وصاحبهما في الدنيا معروفا

الناقل : heba | الكاتب الأصلى : ابن باز | المصدر : www.binbaz.org.sa

لي والدٍ يشرب الخمر والعياذ بالله، ولقد تحدثت معه عدة مرات، وشرحت له بأن الدين يحرم ذلك، هذا بالإضافة إلى الأضرار المادية والمعنوية التي تلحق بنا، ولكن والدي لم يترك شرب الخمر، حتى دخلت معه في جدالٍ مرير وهجرني وأمرني بالخروج عن منزله، وعلى هذا تركت المنزل، أفيدوني.. هل في عملي هذا مع والدي ما يخالف الدين الإسلامي؟


 

النصيحة لوالدك حق, ومن أولى الناس بنصيحتك, ومن أولى الناس بإحسانك في دينه ودنياه, ولكن ليس لك العنف والشدة حتى ولو كان كافراً فكيف بمسلم يتعاطى بعض المعاصي, فالواجب عليك أن تصبر على ما تلقى من سوء خلقه, وأن تستمر في نصيحته, وأن تصله بالإحسان بالمال والمعروف إن كنت قادراً وهو ذو حاجة, وأن تدعو الله له بالليل والنهار, والسر والجهار, بالهداية والتوفيق حتى يترك ما هو عليه من تعاطي الخمر, ولا تنزع يداً من طاعتك, ولا من الاتصال به, بل أحسن إليه واتصل به ولو هجرك, وتحبب إليه بالكلام الطيب والأسلوب الحسن لعل الله يهديه بك, أما سمعت الله يقول-سبحانه وتعالى-: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ *وَإِنْ جَاهَدَاكَ(يعني الوالدان الكافران) عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (لقمان:15) فأمر بأن يصاحبه في الدنيا معروفاً مع أنهما يجاهدان ولدهما على الشرك, ومع هذا يؤمر بالإحسان إليهما, وشكرهما, والصبر على ذلك, ويتبع سبيل الحق، هذا هو الواجب عليك مع الوالدين المشركين, ومع العاصيين من باب أولى, فاتقي الله يا أخي وأرجع إلى الإحسان إلى والدك, وانصح له وتحمل ما قد يقول لك من الكلام السيئ, وادعوا الله له بالهداية صادقاً في سجودك وفي غير هذا من أحوالك لعل الله يهديه بأسبابك, وأحسن إليه بالمال إن كان فقيراً وأنت تقدر, وهذا كله فيه خير لك ومما يرضي الله عنك-سبحانه وتعالى-، والوالد ليس مثل الناس الآخرين لا, بل له شأن آخر فاتقي الله في والدك وأحسن إليه وارجع إلى مناصحته والاستمرار في المشورة عليه لكن بالأسلوب الحسن ، لا بالعنف, ولا بالشدة، بل يا والدي هداك الله ، يا والدي هذا أمر خطير, يا والدي هذا حرمه الله ، يا والدي هذا فيه مضرة كذا وكذا في الأوقات المناسبة, في الأوقات التي تراه الأكثر قبولاً لنصيحتك, ثم استعن بالله على ذلك, واسأله أن يهديه, وأن يعينك عليه, وأن يشرح صدره للحق, وهكذا تستعين بمن له قدرة على مساعدتك من أقاربك, ومن أصدقاء والدك يأتون إليه, وينصحونه بالأساليب الحسنة, ويساعدونك في هذا الخير العظيم، هذا هو الذي أنصحك به وأسأل الله لك ولوالد الهداية والتوفيق.