الأجنحة السوداء

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : وحيد خيون | المصدر : www.adab.com

 

منْ سنينْ

منذ ُ أنْ كنتُ صغيراً

منذ ُ أنْ كانَ أبي الفلا ّحُ محروماً فقيراً

منذ ُ أنْ كنتُ جنينْ

و على وجهي علاماتُ شقائي

و علاماتُ ضياعي

فإذا ما طارَ في الريح ِ قناعي

ظهرَ السِـرّ ُ الدفينْ

و رأى الناسُ جميعا ً ما بقلبي

و تجلـّى للملايين ِ منْ المالكُ قلبي

و مَن القاهرُ قلبي

أيها الآسرة ُ القلبَ و يا رأسَ عذاباتي

و يا كلّ َ حنيني

أيها القلبُ و إنْ لم تعرفيني

كلـِّميني

فأنا منذ ُ بداياتِ الحياة ْ

في دواويني و في أبياتِ أشعاري

و في كل ِّ معاني الكلماتْ

قد تخيّـلتـُكِ نبراساً مضيئا ً

و دروبي كلـّـُها محكومة ٌ بالظلُماتْ

منذ أنْ كنتُ صغيراً

و أنا أحلُـمُ بالألوان ِ والنورِ الى حدِّ اكتآبي

و تمنّيْتُ بأنْ أصبغَ بالأزرق ِ أحلامي

وأوراقي وأحداقي

و أزرارَ ثيابي

منذ أنْ كنتُ صغيراً

لم أجدْ في كتـُبِ الأحلام ِ تفسيراً لأحلامي

و لا أفهمُ ما سرّ ُ عذابي

كنتُ أستغرقُ بالتفكيرِ حدّ الموتِ

والأمواتُ لا تعرفُ ما بي

ثمّ علّقتُ ببابي كلماتْ

بعدما فتـّـشتُ كلّ َ المكتباتْ

منذ ُ أن كنتُ صغيراً

و أنا أصبغ ُ بالأزرق ِ حتى الكلماتْ

و على جدران ِ بيتي

و على أرصفةٍ في الطرُقاتْ

أرسُمُ الشمسَ على شكل ِ فتاة ْ

ولها عينان ِ زرقاوان ِ مِثلُ الموج ِ

ينسابُ بها البحرُ

و تهتزّ ُ لها ذلا ّ ً عيونُ الملكاتْ

و لها شعرٌ الى الساق ِ كثيفٌ

يُشْبـهُ الأجنحة َ السوداءَ

أو بارجة ًمن أمسياتْ

قد تخيّلتـُكِ نبراساً مضيئاً

و دروبي كلـّها مرصوصة ٌ بالظـُلـُماتْ

قد تخيّـلتـُكِ لحناً

و تخيّـلتـُكِ شكلاً

و تخيّـلتـُكِ عطراً

و تخيّـلتـُكِ لونا ً

ثمّ أعددتُ ثيابَ العُرْس ِ من ضوءِ المصابيح ِ

و ألوان ِ الفراشاتِ

و أهدابِ رموش ِ الفتياتْ

ثمّ ناديتـُكِ لما تسمعيني

كلـِّميني

واكتبي بيتين ِِِ من شعري و أسماءَ دواويني

على الباصاتِ والساحاتِ والدورِ

وجدران ِ البيوتْ

منذ أن كانَ صغيراً

كانَ يرجو أن يعيشَ العمرَ في بغدادَ

أو فيها يموتْ

و على أسوارِ بغدادَ الجديده

كانَ يستلقي الى الصبح ِ أمامَ السينما البيضاءِ

كي يكتبَ لي أحلى قصيده