تفسير بن كثير - سورة البقرة - الآية 51

الناقل : elmasry | المصدر : quran.al-islam.com

وَإِذْ وَاعَدْنَا

القول في تأويل قوله تعالى : { وإذ واعدنا } اختلفت القراء في قراءة ذلك , فقرأ بعضهم : { واعدنا } بمعنى أن الله تعالى واعد موسى ملاقاة الطور لمناجاته , فكانت المواعدة من الله لموسى , ومن موسى لربه . وكان من حجتهم على اختيارهم قراءة { واعدنا } على " وعدنا " أن قالوا : كل إيعاد كان بين اثنين للالتقاء أو الاجتماع , فكل واحد منهما مواعد صاحبه ذلك , فلذلك زعموا أنه وجب أن يقضي لقراءة من قرأ : { واعدنا } بالاختيار على قراءة من قرأ " وعدنا " . وقرأ بعضهم : " وعدنا " بمعنى أن الله الواعد موسى , والمنفرد بالوعد دونه . وكان من حجتهم في اختيارهم ذلك , أن قالوا : إنما تكون المواعدة بين البشر , فأما الله جل ثناؤه فإنه المنفرد بالوعد والوعيد في كل خير وشر . قالوا : وبذلك جاء التنزيل في القرآن كله , فقال جل ثناؤه : { إن الله وعدكم وعد الحق } 14 22 وقال : { وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم } 8 7 قالوا : فكذلك الواجب أن يكون هو المنفرد بالوعد في قوله : " وإذ وعدنا موسى " . والصواب عندنا في ذلك من القول , أنهما قراءتان قد جاءت بهما الأمة وقرأت بهما القراء , وليس في القراءة بإحداهما إبطال معنى الأخرى , وإن كان في إحداهما زيادة معنى على الأخرى من جهة الظاهر والتلاوة . فأما من جهة المفهوم بهما فهما متفقتان , وذلك أن من أخبر عن شخص أنه وعد غيره اللقاء بموضع من المواضع , فمعلوم أن الموعود ذلك واعد صاحبه من لقائه بذلك المكان , مثل الذي وعده من ذلك صاحبه إذا كان وعده ما وعده إياه من ذلك عن اتفاق منهما عليه . ومعلوم أن موسى صلوات الله عليه لم يعده ربه الطور إلا عن رضا موسى بذلك , إذ كان موسى غير مشكوك فيه أنه كان بكل ما أمر الله به راضيا , وإلى محبته فيه مسارعا . ومعقول أن الله تعالى لم يعد موسى ذلك إلا وموسى إليه مستجيب . وإذ كان ذلك كذلك , فمعلوم أن الله عز ذكره قد كان وعد موسى الطور , ووعده موسى اللقاء , وكان الله عز ذكره لموسى واعدا ومواعدا له المناجاة على الطور , وكان موسى واعدا لربه مواعدا له اللقاء . فبأي القراءتين من " وعد " و " واعد " قرأ القارئ , فهو الحق في ذلك من جهة التأويل واللغة , مصيب لما وصفنا من العلل قبل . ولا معنى لقول القائل : إنما تكون المواعدة بين البشر , وأن الله بالوعد والوعيد منفرد في كل خير وشر ; وذلك أن انفراد الله بالوعد والوعيد في الثواب والعقاب والخير والشر والنفع والضر الذي هو بيده وإليه دون سائر خلقه , لا يحيل الكلام الجاري بين الناس في استعمالهم إياه عن وجوهه ولا يغيره عن معانيه . والجاري بين الناس من الكلام المفهوم ما وصفنا من أن كل إيعاد كان بين اثنين فهو وعد من كل واحد منهما صاحبه ومواعدة بينهما , وأن كل واحد منهما واعد صاحبه مواعد , وأن الوعد الذي يكون به الانفراد من الواعد دون الموعود إنما هو ما كان بمعنى الوعد الذي هو خلاف الوعيد .

مُوسَى

القول في تأويل قوله تعالى : { موسى } وموسى فيما بلغنا بالقبطية كلمتان , يعني بهما : ماء وشجر , فمو : هو الماء , وسا : هو الشجر . وإنما سمي بذلك فيما بلغنا , لأن أمه لما جعلته في التابوت حين خافت عليه من فرعون وألقته في اليم كما أوحى الله إليها - وقيل : إن اليم الذي ألقته فيه هو النيل - دفعته أمواج اليم , حتى أدخلته بين أشجار عند بيت فرعون , فخرج جواري آسية امرأة فرعون يغتسلن , فوجدن التابوت , فأخذنه , فسمي باسم المكان الذي أصيب فيه . وكان ذلك المكان فيه ماء وشجر , فقيل : موسى ماء وشجر . كذلك : 767 - حدثني موسى بن هارون , قال : حدثنا عمرو بن حماد , عن أسباط بن نصر , عن السدي . وهو موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله , فيما زعم ابن إسحاق . 768 - حدثني بذلك ابن حميد , قال : حدثنا سلمة بن الفضل عنه .

أَرْبَعِينَ لَيْلَةً

القول في تأويل قوله تعالى : { أربعين ليلة } ومعنى ذلك { وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة } بتمامها , فالأربعون ليلة كلها داخلة في الميعاد . وقد زعم بعض نحويي البصرة أن معناه : وإذ واعدنا موسى انقضاء أربعين ليلة أي رأس الأربعين , ومثل ذلك بقوله : { واسأل القرية } 12 82 وبقولهم اليوم أربعون منذ خرج فلان , واليوم يومان , أي اليوم تمام يومين وتمام أربعين . وذلك خلاف ما جاءت به الرواية عن أهل التأويل وخلاف ظاهر التلاوة , فأما ظاهر التلاوة , فإن الله جل ثناؤه قد أخبر أنه واعد موسى أربعين ليلة , فليس لأحد إحالة ظاهر خبره إلى باطن بغير برهان دال على صحته . وأما أهل التأويل فإنهم قالوا في ذلك ما أنا ذاكره , وهو ما : 769 - حدثني به المثنى بن إبراهيم , قال : حدثنا آدم , قال : حدثنا أبو جعفر , عن الربيع بن أنس , عن أبي العالية قوله : { وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة } قال : يعني ذا القعدة وعشرا من ذي الحجة . وذلك حين خلف موسى أصحابه , واستخلف عليهم هارون , فمكث على الطور أربعين ليلة , وأنزل عليه التوراة في الألواح , وكانت الألواح من زبرجد . فقربه الرب إليه نجيا , وكلمه , وسمع صريف القلم . وبلغنا أنه لم يحدث حدثا في الأربعين ليلة حتى هبط من الطور . * وحدثت عن عمار بن الحسن , حدثنا عبد الله بن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع , بنحوه . 770 - حدثنا ابن حميد , قال : حدثنا سلمة بن الفضل , عن ابن إسحاق , قال : وعد الله موسى حين أهلك فرعون وقومه , ونجاه وقومه ثلاثين ليلة , ثم أتمها بعشر , فتم ميقات ربه أربعين ليلة , تلقاه ربه فيها بما شاء . واستخلف موسى هارون على بني إسرائيل , وقال : إني متعجل إلى ربي فاخلفني في قومي ولا تتبع سبيل المفسدين ! فخرج موسى إلى ربه متعجلا للقائه شوقا إليه , وأقام هارون في بني إسرائيل ومعه السامري يسير بهم على أثر موسى ليلحقهم به . 771 - حدثني موسى بن هارون , قال : حدثنا عمرو بن حماد , قال : حدثنا أسباط عن السدي , قال : انطلق موسى واستخلف هارون على بني إسرائيل , وواعدهم ثلاثين ليلة وأتمها الله بعشر .

ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ

القول في تأويل قوله تعالى : { ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون } وتأويل قوله : { ثم اتخذتم العجل من بعده } ثم اتخذتم في أيام مواعدة موسى العجل إلها من بعد أن فارقكم موسى متوجها إلى الموعد . والهاء في قوله " من بعده " عائدة على ذكر موسى . فأخبر جل ثناؤه المخالفين نبينا صلى الله عليه وسلم من يهود بني إسرائيل المكذبين به المخاطبين بهذه الآية , عن فعل آبائهم وأسلافهم وتكذيبهم رسلهم وخلافهم أنبياءهم , مع تتابع نعمه عليهم وسبوغ آلائه لديهم , معرفهم بذلك أنهم من خلافهم محمدا صلى الله عليه وسلم وتكذيبهم به وجحودهم لرسالته , مع علمهم بصدقه على مثل منهاج آبائه وأسلافهم , ومحذرهم من نزول سطوته بهم بمقامهم على ذلك من تكذيبهم ما نزل بأوائلهم المكذبين بالرسل من المسخ واللعن وأنواع النقمات . وكان سبب اتخاذهم العجل ما : 772 - حدثني به عبد الكريم بن الهيثم , قال : حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي , قال : حدثنا سفيان بن عيينة , قال : حدثنا أبو سعيد , عن عكرمة , عن ابن عباس , قال : لما هجم فرعون على البحر هو وأصحابه , وكان فرعون على فرس أدهم ذنوب حصان ; فلما هجم على البحر هاب الحصان أن يقتحم في البحر , فتمثل له جبريل على فرس أنثى وديق , فلما رآها الحصان تقحم خلفها . قال : وعرف السامري جبريل لأن أمه حين خافت أن يذبح خلفته في غار وأطبقت عليه , فكان جبريل يأتيه فيغذوه بأصابعه , فيجد في بعض أصابعه لبنا , وفي الأخرى عسلا , وفي الأخرى سمنا . فلم يزل يغذوه حتى نشأ , فلما عاينه في البحر عرفه , فقبض قبضة من أثر فرسه . قال : أخذ من تحت الحافر قبضة . قال سفيان : فكان ابن مسعود يقرؤها : " فقبضت قبضة من أثر فرس الرسول " . قال أبو سعيد , قال عكرمة , عن ابن عباس : وألقي في روع السامري أنك لا تلقيها على شيء فتقول كن كذا وكذا إلا كان . فلم تزل القبضة معه في يده حتى جاوز البحر . فلما جاوز موسى وبنو إسرائيل البحر , وأغرق الله آل فرعون , قال موسى لأخيه هارون : { اخلفني في قومي وأصلح } 7 142 ومضى موسى لموعد ربه . قال : وكان مع بني إسرائيل حلي من حلي آل فرعون قد تعوروه , فكأنهم تأثموا منه , فأخرجوه لتنزل النار فتأكله , فلما جمعوه , قال السامري بالقبضة التي كانت في يده هكذا , فقذفها فيه - وأومأ ابن إسحاق بيده هكذا - وقال : كن عجلا جسدا له خوار ! فصار عجلا جسدا له خوار . وكان يدخل الريح في دبره ويخرج من فيه يسمع له صوت , فقال : هذا إلهكم وإله موسى . فعكفوا على العجل يعبدونه , فقال هارون : { يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى } 20 90 : 91 773 - حدثني موسى بن هارون , قال : حدثنا عمرو بن حماد , قال : حدثنا أسباط بن نصر , عن السدي : لما أمر الله موسى أن يخرج ببني إسرائيل - يعني من أرض مصر - أمر موسى بني إسرائيل أن يخرجوا وأمرهم أن يستعيروا الحلي من القبط . فلما نجى الله موسى ومن معه من بني إسرائيل من البحر , وغرق آل فرعون , أتى جبريل إلى موسى يذهب به إلى الله , فأقبل على فرس فرآه السامري , فأنكره , وقال : إنه فرس الحياة . فقال حين رآه : إن لهذا لشأنا . فأخذ من تربة الحافر حافر الفرس . فانطلق موسى , واستخلف هارون على بني إسرائيل , وواعدهم ثلاثين ليلة , وأتمها الله بعشر . فقال لهم هارون : يا بني إسرائيل ! إن الغنيمة لا تحل لكم , وإن حلي القبط إنما هو غنيمة , فأجمعوها جميعا , واحفروا لها حفرة فادفنوها , فإن جاء موسى فأحلها أخذتموها , وإلا كان شيئا لم تأكلوه . فجمعوا ذلك الحلي في تلك الحفرة , وجاء السامري بتلك القبضة , فقذفها , فأخرج الله من الحلي عجلا جسدا له خوار . وعدت بنو إسرائيل موعد موسى , فعدوا الليلة يوما واليوم يوما , فلما كان تمام العشرين خرج لهم العجل ; فلما رأوه قال لهم السامري : { هذا إلهكم وإله موسى فنسي } 20 88 يقول : ترك موسى إلهه ههنا وذهب يطلبه . فعكفوا عليه يعبدونه . وكان يخور ويمشي , فقال لهم هارون : يا بني إسرائيل { إنما فتنتم به } 20 90 يقول : إنما ابتليتم به - يقول : بالعجل - وإن ربكم الرحمن . فأقام هارون ومن معه من بني إسرائيل لا يقاتلونهم . وانطلق موسى إلى إلهه يكلمه , فلما كلمه قال له : { وما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك ربي لترضى قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري } 20 83 : 85 فأخبره خبرهم . قال موسى : يا رب هذا السامري أمرهم أن يتخذوا العجل , أرأيت الروح من نفخها فيه ؟ قال الرب : أنا . قال : رب أنت إذا أضللتهم . 774 - حدثنا ابن حميد , قال : حدثنا سلمة عن ابن إسحاق , قال : كان فيما ذكر لي أن موسى قال لبني إسرائيل فيما أمره الله عز وجل به : استعيروا منهم - يعني من آل فرعون - الأمتعة والحلي والثياب , فإني منفلكم أموالهم مع هلاكهم . فلما أذن فرعون في الناس , كان مما يحرض به على بني إسرائيل أن قال : حين سار ولم يرضوا أن يخرجوا بأنفسهم حتى ذهبوا بأموالكم معهم . 775 - حدثنا ابن حميد , قال : حدثنا سلمة , قال : حدثني محمد بن إسحاق , عن حكيم بن جبير , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , قال : كان السامري رجلا من أهل باجرما , وكان من قوم يعبدون البقر , وكان حب عبادة البقر في نفسه , وكان قد أظهر الإسلام في بني إسرائيل . فلما فضل هارون في بني إسرائيل وفصل موسى إلى ربه , قال لهم هارون : أنتم قد حملتم أوزارا من زينة القوم - آل فرعون - وأمتعة وحليا , فتطهروا منها , فإنها نجس . وأوقد لهم نارا , فقال : اقذفوا ما كان معكم من ذلك فيها ! قالوا : نعم . فجعلوا يأتون بما كان معهم من تلك الأمتعة وذلك الحلي , فيقذفون به فيها , حتى إذا تكسر الحلي , فيها ورأى السامري أثر فرس جبريل أخذ ترابا من أثر حافره , ثم أقبل إلى النار فقال لهارون : يا نبي الله ألقي ما في يدي ؟ قال : نعم . ولا يظن هارون إلا أنه كبعض ما جاء به غيره من ذلك الحلي والأمتعة . فقذفه فيها فقال : كن عجلا جسدا له خوار ! فكان للبلاء والفتنة , فقال : { هذا إلهكم وإله موسى } 20 88 فعكفوا عليه , وأحبوه حبا لم يحبوا مثله شيئا قط . يقول الله عز وجل : { فنسي } 20 88 أي ترك ما كان عليه من الإسلام , يعني السامري , { أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا } 20 89 وكان اسم السامري موسى بن ظفر , وقع في أرض مصر , فدخل في بني إسرائيل . فلما رأى هارون ما وقعوا فيه : { قال يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى } 20 90 : 91 فأقام هارون فيمن معه من المسلمين ممن لم يفتتن , وأقام من يعبد العجل على عبادة العجل . وتخوف هارون إن سار بمن معه من المسلمين أن يقول له موسى : { فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي } 20 94 وكان له هائبا مطيعا . 776 - حدثني يونس بن عبد الأعلى , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : لما أنجى الله عز وجل بني إسرائيل من فرعون , وأغرق فرعون ومن معه , قال موسى لأخيه هارون : { اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين } 7 142 قال : لما خرج موسى وأمر هارون بما أمره به , وخرج موسى متعجلا مسرورا إلى الله . قد عرف موسى أن المرء إذا نجح في حاجة سيده كان يسره أن يتعجل إليه . قال : وكان حين خرجوا استعاروا حليا وثيابا من آل فرعون , فقال لهم هارون : إن هذه الثياب والحلي لا تحل لكم , فاجمعوا نارا , فألقوه فيها فأحرقوه ! قال : فجمعوا نارا . قال : وكان السامري قد نظر إلى أثر دابة جبريل , وكان جبريل على فرس أنثى , وكان السامري في قوم موسى . قال : فنظر إلى أثره فقبض منه قبضة , فيبست عليها يده ; فلما ألقى قوم موسى الحلي في النار , وألقى السامري معهم القبضة , صور الله جل وعز ذلك لهم عجلا ذهبا , فدخلته الريح , فكان له خوار , فقالوا : ما هذا ؟ فقال : السامري الخبيث : { هذا إلهكم وإله موسى فنسي } . . . الآية , إلى قوله : { حتى يرجع إلينا موسى } 20 88 : 91 قال : حتى إذا أتى موسى الموعد , قال الله : { ما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري } فقرأ حتى بلغ : { أفطال عليكم العهد } 20 86 777 - حدثنا القاسم بن الحسن , قال : حدثنا الحسين , قال : حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد في قوله : { ثم اتخذتم العجل من بعده } قال : العجل حسيل البقرة . قال : حلي استعاروه من آل فرعون , فقال لهم هارون : أخرجوه فتطهروا منه وأحرقوه ! وكان السامري قد أخذ قبضة من أثر فرس جبريل , فطرحه فيه فانسبك , وكان له كالجوف تهوي فيه الرياح . 778 - حدثني المثنى بن إبراهيم , قال : حدثنا آدم , قال : حدثنا أبو جعفر , عن الربيع , عن أبي العالية , قال : إنما سمي العجل , لأنهم عجلوا فاتخذوه قبل أن يأتيهم موسى . * حدثني محمد بن عمرو الباهلي , قال : حدثنا أبو عاصم , قال : حدثني عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد بنحو حديث القاسم , عن الحسن . * حدثني المثنى بن إبراهيم , قال : حدثنا أبو حذيفة , قال : حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , بنحوه . وتأويل قوله { وأنتم ظالمون } يعني وأنتم واضعو العبادة في غير موضعها ; لأن العبادة لا تنبغي إلا لله عز وجل وعبدتم أنتم العجل ظلما منكم ووضعا للعبادة في غير موضعها . وقد دللنا في غير هذا الموضع مما مضى من كتابنا أن أصل كل ظلم وضع الشيء في غير موضعه , فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع .