لوحة

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : وصال سمير | المصدر : www.awu-dam.org

 

الورود موزعة في كل مكان، في عش الزوجية الصغير، وقد وقف الشابان متقابلين وسط ضوع الزهور.‏

حملت الصبية الحلوة شمعة طويلة بيدها اليمنى، ومشعلاً في يدها اليسرى.

فوقها انتصبت خيمة ملونة، هي كالستر..‏

باعدت الفتاة قليلاً ما بين ساقيها وكأنها تتحفز لانطلاقة جديدة، رسمت هدفاً لها على الدريئة الحياتية.‏

وقف الشابان من جديد متعانقين على صخرة مرتفعة.. أما الدب الواقف أمامهما فقد بدا ساكناً وهادئاً.. وكأنه خضع لإرادتهما..‏

مد يده اليمنى ليسلم عليهما.. وقد ارتدى بذلة غامقة.. تسلقت الفتاة ظهر الدب.. واستقرت على مساحة ظهره المتسقة.. ثم صعد الشاب أيضاً..‏

في السماء كانت تحلق سلحفاة.. وقد برز رأسها الصغير خارج بيتها الغضروفي.‏

في طريق الشابين، أطل خفاش صغير.. ظل الشابان متعانقين وأمامهما شارة النصر.‏

امتدت الأيدي المتعانقة تحمل مشاعل، أضاءت طريق الحبيبين، وقف شيخ وقور وباركهما.‏

الخبر، انتشر مثل الإشاعة.. ووصل إلى الأمكنة البعيدة، والحفل، ابتدأ بالرقص الجماعي.‏

أما الفتاة، فقد رقصت وحيدة، فتهادت بثوبها الأبيض المفوف بقماش الدانتيل..‏

تسامقت، وهي ترقص.. ومدّت ذراعيها كجناحي طائر أبيض.. أحاطتها الأسئلة.. وغنت فيها السعادة...‏

فتيات جميلات، افترشن الأرض، يتأملن بهاء العروس.. عجوز تكورت على نفسها وانطوت وقد أحنت رأسها.. وكأنها تعود بذاكرتها إلى الماضي البعيد. كانت كئيبة وبائسة وغريبة في حفل بهيج، يفيض بعبق الشباب..‏

التف الشابان وراحا في بوح طويل.. التحما.. وكأنهما نسيا عالم الأرقام.. وتجاهلا كل من كان في الصالة الدافئة.‏

فتاة رقيقة انزوت في ركن قصي.. لم تشارك في الفرح، ولم تظهر الغضب.. غرقت في حال من انعدام الوزن..‏

هرب شاب وفتاة إلى الشرفة.. حيث سرق منها الشاب قبلة خاطفة.. عادت وهي تحلم بأكثر من قبلة.‏

نمت زهرات "التوليب" في حديقة البيت.. وأطلت برؤوسها الملونة.‏

غرق البيت بالضياء..‏

رحل الشاب إلى البعيد.. وجلست الصبية الحالمة، تسترجع ذكرياتها، وترحل إلى المحيطات البعيدة، إلى حيث رحل الحبيب.‏

في الشرفة جلست، وقد أحست بالبرد يلفح وجهها.. فغطت ظهرها بعباءة مخملية جميلة.‏

جلست بين جماعة من الصديقات. وكانت أحلاهن. وأكثرهن وفاء . فازداد جمالها.‏

عبثن، فلم تعبث معهن، وتحدثن، ولم تنطق إلا بكلمات قليلة. الأرقام ، خرجت من أفواههن .. وتماهت في ألسنتهم..‏

وظلت صامتة، تحلم برجوع حبيبها.. وقد غرقت بالنغم.. خرجن يملؤهن الفقر الروحي، ويشرنقهن عبء المادة.. وبقيت هي غنية.. غنية جداً.‏

وحين عاد الحبيب بعد غياب طويل .. فقد ازداد شموخاً وانتصبت قامته حين وقف منتصراً قبالة حبيبته المشتاقة.. بكت العاشقة بحرقة.. فنبت الشوق في صدره.‏

وتنامى فصار شجرة باسقة‏