التراث الإسلامى والنظريات الحاكمة له

الناقل : heba | المصدر : www.dar-alifta.org.eg

ما هى النظريات الحاكمة للتراث الإسلامى والتى تساعد على الفهم الصحيح له ؟
والجواب : 
    فى النص التراثى الذي ذكرناه فى موضوع (التراث الإسلامى - مداخل منهجية ومحاولة تطبيقية) والذى يتناول قضية البيع، والبيع نوع من أنواع العقود، فإن ذلك يحتم علينا أن نتعرض لنظرية "العقد" عند الفقهاء, وإلى جانبها نظرية "المال", ونظرية "المِلك"، وهذه النظريات بدورها تستتبع لفهمها نظرياتٍ أخرى، كنظرية "الذمة"، ونظرية "الأهلية"، ونظرية "النيابة". وإن لم تسمح المساحة المتاحة لتناول كل تلك النظريات، إلا أن هذا الهيكل في التحليل قد يعطي المثال الذي يُحتذى بمثله في محاولات فهم النص التراثي أيًا كان. 
    وسنركز في شرحنا على نظرية العقد مع التعرض لشيء من هذه النظريات.
    وبدايةً، فإن كلمة "نظرية" كلمة دخلت إلى استعمال المسلمين حديثًا؛ وذلك بعد أن تعرض المسلمون للفكر الغربي، وذلك أن هذا المفهوم نشأ في الغرب ليقيم معيارًا آخر للسلوك الإنساني بعدما نفوا مسألة الوحي؛ حيث اصطدمت الكنيسة بالفكر حتى أخرجها هذا الفكر عن دورها كمعيار للتقويم، فلم تعد هي (أي الكنيسة) المرجع الذي يقوِّم به الناس أفكارهم. وهنا كان مفهوم "النظرية" -كمقوم للأفكار والسلوك- نتاج خبرة غربية للخروج عن سلطان الوحي.
    ولكن الفقهاء المسلمين المحْدثين عندما استعملوها –أي كلمة النظرية- في مؤلفاتهم، فإنهم لم يستعملوها بهذا المعنى المحمَّل بالقيم الغربية، ولكنهم استعملوها على غرار استعمال الفقهاء الأوّلين لـ"القواعد الفقهية". لكن –من ناحية أخرى- نجد أن مفهوم "النظرية" يختلف عن مفهوم "القواعد"، فالأولى أكثر عمومية من الثانية. "القواعد الفقهية" تقول مثلًا: إن الأمور بمقاصدها, والضرر يزال, واليقين لا يُرفع بالشك..، إلى آخره. أما النظرية -كنظرية "العقد"- فقد أخذت مساحات كبيرة من الفقه الإسلامي مثل البيع والشراء, الربا, السَّلم, الهبة, الوكالة, الزواج.. وهكذا, ومن تلك المساحات تم استنباط وإقرار أمور كلية. هذه الأمور الكلية هي التي أُطلق عليها مفهوم "النظرية". ومن هنا، وبعد مناقشات كثيرة جرت بين أئمة الفقه وباحثيه المحدثين حول استخدام مفهوم النظرية، وقع القبول باستعمال هذا المفهوم بهذا المعنى.
    العقد: ما هو العقد؟ الرؤية الكلية تتناول تعريف العقد، وهو -في أبسط معانيه- اتفاق بين إرادتين, بمعنى توافر إرادة ورغبة لدى كل طرف, وإذا توافقت والتقت الإرادتان على شيء معين, فإن هذا التوافق هو الذي يسمى بـ"العقد". ولكن الإرادة تعد أمرًا باطنيًا أي لا يمكن أن نشاهدها, كما أنها مضطربة يصعب قياسها؛ ومن ثم لا يمكن لأحد أن يشهد عليها، فالشهادة لا تأتي إلا على الأمور الظاهرة المنضبطة. وكذلك الرضا –كالإرادة- خفي لا يمكن الاطلاع عليه، ومضطرب قد يجري على جانب ولا يجري على جوانب أخرى، بل قد تختلف درجته من وقت لآخر. وهكذا فلا انضباط ولا ظهور في البيع إلا لألفاظ وصيغ معبِّرة عن الأمر الذي يقع؛ كمثل "بعتك هذا الشيء".
    ومن ثم أصبح الركن الأهم لقضية العقد -بل الركن الوحيد في رأي الحنفية – هو الصيغة. ولكن العقد لدى الجمهور له أركان ثلاثة إجمالًا, ستة تفصيلًا، وهي: أولًا- العاقدان, ثانيًا- الصيغة (القبول والإيجاب), ثالثًا- محل العقد (النقود "الثمن"، والسلعة "المثمَّن"). هذه الثلاثة هي أركان العقد التي لا يقوم إلا بها. أما الحنفية فيرون أنه -حتى لو وُجد العاقدان ووُجد المحل- فلا ينعقد البيع إلا عندما تقوم الصيغة: "بعتك واشتريت". والجمهور يرون أن الخلاف لا يتعدى أن يكون خلافًا لفظيًا وليس حقيقيًا.
    هذه الصورة ثلاثية الأركان تصنع لدى الفقهاء نظرية للعقد، التي تشتمل على عدة مفاهيم وعدة أركان وعدة شروط.
    وفي الفقه الإسلامي يُطلق لفظ "العقد" بإطلاقيْن؛ إطلاق عام، وإطلاق خاص. الإطلاق العام يعم كل تصرُّف، سواء تم باسم شخص واحد أو شخصين، فرأوا في الطلاق عقدًا وعدُّوه من عقود الفسوخ أو الإسقاطات، وكذلك سموا تولية القاضي (أي أن يولى الحاكم قاضيًا) عقدًا، وصنفوه في قسم الإطلاقات، بل إن عزل القاضي عُدَّ لديهم عقدًا وضعوه في قسم التقيدات. والإطلاق الخاص الذي يتمثل في المعاوضات كعقود البيع والشراء. ومن ثم أصبحت أقسام العقود بذلك ستة، هي: عقود التبرعات مثل الوكالة, عقود المعاوضات, عقود تبدأ تبرعًا وتنتهي معاوضة مثل الكفالة والقرض, عقود الإسقاطات مثل الطلاق, عقود الإطلاقات مثل الوكالة ومثل تولية القاضي, عقود التقيدات مثل عزل الوكيل وعزل القاضي.
    وهكذا تبرز مفاهيم جديدة – لم نلحظها عند تناولنا للنص في بداية الأمر– كان لابد من توضيحها بشكل مستقل كمدخل وخلفية؛ حتى يمكن إدراك كافة أبعاد النص ومفاهيمه تمامًا. فعندما نقول إن أركان العقد ثلاثة إجمالًا، فإننا نواجه في نظرية العقد ما يطلق "شروط العقد". وهنا لابد من التمييز بين الأركان والشروط وبيان العلاقة بينهما؛ وكيف وردت هذه الأمور في صياغات الكاتبين المسلمين القدماء؟ إن ذلك سيبرز لنا الوشائج القائمة بين النظريات الحاكمة والتصورات الكلية التي تحدثنا عنها أعلاه؛ وكذلك يظهر لنا مستويات مختلفة من التحليل.
     فبدايةً، عرَّف الفقهاء الركن بأنه جزء الشيء الداخل في حقيقته المحققة لهويته. أما الحقيقة فهي ما يقوم في الذهن عن الشيء، وأما الهوية فهي ما يقوم عن الشيء في الخارج. ولقد رأينا في التصور الكلي كيف فرَّقوا بين القائم في الأذهان، والقائم العيان. وبالتالي فإِن أركان الصلاة هي أجزاؤها الداخلة في الصلاة؛ أي المحققة لحقيقتها وصورتها الذهنية؛ فهي تبدأ بالتكبير، فالقراءة، فالركوع, فالسجود..، وهذه الأجزاء محققه لحقيقتها ولصورتها الذهنية. أما في الواقع فإنني إذا أردت أن أُظهر "هوية"  الصلاة إلى الواقع فإنني أطبق ما تعلمته من أركان.
    أما الشرط فإنه مثل الركن لا يتم الشيء إلا به، إلا أنه خارج عن كنه الشيء. ومثال الشرط في الصلاة الوضوء, واستقبال القبلة، وستر العورة, ودخول الوقت. كل هذه الأشياء خارجة عن الصلاة كحقيقة؛ وهي شيء آخر غير عين الصلاة.
    أما في حالة العقد فأركانه لدى الحنفية واحدة هي الصياغة، ولدى الجمهور ثلاثة إجمالًا, ستة تفصيلًا. أما شروطه فيقسمها الكتاب -بحسب الجمهور- إلى ثلاثة:
الشرط الأول- العقل؛ فلما كان العقد يتطلب الإرادة، فإن الأخيرة تستتبع أن يكون صاحبها عاقلًا. ومن هنا فلقد طرحوا تعريفًا للعقل، وأجابوا عن: من هو العاقل؟ وما هي درجات العقل؟ وما علاقة هذا بالتصرف؟ وهكذا نجد أن فقهاءنا لا يتركون الأمور تسير جزافًا؛ فتراهم يتكلمون عن كل هذا فيما أسموه بالأهلية، ويفصّلون فيها للدرجة التي تشكل منها نظرية متكاملة مستقلة.
    قالوا: إن الأهلية تنقسم إلى قسمين: أهلية وجوب، وأهلية أداء. أما أهلية الوجوب فتنقسم إلى أهلية وجوب ناقصة، وأهلية وجوب تامة. أما الأولى (الناقصة) فتكون للجنين؛ فإذا ما وُلِد الجنين من بطن أمه وصار إنسانًا يتحرك واستهل صارخًا؛ أي ظهرت عليه علامات الحياة، فقد أصبح له أهلية وجوب كاملة. في حين أنه لا يستطيع -وهو في هذه الحالة طفلًا- أن يزاول الأداء، أو يزاول أي تصرف. وتساءل الفقهاء: إلى متى سيظل كذلك؟
    وجدوا أن الإنسان في الواقع يمر بمراحل ثلاث: فحتى السابعة من عمره يكون الإنسان صبيًا لا يميز بين الأشياء، ومن السابعة حتى البلوغ يكون صبيًا مميزًا، وبعد ذلك يكون بالغًا رشيدًا. وبناء على ذلك ميزوا أهلية الأداء أو -ثبوتها للإنسان- إلى ثلاثة أقسام وفقًا للمراحل العمرية للإنسان وقدراته على التمييز والتصرف كما أدركوها. فميزوه إلى إنسان عديم الأهلية، وناقص الأهلية، وكامل الأهلية. فيكون عديم الأهلية حتى السابعة، وناقص الأهلية من السابعة حتى البلوغ، وكامل الأهلية متى بلغ راشدًا. وهنا –في هذه المرحلة الأخيرة- يستطيع أن يتصرف في الأموال، وأن ينشئ لنفسه ما يشاء من العقود، وهذه هي خريطة الأهلية لديهم.
    ولكن ماذا لو تصرف عديم الأهلية فباع واشترى؟ هنا رأوا أن تصرفاته تقع باطلًا كائنًا ما كان، مثلما تقع تصرفات كامل الأهلية كاملة تامة. ولكنهم ميَّزوا التصرف إلى أنواع: أولًا- تصرف فيه نفع محض، وثانيًا- تصرف فيه ضرر محض، وثالثًا- تصرف يجمع بين الضرر والنفع. وفرقوا تصرفات الإنسان بحسب وقوعها وفقًا لحالته من أهلية الأداء، فقالوا: إن كامل الأهلية يفعل ما يشاء، من الضرر المحض مثل التبرع, أو المنفعة المحضة مثل قبول التبرع أو قبول الهبة، أو الذي يجمع بينهما (بين النفع والضرر) كالمعاوضة؛ فيبيع أحدهم شيئًا بخمسة جنيهات، وقد يرتفع سعره غدًا إلى عشرة أو عشرين فيكون نافعًا له اليوم، وضارًا له غدًا.
    ولو وقع أي منها من عديم الأهلية فهو باطل. أما لو صدر من ناقص الأهلية فهو موقوف؛ بمعنى أنه لو كان ضارًا ضررًا محضًا فيقع باطلًا، ولو كان نافعًا نفعًا محضًا فيقع صحيحًا، أما لو تصرف تصرفًا يجمع بينهما؛ فيظل موقوفًا إلى أن يوقعه الوصي عليه أو يبطله، وفقًا لما يراه من نفع لهذا المتصرف.
    هكذا تكون الأهلية، وهي الشرط الأول الذي يجب أن يتوفر في العاقد حتى يقع العقد صحيحًا؛ لأن الركن الأول هو العاقدان، ومن شروطه أن يكونا ذوَىْ أهلية كاملة، أو ناقصة في حالة النفع المحض.
الشرط الثاني: أن يكون العاقد صاحب تصرف وسلطان على محل العقد؛ أي أن يكون مالكًا له، أو نائبًا للمالك: إما بتوكيل فيكون وكيلًا، وإما بولاية طبيعية كأن يكون أباه، أو أن يكون وصيًا عليه كأن يعينه أبوه عليه قبل أن يموت، أو يعينه القاضي عندما يجد أن الولد سيضيع إذا لم يجد من يصرِّف شئونه. وهكذا فالوكيل والولي والوصي كل هؤلاء يتولون عن صاحب المِلك؛ لأنه عاجز عن الاضطلاع بالتصرف بنفسه؛ إما لأنه قد يكون صغيرًا أو يكون سفيهًا أو مجنونًا أو غير ذلك. لكن بالجملة هؤلاء الناس مع المالك أصحاب سلطة على التصرف في الشيء أو محل التعاقد.
    ومن هنا، إن لم يكن الإنسان من هؤلاء، فإنه لا يستطيع أن يتصرف في محل العقد، ولكن الأحناف أجازوا ما أسموه بـ"بيع الفضولي", والفضولي هو ذلك الشخص الذي لا يملك شيئًا أو سلطة على الشي إلا أنه تصرّف فيه. وقالوا إن بيع الفضولي هذا موقوف إلى أن يجيزه المالك أو لا يجيزه. فمثلًا لو أن واحدًا منا يسير بالسيارة مسرعًا فاصطدم ببقرة مثلًا ولم يجد صاحبها، ورأى أنها ستموت فرأى أن يبيعها حفاظًا عليها لأحد الجزارين على الطريق حفاظًا على قيمتها لصاحبها من أن تموت فتصبح ميتة لا قيمة لها, فإن بيعه هذا يكون موقوفًا على تصرف صاحبها: إما أن يجيزه فينفذ، أو لا يجيزه.
أما الركن الثاني -وهو المحل- فمن شروطه أن يكون طاهرًا، منتفعًا به، وألا يكون عليه موانع؛ فهم لا يجيزون بيع النجاسات، ولا يجيزون بيع ما لا نفع فيه شرعًا أو عُرفًا أيضًا؛ مثل الحشرات مثلًا كالصراصير، فلا يجيزون بيعها لعدم النفع. وكذلك ما لم تجر به العادة حتمًا، ولذلك لم يُجِز الفقهاء تأجير الشجر لنشر الملابس المغسولة عليه مثلًا، وذلك لأنه لم تجرِ العادة على ذلك، ولم يسمع الناس بها.
    كما لا ينبغي لهذا المحل أن يوجد مانع لبيعه، مثل منع بيع السلاح للكافر الحربي، أو منع بيع المصحف للكافر، ومثل بيع السلاح في وقت الفتنة كأن أكون في متجري وأجد شخصين يتشاجران ويجري أحدهما إليَّ طالبًا أن أبيعه سكينًا، هنا لا يجوز لي أن أبيعه السكين في ذلك الوقت. أو قد يكون المنع لعلة في السلعة كالمخدرات، أو قد تكون العلة لحقوق على البائع، أو صاحب المحل، مثل الرهن؛ فالرهن مانع من التصرف في المحل؛ حيث إنه يكون في هذه الحالة محملًا بالحقوق.
الركن الثالث: هو الصيغة ولها شروط؛ ومنها أن يتوافق الطرفان تماما؛ فمثلًا إذا قال البائع للمشتري: "بعتك ذلك بعشرة" وردَّ الآخر قائلًا: "اشتريتها بتسعة"، فإن التوافق هنا لم يقم، ولم يحدث الإيجاب والقبول، وكذلك لابد أن يقوم التطابق؛ أي أن يتطابق ما يريد البائع بيعه مع ما يريد المشتري شراءه. ولدى الشافعية لابد أن يكون المحل مرئيًا أو موصوفًا وصفًا تامًا.
    المهم أن النظرية معناها تحديد مفهوم الشيء، ثم أركانه، ثم أقسامه، ثم شروطه؛ أي الإحاطة بصورة كلية مرتبطة في عمقها بالتصورات الكلية، لكنها خاصة بما نعالجه، وهو الآن قضية العقد.
    وهنا تتضح صورة أخرى لكيف بنى المسلمون القدماء كتاباتهم في اتصال واعٍ وثيق بالفكر الغربي (الفلسفة اليونانية ساعتها)؛ لا يردونه مطلقًا ولا يقبلونه مطلقًا، ولا ينتقون منه انتقاءً عشوائيًا، بل يدرسونه ويهضمونه ثم يتقبلون منه ما يوافق الكتاب والسُّنَّة، ويردون ما يخالف ذلك.
    فأرسطو عندما تكلم عن العلل، (مثل المنضدة، ما هي علة وجودها؟) قال إن العلة أربعة: العلة التامة وهي التي تستوفي العلل الأربع، وهي التي يتم بها وجود الشيء. العلة الأولى هي العلة المادية؛ وهي في حالة المنضدة، الخشب. العلة الثانية هي ما أسماه العلة الصورية وهي في حالة المنضدة صورتها؛ لأن الخشب يمكن أن نصنع منه كرسيًا أو منضدة أو غير ذلك، ولكن الذي حدث أننا أعطيناه صورة المنضدة. أما العلة الثالثة التي أسماها "العلة الفاعلة" فهي صانع الشيء؛ أي النجَّار الذي صنع هذه المنضدة؛ لأنه من غير وجوده لم يكن ممكنا أن توجد هذه المنضدة. ثم أضاف إليها العلة الرابعة وأسماها "العلة الغائية"؛ وهي الغرض أو الغاية من صُنع هذه المنضدة. ولو لم توجد المادة والصورة والفاعل والغاية لم يظهر هذا الشي إلى الوجود.
    وإذا ما لاحظنا هذه العلل الأربع لوجدنا أن اثنتين منها داخل الشيء واثنتين خارجه (العلة المادية والعلة الصورية داخلتان في حقيقة الشيء؛ فالخشب من مكونات المنضدة وكذلك الصورة).. ومن هنا كان تأمل الفقهاء فيما هو داخل الشيء فسموه "أركانًا"، وما هو خارج الشيء فأسموه "شروطًا". فمن يطلع على التصورات الكلية يجد أنه قد بُني منها ومن خلالها وتفريعًا عليها أمور تتعلق بمثل هذا.  وبالتالي إذا توغلنا في التراث، فإننا سنفهم العبارات التي صيغت بها مؤلفاته فهمًا سهلًا يسيرًا متعمقًا، وذلك إذا ما ربطنا بين النظريات الحاكمة والتصورات الكلية.
    هذه النظرية التي يمكن أن نسميها بنظرية العقد، والتي معنا فرع من فروعها اليوم وهو البيع، تكملها نظرية المال. ذلك لأنَّ أحد أركان نظرية البيع هو "المحل"؛ ولأن المحل مكوَّن من ثمن ومثمَّن. وإذا كان المال عند الجمهور لابد أن يكون متوافرًا فيه شرطان هما الإباحة والانتفاع به، فكل ما حُرِّم في الشرع ليس بمالٍ، وكذلك ما لا يكون منتفعًا به.
    وهم في ذلك يميزون بين العين ومنفعة العين وحكم العين من الإباحة وعدم الإباحة؛ حيث توجد الأشياء أو الأعيان التي يسميها المتكلمون الجوهر، وتوجد المنافع أو ما يسمى بالعَرَض، ويوجد الحكم الشرعي لهذا. فالسيارة منفعتها الركوب، فيكون العين هو السيارة، والركوب منفعتها، وامتلاكها ومنفعتها، كل ذلك مباح.
    الحنفية اشترطوا شرطين في الشيء حتى يطلق عليه مالًا: الأول- أن يكون من الأعيان، والثاني التحول دون اشتراط الإباحة؛ سواء كان مباحًا أو غيرَ مباح، فشكلوا نظرية أخرى لقضية المال أخرجوا منها المنفعة. أما لدى الجمهور فيُعد مالًا كل ما له قيمة تُدفع أو تُبذل، واشترطوا أن يكون مباحًا. أي إن الجمهور اشترطوا الإباحة، والتحول أي الانتفاع، دون اشتراط التعيُّن.
    وهكذا نجدهم قد قسموا "المال" بمعايير مختلفة؛ فقسمه البعض إلى: عقار أو منقول ، ومِثلي أو قيمي، ومتقوّم أو غير متقوّم. وهكذا رسموا خريطة للمال لابد من إدراكها حتى نفهم عباراتهم بعمق. هذه الخريطة هي ما يمكن أن يُطلق عليه "نظرية المال".
    بدأوا بتقسيم المال إلى المثلي والقيمي، وقال الفقهاء إننا عندما تأملنا الأموال وجدنا أن بعضها نمطي متجانس تشبه وحداته (لنفس السلعة) بعضها بعضًا، كحال الإنتاج الراهن من السلع، الذي أصبح نمطيًا، ينتج المصنع منتجًا معينًا بعلامة تجارية معينة ورقم معين، ويستطيع المستهلك أن يحصل على وحدة من نفس المنتَج الذي حصل عليه مستهلك آخر من السوق. هذا المنتَج يُسمي بالمال المثلي، فالمال المثلي هو ما كان له مِثل. أما المال القيمي فهو ما لا مِثل له، فلا أستطيع مثلا أن أحصل من السوق على سلعة تم تصنيعها لمستهلك معين وفقا لمواصفاته التي حددها هو. ولهذا يُرجع في تقويم المال المثل إلى المماثلة أو المقارنة، أما المال القيمي فالمرجع في تقويمه يعود إلى قيمته.
    ورأوا أن المثلي يمكن أن تجري عليه عملية الإقراض، أما القيمي فلا يمكن أن تقوم عليه هذه العملية. وذلك لأن المثلي يثبت في الذمة دينًا؛ حيث يمكن للمقترض أن يسدّد مثله دون أن يضار صاحب السلعة في الشيء. فإذا ما اقترض أحدهما من آخَر جهازا مسجِّلًا (كاسيت) بعلامة تجارية معينة ومواصفات معينة، فإن المقترض يمكن -في حال تلف هذا الجهاز- أن ينزل إلى السوق ويشتري مسجِّلًا من نفس العلامة التجارية (الماركة) والمواصفات ويعوض به صاحب الجهاز التالف. ولكن القيمي لا يصلح للإقراض أو للإعادة بنفس قيمته؛ وليس هو الذي تثبت قيمته في الذمة؛ ولذلك فعندما يُتلِف المقترض مالاً قيميًا يكون عليه الضمان؛ أي أن يدفع قيمته الذي يحددها صاحبها في الضمان.
    أما بالنسبة لتصنيف "العقار/ المنقول"، فإننا نجد الفقهاء قد اختلفوا فيما هو العقار وما هو المنقول.  فالحنفية قالوا: العقار هو ما لا ينتقل أبدًا، وبهذا الشكل يكون العقار هو الأرض؛ حيث لا يمكن نقل الأرض أبدًا. أما المبنى فلديهم أنه يمكن نقله بالهدم أو التفكيك وإعادة البناء في مكان آخر؛ وبالتالي فالبيوت والعمارات والأبراج السكنية مال منقول عند الحنفية. أما لدى الجمهور، فالعقار هو ما لا يمكن نقله بهيئته؛ وبالتالي فالبيوت -عندهم- من العقارات؛ لأنه لا يمكن نقلها -في العادة- بهيئتها.
    وبالنسبة لتصنيف "المتقوم/ غير المتقوم"، فيظهر هذا التصنيف خاصة عند الحنفية الذين قالوا إن المال هو العين فقط سواء أكانت حلالًا أم حرامًا؛ ولذلك كانت الخمر التي لدى أهل الكتاب مالًا، ولكنه مال غير متقوم؛ ولهذا اضطروا أن يقسموا المال إلى متقوم أي له قيمة وهو المباح شرعًا، وغير متقوم أي ما ليس له قيمة وهو ما ليس مباحًا. أما الجمهور -فلأنهم لم يعتبروا "غير المباح شرعًا" مالًا- فإنهم لم يضطروا إلى هذا التقسيم. وبالتالي تختلف مفاهيم المقوَّم وغير المقوم لدى الجمهور عن مفهوم الحنفية.
    فالمتقوم -لدى الجمهور- هو ما له قيمة لدى الناس مثل السلع، وغير المتقوم هو ما ليس له قيمة لدى الناس مثل حبة القمح التي قد تسقط من حمولة القمح، فهي ليست لها قيمة عند صاحب الحمولة.  ويفيد هذا التقسيم بمفهوم الجمهور -وليس الحنفية- في قضية الضمان، فلو أنني دخلت بيت غير مسلم ووجدت زجاجة خمر وقمت بإلقائها من النافذة أو سكبتها فهي لا تعد مالًا لأنها حرام؛ وبالتالي لا يقع عليَّ تعويض لصاحبها، بل هي أشياء يجوز الاعتداء عليها.
    وفي إشارة سريعة لنظرية الملك، يمكن القول إن المِلك أو المِلكية عند الفقهاء ثلاثة أقسام؛ هي: ملكية عامة، وملكية دولة، وملكية خاصة. والملكية علاقة بين الإنسان وبين الشيء، وإن كانت هذه التعبيرات تعد ألفاظًا حديثة لم توجد في الفقه، ولكنها تقرب ما يعنيه الفقهاء. فالملكية الخاصة هي ملكية الشخص للشيء، أما الملكية العامة فهي مِلك عموم المسلمين أو عموم أهل البلد للشيء، فهم يمتلكونه جميعًا. وفي الملكية العامة لا نستطيع أن نمنع أحدًا من الاستيلاء عليها أو الانتفاع بها، فيجوز للجميع أن يصيدوا من البحار، ويجوز للجميع أن يقطعوا من أشجار الغابات.. وهكذا. وهناك ملكية دولة؛ أي إنها -كمؤسسة معنوية موجودة- تمتلك هذه الأشياء، وبالتالي يجوز لها أن تبيع أو تشتري فيها، مثل محطات الكهرباء أو محطات الإذاعة وما شابه.
    الغاية التي نهدف إلى توضيحها هي أن نؤكد أن إدراك النظريات الحاكمة وفهمها بعمق واستيعابها يُعد شرطًا مهمًا للأمر الذي ندرسه؛ وهو التراث، سواء في إدراكها في ذاتها أو في علاقاتها مع التصورات الكلية.
    ونعود إلى النص الذي بين أيدينا نتأمل فيه، ونحاول أن نستكشف كيف تتحكم هذه النظريات في فهمه بشكل أعمق. فيقول المؤلف:
    "كتاب البيع، أخره عن العبادات ؛لأنها أفضل الأعمال؛ ولأن الاضطرار إليها أكثر؛ ولقلة أفراد فاعله. ولفظه في الأصل مصدر؛ ولذا أفرده، وإن كان تحته أنواع، ثم صار اسمًا لما فيه مقابله على ما سيأتي. ثم إن أريد به أحد شقي العقد الذي يسمى من يأتي به بائعًا، فيعرف بأنه تمليك بعوض على وجه المخصوص، ويقابله الشراء الذي هو الشق الآخر الذي يسمى من يأتي به مشتريًا، و يعرف بأنه تملك بعوض كذلك. ويجوز إطلاق اسم البائع على المشتري وعكسه اعتبارًا، والتعبير بالتمليك والتملك بالنظر إلى المعنى الشرعي كما سيأتي.
    وإن أريد به المركَّب من الشقين معًا بمعنى العلقة الحاصلة من الشقين التي ترد عليها الإجازة والفسخ،...".
    نظروا إلى أركان العقد في كونها وجودًا لعاقديْنِ بينهما اتفاق، وأن هذا الاتفاق هو بالإرادة القائمة عند إتمامه. وعبارة "العلقة الحاصلة بين الشقين" هي التي تشير إلى الاتفاق بين الإرادتين، فهي علاقة حاصلة بين طرفين: العاقد الأول والعاقد الثاني، و"التي ترد عليها الإجازة والفسخ".
    وهنا، كان ينبغي علينا -ونحن نتناول نظرية العقد- أن نتعرض لمراحل العقد. فالعقد له مراحل أربع: مرحلة الانعقاد، ومرحلة الصحة، ومرحلة النفاذ، ومرحلة اللزوم.
    أما "الانعقاد" فعند الحنفية قد ينعقد العقد وهو فاسد، وقد ينعقد وهو صحيح. فإن كان محل العقد لم يشرع بأصله أو بوصفه كان العقد باطلًا، أما لو شُرع بأحدهما فحسب؛ أي بأصله فقط أو بوصفه فقط فيكون فاسدًا، فإن كان قد شُرع بأصله ووصفه فهو صحيح. ولذلك فالانعقاد تحته الصحة والفساد؛ فقد ينعقد وهو صحيح، وقد ينعقد وهو فاسد. فالانعقاد مرحلة تسبق مرحلة الحُكم عليه بالصحة والفساد. وأيضًا هذا قد أخذه جمهور العلماء بطريقة أخرى لسنا في محل تفصيلها.
    فمثلًا حقيقة الربا أنه ما هو إلا بيع، وهذا ما جعل المشركين يقولون: إنما البيع مثل الربا. هنا هم يقولونها بصدق، ولكن ما الفرق بين بيع السلعة وبين أن نبيع مائة جنية بمائة وعشرة؟ والجواب أنه لما كان محل العقد هو النقود، وهي وسيط التبادل بين الناس، وقد حرم الشرع أن يكون في وسيط التبادل زيادة وتفاضل عند الأخذ والعطاء، أصبح هذا العقد حرامًا لصفة ثبتت فيه وليس لفقده شيئًا من أركانه أو شروطه؛ لذا أصبح فاسدًا وباطلًا. ولكنه عند الحنفية -ونظرًا لنظريتهم السابقة- يصبح فاسدًا، وإن لم يكن باطلاً.
    ومن أجل ذلك يجعلون المرء يتملك هذا القدر من الزيادة؛ وهو الربا، وإذا أعطاه أو باعه لشخص آخر ثم قام بإنفاقه، فإنه لا يُطَالَب برد هذا المبلغ. أما الجمهور فيرون أنه عقد بأجل، وهذا الذي أخذ قدر الربا – الزيادة– مطالَب برد هذا المبلغ، وكأن القدر من الزيادة الربوية -التي حُكم عليها بالسوء- لا يتملكها أي فرد وقعت في ذمته.
    فلدى الحنفية فالحرمة تقع لديهم عند التعامل الأول، أما إذا أعطاها أحد ممن هم أ صحاب التعامل الأول إلى شخص آخر فقد نُزعت منها الحرمة. أما عند الجمهور، فإن هذه الزيادة هي حرام في ذاتها تظل حرامًا لا تدخل في مِلك أحد، بل هي حرام على أي فرد تدخل ذمته.
    فدور الانعقاد تحته الصحة والفساد، فإذا خلا من المفسدات كان صحيحًا، وهذه الصحة تحتها دوْران: النفاذ والوقوف. فقد يكون العقد صحيحًا إلا أنه موقوف إلى أن يجيزه الولي أو المالك، فهو موقوف إلى أن يجيزه صاحب السلطان الكامل على محل العقد، مثل تصرفات الصبي المميز.
    أما النافذ فتحته نوعان: لازم وغير لازم، ويتحدد هذا وفقًا للخيارات: خيار الشرط, خيار الرؤية, خيار العيب. كأن يقول البائع للمشتري بعتك هذا الشيء بشرط أن تعطني فرصة ثلاثة أيام. هنا ينعقد صحيحا ونافذًا إلا أنه غير لازم حتى تمر الثلاثة أيام، فبعدها تتحول إلى اللزوم. وهكذا يكون لازمًا بشرط وقوع أمر أو خيار معين. أما خيار العيب فكأن يشتري أحدهم كتابًا من صاحب مكتبة ويقول له: لو أنني وجدته به قطْعٌ فسأعيده، هنا ينعقد عقد بيع الكتاب ويقع صحيحًا، ولكن لا يقع لازمًا إلا بعد أن تمر فترة التحقق من العيب، فيتحقق اللزوم له. فيقول المؤلف التراثي هنا:
    "وإن أريد به المركَّب من الشقين معًا بمعنى العلقة الحاصلة من الشقين التي ترد عليها الإجازة والفسخ".
    هذه علاقة بعد الانعقاد يمكن أن يرد عليها الفسخ لأنها فاسدة، ويمكن أن يرد عليها الإجازة فتنتقل من دور الصحة إلى دور النفاذ فتجاز، مثل ما قلنا من أن هذا العقد موقوف، فيأتي صاحب السلطة فيجيز أو لا.
    إذًا فكلمة الإجازة والفسخ تفهم فهمًا أعمق إذا ما تفهّمنا الأطوار الأربعة للعقد: الانعقاد, والصحة, والنفاذ, واللزوم.
    "فيقال له لغةً: مقابلة شيء بشيء على وجه المعاوضة، فيدخل فيه ما لا يصح تملكه كالاختصاص".
    وهنا تظهر نظرية أخرى هي نظرية اليد وهي إحدى مكونات نظرية الملكية، وملخصها أن الأشياء حتى تكون ملكًا لي فلا بد أن تكون حلالًا طاهرة منتفعًا بها وهكذا. ولكن هناك بعض الأشياء التي قد تكون مختصة بالإنسان ولكنها لا تتوافر فيها هذه الشروط مثل روث البهائم مثلًا، هو نجس عند الشافعية فلا يدخل في المِلك؛ وبالتالي لا يجوز أن يقع عليه البيع والشراء، ولكن هذه البهائم قد تكون خاصة بهذا الإنسان وحظيرتها ملكه، وروثها الذي في حظيرته تـؤخذ منه منفعة؛ حيث تُسَمَّد به الأرض، ويُستعمَل في الوقود. فهذا الشيء أصبح له منفعة وقيمة، والناس على استعداد أن تدفع فيه نقودًا، فماذا نصنع إذًا؟ إذا كان الروث ليس ملكي فكيف أتصرف فيه؟ وما هي العلاقة التي تقوم بيني وبينه حتى تقع هذه التصرفات؟
    هنا قال الفقهاء: إن العلاقة هي "الاختصاص"، فقالوا إن هذا الروث مختصٌ بصاحبه، ومن هنا جاء أن اليد على الشيء قد تكون يد مِلك وقد تكون يد اختصاص. فإن كانت مما هو من شأنه المِلك أي تتوفر فيه شروط المِلك أصبحت اليد يد ملك، أما إن كان ليس شأنه التملك فتكون اليد يد اختصاص، وليست يد ملك. وقد يكون الشيء لا ملكًا ولا مختصًا به. وهنا تظهر يد حيازة. وعلى ذلك فاليد تنقسم إلى: يد مِلك، ويد اختصاص، ويد حيازة.
    ثم يقسمون اليد تقسيمًا آخر هو يد ضمان ويد أمانة. أما يد الضمان فتكون مثل أن يستعير أحدهم من الآخر كتابًا لقراءته. الكتاب –هنا- عند الأول ولكنه ليس في يده، وليس ملكه، ولكنه في حوزته، فإذا ما هلك فإنه ضامنه أي يعطي صاحبه ثمن الكتاب؛ أي الضمان عند التلف. أما الأمانة فهي كأن يودع أحدهم لدى الآخر كتابًا أمانةً، فيحفظه دون تقصير إلا أنه قد يُسرق أو يُحرق، هنا ليس على من وُضعت لديه الأمانة أن يعوض صاحبها؛ لأن يده على الأمانة أو الوديعة هي يد أمانة وليست يد ضمان. فالروث هذا عندما أُريد أن أستفيد به وآخذ مقابله مالًا، يقول الفقهاء إن هذه المعاملة لا تكون من قبيل البيع، ولكن من قبيل رفع اليد عن الاختصاص. مثلًا الموظف كان في السابق يمكن أن يتنازل عن وظيفته لآخر لا يجد وظيفة مقابل مال. هو هنا لا يملك هذه الوظيفة، وهنا يُكَيَّف هذا العقد بأنه عقد رفع اليد عن الاختصاص، فيقول: "ما لا يصح تملكه كالاختصاص، وما لم تكن صيغة كالمعاطاة، وخرج بوجه المعاوضة نحو السلام [ورد الأذان وتشميت العاطس].. وشرعًا: عقد معاوضة مالية تفيد ملك عين أو منفعة على التأبيد لا على وجه القربى".
    وهنا قالوا إن من شرط العقد ألا يكون معلقًا ولا مؤقتًا. أما المُعلَّق فكأن يقول البائع للمشتري: سأبيعك هذا إذا جاء أخي من السفر، فهذا عقد غير صحيح. أما المؤقَّت فكأن يقول المشتري: بعتك هذا مدة شهر. فعقد البيع لابد أن يكون مؤبَّدًا وليس مؤقتًا، ولم يكن عدم ذكرنا لهذا الشرط في نظرية العقد؛ إلا لأنه قد يقوم شرطًا لبعض العقود فقط مثل: عقد توكيل الإجازة حيث من شرطه أن يكون مؤقتًا، فهو شرط لعقد خاص.
    يقول: "وأركانه ثلاثة: عاقد، ومعقود عليه، وصيغة. وهي في الحقيقة ستة أركان كما سيأتي. والعقد -في التعريف- جنس وشأنه الإدخال. لكن إذا كان بينه وبين فصله عموم من وجه يخرج بكل منها ما أدخل في عموم الآخر. ولذلك قالوا: خرج بالعقد المعاطاة، وبالمعاوضة نحو الهدية، وبالمالية نحو النكاح، وبإفادة ملك العين الإيجارة، وبغير وجه القربى القرض. والمراد بالمنفعة بيع نحو حق الممر. و التقييد بالتأبيد فيه لإخراج الإيجارة أيضًا. وإخراج الشيء الواحد بقيدين غير معيب".


المصدر : الطريق إلى فهم التراث ، لفضيلة مفتى الديار المصرية ، الدكتور على جمعة .