صلاة التهجد

الناقل : heba | الكاتب الأصلى : ابن باز | المصدر : www.binbaz.org.sa

صلاة التهجد: متى تكون، وهل هي في أول الليل أو في آخره، وما الحكم إذا ما قرأ فيها الإنسان بسورة يس أو تبارك من المصحف الشريف حتى لا يخطئ في القراءة؟


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله, وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فالتهجد يبدأ من بعد صلاة العشاء إلى آخر الليل كله تهجد, والأفضل آخر الليل لمن تيسر له ذلك، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل) رواه مسلم في الصحيح، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: (صلاة داوود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، قال: (وهي أفضل الصلاة) وقال -عليه الصلاة والسلام-: (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له, حتى يضيء الفجر) متفق على صحته. هذا يدل على شرعية القيام آخر الليل وأنه أفضل، وأنه مظنة الاستجابة (يقول: من يدعوني فأستجيب له) وهكذا جوف الليل صلاة داوود والسدس الرابع والخامس كلها مظنة الإجابة، وكلها محل فضل للصلاة, والتهجد وذلك أفضل من أول الليل، لكن من كان يخشى أن لا يقوم من آخر الليل فإنه يشرع له الإيتار في أول الليل بعد صلاة العشاء قبل أن ينام، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة) هذا نزول يليق بالله، لا يكيف, لا يعلم كيفيته إلا هو-سبحانه وتعالى- يوصف -جل وعلا- بالنزول وبالاستواء على العرش والكلام والإرادة والمشيئة والسمع والبصر وغير هذا من الصفات الواردة في القرآن العظيم والسنة الصحيحة، يجب وصفه بها –سبحانه- على الوجه اللائق به -جل وعلا- من غير تشبيه له في خلقه كما قال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (11) سورة الشورى. وقال سبحانه: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (1-4) سورة الإخلاص. وقال سبحانه: فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ (74) سورة النحل. والله -جل وعلا- لا مثيل له ولا كفء له ولا شبيه له -سبحانه وتعالى- هو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، وهو ينزل نزولاً يليق بجلاله لا يعلم كيفيته إلا هو -سبحانه وتعالى- إلى السماء الدنيا آخر الليل، في الثلث الأخير، يقول- جل وعلا-: (من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له) فنوصي باغتنام هذا الخير العظيم، ومن تيسر له القيام آخر الليل فهو أفضل ومن لم يتيسر له ذلك فليوتر أو الليل، وأقل ذلك ركعةٌ واحدة يوتر بها أول الليل، أو في آخره وكلما زاد فهو أفضل، يسلم من كل ثنتين لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صلاة الليل مثنى مثنى -يعني ثنتين ثنتين- فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة, توتر له ما قد صلى) يعني المتهجد بالليل يصلي ثنتين ثنيتن، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة يقرأ فيها الحمد وقل هو الله أحد هذا هو السنة، وأفضل ذلك إحدى عشرة أو ثلاثة عشرة؛ لأن هذا هو وتر النبي -صلى الله عليه وسلم- في الغالب, كان وتره في الغالب إحدى عشرة أو ثلاثة عشرة -عليه الصلاة والسلام- ومن زاد وأوتر بأكثر من هذا فليس له حدٌ محدود، ولو أوتر بستين أو خمسين أو مائة ركعة يسلم من كل ثنتين فلا بأس ويوتر بواحدة، لكن كونه يوتر بإحدى عشرة أو ثلاثة عشرة هذا هو الأفضل وإن أوتر بثلاث أو بخمس أو بسبع أو بتسع, كله طيب، لكن السنة أن يسلم من كل ثنتين فإن سرد ثلاثاً وأوتر بها أو خمساً وأوتر بها سرداً لم يجلس فيها إلا في الآخر فلا بأس قد ثبت هذا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض الأحيان -عليه الصلاة والسلام- وهكذا لو سرد سبعاً ولم يجلس إلا في آخرها، فلا بأس وإن جلس في السادسة وأتى بالتشهد الأول ثم قام وأتى بالسابعة كذلك، هذا ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ثبت هذا وهذا عنه -عليه الصلاة والسلام- سرد السبع في بعض الأحيان وفي بعض الأحيان جلس في السادسة وتشهد ثم قام قبل أن يسلم وأتى بالسابعة، وهكذا سرد تسعاً جلس في الثامنة في التشهد الأول، تشهد التشهد الأول ثم قام وأتى بالتاسعة، ولكن الأفضل هو ما كان يغلب عليه -عليه الصلاة والسلام وهو أنه يسلم من كل ثنتين هذا هو الأفضل، وهو موافق لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (صلاة الليل مثنى مثنى) يعني ثنتين, ثنتين يسلم من كل ثنتين، وفق الله الجميع. جزاكم الله خيراً.