تنامي مفهوم الميزة التنافسية للدول

الناقل : elmasry | المصدر : www.ecoworld-mag.com

تنامي مفهوم الميزة التنافسية للدول
 

لعل أهم ما يميز الاقتصاد العالمى فى هذه المرحـلة؛ هو بروز مفهوم التنافسية الذى يرتبط بترقية الإنتاجية، والاستخدام الأمثل للموارد، وزيادة الصادرات ذات القيمة المضافة العالية، والدخول فى حـلقة منتجة تؤدى إلي الازدهار والرخاء. وتعني التنافسية بالإجابة علي الأسئلة التالية؛ أين ننافس؟ وكيف ننافس؟ ومن ننافس؟ وتتعاظم أهمية التنافسية مع زيادة المنافسة فى إطار سياسة الانفتاح والتحـرير الاقتصادى وما يتبع ذلك من إزالة الحـواجز التى تؤثر علي حـركة السلع والخدمات. إن تبنى مفهوم التنافسية الذى ينعكس فى تحـسين أساليب الإنتاج وضمان الجودة والمواصفات يؤدى إلي تحـقيق الإنتاجية المتميزة فى صناعة سلع أو إنتاج خدمة معينة، حـيث ينتقل بالاقتصاد من مفهوم الميزة النسبية الذى يعتمد علي الموارد الطبيعية وكلفة اليد العاملة إلي مفهوم التنافسية، مفضياً بذلك إلي خلق أصول جديدة، جامعاً بين توليد الثروة والقدرة علي تصدير منتجات عالية الجودة مع تحـفيز روح المبادرة والإبداع والاستثمار فى رأس المال البشرى. فالتنافسية ليست سعر صرف جيد، أو تسجيل فائض فى الميزان التجارى، كما أنها ليست تحـقيق معدل تضخم منخفض، إنما هى الإنتاجية والاستخدام الأمثل للموارد البشرية والرأسمالية والمعرفة وتطوير استراتيجية جديدة، والقدرة علي خلق أصول جديدة من خلال الترشيد المدروس لاستخدام الموارد واستيعاب قيم التنظيم المتقدمة.
وتركز الاستراتيجية الخاصة بالتنافسية علي تحـسين بيئة الأعمال وتطوير استراتيجية الكيانات الإنتاجية التى تستند علي تحـسين عوامل الإنتاج وكفاءة الإدارة، وصولاً إلي خلق وتنمية العملية التنافسية التى تضمن الخروج من دائرة الحـلقة المفرغة والدخول إلي دائرة الحـلقة المنتجة. ويتطلب هذا الأمر ترابط وتكامل دور القطاع العام والقطاع الخاص والمنظمات غير الحـكومية، وتعاون هذه الأطراف الثلاثة لإقامة شراكة فاعلة تستهدف تعزيز النمو الاقتصادى وتنمية الصادرات وولوج الأسواق الإقليمية والدولية وتحـديث بيئة الأعمال وترقية الموارد البشرية والأساليب التنظيمية. ويعد النموذج الخاص بالميزة التنافسية الذى طوره البروفيسور مايكل بورتر من جامعة هارفارد الأمريكية هو النموذج الاسترشادى الجديد للتنمية والدخول فى الحـلقة المنتجة وإحـداث التغيير نحـو مزيد من الازدهار. وقد تم تطوير هذا النموذج من نموذج خاص باستراتيجيات التنافسية للشركات الصناعية إلي نموذج التنافسية للدول. وقد استنتج البروفيسور بورتر، بعد دراسة شملت 12 دولة وامتدت سبع سنوات، أنه لا يمكن لأية دولة أن تحـقق تنافسية فى كافة القطاعات، وأن تنافسية صناعة ما فى الدولة تتحـقق بسبب توافر بيئة محـلية ديناميكية ترتبط بقدرة الصناعة علي الإبداع والتطوير المستمرين، وأن العولمة وانفتاح الأسواق ونقل التكنولوجيا وتطوير نظم الاتصالات؛ كل ذلك أضعف مفهوم الميزة النسبية لصالح مفهوم التنافسية. ويستند النموذج علي مجموعة أدوات تحـليلية متكاملة تشمل؛ تشكيلة الماسة الصناعية، القوي الخمس وخارطة التجمع الصناعى. وتشمل الماسة الصناعية عدداً من العوامل المكونة للميزة التنافسية هى؛ استراتيجية وهيكلة الشركات ونوعية المنافسة التى تواجهها، عوامل الإنتاج المتخصصة وذات الجودة العالية، ظروف الطلب علي السلعة والخدمة، التجمعات الصناعية الداعمة، وعدد المزودين المحـليين ودرجة تجمعهم ومدي التنافسية بينهم. وهنالك الحـكومة باعتبارها عنصراً خارجياً ولكنه أساسى من حـيث دورها فى توفير الاستقرار السياسى والاقتصادى وتوفير البيئة التشريعية والتنظيمية الملائمة. أما القوي الخمس فإنها تشمل؛ التهديد الذى يسببه دخول منافس جديد، قوة مقايضة المشترين التى تحـددها درجة تمركز المشترين وقوتهم الشرائية وظهور منتجات جديدة، قوة مقايضة المزودين التى يحـددها تميز المدخلات ووجود مدخلات إنتاج جديدة فضلاً عن درجة تمركز المزودين، التهديد الذى يسببه دخول سلعة بديلة، وطبيعة المنافسة القائمة. وتتحـقق التنافسية فى التجمعات الصناعية التى تعرف بـ"العناقيد" المرتبطة جغرافياً بموقع محـدد والتى تكون خارطة التجمع الصناعى وتتشكل عبرها روابط أمامية وخلفية داعمة. وتتميز علاقة الأطراف المكونة للتجمع الصناعى بأنها غير تنافسية وتستند علي الحـوار المنتج بين مختلف الأطراف خاصة القطاعين العام والخاص. وتتأثر قوة وحـجم هذه التجمعات بعدد من المؤثرات أهمها درجة العولمة والمنافسة والتكنولوجيا واستراتيجية الشركات والتشكيلات التنظيمية الحـديثة. ويعتمد نموذج بورتر للتنافسية علي ما يعرف باستراتيجية "الارتحـال" التى تعني بوضع استراتيجية للمدي القصير والمتوسط والطويل المستندة علي رؤي واضحـة وتعاون الأطراف المعنية والإيمان بمبادئ أساسية تشمل الاعتقاد بأن مفهوم النجاح فى الحـاضر ليس ضماناً للنجاح فى المستقبل. كما يستند النموذج علي مفهوم التطوير كعملية تراكمية مستمرة تستدعى مراجعة دائمة لعناصر القوة والضعف وإحـداث التغييرات اللازمة، كما يستدعى الدخول فى شراكات فنية واستراتيجية لبناء القدرات الذاتية والإحـاطة الجيدة بالأسواق وقنوات التسويق ومواصفات الجودة وتطوير الكفاءة التشغيلية. ويحـذر النموذج من أنماط السلوك غير التنافسى التى تشمل الاعتماد الأساسى علي المصادر الطبيعية وضعف الإدراك بالمركز التنافسى النسبى وضعف التكامل الأمامى، وعدم الاهتمام الكافى باحـتياجات العملاء، والاعتماد علي حـماية الحـكومة ودعمها للصناعة. وهنالك حـالياً أكثر من 35 دولة تأخذ بنموذج بورتر للتنافسية منها المملكة الأردنية الهاشمية التى لها تجربة متميزة فى تطبيق النموذج وبناء الإطار العام للتنافسـية وإبـراز الفرص والبدائل المتاحـة أمام الصناعات الأردنية ومساعدة مختلف القطاعات فى وضع الاستراتيجيات المستقبلية التى من شأنها تحـسين الإنتاجية ورفع القدرة التنافسية للصناعات الوطنية. وقد تم تكليف "فريق التنافسية الـوطنى" التابـع لـوزارة التخـطيط بمتابعة جهود تحـقيق الميزة التنافسية للأردن فى الصناعات الواعدة.

++ المصدر: نشرة ضمان الاستثمار - الكويت.+++