مسؤولة الناقل البحري للبضائع

الناقل : elmasry | المصدر : www.ecoworld-mag.com

مسؤولة الناقل البحري للبضائع
 

يحتل النقل البحرى فى حياة الدول مكانة متقدمة لما له من دور حيوى وهام فى النشاط الاقتصادى، وهو اليوم فى مكانة لا ينافسه فيها أى نوع آخر من النقل. ولم تخرج المملكة العربية السعودية عن هذا، وذلك لما تحظي به من مكانة اقتصادية جيدة، كما أنها من الدول البحرية التى تطل علي ساحلين كبيرين هما ساحل الخليج العربى وساحل البحر الأحمر. وقد أكدت الإحصائيات أن حوالى 95% من صادرات وواردات المملكة العربية السعودية تنقل بحراً. لذلك أولت المملكة العربية السعودية هذا القطاع اهتماماً كبيراً من حيث بناء الموانئ الضخمة علي السواحل السعودية التى يزيد طولها عن 1500 ميل بحرى وأهّلت الكوادر البحرية الوطنية المدربة، وأنشأت شركات ملاحية كبري، حتي شهد القطاع البحرى ازدهاراً كبيراً فى السنوات القليلة الماضية، فزاد عدد السفن السعودية حتي وصل عددها إلي 172 سفينة، إلا أن هذا الأسطول لا ينقل سوي 8% من إجمالى واردات وصادرات المملكة العربية السعودية، وبقى الاعتماد علي السفن الأجنبية وبشكل رئيسى يستحوذ علي ما تبقي من نسبة هذا النقل وهو 92% من النقل البحرى. إلا أن التنظيم البحرى السعودى لم ينل نصيباً من إعادة النظر من حيث التطوير والتحديث، فى الوقت الذى تتجه فيه معظم الدول إلي مراجعة أنظمتها البحرية وتحديثها بما يتناسب مع التطور الهائل الذى يشهده النقل البحرى فى العالم. كما اتجهت هذه الدول إلي الانضمام إلي كثير من الاتفاقيات الحديثة التى تناسب هذا التطور، فى حين ظل الاعتماد قائماً حتي الآن فى المملكة العربية السعودية علي نظام المحكمة التجارية الصادر بتاريخ 15-1-1350ه، الذى ينظم التجارة البحرية. وهذا النظام بحالته الراهنة لم يعد صالحاً كنظام بحرى قانونى ينظم الملاحة والتجارة البحرية بشكل مناسب وذلك لعدة أسباب، أوردها مؤلف هذا الكتاب، الدكتور فهد بن حمود النايف الحقبانى، إمام وخطيب جامع الملك سعود بن عبدالعزيز بمحافظة جدة بالمملكة العربية السعودية وعضو قضائى فى ديوان المظالم بجدة، فيما يلى:
$ أنه نظام موغل فى القدم، فقد صدر قبل سبعين عاماً تقريباً، مما يعنى عدم مسايرته لتطور الملاحة البحرية الحديثة إلي حد كبير.
$ عدم تناول أحكامه الصور الجديدة للنقل البحرى كعقد النقل البحرى للبضائع بمقتضي سند الشحن. فلم تتناول أحكام سندات الشحن إلا فى خمس مواد فقط، يعتريها ما يعتريها من النقد والنقص.
$ استخدامه اصطلاحات بحرية قديمة جداً، وفى صياغة تكاد تكون صعبة علي من يريد دراسته والبحث فيه، فضلاً عن تطبيقه.
$ وجود نصوص تدعو إلي الخلط فى مفهومها مع نصوص أخري من هذا النظام نفسه.
$ أن هذا النظام ألغيت منه مواد كثيرة بصدور أنظمة أخري جديدة عليه، كنظام الموانئ والمرافئ والمنائر البحرية ولائحته الصادرة عام 1394ه.
إلي غير ذلك من الأسباب والملاحظات التى تظهر جلياً فى هذا الكتاب، مما يدعو إلي إعادة النظر فى هذا النظام.
وأشار المؤلف فى كتابه، الذى هو فى الأصل بحث نال به درجة الدكتورة فى الفقه المقارن من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بالقاهرة، بعنوان (مسؤولية الناقل البحرى للبضائع بمقتضي سند الشحن فى القانون البحرى السعودى - دراسة مقارنة)، إلي أن المملكة العربية السعودية قد صادقت علي أبرز المعاهدات والاتفاقيات البحرية الدولية، إلا أنها لم تنضم إلي واحدة من الاتفاقيات والمعاهدات التى تنظم مسؤولية الناقل البحرى للبضائع. وأصبح الناقلون الأجانب عادة لا يرتضون تطبيق النظام البحرى السعودى، فضلاً عن الاقتناع بما ورد فيه، فى حين أن أغلبية الشاحنين هم من السعوديين، وغالباً ما يلجأ هؤلاء إلي القضاء التجارى السعودى المتمثل فى الدوائر التجارية بديوان المظالم، فى الوقت الذى يمكن القول إنه قد سُحب فيه البساط من تحت القضاء التجارى السعودى، ذلك أن عقود النقل البحرى التى أبرمها هؤلاء مع الناقلين الأجانب قد أحالت النزاع إلي قضاء أجنبى، أو قانون بحرى أجنبى، أو قواعد دولية أخري، أو إلي التحكيم البحرى الأجنبى، مما يجعل القضاء السعودى غير مختص بالنظر فى هذه النزاعات وينتهى إلي الحكم بعدم الاختصاص. كما أنه فى الحالات التى ينظر فيها القضاء التجارى السعودى والمتعلقة بهذا العقد لا يجد ما يُعينه من النظام البحرى السعودى للفصل فيها. ثم إن هذه العقود حديثة فيما تتضمنه من شروط أو مصطلحات، وهذا مما لا شك فيه يجعل من القضاء التجارى السعودى قضاءً بعيداً عن اختصاصه، والذى يجب أن يكون قادراً علي الفصل فى جميع الدعاوي البحرية. ولما كان الأمر كذلك فإن من الواجب أن يكون هناك تنظيماً خاصاً بهذا العقد ضمن نظام بحرى جديد يكون فى الوقت نفسه موافقاً للنظام العام فى المملكة العربية السعودية ومتوافقاً مع الشريعة الإسلامية، والذى يتوافق إلي حد كبير مع التشريعات البحرية الحديثة والقواعد والأعراف البحرية الدولية، بما يتيح للشاحن السعودى والناقل الأجنبى علي السواء اللجوء إليه عند النزاع.
وقد اشتمل الكتاب علي ثلاثة أبواب، احتوي الباب الأول منها علي ثلاثة فصول؛ كان الفصل الأول بعنوان "ماهية عقد النقل البحرى للبضائع بمقتضي سند الشحن"، ناقش فيه؛ تعريف عقد النقل البحرى للبضائع بمقتضي سند الشحن، أركان عقد النقل البحرى للبضائع بمقتضي سند الشحن، وخصائص عقد النقل البحرى للبضائع بمقتضي سند الشحن. وكان الفصل الثانى بعنوان "سند الشحن وأحكامه" وقد ناقش فيه؛ ماهية سند الشحن ووظائفه وأشكاله، بيانات سند الشحن، التحفظات والشروط التى ترد فى سند الشحن، وحجية سند الشحن فى الإثبات. وكان الفصل الثالث بعنوان "آثار عقد النقل البحرى للبضائع بمقتضي سند الشحن"، وقد ناقش فيه؛ التزامات الشاحن، والتزامات الناقل.
أما الباب الثانى فكان بعنوان "مسؤولية الناقل البحرى للبضائع بمقتضي سند الشحن" واشتمل علي أربعة فصول؛ كان الفصل الأول منها بعنوان "المسؤولية المدنية والضمان"، وناقش فيه؛ أحكام عامة فى الضمان أو المسؤولية المدنية، وشروط تحقيق المسؤولية العقدية. والفصل الثانى بعنوان "طبيعة مسؤولية الناقل فى عقد نقل البضائع بحراً بمقتضي سند الشحن وحالاتها"، وناقش فيه؛ تكييف عمل الناقل البحرى للبضائع وطبيعة مسؤوليته، حالات المسؤولية، ونطاق مسؤولية الناقل البحرى للبضائع، وكان الفصل الثالث بعنوان "الإعفاء من المسؤولية فى عقد نقل البضائع بحراً بمقتضي سند الشحن"، وناقش فيه؛ أسباب الإعفاء من المسؤولية، ومدي جواز اشتراط الإعفاء من المسؤولية أو التخفيف منها. أما الفصل الرابع فكان بعنوان "تحديد المسؤولية"، وناقش المؤلف فيه؛ نوع المسؤولية التى يسرى عليها التحديد، الحد الأعلي للمسؤولية، والأحوال المستثناة من تحديد المسؤولية.
أما الباب الثالث فكان بعنوان "دعوي المسؤولية" واشتمل علي فصلين؛ كان الفصل الأول بعنوان "أحكام دعوي مسؤولية الناقل البحرى للبضائع بمقتضي سند الشحن"، وناقش فيه؛ المدعى والمدعي عليه فى دعوي المسؤولية، الإخطار بالهلاك أو التلف أو التأخير، وتقادم دعوي المسؤولية. أما الفصل الثانى فكان بعنوان "الاختصاص القضائى والتحكيم"، وناقش فيه؛ المحكمة المختصة، والتحكيم.
وخلاصة؛ فهذا الكتاب يعد إضافة للمكتبة العربية وأجاب علي الكثير من التساؤلات التى تدور حول مسؤولية الناقل البحرى للبضائع. وقد صدر هذا الكتاب ضمن إصدارات الغرفة التجارية الصناعية بمحافظة جدة بالمملكة العربية السعودية، ويقع فى 380 صفحة من القطع المتوسط. وقد استهله المؤلف بكلمة شكر لإسماعيل أبو داود، رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بمحافظة جدة والمستشار مصطفي صبرى، مدير الإدارة القانونية بالغرفة، الذى أشرف علي طباعة الكتاب.