تجاره الاحلام ؟؟؟

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : سلافه | المصدر : www.startimes2.com

 

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

انتشر في الآونة الأخيرة ظاهرة اقتصادية خطيرة، ربما تعارف عليها الناس بمسمى استثمار الأموال أو توظيف الأموال، ويتم ذلك بواسطة أفراد أو مجموعة أفراد يقوموا بترويج الفكرة والتسويق لها والإغراء بعوائد عالية وأحيانا خيالية حتى يتمكنوا من جمع اكبر قدر من المال، وربما تتسع الدائرة لتشمل المعارف والأصدقاء وغيرهم. ويزعم هؤلاء أنهم مستثمرون في مشاريع ذات عوائد عالية، وقد تكون في خارج المملكة أو بداخلها مثل الاتجار في بطاقات سوا، وآخرون يزعمون أنهم مضاربون في سوق الأسهم، وأنهم يحققون أرباحا طائلة من وراء ذلك، وربما يغرون بعض المساهمين بأرباح كبيرة في الأسابيع الأولى كسبا للثقة من طرف المساهمين وطلبا للمزيد من الأموال والتسويق لها بين معارفهم... هكذا تبدأ القصة بالوعود المغرية والإرباح الخيالية وربما يقوم هؤلاء المضاربون أو المستثمرون بتوزيع بعض الأموال في الأسابيع الأولى على أنها عوائد متحققة لاستثماراتهم حتى يطمئن المساهمون على أموالهم وإزالة الشكوك عن نوايا هؤلاء المضاربين، لكن لا يكاد يمر بعض الوقت حتى يختفي المضاربون وتتبخر أحلام المساهمين وتضيع مدخراتهم في لحظات ابتهاج وأحلام بحياة الأثرياء.

وهذه القصص وغيرها تتكرر مع آخرين وضحايا جدد وبأساليب جديدة ومبتكرة في فن استقطاب الأموال والمدخرات من جيوب المواطنين. وهكذا أصبحت ظاهرة اجتماعية ومنتشرة في الخفاء والعلن، بل تطور الأمر من كونها أفراد أو مجموعة أفراد وأصبحت شركات وهمية لها مكاتب وموظفون في المدن الرئيسية، وتقوم بممارسة أنشطة مختلفة إما بأنشطة تجارية أو بالمضاربة في أسواق المال الداخلية والدولية. وقد أدت هذه العمليات المشبوهة إلى ضياع أموال الآلاف من المساهمين فيها، وتقدر هذه الأموال بمئات الملايين وربما أكثر، لأنه من الصعوبة تقدير حجم الأموال في هذه القنوات المشبوهة.

·        الدوافع والأغراض وراء جمع هذه الأموال والمحاذير التي تكتنفها:

 ومثل هذه المضاربات التي تكون معظمها وهمية فإنها تثير مخاوف كبيرة حول تسهيلها لعمليات غسل الأموال وتبيضها، حيث تصبح أداة سهلة وبعيدة عن المسائلات القانونية والرسمية عن طبيعة مصادر هذه الأموال وبحجة أنها تجميع مدخرات من المواطنين، بينما هناك شكوك واحتمالات غير مستبعدة بان مثل هذه المضاربات ربما توظف من اجل غسل ملايين ومليارات الريالات ذات المصادر غير المشروعة والمشبوهة لاسيما إذا كانت هذه الأموال من مصادرة خطيرة مثل تجارة المخدرات أو تمويل شبكات الإرهاب والتطرف.   

·        مدى مشروعية مثل هذه الممارسات:

حتى لو سلمنا بان هذه الأموال ما هي إلا مدخرات مواطنين ولا شبه في مصادرها، وأنها توظف في المضاربة في سوق الأسهم، فان هذه السوق وما حدث فيها ولا يزال يحدث بفعل المضاربات المحمومة، فانه لابد من تحليل وبيان الدوافع والأغراض من هذه المضاربات وما مدى خطورتها على المساهمين خصوصا ممن يدفعون أموالهم لأشخاص ليقوموا عنهم باستغلالها في مضاربات سوق الأسهم، كما ينبغي أن نتسأل عن مدى مشروعيتها من الناحية الشرعية والأخلاقية والاقتصادية. فمن الناحية الشرعية، فان مصطلح المضاربة يختلف تماما عن ما يحدث الآن في أسواق الأسهم، وقد ترجمت هذه الكلمة من مصطلح إنجليزي متعارف عليه في البورصات الدولية وهو ( speculation ) ومعناها الحرفي بالعربية هي (التصعيد) أي تصعيد الشى وزيادة حدته. أما مفهوم المضاربة من الناحية الشرعية فهي نشاط اقتصادي جائز ولها جذورها النظرية والعملية في التاريخ الإسلامي، وهي أن يعطي شخصا ماله لشخص آخر من اجل أن يتجر فيه وينميه ويكون الربح بينهما حسب المتفق عليه، والذي يقدم المال يسمى رب المال والذي يتجر فيه يسمى بالمضارب. وكانت الممارسات التطبيقية لمفهوم المضاربة منذ عهد النبي عليه الصلاة والسلام توظف في الاستثمار المباشر، الذي ينتج وله قيمة مضافة سواء بتجارة الأرزاق أو في الزراعة أو في الصناعة، وهذا النوع من الاستثمار يؤدي إلى قيمة إضافية للمجتمع ويساهم في نمو اقتصاده. بينما مفهوم المضاربة (المجازي) الذي يمارس حاليا في أسواق الأسهم، فلا أرى انه يمت بأي صلة بمفهوم المضاربة في الفقه الإسلامي، بل ما نلاحظه من عمليات مضاربة في سوق الأسهم أن هؤلاء المضاربين يرتكبون عدة محاذير شرعية وأخلاقية مما يجعلها لا تتفق مع مقاصد وعدالة الإسلام. فمن ناحية، هم في الحقيقة يمارسون سلوك احتكاري وهو محرم في الإسلام، حيث يقومون بتوجيه أموالهم لشراء أسهم الشركات التي يكون عرضها محدود في السوق، وبصرف النظر عن ما هي الشركة وما هو أداءها الاقتصادي، ويكون هدفهم احتكار هذه الأسهم وامتصاصها من السوق حتى ينخفض عرضها وتفرغ تماما من سيولة السوق، ومن ثم يتوهم المتداولون بأهميتها وانخفاض السيولة فيها ويبدؤون بطلبها بأي سعر، ويقوم المضاربون بعرضها بالأسعار التي يريدونها، وهذا سلوك احتكاري وغير أخلاقي.

 

  ·        ما يترتب عليها من آثار اقتصادية في سوق الأسهم:

 ومن ناحية أخرى فان هذه المضاربات لها سلبيات اقتصادية تتمثل في تصعيد أسعار الأسهم وتضخيمها أكثر من أسعارها السوقية العادلة، وهذا يؤدي إلى عزل العلاقة بين الأداء الاقتصادي للشركة وبين سعر أسهمها في السوق مما يقود في نهاية الأمر إلى تدني كفاءة سوق الأوراق المالية من خلال تعويم أسعار الأسهم وفك ارتباطها عن أداء الشركة صاحبة الأسهم بفعل المضاربات الوهمية. وهذا للأسف الشديد في المدى البعد قد يولد ثقافة لدى المتداولين بأفضلية المضاربات العشوائية على أسهم الشركات، وعدم اهتمامهم بتبني استراتيجيات لاستثماراتهم وإدارتها على ضوء كفاءة السوق وأداء الشركات. 

·        دور الأنظمة والأجهزة الرقابية:

  وبالرغم أن هذه الأجهزة دائما تحذر من هذه الأنشطة في وسائل الأعلام، إلا أن الأمر يتطلب المتابعة الميدانية والتقصي عن حقيقة وجود مثل هذه الممارسات. ولكن الدور الرقابي والعقابي من الأجهزة المعنية لا يزال دون المستوى مما جعل هؤلاء يمارسون أساليب النصب والاحتيال على نطاق واسع، بل نقرأ أحيانا عن إعلاناتهم في الصحف وعلى مواقع الإنترنت سواء تلك التي تدعو إلى جمع الأموال بغرض استثمارها في سوق الأسهم و من يدعو للمساهمة في مشاريع وهمية لا حقيقة لها على ارض الواقع.

ولذلك فان هذه الأجهزة ينبغي تتخذ خطوات جادة للقضاء على عمليات النصب والاحتيال ووقف هدر أموال ومدخرات المواطنين. فعلى صعيد تفشي ظاهرة المشاريع الاستثمارية الوهمية، ينبغي على وزارة التجارة ووزارة الداخلية التنسيق فيما بينها وتبادل المعلومات المتعلقة بهذه الظاهرة وتتبع من وراءها من الأفراد وتقديمهم للقضاء وإيقاع العقوبة بهم والتشهير بهم، لان هذا سيؤدي إلى توعية الناس وردع أمثالهم. وتكثيف الحملات التوعيوية حول خطورة الانخراط في هذه الأعمال وحث المواطنين على الإبلاغ عن أي ظاهرة مماثلة قبل أن تضيع أموال الناس. وهذه الإجراءات هامة لأنها تشكل خطوات حمائية واستباقية تحد من انتشار الظاهرة بين أفراد المجتمع.

أما بالنسبة للمضاربات في سوق الأسهم، فان هيئة سوق المال وهي المعنية بسوق الأسهم، عليها وضع لوائح عامة وتفصيلية تتناسب مع معطيات وظروف سوق الأسهم وذلك بغرض تنظيم سوق الأسهم والعمل على استقراره ومنع التجاوزات لاسيما ظاهرة المضاربات العشوائية على الأسهم والتي تفاقمت في الآونة الأخيرة وأدت إلى خسائر تقدر بالمليارات. وبالرغم من حساسية سوق الأسهم من أي مؤثرات خارجية وخاصة إذا كانت قرارات تتعلق بلوائح السوق، فان الهيئة ينبغي أن تعمل على إعادة صياغة لوائح السوق بشكل شامل وان تأخذ في الاعتبار التجارب السابقة والحالية بحيث تخرج بنظام ولوائح عامة وتفصيلية تبقي ثابتة على المدى الطويل. وان يكون هناك تنسيق بين مؤسسة النقد والبنوك التجارية بصفتها تقوم بدور الوساطة المالية بشان التحقق من بعض حسابات المستثمرين والمضاربين ومصادر الأموال التي يودعانها فيها لتلافي احتمال استخدام هذه الحسابات في عمليات غسل الأموال من خلال توظيفها في المضاربة على الأسهم.

م  ن ق و ل

 تقبلوا خالص ودى واحترامى

سلااااااااافه