الاستثمار بالابتسامة والكلمة الطيبة!!

الناقل : elmasry | المصدر : www.bab.com

الفكر الدارج والفلسفة المقبولة والمقنعة في عالم المال والأعمال هو أن كل إنسان يعمل ليكسب المال، أي أن سبب العمل والنجاح فيه هو البحث عن المال والإكثار منه.
هذا المفهوم تعرض لدراسة من أحد رجالات الفكر الاقتصادي هو السيد كولن بارو، ونشره في كتابه الذي أسماه كيف تتحاشى فشل التجارة الإلكترونية.
وفي هذا الكتاب يجد القاري نتائج الدراسة التي تقول إن المال ليس الدافع الوحيد للعمل. بل وجد هذا الكاتب أن المال يكون السبب الثالث للعمل، بعد العامل الأول وهو تحقيق النجاح والعامل الثاني هو التقدير.

المال مطلوب:
إن الاحتياج للمال عنصر هام، ولن يبقى الموظف الذي يعمل بدون أجر، فالمال يحتاجه كل إنسان لتغطية مصاريف حياته، فإن لم يكن هناك عائد مالي من جراء عمله فإنه لا يستمر في العمل إن لم يكن له مورد آخر يحصل على المال منه.
وهذه الدراسة تقول إن المال أمر مطلوب، ولكنه ليس هو العامل المهم الذي يبقي على الكفاءات العالية، فالكثير من أصحاب الأفكار يتركون أعمالا تقدم مبالغ كبيرة لهم، ولكنها لا تقدم لهم الرضى النفسي الذي يبحثون عنه وهو النجاح في العمل.
وشعور الموظف أو العامل بأنه ناجح وراض عن عمله ومرضي أيضا عن عمله من قبل الإدارة أو من هم أعلى منه يعتبر نوعا من الإشباع النفسي الذي لا يعادله الإشباع المادي.

الإشباع النفسي:
ويقول الكتاب إن الإنسان الناجح يطلب الإحساس والشعور بنجاحه، ويطلب أيضا الاعتراف بتفوقه في عمله باعتراف الآخرين له، وهذا يعطيه الرضى النفسي الكبير الذي لا يعادله الكثير من المال، ولعل هذا ما يفسر صراع الممثلين ورجال الفكر والأدب للحصول على الجوائز التقديرية أكثر من حرصهم على نجاح أعمالهم ذاتها.
فالكثير من الكتاب والأدباء يشعر أن حصوله على جائزة تقديرية لعمله أكثر قيمة في نفسه من نجاح بيع كتابه وطباعته مرات عديدة.
ومن المعروف أن النجاح والتقدير يجلبان المال إليهما، فالإنسان الناجح في عمله يجد أن حصوله على المال أمر ميسر في كثير من الأحوال، بعكس المال الذي لا يحقق النجاح ولا يعطي التقدير لصاحبه أو مالكه في أكثر الأحيان. بل قد يكون لعنة عليه.

التقدير:
يقوم بعض العاملين بمجهودات كبيرة مقارنة بما يقوم به زملاؤهم من أعمال، فهناك من يتفانى في عمله، ويعتبر أن العمل الذي يقوم به ليس بمقابل المال الذي يدفع له، بل لأن فيه إرضاء وإشباعا لرغبته في الخدمة والولاء لهذا العمل أو لهذه الفكرة أو لصاحب العمل.
لذا فإن حصول هذا الشخص على التقدير وعلى الاعتراف بمجهوداته، هو المكافأة التي يبحث عنها.
وتقول الدراسة إن عدم الحصول عليها أو إنكارها أو استحقارها، أو عدم الاعتراف بها، هو ما يدفع الإنسان إلى تغيير العمل، حتى ولو كان متشبعا بالرضى والقناعة المالية.

أحذر من يعمل من أجل المال فقط:
إن المال هو المكافأة المطلوبة لإنجاز الأعمال، ولكن ليس بالمال فقط تنجز الأعمال، فالمال هو عامل مساعد ومشجع وجاذب للقوى العاملة والعقول المفكرة.
ويجب أن يكون هناك دوافع أخرى بجانب تحقيق المال، فالمدرس يجب أن يشعر بأنه يؤدي رسالة تعليم للصغار أو لمن يبحث عنها، والطبيب يجب أن يشعر بأنه يسعى لإنقاذ المريض كإنسان يتألم وليس كإنسان قادر على الدفع، والنجار الذي يصنع الأبواب يجب أن يشعر بأنه يقدم تحفة هندسية وفنية في كل ما يعمله.
عندما يفتقد هؤلاء العاملون شعور الولاء للمهنة أو للعمل، فانهم لا يخلصون في العمل، ولا يقدمون عملهم على الوجه الأكمل، ولعل هذا ما يلاحظ على موظفي الدول في العالم الثالث، إذ أن العامل أو الموظف لا يهمه خدمة الناس، أو تقديم الخدمة، بل إن الذي يهمه هو مبلغ المال الذي يحصل عليه في نهاية كل شهر أو كل أسبوعين. لذا فلا يهمه أمر الأعمال المتعطلة، ولا يهمه الشكاوى التي يسمعها عن عمله، لأنه يعمل من أجل المال وهو يحصل عليه، فلا يعنيه العمل ذاته.

الاستثمار المجاني:
لذا فإن رب العمل يستطيع استثمار هذه المشاعر الموجودة في النفس البشرية، وينميها بما يتناسب مع العمل وبما يحقق له النجاح.
وهذا أمر ممكن حسبما ورد في هذا الكتاب، فهو يقول إن كثيرا من العاملين يمكنهم تحقيق النجاح الكبير لو أعطوا الفرصة بتركهم يعملون بدون تلك الرقابة اللصيقة التي تفقدهم القدرة على التصرف الحر. ويقول الكاتب إن وجود المدير خلف ظهر الموظف بحثا عن خطأ أو حرصا على العمل، هو ما يقتل النجاح.
ويحدث العكس عندما يسمح للفرد بإظهار فرديته وشخصيته، فإنه هنا يرغب في إثبات إمكانية النجاح، وعندما يتحقق ذلك يزداد شعور الموظف أو العامل بالرضى عن نفسه وعن العمل، ويطلب المزيد، لأن للنجاح طعما لذيذا يتمنى تحقيقه جميع العاملين.
ويزيد في لمعان النجاح التقدير المرافق له، وهنا يتنازل ويتغاضى العامل أو الموظف عن المكافأة المالية لأنه يشعر أن ما يحصل عليه هو مكافأة لا تعادلها أي مكافأة مالية، ويعلم أن نجاحه هذا هو ما سيؤدي إلى تحسين وضعه المالي وزيادته، فالنجاح يجلب المال، وليس العكس، كما يقول صاحب الكتاب.
***