لقد كنت في يوم ما (( شمعة )) !

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : أم الحنان | المصدر : forum.wahati.com




أنينتيَّ

ماذا دهاني ؟!

أنينكما أيقظ ماردًا سهاده طالما أبكاني !

لقد كنت في يوم ما ( شمعة )

فما الذي أطفاني ؟

كم أضأت من عقول

و كم سقيت من حقول

بدميَّ الأحمر القاني !

و دمعي الجاري !

اسألوا الوقت عني ...

اسألوا طفلي و أمي !

بل اسألوا الطبيبة

و المعلمة الأريبة

و اسألوا تلك الفتاة :

ماذا فعلت يوم أن حلت بها المصيبة ؟!

ذكريات كثيرة

أبقى لها أسيرة

لكني اليوم أبتعد ...

و أبتعد ...

فهل من لقاء بعد ؟!!!






زفرات ساخنة :


أزعجني رنين هاتفي ذات صباح ، إلا أنه سرعان ما تحول ذلك الانزعاج إلى ابتسامة رضى ،


و انطلاق فرحة تملأ الكون ، حينما نظرت عيني إلى اسم المتصل !


إنها أخت حبيبة ، إحدى إداريات المدرسة الثانوية ........ ، تلك المدرسة التي غادرتها قبل


خمسة عشر عامًا ، و بقي فؤادي معلقا في زواياها !


رددت على تلك الغالية بشوق المحبة :


أهلا و مرحبا يا غالية ...


قالت لي كما تعودت أن تناديني : ( أختي ) ، نظمنا للقاءٍ أخوي يجمع منسوبات المدرسة ،


القديمات و المستجدات ، في يوم الخميس ، و نتمنى حضوركِ ...


بالتأكيد يا حبيبة ، سأبذل جهدي لحضور ذلك اللقاء ...


و حان موعد اللقاء ، كان مساء الخميس ، لكن قلبي سبقني إلى مكان اللقاء قبل الوقت المحدد !


كان هناك منذ يوم الدعوة ، يتأمل ، و يتذكر ، ثم يتفكر !


و مع الذكرى تدمع عيناي ، و بالتفكر ينتفض جسدي !


ذهبت إلى ملتقى الأحبــــــــــة ، و هنــــاك أمور طبيعية حدثت منها :


أن ألقي التحية بصوت عــــــــالٍ يحمل فرحتي !


و أحتضن كل أختِ بحرارة ترسل أشواقي !


و أطلق سراح دموعي و زفراتي الساخنة لأثبت للجميع ولائي !


كانت القاعة منظمة ، مناضد مستديرة تحيطها المقاعد و تزينها الزهور ...


و فوق كل منضدة أواني القهوة و الشاي ...


و لكن rolleyes.gif


ماذا حدث حينما اجتمع الأحبة unsure.gif


دفعنا تلك المناضد خلفنا ...


و نظمنا المقاعد كعقد ألماس بريقه ابتسامة الفرح في ثغرِ كل غالية !


و بدأت أسارير فرح اللقاء تنطلق بوضوح ...


تساءلنا عن أحوالنا بعد الفراق :


هذه انتقلت إلى مدرسة أخرى بحكم الظروف !


و تلك تحولت إلى منصب جديد في مكان آخر ...


و هي اختارت أن ترعى أسرتها في منزلها ...


أما أم الحنان فانطلقت بخيالها إلى جو المدرسة الثانوية ( .......... )


و ذرفت دمعة مسحتها بخفة لئلا تلحظها عين محبة ...


ذكريات كثيرة تضمها جدران مدرستي ...


ذكريات حبيبة إلى قلبي تثير الدهشة !


فقد كنت خرِّيجة أول دفعة في هذه المدرسة ، أقصد أني من أوائل من وطئت أقدامهن


مبنى المدرسة ، و استكشفن كل زاوية فيها .


في فصولها تنقلت طلبا للعلم ، ثم عدت إليها لأكون المعلمة فيُطلب مني العلم rolleyes.gif


و في ساحاتها قفزت مرحًا و لعبًا ، ثم عدت لأمشي بخطا متزنة نشرًا للنظام !


و على ذلك السور أسندت ظهري يوم الامتحان أراجع ما استذكرته ، ثم عدت لأسند ظهري


مرة أخرى ، و في نفس الظرف ، و لكن لأمسح دمعة طالبة بكت خشية الإخفاق ...


تذكرت أني في يوم قد تقدمت الطوابير لأشارك في الإذاعة المدرسية ، ثم عدت لأكون المشرفة


على الإذاعة المدرسية ...


صور كثيرة تراءت لي في تلك اللحظات ، لكني توقفت كثيرًا عند صورة واحدة !!


هي صورة المعلمة !


أتُراها حقًّا شمعة ؟


تضحيات المعلمة كثيرة ...


فكم ليلة بت عينًا تراقب طفلي المريض و الأخرى تتصفح الكتاب !


و أصبحت و قد انشطر فكري فشطر في البيت مع طفلي ، و شطر في الفصل مع درسي ...


و لا أنسى ليلة أن شق الكأس باطن قدمي ، رغم ألم الجرح و الخياطة أصبحت أسحب قدمي


لأقف في الفصل و أؤدي واجبي ...


لكني تعللت بمرضي يوم أن دعتني أمي ( رحمها الله ) !


أجهدني عدم استيعاب إحدى الطالبات للمعلومة ، لكني ابتسمت ، و كررت الشرح مرارًا


بعدة أساليب إلى أن فهمت ...


و في يوم الامتحان كان علي أن أقف للملاحظة خمس ساعات متتالية ثلاث منها في مادة الرياضيات


و ساعتين في إحدى المواد الدينية ، ألم يكن ذلك مرهقًا ؟!


لكني قبلت !


كان من واجبي ملاحظة تعبير وجه كل طالبة ، و مساعدتها على اجتياز مشاكل الحياة ...


و قد لاحظت في عيني تلك الفتاة نظرة أسى ...


ناديتها ، داعبتها بألفاظ مرحة ، ثم تحدثت إليها ، فعرفت همها ...


و تابعتها ، وصلت إلى أسرتها و انتشلتها من مصيبة عظمى ...


قطع تلك الذكريات تردد أسماء طالبات كنت في يوم أستاذتهن :


منهن الطبيبة ، و أكثرهن معلمات أو مشرفات ، و من بينهن من حصلن على شهادة الدكتوراة


فأصبحن أستاذات في الجامعات ...


يــــــــــا لسعادتي ..


إنهن ثمار غرسي ...


أتراني قد كنت حقًّا شمعة ؟




--------------------