جَمْعُ اسمِ عَلَمٍ يجب إفراده

الناقل : heba | الكاتب الأصلى : د / عبد العظيم المطعني | المصدر : www.dar-alifta.org

الشبهة

منشأ هذه الشبهة :
هو قوله تعالى : ( وإن إلياس لمن المرسلين  *  إذْ قال لقومه ألا تتقون  *  أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين  *  الله ربكم ورب آبائكم الأولين  *  فكذبوه فإنهم لمحضرون  *  إلا عباد الله المخلصين  *  وتركنا عليه فى الآخرين  *  سلام على إلياسين ) (1) .
موضع الشاهد على الشبهة عندهم هو "  إلياسين  "  ولكنهم - لسوء قصدهم - اتبعوا طريقة حذف مزرية فى هذه الآيات ، وكان يكفيهم بدل هذه الحذوفات أن يقتصروا على " إلياسين " وحدها ، وقد يكون الداعى إلى ذكر ما ذكروا هو أن يقولوا إن القرآن تحدث عن " إلياس " والضمائر العائدة عليه حديث المفرد ، ثم عاد فجمع  "  إلياس  "  وهو علم مفرد ، جمع المذكر السالم المجرور بـ  "  الياء  "  ،  هكذا  "  إلياسين  "  ، ثم علقوا على هذا الذى فهموه بقولهم :
"  فلماذا قال  "  إلياسين  "  بالجمع عن  "  إلياس  "  المفرد  ؟  فمن الخطأ لغويّا تغيير اسم العَلم حبّا فى السجع المتكلف .
وجاء فى سورة  "  التين " ( والتين والزيتون  *  وطور سينين  *  وهذا البلد الأمين ) (2)) .
فلماذا قال سينين بالجمع عن سيناء  ؟  فمن الخطأ لغوياً تغيير اسم العَلَمَ حباً فى السجع المتكلف  "  ؟
هذا قولهم ، ذكرناه بالحرف الواحد .  وكما يرى القارئ الكريم أن هذه الشبهة شبهتان : إحداهما فى "  إلياسين  "  ،  والثانية فى  "  سينين  "  وإن كان المقصود لهم من الشبهتين واحداً .
 

 
الرد عليها
أ. د / عبد العظيم المطعني

    عرض المفسرون واللغويون عدة توجيهات لمجىء إلياس على إلياسين  ،  فالإمام الزمخشرى قال مرة إن زيادة الياء والنون ربما كان له معنى فى اللغة السريانية  ،  وقال مرة إن إلياسين لغة فى إلياس ، كما أن إدريسين لغة فى إدريس ، وعلى هذا فإن " إلياسين " ليس جمعاً .  وإذا كان جمعاً فإن المراد إلياس مضموماً إليه من آمن به من قومه ، كما قالوا الخبيبون والمهلبون ، فى الخبيب والمهلب أى تسمية الاتباع اسم المتبوع  (3) .
ويقوى هذا قراءة نافع وابن عامر وعلى : آل ياسين ، وياسين ، وأن  "  ياسين  " هو أبو  "  إيليا  "  واحد  (4)  من أنبياء بنى إسرائيل .
ويرى هذا الرأى آخرون غير من تقدم ذكرهم  (5) .
ويرى باحث حديث أن  "  إلياس  "  هو  "  إيليا  "  أحد أنبياء بنى إسرائيل  ،  المذكور فى سفر الملوك الأول بهذا الاسم  "  إيليا  "  (6) .
وأن أصله فى اللغة العبرية  "  إلياهو  "   أى  "  إيل  +  ى  +  ياهو :
أى إيلى ياهو ، أو يهو .  ومعناه : الله إلهى أو الله ربى .
وأن مجيئه فى القرآن مرتين  ( إلياس )  فى حالة المنع من الصرف للعلمية والعجمة .  أما فى سورة الصافات فكان مجيئه مصروفاً هكذا "  إلياسين  "  ،  وأن علامة صرفه هى  "  التنوين "  أما  "  الياء  "  فتولد عن إشباع الكسرة تحت  "  السين  "  أى أن أصله فى حالة الصرف  "  إلياسن  "  فلما أشبعت الكسرة صار  "  إلياسين  "  وأن المقتضى لصرفه هنا هو رؤوس الآى .
هذا فيما يختص بالشبهة الأولى .  أما الشبهة الثانية وهى  "  طور سينين  "  فالرد عليها فى الآتى :
ليست " سينين " جمعاً كما توهم مثيرو هذه الشبهات ، الذين يقفون عند ظواهر الكلمات فإن وجدوا فيها ما يشبع رغبتهم فى التشفى من القرآن والتحامل عليه ملأوا الدنيا ضجيجاً  ،  وإن لم يجدوا ملأت قلوبهم الحسرة  ،  ورجعوا خائبين . .  نعم ليست  "  سينين  "  جمعاً كما زعموا  ،  بل هى لغة فى  " سيناء " بكسر السين ، كما أن  "  سَيناء  "  بفتح السين لغة فيها .  وبهاتين اللغتين :  سِيناء  ،  بالكسر  ،  وسَيناء بالفتح وردت القراءات ،  فهى إذن فى القرآن لها ثلاثة لغات :
- سِيناء بكسر السين .
- سَيناء بفتح السين .
- وسِينين ، بكسر السين وياءين ونونين .
كما أن البلد الحرام لها فى القرآن عدة أسماء :
-  مكــــة .
 - بكــــة .
 - أم القــرى .
 - البلد الأمين . 
 
 

 

الهوامش:
----------------------------
(1) الصافات: 123- 130 .
(2) التين: 1-3 .
(3) الكشاف (3/352) .
(4) الدر المصون (9/328) .
(5) معانى القرآن للفراء (2/391) وعلل القراءات (579) .
(6) الإصحاح (16) الفقرات (31-33) .
(7) انظر : من إعجاز القرآن ، العلم الأعجمى مفسراً بالقرآن ( 2 / 167 ) للأستاذ رؤوف سعد .