الأجواء العائلية

الناقل : SunSet | المصدر : www.holykarbala.net


الأجواء العائلية
الأنسجام والمحبة
لماذا نرى بعض الناس وديعين أليفين قادرين على التعاون والأنسجام مع الآخرين ، ونرى بعض الآخر عدائيين مزعجين يتعاملون مع الآخرين بخشونة وقسوة ؟ .
إن من أبرز العوامل والأسباب التي تؤثر في صنع نفسية الأنسان وتوجيهها نحو الإلفة والوداعة أو العداء والإساءة ، هي الأجواء العائلية التي يعيشها الأنسان في طفولته ، فاذا عاش الطفل جواً عائلياً تسوده المحبة والأنسجام فانه يتربى ضمن ذلك النموذج ، أما اذا ما نشأ في أجواء المشاحنة والبغضاء بين أبيه وأمه ، أو بينه وبين والديه ، أو فيما بين اخوته ، فان ذلك يزرع في نفسه بذور الحقد والقسوة ، ويدفعه لممارسة العنف والأيذاء دفاعاً عن ذاته وحقوقه .
يقول الأستاذ الفلسفي : « إن سلوك جميع أفراد البشر وأساليب معاشرتهم مع الناس انما هو خلاصة للأساليب التربوية التي اتخذت معهم في دور الطفولة ، من قبل الآباء أو الأمهات في الأسرة أو من قبل المعلمين في المدرسة . فكل خير أو شر لقّنوه أياهم في أيام الطفولة يظهر على سلوكهم عند الكبر ، وعندما يصبحون أعضاء في هذا المجتمع الإنساني الكبير وبعبارة اخرى فان الوضع الروحي والخلقي والسلوكي للناس في كل عصر إنما هو حصيلة البذور التربوبية التي نثرت في أدمغتهم أيام الطفولة » (1) .
لذلك يؤكد الإسلام على أن يغمر الأطفال بالعطف والحنان وأن يتعامل معهم الوالدان بالمحبة والشفقة ، وأن يجنبوا ابناءهم حصول المشاكل أمامهم .
وقد عاشت السيدة زينب وترعرعت في جو يغمره العطف والحنان وتسوده المحبة والإنسجام ، فعمدا البيت وقطباه علي وفاطمة والدا زينب كانت علاقتهما قمة في الصفاء والحب لا تدانيها أية علاقة زوجية في تاريخ البشر .
يقول الإمام علي ( عليه السلام ) عن حياته مع الزهراء ( عليها السلام ) :
« فوالله ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله ( عز وجل ) ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً ، لقد كنت أنظر اليها فتنكشف عني الهموم والأحزان » (2) .
وفي آخر ساعة من حياتها تخاطب الزهراء علياً ( عليهما السلام ) قائلة :
« يابن عم ! ما عهدتني كاذبة ولا خائنة ولا خالفتك منذ عاشرتني » ؟ ! .
فيجبيها الإمام علي : « معاذ الله أنت أعلم بالله وأبر وأتقى وأكرم وأشد خوفاً من الله من أن اُوبّخك بمخالفتي » (3) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(19) ( الطفل بين الوراثة والتربية ) محمد تقي فلسفي ج 2 ، ص 70 .
(20) ( فاطمة الزهراء من المهد الى اللحد ) القزويني ص 212 .
(21) المصدر السابق ص 609 .


المصدر : كتاب / العظيمة زينب / حسن الصفار