شديد، وأنه كثير الاعجاب بالحسن والحسين، وأن الناس يقدرونهما حبا لرسول الله صلي الله عليه وسلم.
وأراد الحجاج أن ينزع حب الناس لهما، لأنهما ينتسبان الي علي بن أبي طالب وليس لأمهم فاطمة الزهراء!
وقد جاءته الاخبار بأن يحيي بن يعمر سئل في الكوفة عن الحسين ونسبه من رسول الله صلي الله عليه وسلم: ان الحسن والحسين من ذرية محمد صلي الله عليه وسلم وأن الحجاج يحكم ولا يفتي.. فاذا افتي فان فتواه لا تستند الي علم.
وقرر الحجاج أن يستدعي الرجل، وعندما مثل بين يديه، طلب منه الحجاج أن يثبت أن الحسن والحسين من ذرية الرسول صلي الله عليه وسلم مستندا الي آيات من القرآن الكريم.
وكان الحجاج يريد أن يمثل بالرجل، ويلفق له الاتهامات!
وسأل الحجاج يحيي عن صلة الحسن والحسين برسول الله صلي الله عليه وسلم فقال يحيي:
­ نعم همامن ذرية محمد عليه الصلاة والسلام.
قال له الحجاج:
­ عليك أن تأتيني من آيات القرآن الكريم بالحجة علي ما تزعم، وإن لم تأتني بها واضحة من كتاب الله تعالي فان دمك لنا حلال، واياك أن تأتيني بالآية:
'فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الكاذبين'.
انه لا يريد أن يذكر له أسباب النزول، ولكنه يريد أن يأتي بآيات من كتاب الله تثبت أن الحسن والحسين من ذرية الرسول صلي الله عليه وسلم!!

***

وكان يحيي بن يعمر يجلس في المجلس واثقا من نفسه ليس به رهبة ولا خوف من الحجاج وسيفه، ومن حوله جنود البطش والطغيان وقال للحجاج:
­ اسمعها يا حجاج، آية واضحة غير الآية التي رفضت أن تستمع إليها.. واياك أن تستبد بك الحفائظ، فتصرفك عما ينبغي لكتاب الله الكريم، من تلقيه بقلب حاضر، وتنبه قوي، وذهن حديد'
يقول الله تعالي:
­ وتلك حجتنا اتيناها ابراهيم مع قومه نرفع درجات من نشاء ان ربك حكيم عليم، ووهبنا له اسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسي وهارون وكذلك نجزي الصالحين وزكريا ويحيي وعيسي وإلياس كل من الصالحين'.
فقد جعل الله تعالي في هذه الآية الشريفة عيسي بن مريم ذرية لابراهيم أو من ذريته، وأنت يا حجاج من تؤمن بأن عيسي عليه السلام ليس له أب، ينحدر من صلب ابراهيم أبي الانبياء حتي يكون المسيح عيسي بن مريم ذرية لابراهيم من هذا الطريق، واذا قد كنت مؤمنا بأن القرآن الكريم كتاب عربي مبين، فلابد أن يكون في هذه الآية مسوغ لاطلاق كلمة الذرية فيها علي عيسي ­ عليه السلام ­ ولست مسوغا مهما جمع بك التأويل ­ الا في أن مريم ­ عليها السلام ­ هي أم المسيح عيسي، وأنها هي من سلالة ابراهيم.
وبهذا القباس من القرآن الكريم لم يعد في استطاعة الحجاج بن يوسف الثقفي أن ينكر أن الحسن والحسين من ذرية الرسول، كما أن عيسي من ذرية ابراهيم.. مع أن الحسن والحسين هما أبناء فاطمة بنت الرسول عليه الصلاة والسلام.

***

وأمام هذا الكلام الواضح المستند الي آيات من القرآن الكريم، شعر الحجاج بالحرج، وقال للرجل الجليل:
­ أجلس يا يحيي فقد فاتني هذا الاستنباط.
وسأل الحجاج يحيي، وربما كان يريد مداعبته
­ اتجدني ألحن في قولي يا بن يعمر؟
قال له الفقيه العظيم.. بلا خوف ولا خشية من جبروت الحجاج:
­ نعم أيها الأمير!
­ الحن في أي شيء؟
­ في كتاب الله!
­ كيف؟
­ لقد قرأت بالمسجد الجامع:
'قل ان كان أباؤكم وأبناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم، وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها، ومساكن ترضونها أحب اليكم' فضممت الياء وهي مفتوحة'!
واغتاظ الحجاج وقال له:
­ لا تساكن ببلد أنا فيه، فاذهب منفيا الي خراسان.
وذهب يحي الي خرسان.. الي منفاه.. وهناك سأله بعض الخراسانيين
­ ألم تخش سيف الحجاج؟
­ قال يحيي:
­ لقد ملأني خشية الله.. وخشية الله لا تدع مكانا لخشية انسان.

***

يقول الشيخ أحمد حسن الباقوري تعليقا علي هذه الحكاية:
هذا.. وان من الحق علينا لهذا الوطن، أن ندون هنا ما كان يقول لنا شيوخنا من أن المسلم أمين علي نسبه مهما ادعي انه ابن ملك مكرم، أو أمير معظم، أو نبي مرسل اذا كان النسب مهما شرف لا قيمة له في موازين التفاضل.. لا عند الله ولا عند الناس، وكانت قيمته النادرة بحسن الاعتبار، انه ينتهي عن الدنيا، ، فليزعم من شاء ما شاء من أرفع الانساب وأشرفها عند الناس، وأكرمها علي الله، فليس ذلك بنافع شيئا، كما قرر رسول الله ­ في صراحة ووضوح ­ لابنته فاطمة الزهراء، ولعمه العباس:
­ يا فاطمة بنت محمد اعملي، فان محمدا لا يغني عنك من الله شيئا.
يا عباس عم محمد.. اعمل.. فان محمدا لا يغني عنك من الله شيئا.
يا بني هاشم لا يأتيني الناس يوم القيامة بأعمالهم، وتأتوني أنتم بانسابكم وأحسابكم،
ويشرح الانساب والاحساب بقوله:
يذكر أهل العلم في الفرق بين النسب والحسب.. أن النسب هو عدد الاباء، وأن الحسب هو مناضر الاباء.
فاذا قال القائل عن مفضال: فلان نسيب حسيب، فانه يعني أن له سلسلة من الاباء، وأن لكل أب من أولئك الاباء مفخرة عن عمل شريف ينتفع به الناس في دنيا أو دين.
وقد اجتمع الامران لرسول الله صلي الله عليه وسلم ­ اذا كان اباؤه ­ رضي الله عنهم واحدا وعشرين أبا يحفظهم المسلم عن ظهر قلب، وكان لكل أب من أبائه الطيبين منقبة عظيمة، ومفخرة شريفة ينتفع بها الناس في دنيا أو دين'.

***

والقصة التي قرأناها عن الحجاج والفقيه العالم يحيي بن يعمر، يرينا كيف أن للطغاة منطقا لا يستقيم مع أي منطق!
وأنهم يحاولون الايقاع بالابرياء بلا مبرر من منطق ولا دين، ولكن يهدف ارضاء ساداتهم، حتي لو كان ذلك علي حساب الشرف والفضيلة!

مراجع

قطوف من أدب النبوة ­ الشيخ أحمد حسن الباقوري
­ علماء في وجه الطغيان ­ د.محمد رجب البيومي
جبروت الحجاج
* طلب من يحيي بن يعمر آية قرآنية تثبت
أن الحسن والحسين أحفاد الرسول!
* عندما أفحمه العالم الجليل أمر بنفيه إلي خراسان!


ويقول الرواة ان الحجاج بن يوسف سمع عن هذا التابعي الجليل، يتحدث عن أحفاد الرسول صلي الله عليه وسلم بحب شديد، وأنه كثير الاعجاب بالحسن والحسين، وأن الناس يقدرونهما حبا لرسول الله صلي الله عليه وسلم.
وأراد الحجاج أن ينزع حب الناس لهما، لأنهما ينتسبان الي علي بن أبي طالب وليس لأمهم فاطمة الزهراء!
وقد جاءته الاخبار بأن يحيي بن يعمر سئل في الكوفة عن الحسين ونسبه من رسول الله صلي الله عليه وسلم: ان الحسن والحسين من ذرية محمد صلي الله عليه وسلم وأن الحجاج يحكم ولا يفتي.. فاذا افتي فان فتواه لا تستند الي علم.
وقرر الحجاج أن يستدعي الرجل، وعندما مثل بين يديه، طلب منه الحجاج أن يثبت أن الحسن والحسين من ذرية الرسول صلي الله عليه وسلم مستندا الي آيات من القرآن الكريم.
وكان الحجاج يريد أن يمثل بالرجل، ويلفق له الاتهامات!
وسأل الحجاج يحيي عن صلة الحسن والحسين برسول الله صلي الله عليه وسلم فقال يحيي:
­ نعم همامن ذرية محمد عليه الصلاة والسلام.
قال له الحجاج:
­ عليك أن تأتيني من آيات القرآن الكريم بالحجة علي ما تزعم، وإن لم تأتني بها واضحة من كتاب الله تعالي فان دمك لنا حلال، واياك أن تأتيني بالآية:
'فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الكاذبين'.
انه لا يريد أن يذكر له أسباب النزول، ولكنه يريد أن يأتي بآيات من كتاب الله تثبت أن الحسن والحسين من ذرية الرسول صلي الله عليه وسلم!!

***

وكان يحيي بن يعمر يجلس في المجلس واثقا من نفسه ليس به رهبة ولا خوف من الحجاج وسيفه، ومن حوله جنود البطش والطغيان وقال للحجاج:
­ اسمعها يا حجاج، آية واضحة غير الآية التي رفضت أن تستمع إليها.. واياك أن تستبد بك الحفائظ، فتصرفك عما ينبغي لكتاب الله الكريم، من تلقيه بقلب حاضر، وتنبه قوي، وذهن حديد'
يقول الله تعالي:
­ وتلك حجتنا اتيناها ابراهيم مع قومه نرفع درجات من نشاء ان ربك حكيم عليم، ووهبنا له اسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسي وهارون وكذلك نجزي الصالحين وزكريا ويحيي وعيسي وإلياس كل من الصالحين'.
فقد جعل الله تعالي في هذه الآية الشريفة عيسي بن مريم ذرية لابراهيم أو من ذريته، وأنت يا حجاج من تؤمن بأن عيسي عليه السلام ليس له أب، ينحدر من صلب ابراهيم أبي الانبياء حتي يكون المسيح عيسي بن مريم ذرية لابراهيم من هذا الطريق، واذا قد كنت مؤمنا بأن القرآن الكريم كتاب عربي مبين، فلابد أن يكون في هذه الآية مسوغ لاطلاق كلمة الذرية فيها علي عيسي ­ عليه السلام ­ ولست مسوغا مهما جمع بك التأويل ­ الا في أن مريم ­ عليها السلام ­ هي أم المسيح عيسي، وأنها هي من سلالة ابراهيم.
وبهذا القباس من القرآن الكريم لم يعد في استطاعة الحجاج بن يوسف الثقفي أن ينكر أن الحسن والحسين من ذرية الرسول، كما أن عيسي من ذرية ابراهيم.. مع أن الحسن والحسين هما أبناء فاطمة بنت الرسول عليه الصلاة والسلام.

***

وأمام هذا الكلام الواضح المستند الي آيات من القرآن الكريم، شعر الحجاج بالحرج، وقال للرجل الجليل:
­ أجلس يا يحيي فقد فاتني هذا الاستنباط.
وسأل الحجاج يحيي، وربما كان يريد مداعبته
­ اتجدني ألحن في قولي يا بن يعمر؟
قال له الفقيه العظيم.. بلا خوف ولا خشية من جبروت الحجاج:
­ نعم أيها الأمير!
­ الحن في أي شيء؟
­ في كتاب الله!
­ كيف؟
­ لقد قرأت بالمسجد الجامع:
'قل ان كان أباؤكم وأبناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم، وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها، ومساكن ترضونها أحب اليكم' فضممت الياء وهي مفتوحة'!
واغتاظ الحجاج وقال له:
­ لا تساكن ببلد أنا فيه، فاذهب منفيا الي خراسان.
وذهب يحي الي خرسان.. الي منفاه.. وهناك سأله بعض الخراسانيين
­ ألم تخش سيف الحجاج؟
­ قال يحيي:
­ لقد ملأني خشية الله.. وخشية الله لا تدع مكانا لخشية انسان.

***

يقول الشيخ أحمد حسن الباقوري تعليقا علي هذه الحكاية:
هذا.. وان من الحق علينا لهذا الوطن، أن ندون هنا ما كان يقول لنا شيوخنا من أن المسلم أمين علي نسبه مهما ادعي انه ابن ملك مكرم، أو أمير معظم، أو نبي مرسل اذا كان النسب مهما شرف لا قيمة له في موازين التفاضل.. لا عند الله ولا عند الناس، وكانت قيمته النادرة بحسن الاعتبار، انه ينتهي عن الدنيا، ، فليزعم من شاء ما شاء من أرفع الانساب وأشرفها عند الناس، وأكرمها علي الله، فليس ذلك بنافع شيئا، كما قرر رسول الله ­ في صراحة ووضوح ­ لابنته فاطمة الزهراء، ولعمه العباس:
­ يا فاطمة بنت محمد اعملي، فان محمدا لا يغني عنك من الله شيئا.
يا عباس عم محمد.. اعمل.. فان محمدا لا يغني عنك من الله شيئا.
يا بني هاشم لا يأتيني الناس يوم القيامة بأعمالهم، وتأتوني أنتم بانسابكم وأحسابكم،
ويشرح الانساب والاحساب بقوله:
يذكر أهل العلم في الفرق بين النسب والحسب.. أن النسب هو عدد الاباء، وأن الحسب هو مناضر الاباء.
فاذا قال القائل عن مفضال: فلان نسيب حسيب، فانه يعني أن له سلسلة من الاباء، وأن لكل أب من أولئك الاباء مفخرة عن عمل شريف ينتفع به الناس في دنيا أو دين.
وقد اجتمع الامران لرسول الله صلي الله عليه وسلم ­ اذا كان اباؤه ­ رضي الله عنهم واحدا وعشرين أبا يحفظهم المسلم عن ظهر قلب، وكان لكل أب من أبائه الطيبين منقبة عظيمة، ومفخرة شريفة ينتفع بها الناس في دنيا أو دين'.

***

والقصة التي قرأناها عن الحجاج والفقيه العالم يحيي بن يعمر، يرينا كيف أن للطغاة منطقا لا يستقيم مع أي منطق!
وأنهم يحاولون الايقاع بالابرياء بلا مبرر من منطق ولا دين، ولكن يهدف ارضاء ساداتهم، حتي لو كان ذلك علي حساب الشرف والفضيلة!

مراجع

قطوف من أدب النبوة ­ الشيخ أحمد حسن الباقوري
­ علماء في وجه الطغيان ­ د.محمد رجب البيومي