صوت عاقل داخل الإخوان

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : سليمان جودة | المصدر : www.almasryalyoum.com

الذين اعتبروا كلامى عن مسلسل «الجماعة» أمس الأول، موقفاً ضد الإخوان، وانحيازاً إلى الحزب الوطنى، مخطئون تماماً، ولا يتطلعون إلى الأمور إلا من زاوية واحدة!

فلايزال كثيرون يعتقدون، عن خطأ، أن الموقف من جماعة الإخوان، هو بالضرورة انحياز إلى الجبهة الأخرى التى يقف عليها الحزب الحاكم وحده، فى حين أن عليهم أن يسألوا أنفسهم بأمانة، عن السبب الوحيد الذى جعل الحزب الوطنى يستحوذ على كل شىء فى البلد، بالصورة الحالية؟

والقصد أن الحزب إذا كان يسعى فى كل انتخابات إلى تقفيل الدوائر لصالحه، فإن ذلك يحدث فى كل مرة، تخويفاً للناس فى مصر، وخارجها، من الجماعة، وبذلك تجرى السيطرة الكاملة له، على البرلمان، ثم إفساده، وتفريغه من مضمونه، باسم الإخوان، وليس باسم أى شىء آخر!

وإذا كانت الحكومة تجدد العمل بقانون الطوارئ، عاماً بعد عام، أو فترة بعد أخرى منذ عام 1981، فإن ذلك يتم فى كل مرة أيضاً، باسم الإخوان، وتحت لافتة كبيرة اسمها التخويف من الجماعة، وهو أسلوب ثبت بالتجربة أنه يؤدى إلى نتيجة مع الحكومة، لدرجة تجعلك على يقين بأن الحزب والحكومة معاً، سعيدان للغاية، ببقاء الإخوان على ما هم عليه الآن، لأن وضعاً من هذا النوع، يبرر أى خطوة يمكن اتخاذها ضد الإصلاح بوجه عام، لا لشىء إلا لأن الإصلاح الذى نريده - هكذا يتحدث الحزب والحكومة معنا - لو تم، فسوف يؤدى إلى مجىء الإخوان على أكثر من مستوى، ثم إلى سيطرتهم على أكثر من مؤسسة، وأكثر من كيان، وبالتالى إقامة دولة دينية!

مصادرة العمل النقابى الطبيعى كانت تتم، ولاتزال، باسم الإخوان، وبذلك فإن الذى يدفع الثمن، فى كل نقابة، وفى كل مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدنى، إنما هو البلد ذاته، وليس الإخوان، ولا حتى الحزب الحاكم!

كان الإخوان، ولايزالون، يرفضون أصواتاً عاقلة تدعوهم، بصدق، إلى أن يجعلوا هدفهم الأول والأخير، عملاً من النوع الاجتماعى الذى يعود على المواطنين بالفائدة الحقيقية، لا أن يكتشف المواطنون أنفسهم، مع كل صدام بين الدولة، والإخوان، أن الثمن مخصوم من حياة كل مواطن، ومن حقه فى أن يعيش فى بلد طبيعى آمن!

ولم تكن مثل هذه الأصوات، تأتى من خارج الجماعة، ولا كانت آتية من جانب خصوم الجماعة التقليديين، ولكنها كانت، ولاتزال، تأتى من ناحية العقلاء الكبار، فى داخل الجماعة نفسها، وليس أدل على ذلك، من الدعوة التى كان القطب الإخوانى الكبير فريد عبدالخالق، قد أطلقها منذ فترة، ولايزال يكررها فى كل مناسبة يجدها ملائمة، ولايزال أيضاً يدعو جماعته التى كان قد نشأ فيها حتى تجاوز الرابعة والتسعين، إلى أن تتجه بكل طاقتها، إلى العمل الاجتماعى الخالص الذى سوف يفيدها قطعاً، كجماعة، ثم يفيد البلد معها!

لا أحد ضد الإخوان، كإخوان، فجميعهم مصريون وطنيون، ولكننا ضد أسلوبهم فى التفكير والعمل، ولاتزال الجماعة مدعوة بقوة، إلى الإنصات لصوت العقل فى داخلها نفسها، وليس خارجها!