هجرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

الناقل : mahmoud | المصدر : www.rasoulallah.net

هجرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه


·   عن عمر قال : اتعدنا لما أردت إلى المدينة أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص التناضب من إضاءة بني غفار فوق سرف ، وقلنا : أينا لم يصبح عندنا فقد حبس ، فليمض صاحباه .


قال : فاصبحت أنا وعياش عندالتناضب , وحبس هشام وفتن فافتتن .


فلما قدمنا المدينة نزلنا في بني عمرو بن عوف بقباء ، وخرج أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام إلى عياش , وكان ابن عمهما وأخاهما لأمهما , حتى قدما المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم  بمكة ، فكلماه وقالا له : إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط حتى تراك ولا تستظل من شمس حتى تراك . فرق لها ، فقلت له : إنه والله إن يريدك القوم إلاليفتنوك عن دينك فاحذرهم ، فوالله لو قد آذى أمك القمل لا متشطت، ولو قد أشتد عليها حر مكة لا ستظلت !


قال : فقال : أبر قسم أمي ، ولي هنالك ما ل فآخذه. قلت : والله إنك لتعلم أني لمن أكثر قريش مالا ، فلك نصف مالي ولا تذهب معهما .


قال : فأبى علي إلا أن يخرج معهما ، فلما أبى إلا ذلك قلت : أماإذا فعلت ما فعلت فخذ ناقتي هذه ، فإنها نجيبه ذلول فالزم ظهرها ، فإن رابك من أمر القوم ريب فانج عليها .


    فخرج عليها معهما ، حتىإذا كانوا ببعض الطريق قال له أبو جهل : يا أخي والله لقد استغلظت بعيري هذا ، أفلا تعقبني على ناقتك هذه ؟ قال : بلى فأناخ وأناخا ليتحول عليها ، فلما استووا بالأرض عدوا عليه فأوثقاه رباطا ، ثم دخلا به مكة وفتناه فافتتن .


قال عمر : فكنا نقول : لا يقبل الله ممن افتتن توبه . وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم .


حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنزل الله : { قل يا عبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ، إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم . وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون . واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغته وأنتم لا تشعرون } .


قال عمر : وكتبتها وبعثت بها إلى هشام بن العاص .


قال هشام : فلما أتتني جعلت أقرأها بذي طُوَّى أصعد بها وأصوب ولا أفهمها ، حتى قلت: اللهم فهمنيها ، فألقى الله فيي قلبي أنها إنما أنزلت فينا وفيما كنا نقول في أنفسنا ، ويقال فينا .


قال : فرجعت إلى بعيري فجلست عليه فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة .


وذكر ابن هشام أن الذي قدم بهشام بن العاص ، وعياس بن أبي ربيعة إلى المدينة الوليد بن المغيرة سرقهما من مكة وقدم بهما يحملهما على بعيره وهو ماش معهما ، فعثر فدميت أصبعه فقال :


         هل أنت إلا إصبع دميت           وفي سبيل الله ما لقيت 


درجة الحديث :


قال الهيثمي رجاله ثقاب .


قلت : والسند حسن متصل .

 

 


غريب القصة :


ـ التناضب : قرية من أعمال مكة بأعلى نخلة فيها عين جارية ونخل ( معجم البلدان 2/49) .


سرف : موضع قريب من مكة على بعد أميال ، وقيل أكثر .


ـ أضاءة بني غفار : الماء المستنقع من سيل أو غيره ، ويقال هو غدير صغير، ويقال هو مسيل الماء الغدير ، وغفار قبيلة من كنانة موضع قريب من مكة قرب التناضب ( معجم البلدان 1/214) .

 

 


الفوائد والعبر :


1-   من أساليب المشركين الماكرة في الصد عن دين الله .


2-   فراسة عمر بن الخطاب رضي الله عنه .


3-   واجب المؤمن الحذر من غدر الأعداء


4-   حب المؤمن لأخيه المؤمن يرخص له كل شيء .


5-   اللجوء إلى الله في حل المشكلات العملية بالدعاء .


6-   المؤمن مبتلى ، وكم في طريق الدعوة من عقبات