تفسير بن كثير - سورة التكوير - الآية 17

الناقل : elmasry | المصدر : quran.al-islam.com

وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ

فيه قولان " أحدهما " إقباله بظلامه قال مجاهد أظلم وقال سعيد بن جبير إذا نشأ وقال الحسن البصري إذا غشي الناس وكذا قال عطية العوفي وقال علي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس " إذا عسعس " إذا أدبر وكذا قال مجاهد وقتادة والضحاك وكذا قال زيد بن أسلم وابنه عبد الرحمن " إذا عسعس " أي إذا ذهب فتولى وقال أبو داود الطيالسي حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البحتري سمع أبا عبد الرحمن السلمي قال : خرج علينا علي رضي الله عنه حين ثوب المثوب بصلاة الصبح فقال : أين السائلون عن الوتر " والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس " هذا حين أدبر حسن وقد اختار ابن جرير أن المراد بقوله " إذا عسعس " إذا أدبر قال لقوله " والصبح إذا تنفس " أي أضاء واستشهد بقول الشاعر أيضا : حتى إذا الصبح له تنفسا وانجاب عنها ليلها وعسعسا أي أدبر وعندي أن المراد بقوله " إذا عسعس " إذا أقبل وإن كان يصح استعماله في الإدبار أيضا لكن الإقبال هاهنا أنسب كأنه أقسم بالليل وظلامه إذا أقبل وبالفجر وضيائه إذا أشرق كما قال تعالى " والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى " وقال تعالى " والضحى والليل إذا سجى " وقال تعالى " فالق الإصباح وجعل الليل سكنا " وغير ذلك من الآيات وقال كثير من علماء الأصول إن لفظة عسعسد تستعمل في الإقبال والإدبار على وجه الاشتراك فعلى هذا يصح أن يراد كل منهما والله أعلم . قال ابن جرير وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب يزعم أن عسعس دنا من أوله وأظلم وقال الفراء كان أبو البلاد النحوي ينشد بيتا : عسعس حتى لو يشا ادنى كان له من ضوئه مقبس يريد لو يشاء إذ دنا أدغم الذال في الدال قال الفراء وكانوا يزعمون أن هذا البيت مصنوع.