التصورات الخاطئة

الناقل : heba | المصدر : www.almoustshar.com


((التصورات الخاطئة))

توقفنا في المرة السابقة عند التصورات التي تسود مجتمعاتنا العربية والإسلامية عن الشهوة، وهذه التصورات الخاطئة هي التي أدت إلى تضخيم المشكلة، وإعطائها حجم أكبر من حجمها الطبيعي؛ ومن ثم تأصيلها في واقع الشباب المحاط بالفتن من كل ناحية، ومن هذه التصورات [مستفاد من بحث للدكتور زهير حسن خشيم منشور على شبكة الإنترنت www.moudir.com]:

1-العيب:

تمثل كلمة [العيب] المفردة الأكثر التصاقًا بشهوة النساء في خيال الشاب، فهذا الأمر ممنوع الحديث عنه مع أحد، وممنوع التفكير فيه بشكل علني، حتى لو أخذ هذا التفكير شكل الأسئلة البريئة أو الفضولية التي تبحث عن جواب.

ولعل هذا التصور يجعل الشاب يتعامل مع شهوة النساء إما باعتبارها تجاوزًا يجب أن يُمارَس خارج القانون الاجتماعي والأخلاقي، أو باعتباره حالة من الابتذال ينبغي لكل شخص مهذب ألا ينزلق لممارستها.

وهذا الأمر يُعَمِّق داخل نفسية الشاب ـ وخاصة المتدين ـ الشعور بالنفاق والتأنيب الشديد للضمير عندما يقع في ذنب كالعادة السرية مثلًا؛ فالشهوة من وجهة نظره أمر معيب محرج لا ينبغي لمثله أن يشعر به أو حتى أن يفكر فيه, لأنه لا يدري أنه من الطبيعي لأي شاب أن تأتي عليه أحيان يفكر في إشباع شهوته، فهي كما قلنا أمر فطري فينا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نتجاهله.

كما أنها من ناحية أخرى تعطي لبعض الشباب نوعًا من التحدي والرغبة في الحصول على هذا الممنوع؛ لأنه من المعلوم أن كل ممنوع مرغوب، وخاصة في مرحلة المراهقة التي تتميز بالقوة والعنفوان وحب التحدي، فيتحول الموضوع عن مساره الطبيعي الفطري إلى المسار الخاطئ: وهو استحواذ هذا الفكر على الشاب فيصبح شغله الشاغل، ويسعى بكل الطرق أن يشبع هذه الرغبة، بغض النظر عن صحة ما يقوم به من أجل إشباعها أو موافقته للشرع والأخلاق.

2-الخلل في التعبير عن الرجولة:

في فترة المراهقة والشباب، ترتبط شهوة النساء في خيال الشاب بمفهوم الرجولة، وثمَّت رفاق سوء يصورون لمن حولهم أنهم أصبحوا كبارًا وأصبحوا رجالًا لأنهم عرفوا كيف تتم عملية النكاح, أو كيف يفعلون بعض الذنوب كالعادة السـرية؛ وبالتالي يتحدثون مع الشباب الآخرين بنوع من التبجح والاستخفاف؛ لأنهم لم يصبحوا رجالًا مثلهم ما داموا لم يمارسوا العادة السرية، ولا عرفوها معرفة حقيقية.

ويرتبط بهذا المفهوم الآن للأسف الشديد ما نراه من منافسات ومنازلات بين الشباب حول اصطياد الفتيات ومحاولة إغوائهن، وقد يصل الأمر ـ والعياذ بالله ـ في بعض الأحيان إلى التباهي بعدد الفتيات التي أوقعهن في حبائله.

ولكن للأسف هؤلاء الشباب لا يدرون أن ما يفعلونه لا يمت للرجولة بصلة, فالرجولة لا تُقاس بمقدار استجابتك لنفسك في إشباع شهواتك، فتكون كالحيوان البهيم الذي لا يحول بينه وبين إتيان الشهوة سوى الرغبة فيها, ولكن تُقاس بمقدار تحكمك في شهواتك والسيطرة عليها تكون رجلًا يستطيع أن يعف نفسه عن الحرام ويطرد وساوس الشيطان ويكبح جماح شهوته، وبالتالي لا يقف أمامه عائق بإذن الله في حياته بعد ذلك، فمن قدر على نفسه كان على غيره أقدر.

                إذًا أخي الحبيب؛ فثقافة الشهوة في مجتمعنا هي ثقافة قاصرة ومصابة بخلل جسيم، وهناك أياد خفية تعبث بها وتحركها إلى هدف خبيث؛ ألا وهو شغل الشباب بهذه القضية؛ لتفريغ طاقاتهم في محاولة إشباعها أو علاجها أو التخلص منها, ومن ثم طمس المفهوم الصحيح لها من عقول الشباب؛ وهي أنها تبني ولا تدمر.

ولذلك أخي الحبيب فمفهومك عن الشهوة مضطرب ومشوش، لا تستطيع أن تبني عليه أحكامًا، وإن بنيت؛ فقطعًا لن تكون في مصلحتك؛ لأن تصورك خاطئ، وكما يقول أهل العلم:

(الحكم على الشيء فرع عن تصوره)