محاور أدوات السياسة النقدية الإسلامية

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : houssem biskra | المصدر : www.startimes2.com

تختلف المحاور التي تدور حولها أدوات السياسة النقدية في الاقتصاد الإسلامي

 اختلافا جوهريا و جذريا عن تلك التي تدور حولها السياسة النقدية فبي

الاقتصاد الوضعي , ذلك ان هذه الأخيرة تدور حول محور إصدار النقود

المصرفية أو الائتمانية و محور تنظيم عمليات الإقراض و الاقتراض .

 

فيتمثل المحور الأول في عملية إصدار النقود المصرفية : " يعني أن

المصارف التجارية إنما   تتجر بما لم   تقبض أو بما لم يكن في حوزتها عندما

تصدر و دائع تحت الطلب "  .

و عليه رأى علماء الاقتصاد الإسلامي القدامى و المعاصرين ضرورة حصر

عملية إصدار النقود سواء كانت ورقية أو خطية بيد الدولة أي البنك المركزي

لتقوم بإدارتها وفقا لمقتضيات المصلحة العامة , لذلك توجب على الحكومة أن

تحصر عملية إصدار النقود بأنواعها المختلفة بالبنك المركزي , و أن تمنع

المصارف التجارية من إصدار النقود الخطية   التي تشكل في النظام

الرأسمالي أكثر من 90 بالمائة من مجموع الكتلة النقدية العائمة و المتداولة

في الاقتصاد الوطني في حين أن النقود الورقية التي يصدرها البنك المركزي

تشكل 10 بالمائة فقط حيث يتبع إصدار النقود الخطية حركات العرض و

الطلب في النقدي الرأسمالي و هي حركات تشكل فيها سعر الفائدة ( الربا )

عاملا رئيسيا و منه فإن النظرية النقدية للاقتصاد الإسلامي تحصر سلطة

إصدار النقود بالبنك المركزي أي الدولة أو الحكومة   و منه تخلص الاقتصاد

الوطني من عاملين أساسيين في إثارة التقلبات و اللاستقرار و هما عامل الربح

المحرك للمصارف و عامل الفائدة الربوية .

 

أما المحور الثاني الذي تدور حوله السياسة النقدية في النظام الرأسمالي هو

تنظيم الإقراض و الاقتراض على أساس سعر الفائدة و هذا يختلف اختلافا كليا

عن محور السياسة النقدية في الإسلام حيث الأساس في هذه الأخيرة هو نظام

المشاركة و ليس نظام الفائدة .

و منه نلمس البون الشاسع و الفرق اللامع ما بين النظام الوضعي و الإسلامي

في مجال السياسة النقدية و المصرفية   حيث في الأول نجد سعر الفائدة

( الربا ) و في الثاني الربح , قال تعالى : " و أحل الله البيع و حرم الربا   "

ذلك أن المصارف الربوية لن تقوم بعملية خلق النقود من لاشيء أي تقنية ما

تعرف ب :

 تعظيما للأرباح على غير حد أو قيد , مما يؤدي إلى تدخل السلطات النقدية

من أجل كبح EXNIHILO

جماح هذه البنوك بعدة وسائل كما تفعله السلطات النقدية في النظام الرأسمالي

بل ستقوم هذه البنوك آجلا أم عاجلا بعمليات المشاركة في الأرباح و

الخسائر , ذلك أن الأخذ بنظام المشاركة سوف يؤدي إلى التخلص من سعر

الفائدة (الربا) و آثاره السلبية على الاقتصاد الوطني كليا و جزئيا .   

 

6- اتجاه المسايرة أم ميل المغايرة :

 

مما سبق ذكره نلاحظ أن إشكالية هذه الورقة البحثية و التي تدور حول هل

هناك اتجاه للمسايرة أو ميل للمغايرة بين السياسة النقدية و المصرفية

الإسلامية و العولمة المالية ؟ تفرض علينا إيجاد إجابة شافية كافية لها من

خلال تبيان أن السياسة النقدية و المصرفية في الاقتصاد الإسلامي تختلف

اختلافا كبيرا عن تلك المتعلقة بالنظام الاقتصادي الوضعي و منه فغن العولمة

المالية بالمفهوم المذكور سابقا يحفز الثانية و يعرقل الأولى و عليه فإن ميل

المغايرة هنا أقوى من اتجاه المسايرة و إن كانت المصرفة الإسلامية لا تنكر

استفادتها من بعض إيجابيات العولمة المالية كالتحرير المالي و إلغاء القيود

على حركة رؤوس الأموال و كذا سرعة تحويلها و تداولها كذلك ما توفره

العولمة المالية للمصرفة الإسلامية و كذا للسياسة النقدية في الإسلام من

تكنولوجيا عصرية عالية تؤهلها للتطور و العصرنة إذ نأخذ بها في إطار أن

المبادئ ثابتة و آليات متغيرة ما لم تمس بجوهر المبدأ .

  و بعد , فإن العولمة المالية بكل زخمها و آثار تداعياتها , تسبيبا و تتويجا

تمثل في الوقت نفسه علاقة إعاقة بالنسبة للمصرفة الإسلامية من جهة , كما

تمثل علاقة إعانة لها من جهة أخرى.

ففي إطار اتجاه المسايرة و ميل المغايرة   نجد البون و الفرق لامع على  

أساس أن السياسة النقدية و المصرفية في الاقتصاد الإسلامي لها أهداف و

ميكانزمات و وسائل و أدوات , و إن التقت مع بعض مثيلاتها في السياسة

النقدية و المصرفية الرأسمالية الوضعية , إلا أنها تختلف عنها جوهريا و

موضوعيا من حيث المبدأ و الغاية و كذا من حيث الوسيلة و الهدف تطبيقا و

تحقيقا