تفسير بن كثير - سورة البقرة - الآية 152

الناقل : elmasry | المصدر : quran.al-islam.com

فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ

القول في تأويل قوله تعالى : { فاذكروني أذكركم } يعني تعالى ذكره بذلك : فاذكروني أيها المؤمنون بطاعتكم إياي فيما آمركم به وفيما أنهاكم عنه , أذكركم برحمتي إياكم ومغفرتي لكم . كما : 1917 - حدثنا ابن حميد قال : ثنا ابن المبارك , عن ابن لهيعة , عن عطاء بن دينار , عن سعيد بن جبير : { فاذكروني أذكركم } قال : اذكروني بطاعتي , أذكركم بمغفرتي . وقد كان بعضهم يتأول ذلك أنه من الذكر بالثناء والمدح . ذكر من قال ذلك : 1918 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع في قوله : { فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون } إن الله ذاكر من ذكره , وزائد من شكره , ومعذب من كفره . 1919 - حدثني موسى قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { اذكروني أذكركم } قال : ليس من عبد يذكر الله إلا ذكره الله , لا يذكره مؤمن إلا ذكره برحمة , ولا يذكره كافر إلا ذكره بعذاب .

وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ

القول في تأويل قوله تعالى : { واشكروا لي ولا تكفرون } يعني تعالى ذكره بذلك : اشكروا لي أيها المؤمنون فيما أنعمت عليكم من الإسلام والهداية للدين الذي شرعته لأنبيائي وأصفيائي { ولا تكفرون } يقول : ولا تجحدوا إحساني إليكم , فأسلبكم نعمتي التي أنعمت عليكم , ولكن اشكروا لي عليها , وأزيدكم فأتمم نعمتي عليكم , وأهديكم لما هديت له من رضيت عنه من عبادي , فإني وعدت خلقي أن من شكر لي زدته , ومن كفرني حرمته وسلبته ما أعطيته . والعرب تقول : نصحت لك وشكرت لك , ولا تكاد تقول نصحتك , وربما قالت شكرتك ونصحتك , من ذلك قول الشاعر : هم جمعوا بؤسى ونعمى عليكم فهلا شكرت القوم إن لم تقاتل وقال النابغة في " نصحتك " : نصحت بني عوف يتقبلوا رسولي ولم تنجح لديهم وسائلي وقد دللنا على أن معنى الشكر : الثناء على الرجل بأفعاله المحمودة , وأن معنى الكفر تغطية الشيء , فيما مضى قبل فأغنى ذلك عن إعادته ههنا .