رجولة ورومانسية !

الناقل : heba | الكاتب الأصلى : ميساء عبدالله قرعان | المصدر : www.almostshar.com


رجولة ورومانسية !

 

د. ميساء عبدالله قرعان  .

 

 هي أدركت بأنه ليس من عالمَها منذ خط القدر أولى خطوات ارتباطها به ، وهي تدرك بأن إزالة الحواجز التي تحول دون إقامة علاقة إنسانية بينهما تفوق قدراتها وتحبط كل محاولة تقوم بها، هي لم تزل شابة في مقتبل عمرها غير أن ما عانته وتعانيه من عنف نفسي بالدرجة الأولى أفقدها–بحسب قولها- حتى الدافعية للعناية بطفلين هما ثمرة زواج فاشل بكل المقاييس، ما يؤرقها إلى درجة الغليان هو خوفها من أن تُستَلَب أمومتها ، أن يصبح الطفلين بحكم الأيتام ببقائها معهم في سجن الزوجية وقد شارفت على فقدان الإحساس بجدوى أي شيء ، تفكر بالخلاص فتخشى أن يطال طفليها ما هو أسوأ من توقعاتها.

يفيض بها الكيل فتنفجر شاكية، غير أن مخاوفها تزداد، فمن سيقتنع بصدق ما ستقوله وقد أمضت سنوات ليست قليلة وهي تسدل ستائر من حرير على ما هو خلف كواليس المجتمع.

قد لا يبدو لمختص أو مطلع على المشكلات الزوجية أن تنفجر إحداهن بالحديث بأثر رجعي عن معاناتها الزوجية غريبا، لكن أغرب ما ذكرته هذه السيدة عن زوجها هو أنه يرى بأن الرجولة والعاطفة لا تجتمعان، ولكي يحافظ على هيبته كرجل فإنه يتصدى لكل كلمة رقيقة منها أو لكل محاولة تلطيف للأجواء بمضادات رجولية من نوع خاص، ومستعينا بصوته الجهوري فإنه يستخدم كلمات نابية وشتائم أعنف من الضرب "بالكرباج" ، ويحاول جاهدا أن يكون صوته صاخبا بما يكفي ليسمع الجيران بعضا من مظاهر رجولته، يفتعل أي إشكال لكي يبقي آخر الرجال .

قال لها ذات جلسة يفترض أن تكون حميمة : أنتِ لن تجعلي مني شخصا رومانسيا مهما بذلتِ من جهد، لن يكون بمقدورك أن تنتزعي مني رجولتي  .


لكنها انفجرت وقلما تفعل وقالت : كان من المفترض أن يكون ارتباطك بأي أنثى حيوان ، "عنزة،بقرة" أي كائن أنثوي لا تعنيه العلاقة الإنسانية وليس لديه الحد الأدنى من الأهلية لامتلاك العاطفة أو التعبير عنها
هو – بحسب قولها وبحسب تجربتها المريرة- كائن بهائمي إلى درجة أنه يجد في سؤاله عنها إذا مَرِضَت نقطة ضعف تهدد رجولته.
هو شخص يعاني من مشكلات نفسية واضطرابات انفعالية ومن منظومة أفكار ومعتقدات مشوهة عن الرجولة .

هو قد يكون إنسانا هشاً وضعيفا من الداخل بقدر ما يظهره من جبروت في تعامله مع زوجة قررت منذ دخولها قفص الزوجية أن تتناسى بأنه ليس من عالمها وقد راهنت على تغييره حتى أعيتها المحاولات
وهو قد يكون رضع العنف اللفظي والنفسي والجسدي منذ الصغر وقد وجد ضالته في زوجة رومانسية ليمارس معها أبشع صور التعذيب النفسي .

هو بلا شك سعيد بممارسته رجولته بما يتفق مع تصوراته، وهي بلا شك من أتعس نساء الأرض، لكن إلى متى ستحتمل؟ أو إلى متى ستبقى مصدرا لإسعاد زوج مريض؟