صندوق النقد العربي.. الطموح لا يكفي!!

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : صاعقة 1 | المصدر : www.startimes2.com

 

صندوق النقد العربي.. الطموح لا يكفي!!

مغاوري شلبي




يعتبر صندوق النقد العربي من أهم مؤسسات العمل العربي المشترك، والذي أنشئ في ظروف ومناخ من القيم والمبادئ الأصيلة؛ ليكون من أهم وسائل الدعم لمسيرة التعاون الاقتصادي بصفة عامة وفي المجال النقدي بصفة خاصة، وقد كان – ولا يزال - الأمل معقودًا عليه؛ لينهض بمسيرة التعاون العربي وحل المشاكل التي تصادف الدول العربية في المجال المالي والنقدي، والسطور التالية تهدف إلي إلقاء مزيد من الضوء على هذا الصندوق من حيث النشأة والتطور، والدور المنوط به، وما يصادفه من تحديات، وأساليب التغلب عليها.




 
العربي نسخة من الدولي

إذا كان صندوق النقد الدولي في واشنطن هو المسئول عن النظام النقدي العالمي ويشرف عليه ويراقبه ويسعى إلي التخلص من القيود النقدية بين الدول بالتدريج؛ فإن صندوق النقد العربي هو المسئول عن الإشراف على الجانبين المالي والنقدي في اقتصاديات الدول العربية، وقد أنشئ صندوق النقد العربي على غرار صندوق النقد الدولي؛ ليكون بمثابة مؤسسة نقدية إقليمية تهتم بالشئون النقدية والمالية لدول المنطقة العربية، ويتخذ الصندوق من مدينة "أبو ظبي" مقرًّا له.

تضمنت اتفاقية إنشاء صندوق النقد العربي المبرمة في مدينة الرباط في 27 إبريل 1976 تحديداً واضحاً للأغراض التى يسعى الصندوق للمساهمة في تحقيقها، وتتمثل هذه الأغراض في ثلاثة مجموعات رئيسية هي:

ـ مساندة الدول العربية مالياً وفنياً في تصحيح الاختلالات الاقتصادية.

ـ بلورة السياسات وأساليب التعاون والتنسيق في المجالين المالي والنقدي على المستويات الوطنية والإقليمية العربية والدولية، وتهيئة الظروف لإنجاز التكامل النقدي بين الدول العربية.

ـ تعزيز وتنمية حركة المبادلات التجارية، وانتقال رؤوس الأموال بين الدول العربية.

ولتحقيق الصندوق لهذه الأغراض تم تحديد الوسائل التى يمكن للصندوق استخدامها في هذه المجالات وهي:

ـ تقديم المعونات الفنية للأجهزة النقدية والمصرفية في الدول العربية.

ـ تنسيق السياسات النقدية للدول الأعضاء، وتطوير التعاون بين السلطات النقدية.

ـ القيام بالدراسات اللازمة لتحقيق الأهداف العامة للصندوق.

قام الصندوق بإنشاء معهد للسياسات الاقتصادية في عام 1988 على غرار معهد السياسات الاقتصادية لصندوق النقد الدولي؛ وذلك ليكون هذا المعهد وسيلة فعالة للمساهمة في تحقيق أغراض الصندوق، ويركز هذا المعهد في عمله على الآتي:

ـ تطوير وتعزيز قدرة الكوادر الفنية العربية المشاركة في دراسة ورسم ومتابعة تنفيذ السياسات من خلال الدورات التدريبية المتخصصة.

ـ بلورة فكر اقتصادي عربي بإجراء البحوث التطبيقية في مجال السياسات الاقتصادية.

ـ تبادل الآراء حول موضوعات الساعة التى تهم صانعي السياسات من خلال الندوات والمؤتمرات
أنشطة متنوعة للصندوق

إلي جانب الدور الأساسي للصندوق، ومن أجل تنشيط التجارة بين الدول العربية، قام الصندوق بإنشاء برنامج عرف ببرنامج تمويل التجارة العربية، وذلك في عام 1989 من أجل دفع القطاع الخاص للمساهمة في تنشيط التجارة العربية البينية بتخصيص خطوط ائتمان لتمويل الصادرات في العديد من البنوك العربية بشروط معينة، وفى عام 2000 أعلن الرئيس التنفيذي لبرنامج تمويل التجارة العربية أنه تم تخصيص 20% من رأسمال البرنامج المدفوع والبالغ 500 مليون دولار لتمويل صادرات الدول العربية من البترول، بعد أن كانت قاصرة على الصادرات غير البترولية، كما تم مد نشاط البرنامج ليقوم بتمويل الصادرات العربية للعالم الخارجي، بعد أن كان التمويل قاصراً على الصادرات البينية العربية، وإلي جانب تمويل التجارة العربية قام الصندوق في عام 1997 بإنشاء أول مشروع في مجال تقييم الجدارة الائتمانية للمؤسسات المالية مثل الشركات والبنوك وغيرها، وهو ما يطلق عليه Rating Agency وذلك بالتعاون مع ثالث أكبر مؤسسة عالمية في هذا المجال، وهي مؤسسة "فتش إيبكا" وبدعم من مؤسسة التمويل الدولية IFC وهذا المشروع أطلق عليه "الشركة العربية لتقييم الملاءة الائتمانية".

وإلي جانب الدور الأساسي، فإن الصندوق يقوم بدور كبير في تكوين قاعدة بيانات عربية واسعة لجميع المؤشرات الاقتصادية، كبيانات موازين المدفوعات والموازنات العامة وأسعار الصرف والحسابات القومية والتجارة الخارجية والدين العام والسكان وغيرها.. وتعتبر هذه القاعدة من البيانات مرجعاً هاماً لكل متخذي القرار والباحثين الاقتصاديين في العالم العربي، ويقوم الصندوق بتوفير هذه البيانات لكل من يطلبها من المتخصصين في العالم العربي.

ورغم الطفرة الكبيرة التى شهدها نشاط الصندوق في السنوات القليلة الماضية، خاصة مع بداية تنفيذ الدول العربية لقرار إنشاء منطقة التجارة الحرة الكبرى، إلا أن الأمل ما زال معقوداً على الصندوق ليقوم بدور أوسع وأعمق في مجال دعم التعاون العربي خاصة في المجال النقدي.
__________________
انتقادات وأمل في دور أكبر

وكذلك هناك أمل في أن يتخلص الصندوق من بعض المشاكل والانتقادات التى يأخذها البعض عليه؛ لينهض بدور أكبر في العالم العربي وأهمها:

ـ اعتماد التعيينات بالصندوق على الاتصالات الشخصية والحكومية بين الدول الأعضاء، وبعيداً عن التخصص الفني والخبرة الإدارية، وهو ما ينعكس على أداء الصندوق ويؤثر على قدرته في تحقيق أهدافه.

ـ عدم الاهتمام بعلاج مشاكل التعاون الاقتصادي العربي بالدرجة الكافية في الوقت الذي يتحتم عليه أن يلعب دوراً أكبر في هذا المجال؛ لما لديه من رؤية أشمل من غيره.

ـ أهمية قيام الصندوق بإرشاد الدول العربية إلي الطريقة المثلى لتحقيق الوحدة النقدية العربية، ودعم سبل التوصل لها في ظل إعلان مجلس التعاون الخليجي عن اتخاذ خطوات لتوحيد العملة بين دول المجلس.

ـ أن يكون للصندوق دور أكبر في تحقيق استقرار سياسات سعر الصرف في الدول العربية.

ـ حاجة الصندوق إلي دعم كبير وإستراتيجية طويلة الأجل تنشط دوره كمؤسسة إقليمية نقدية، وأن يكون هناك تخطيط لتعاون نقدي، هدفه النهائي وحدة نقدية عربية على غرار الوحدة النقدية الأوروبية.

وفى ظل الانتقادات الموجهة إلي صندوق النقد والبنك الدوليين؛ فإن صندوق النقد العربي في حاجة إلي أن يطوع نتائج الدراسات والسياسات التى يعدها الصندوق والبنك الدوليين بالصورة التى تحقق مصالح الدول العربية وتتفق مع ظروفها، وأن يقدم للدول العربية المشورة والنصح في هذا المجال، وكذلك فإن صندوق النقد العربي في حاجة ماسة إلي أن يظهر نشاطه ويروج لأهدافه وطريقة عمله إعلامياً؛ لأنه إذا كان معظم المواطنين العرب لا يعرفون إلا القليل عن صندوق النقد والبنك الدوليين الموجودين في العاصمة الأمريكية واشنطن؛ فإنهم لا يعرفون إلا أقل القليل عن صندوق النقد العربي الموجود في "أبو ظبي".