صلاة وصيام العاق لوالديه

الناقل : heba | الكاتب الأصلى : ابن باز | المصدر : www.binbaz.org.sa

الذي يكون عاقاً لوالديه هل تقبل منه صلاته وصومه وصدقته، وبماذا تنصحون الناس؟ جزاكم الله خيراً.


 

عقوق الوالدين من كبائر الذنوب، ومن المحرمات العظيمة، فالواجب الحذر منه، وقد ثبت عن رسول الله –عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات). وقال -عليه الصلاة والسلام-: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله؟ قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين. وكان متكئاً فجلس وقال: ألا وقول الزور. ألا وشهادة الزور). متفق على صحته. والله يقول في كتابه الكريم -سبحانه وتعالى-: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ يعني أمر أن لا تعبدوا إلا إياه وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا* إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا(23-24) سورة الإسراء. ويقول سبحانه في سورة لقمان: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) سورة لقمان. فالواجب على الولد أن يشكر والديه وأن يحسن إليهما وأن يبرهما، وأن يطيعهما في المعروف، ويحرم عليه عقوقهما، لا بالكلام ولا بالفعل، فليس له أن يرفع صوته عليهما، وليس له ضربهما، وليس له عدم النفقة عليهما مع الحاجة إلى ذلك، وليس له عصيانهما بالمعروف، بل يجب عليه طاعتهما بالمعروف وبرهما وخفض الصوت إذا خاطبهما، والتأدب معهما في كل شيء، لكن لا يطيعهما في معصية، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الطاعة في المعروف. لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق). فلو أمراه أن يزني أو يشرب الخمر أو لا يصلي في جماعة لا يطيعهما، لكن يطيعهما في المعروف. يبرهما في المعروف، يحسن إليهما، يخاطبهما بالتي هي أحسن، ينفق عليهما إذا احتاجا إلى ذلك، هكذا المؤمن مع والديه، حقهما عظيم، وبرهما من أهم الواجبات، لكن ليس عقوقهما مبطل للصلاة ولا للصوم ولا للأعمال الصالحات، ولكن صاحبه على خطر من هذه الكبيرة العظيمة، وإنما تبطل الأعمال بالشرك، قال تعالى: وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (88) سورة الأنعام. أما بالعقوق أو قطيعة الرحم أو المعاصي الأخرى فإنها لا تبطل الأعمال، وإنما يبطلها الشرك الأكبر، وكذلك رفع الصوت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخشى من بطلان العمل، في حياته -صلى الله عليه وسلم- كما قال الله -عز وجل-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) سورة الحجرات. يعني لئلا تحبط أعمالكم فهذا يفيد أنه يخشى على من رفع صوته على النبي -صلى الله عليه وسلم- وجهر له بالقول أن يحبط عمله، وهذا وعيد عظيم، ولهذا كان الصحابة يتأدبون مع الرسول -صلى الله وسلم- ويتكلمون معه كلاماً خفيفاً ليناً مخفوضاً تأدباً معه -عليه الصلاة والسلام- فالمقصود أن الواجب على المؤمن أن يبر والديه وأن لا يعقهما، وأن يحسن إليهما في حياتهما وبعد وفاتهما، ويحرم عليه عقوقهما بالكلام السيء, أو السب أو الضرب أو أي إساءةٍ لهما، أو رفع الصوت عليهما، أو عدم طاعتهما في المعروف، كل هذا من العقوق.