اقتصاد المديونية الدولية

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : زنبقة البحيرة | المصدر : www.startimes2.com

الديون الخارجية

وألاً : تعريف الدين الخارجي:
يقصد بالدين الخارجي في معناه العام أنـــــه:
( الدين الذي تحصل عليه الدولة من الدول أو المصارف الأجــنبية أومن المؤسسات الدولـية مـثل صندوق النقد الدولي) .(عليه، 1985ص183)
وتكمن الصعوبة في أيجاد تعريف مشترك ودقيق للديون الخارجية متفق عليه من جميع الأطراف المعنية المختلفة، وقد تبادلت المنظمات الدولية الأساسية الأربع المعنية بهذه القضايا وهي:
مصرف التسويات الدولية
صندوق النقد الدولي
البنك الدولي
منظمة التعاون و التنمية الاقتصادية
في صياغة تعريف للدين الخارجي مفادها ..الدين الخارجي الإجمالي يعادل مبالغ الالتزامات ألتعاقديه الجارية
و يطرح هذا التعريف بعض الإشكاليات التطبيقية ويمثل هذا في الأتي:
صعوبة تحديد هوية وإقامة الدائن والمدين مما يخلق صعوبة في تطبيق التعريف
استبعاد العديد من المصادر كحقوق السحب الخاصة لدي صندوق النقد الدولي وهو من حيث المبدأ ضمن تعريف المدين
كما تظهر صعوبات أخرى في حالة أعادة جدولة الديون
ولتخطي هذه الصعوبات نتبنى نحن الباحثون المفهوم التالي للديون الخارجية وهو أن تلك المبالغ التي أفترضها الاقتصاد القومي والتي تزيد مده القرض فيها على عام أو أكثر وتكون مستحقة للجهة المقرضة عن طريق الدفع بالعملات الأجنبية أو تصدير السلع والخدمات إليها (مجلة المال والصناعة1995، العدد 13ص62)
ثانياً:تقسيمات الدين الخارجي:
• حسب الفترة الزمنية:
ديون قصيرة الأجل
ديون متوسط الأجل
ديون طويلة الأجل
حيث تقوم المصارف التجارية عادتاً بتقديم القروض قصيرة الأجل للجهات الدائنة وتستحق الدفع في مده أقصاها سنة مع أمكانية قيام هذه المصارف بتجديد هذه القروض ويتميز هذا النوع من الديون بارتفاع تكاليفه ولا تلجأ أليه عادتا الأ في حاله عدم أمكانية حصولها على قروض طويلة الأجل
أما الديون الطويلة الأجل فأنها الديون الواجبة السداد خلال الفترة الزمنية أكثر من سنة ، وقد تزيد عن عشرة سنوات وتقوم كل من الحكومات والمؤسسات الإقليمية والدولية بتقديم هذا النوع من التمويل ويتسم هذا النوع من الديون بانخفاض تكاليفه وكثره تسهيلاته. (مجلة مصر المعاصرة العدد 401ص299-298)
ديون رسمية وديون خاصة "تجارية"
يمكن تقسيم الديون على أساس مصادر الجهة التي تقدم القرض إلى ديون رسمية وأخرى خاصة تجارية فبالنسبة للديون الرسمية فأن الحكومات والمؤسسات المالية الأقلمية والدولية هي التي تقوم بتقديمها للدول الراغبة والمحتاجه لها وتتميز هذه القروض بأنها ميسرة لعده أسباب منها:
- طول مده القرض
- وجود فترة سماح مناسبة
- انخفاض معدل الفائدة وأحياناُ تكون رمزية
ويتم استخدام هذه القروض لتمويل مشروعات محددة
أما الديون الخاصة:
فهي الديون المقدمة من قبل المصارف التجارية وتعتبر الشروط التي تضعها هذه المصارف على القروض المقدمة من قبلها شروطاً قاسية بالمقارنة بالقروض الرسمية وذلك على النحو التالي:
- انخفاض مده القرض
- انخفاض فترة السماح
- ارتفاع سعر الفائدة
وهي تقاس على أساس أسعار الفائدة في لندن وهي المعروفة اختصارا باصطلاح " يبود " وهذه الفائدة خاضعة للتقلب باستمرار وذلك طبقاً لظروف العرض والطلب على القرض.

ثالثاً : ديون قابلة لجدولة وأخرى غير قابلة:
يمكن تقسيم الديون الخارجية من حيث قابليتها للجدولة إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول : ديون لأتقبل الجدولة
وهي ديون المستحقة لمنظمات دولية أو إقليمية مثل " البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي " بالنسبة لهذا النوع من الديون يجب على الدولة المعنية الوفاء بها في مواعيد الاستحقاق بغض النظر عن ظروفها الاقتصادية والمالية.

النوع الثاني : الديون التجارية
وهـــي الديون المستحقة للمصارف التجارية الخــارجية وتم أعادة جدولتها عن طريق التفاوض بين المصارف الـــدائنة و الــدول المعنية وتتم عمليات الجدولة فـــي( نـادي لـندن) 
( مجلة مصر المعاصرة العدد 415 ، 1989) .

 

النوع الثالث : الديون الرسمية الحكومية
وتتمثل في الديون المستحقة لحكومات أو مضمونة من حكومات ويتم أعادة جدولة هذا النوع من الديون عن طريق ( نادي باريس) 

رابعاً : الإطار التاريخي للديون الخارجية
ترجع الجذور التاريخية للمديونية الخارجية في الدول النامية إلى المراحل المبكرة التي مرت بها العلاقات بين هذه الدول والدول الصناعية وعلى الأخص إلي مرحلة نشؤ وتطوير رأسمالية احتكار التمويل التي زادت من درجة تبعية الدول النامية للدول الصناعية الرأسمالية.
وبشكل عام يمكن النظر للمديونية الخارجية في أفقها التاريخي عبر ثلاثة مراحل من النمو:
تمثل المرحلة الأول : الفترة ما قبل الحرب العالمية الثانية وتنتهي المرحلة الثانية عام 1980 م وتستمر المرحلة الثالثة حتى الوقت الحاضر.
مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية:
تمتد هذه المرحلة بين عام 1820-1840 وهي تاريخياً مرحلة ذات حركة دولية عالمية للرساميل وتميزت بتصدير كثيف للرساميل من جانب بريطانيا وفرنسا، وتوجه جزء من هذه الرساميل نحو البلدان الجديدة آنذاك وجزاء أخر لبلدان العالم الثالث الخاضعة للإمبراطوريات الاستعمارية كما شهدت نهاية الستينات وبداية السبعينات للقرن نفسه تطوراً مفرطاً في ديون الإمبراطورية العثمانية ومصر وهذان البلدان قد أتبعا سياسة تحديث اقتصادي حمولة بقروض خارجية وأدت إلي أزمة ناجمة عن الديون حيث وقعت الإمبراطورية العثمانية في أزمة حقيقية .(حيدر 1996ص31-30)
أما في بداية القرن العشرين وعقب انتهاء الحرب العلمية الأولي فقد تم تحديث الحركات الدولية للرساميل وكانت الولايات المتحدة حينذاك البلد الدائن الأساسي بالنسبة لبقية العالم ، وفي ملفات مخزون الديون الدولية نجد في عدد البلدان الأساسية المدينة كندا –أستراليا –الهند.
إلا أن الحدث البارز في هذه المرحلة هو الأزمة الاقتصادية الدولية التي بدأت في الولايات المتحدة عام 1929وأصطلح على تسمية بأزمة (الثـلاثينات ) فـقد أدت الأزمة بالدرجة الأولي إلــي هبوط مدا خيل صادرات البلدان المدينة بسبب الركود في البلدان الصناعية وصعود سياسية الحماية وانهيار أسعار المواد الأولية مما أدي في النهاية الأمر إلي تفجر أزمة الديون وكانت أول أزمة ديون دولية ذات مدي عالمي وقد علمت البلدان المدينة في مرحله الأولي لتجاوز أزمة السيولة وخاصة بمحاولة الحصول على اعتمادات لأجل قصير من المصارف الغربية لتأمين خدمة ديونها وبسبب عدم الحصول على تلك الاعتمادات دخلت معظمها في مرحله العجز عن الدفع منذ عام 1931وتوقفت عنها حركة تصدير للرساميل وبصورة أجمالية فقد شكلت أزمة الثلاثينات منطلقاً لكثير من التعديلات المتعلقة بالتدفقات المالية الدولية

مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى الثمانيات:
يشير استعراض الأوضاع الاقتصادية الدولية خلال هذه الفترة أنها قد شهدت تغيرات عميقة ، ابتداء من التوقيع على اتفاقية (بر يتون وود ز)التي بموجبها تم صياغة نظام اقتصادي دولي جديد في مختلف العناصر الاقتصادية للنظام ووضع أسعار ثابتة للصرف قابلة لتحويل ضمن حدود معينة وكذلك تشجيع التدفقات الدولية لرأس المال للأغراض ألإنتاجية وتبع ذلك أنشاء مؤسسات مالية دولية تفي بهذا الغرض مثل البنك الدولي لغرض إعادة تعمير ما دمرته الحرب العالمية الثانية كذلك أنشاء صندوق النقد الدولي وذلك لإعطاء أكبر قدر ممكن لتحقيق السيولة الدولية إلا أن أهم ما شهدته بدايات هذه الفترة الزمنية وخاصة على صعيد الدول النامية فقد حصلت الكثير من الأقطار استقلالها السياسي وبالتالي اندفعت لتحقيق تنميتها الاقتصادية ففي العام 1955كانت المعطيات تشير إلى أن ديون البلدان النامية كانت بحدود (8 مليارات دولار )وبنهاية الخمسينات كانت هذه الديون قد تضاعف بسبب حصول عدد من الدول على الاستقلال وفي الستينات تابعت الدول النامية الارتباط بشكل رئيسي بالمساعدة العامة للتنمية لتأمين تمويل نموها آنذاك الأمر الذي أدي إلي سرعة تنامي ديونها الخارجية حيث بلغت هذه الديون (36مليار دولار ) في عام 1967 و(66 مليار دولار) في عام 1970غير أن هذه الديون لم تهدد الحياة الاقتصادية لهذه البلدان ، أما فترة السبعينات فقد ابتسمت بعدم الاستقرار الاقتصادي الدولي عكس ما كانت عليه الحال في الستينات والخمسينات(زكي، 1991 ص38).

مرحلة الثمانيات وحتى الوقت الحاضر "مرحلة الأزمة:
شهدت هذه المرحلة بداية الانطلاق نحو مأزق المديونية الدولية فقد أدت المستويات المرتفعة لإقراض البلدان النامية خلال عقد السبعينات مع تدهور أوضعها المالية في بداية الثمانيات أي حدوث الأزمة وقد ظهرت بوادر تلك الأزمة ابتداء ببولندا في عام 1981 حينما تبين بأنها ليس بمقدورها دفع ما يترتب عليها من فوائد لقروضها الخارجية لكن هذه الأزمة طلت حدثاً منعزلاً ولم تؤدي إلي إثارة الجدل حول الوضع الإجمالي للتحويلات الدولية الأ أن لأزمة الديون تكررت في المكسيك في عام 1982 حينما تبين أنها غير قادرة على مواجهة التزاماتها في الدفع واعتباراً من هذا التاريخ انهارت ثقة المصارف بالقدرة المالية لجملة البلدان المدينة الأساسية وترجمت النتيجة المباشرة بتغير موقف المصارف حيال المدنين من الدول النامية بأتجاها لعده إجراءات تكمن في الأتي:
1. وضع سياسة انكماشية للائتمان الممنوح للبلدان النامية
2. زيادة حجم مخصصاتها و إحتياجاتها لتغطية الديون المشكوك في تحصيلها في خصم هذه التطورات وجدت الدول النامية نفسها في مأزق أهم معالمه هو أن جبل الديون الذي تراكم عليها قد بداء يتمخض عن أعباء شديدة لا تستطيع أن تتحملها.
وتشير الإحصائيات إلي أن مجموع الدين الخارجي لهذه الدول قد تضاعف خلال الفترة (80-2000) حيث وصل في العام 2000 إلي(2120.9) مليار دولار.(زكي ،1991ص321)
وهكذا أصبحت الدول النامية في نفق مظلم فهي من ناحية تورطت في ديون كبيرة بينما تقلصت حصيلتها من العملات الأجنبية وكذلك الأحتياطاتها الدولية ومن ثم اضطرت لاستقبال بعثات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الداعية لقيام هذه الدول بتسوية أوضاعها الاقتصادية هكذا صار صندوق النقد الدولي ليس مهماً بسبب ما يقدمه من قروض ضئيلة بل بسبب شهادة حسن السلوك التي تقدم للدولة من أجل الحصول علي قروض جديدة أو أعادة جدولة قروضها.
منقول