السيدة زينب في عهد جدّها الرسول

الناقل : SunSet | المصدر : www.holykarbala.net


 

السيدة زينب في عهد جدّها الرسول


إن الذكاء المفرط ، والنضج المبكر يمهدان للطفل أن يرقى إلى أعلى الدرجات ـ إذا استغلت مواهبه ـ وخاصةً إذا كانت حياته محاطة بالنزاهة والقداسة ، وبكل ما يساعد على توجيه الطفل نحو الأخلاق والفضائل .
بعد ثبوت هذه المقدمة نقول :
ما تقول في طفلة : روحها أطهر من ماء السماء ، وقلبها أصفى من المرآة ، وتمتاز بنصيب وافر من الوعي والإدراك ، تفتح عينها في وجوه أسرتها الذين هم أشرف خلق الله ، وأطهر الكائنات ، وتنمو وتكبر وتدرج تحت رعاية والد لا يشبه آباء العالم ، وفي حجر والدة فاقت بنات حواء شرفاً وفضلاً وعظمة ؟ ! !
وإذا تحدثنا عن حياتها على ضوء علم التربية ، فهناك يجف القلم ، ويتوقف عن الكتابة ، لأن البحث عن حياتها التربوية يعتبر بحثاً عن الكنز الدفين الذي لا يعرف له كم ولا كيف .
ولكن الثابت القطعي أنها تربية نموذجية ، وحيدة وفريدة .
وهل يستطيع الباحث أو الكاتب أو المتكلم أن يدرك الجو العائلي المستور في بيت الإمام علي والسيدة فاطمة الزهراء عليهما السلام ؟
لقد روي أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قرأ قوله تعالى : «فـي بيـوت إذن الله ان ترفع ويذكـر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال . . . » (1) فقام إليه رجل فقال : يا رسول الله أي بيوت هذه ؟
فقال : بيوت الأنبياء .
فقام إليه أبوبكر فقال : يا رسول الله هذا البيت منها ؟ وأشار إلى بيت علي وفاطمة .
فقال النبي : «نعم ، من أفضلها» (2).
ويجب أن لا ننسى أن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ـ الذي أعطى المناهج التربوية للأجيال ، وأضاء طرق التربية الصحيحة للقرون ـ لابد وأنه يبذل إهتماماً بالغاً وعنايةً تامةً في تربية عائلته ، ويمهد لهم السبيل حتى ينالوا قمة الأخلاق والفضائل .
وخاصةً حينما يجد فيهم المؤهلات والإستعداد لتقبل تلك التعاليم التربوية .
ومن الواضح أن السيدة زينب ـ بمواهبها واستعدادها النفسي ـ كانت تتقبل تلك الأصول التربوية ، وتتبلور بها ، وتندمج معها .
وأكثر إنطباعات الإنسان النفسية يكون من أثر التربية ، كما أن أعماله وأفعاله ، بل وحتى حركاته وسكناته ، وتصرفاته وأخلاقه وصفاته نابعة من نوعية التربية التي أثرت في نفسه كل الأثر .
إذن ، فمن الصحيح أن نقول : إن السيدة زينب تلقت دروس التربية الراقية العليا في ذلك البيت الطاهر ، كالعلم ـ بما في ذلك الفصاحة والبلاغة ، والإخبار عن المستقبل ـ ومعرفة الحياة ، وقوة النفس وعزتها ، والشجاعة والعقل الوافر ، والحكمة الصحيحة في تدبير الأمور ، واتخاذ ما يلزم ـ من موقف أو قرار ـ تجاه ما يحدث .
بالإضافة إلى إيمانها الوثيق بالله تعالى ، وتقواها ، وورعها وعفافها ، وحيائها ، وهكذا إلى بقية فضائلها ومكارمها .
وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يغمر أطفال السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بعواطفه ، ويشملهم بحنانه ، بحيث لم يعهد من جد أن يكون مغرماً بأحفاده إلى تلك الدرجة .
وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ إذا زارهم في بيتهم أو زاروه في بيته ـ يعطر خدودهم وشفاههم بقبلاته ، ويلصق خده بخدودهم .
ويعلم الله تعالى كم من مرة حظيت السيدة زينب (عليها السلام) بهذه العواطف الخاصة ؟ !
وكم من مرة وضع الرسول الأقدس (صلى الله عليه وآله وسلم) خده الشريف على خد حفيدته زينب ؟ ! وكم من مرة أجلسها في حجره ؟ !
وكم من مرة تسلقت زينب أكتاف جدها الرسول ؟ !
ويؤسفنا أنه لم تصل إلينا تفاصيل أو عينات تاريخية تنفعنا في هذا المجال ، وحول السنوات الخمس التي عاشتها السيدة تحت ظل الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة النور ، الآية 36 .
(2) البرهان في تفسير القرآن ، للسيد هاشم البحراني ، عند تفسير الآية الكريمة .


المصدر : كتاب / زينب الكبرى من المهد الى اللحد / محمد كاظم القزويني