قنوات الدجل والسحر والكهانة

الناقل : heba | الكاتب الأصلى : د . قذلة بنت محمد القحطاني | المصدر : www.islamlight.net

في سلسلة من الهجمات المتولية على ثوابت الأمة الإسلامية يتواصل الكيد الصليبي والصهيوني لزعزعة عقائد المسلمين في أشنع وأشد حر ب فكرية شنت على العقيدة والقيم بعد فشل محاولات أعداء الإسلام في حربيهم السابقة على مقام النبوات وبالأخص مقام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .. وقعد أن خابت آمالهم في حرب الأعزاء والإغراق في الشهوات والسعار الجنسي كما في إستار أكاديمي وغيره ...
فجاءت هذه الأخير لتلبس لباس التستر بالدين ، والتداوي بالقرآن الكريم ، وإدعاء الصلاح والنفع للمسلمين ..!!
وكنت على يقين أن سلعتهم خاسرة ، وتجارتهم بوار وهم يروجونها على أبناء التوحيد في مجتمعنا الذي تربى على العقيدة ، ورضع لباسها ، مند أن درجت قدمه على هذه الأرض الطاهرة .
لقد فُتِحت أعيننا وهي تقرأ {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}وتقرأ {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} ، ووعت قلوبنا وعقولنا أن من صرف شيئا من العبادة لغير الله فهو مشرك كافر وكم حفظنا وتردد صداها في أسماعنا ( إن الطواغيت كثير ورؤوسهم خمسة ) وأن مدعي علم الغيب منهم ، وأن الكاهن مدعي لعلم الغيب وإن السحر كفر وأنه ناقض من نواقض الإسلام .
قال الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب – رحمه الله – في تعداد نواقض الإسلام
" السابع : السحر ومنه الصرف أو العطف فمن فعله أو رضي به فقد كفر والدليل قوله تعالى {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ}" أ.هـ
( وأن من أتى عرافا أو كاهنا فسأله عن شئ فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد ) رواه أحمد والحاكم وصححه .
إلى غير ذلك من أبواب العقيدة والتوحيد التي عقدت عليها قلوبنا ...
ومع هذا- وللأسف - استطاعت قنوات الدجل أن تؤثر على مشاعر الشعوب وتخدعهم بهذا الهراء ، الذي لامس حاجاتهم وتعلقهم بالدنيا وملذاتها ، والخوف من المستقبل وكراهية الموت .

وجاءت هذه الاتصالات بهؤلاء السحرة تعكس هذه القضايا التي تعاني منها المجتمعات ، وتعلقهم بسراب من الأمل يحسبه الظمآن ماء .

وإني بهذه المناسبة أحذر كل مسلم من الانخداع بأقوالهم والاتصال بهم ، أو سماع باطلهم ، وأوصي بضرورة المساهمة في كشف عورهم وباطلهم ، منهم أبعد الناس عن الصدق .. لا يغتر بحالهم مغتر وإن طاروا في الهواء . أو مشوا على الماء ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " اتفق أولياء الله على أن الرجل لو طار في الهواء أو مشى على الماء لم يغتر به حتى ينظر في متابعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وموافقته لأمره ونهيه " أ.هـ
ولا شك أن الشياطين تفتن بهؤلاء الأشخاص وتعينهم على باطلهم .
يقول ابن تيمية – رحمه الله – في هذا الشأن " اعرف من تخاطبه النباتات بما فيها من منافع .. وإنما يخاطبه الشياطين الذي دخل فيها ، واعرض من يخاطبهم الحجر والشجر وتقول هنيئا لك يا ولي الله ، فيقرأ آية الكرسي فيذهب ذلك ، واعرف من يقصد صيد الطير فتخاطبه العصافير وغيرها .. ومنهم من يكون في البيت ، وهو مغلق فيرى نفسه خارجه ، وهو لم يفتح وبالعكس .. وتكون الجسم قد أدخلته وأخرجته بسرعة أو تمر به أنوار .. تأتيه بأشخاص في صورة جميلة وتقول له : هذه الملائكة الكربيون .. وكله من مكر الشيطان " أ. هـ مجموع الفتاوي باختصار


ومن هنا نعلم أن أولياء الرحمن لهم صفاتهم .. وأولياء الشيطان لهم صفاتهم والفرقان بينهم جلي لا يلتبس على سليم الفطرة
وهؤلاء السحرة والكهنة والعرافين من أولياء الشيطان ..

ومن أبرز صفاتهم كما ذكره ابن تيمية – رحمه الله - :-
- مباشرتهم للنجاسات والخبائث التي يحبها الشيطان .
- أكل الحيات والعقارب والزنابير .
- ترك الوضوء والصلاة .
- دعاء غير الله والاستعانة بهم .
- الجلوس في المزابل ومواضع النجاسات ومقابر الكفار .
- كراهيتهم سماع القرآن وإقبالهم على الأغاني والألحان .

يقول الإمام الصنعاني – رحمه الله - :" فإن قلت أنه قد يتفق من هؤلاء الذين يلوكون الجلالة ، ويضيفون إليها أهل الخلاعة و البطالة خوارق عادات ، وأمور تظن كرامات كطعن أنفسهم ، وحملهم لمثل الحنش والحية .. ، وأكلهم النار ومسهم إياها بالأيدي وتقلبهم فيها بالأجسام .. قلت هذه أحوال شيطانية .. وانعال طاغوتية وأعمال إبليسيه يفعلها الشياطين لإخوانهم من هؤلاء الضالين .. وقد ثبت في الأحاديث إن الشياطين والجان يتشكلون بأشكال الحية والثعبان .. وقد يكون ذلك من باب السحر" أ.هـ تطهر الاعتقاد ص 27-28 .

وليعلم المسلم أن تعلم السحر حرام وكذلك عمله قال النووي رحمه الله " السحر حرام وهو من الكبائر بالإجماع .. وأما تعلمه وتعليمه فحرام فإن تضمن ما يقتضي الكفر كفر" .
وقال مالك " الساحر كافر تقبل بالسحر ولا يستتاب ولا تقبل توبته بال تحتم قتله ..".
قال القاضي عياض : ويقول مالك قال : أحمد بن حنبل وهو يروي عن جماعة من الصحابة والتابعين أ.هـ ( شرح مسلم (14/176)
وفي مسائل عبدالله بن أحمد بن حنبل قال : سمعت أبي يقول " إذا عرف بذلك فأقر يقتل ، يعني الساحر " ص 427 .
وأعده رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات بل ذكره بعد الشرك مباشرة كما في الصحيح ( اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن ؟ قال : الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق و الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ) رواه البخاري .
قال الشيخ العلامة ابن عثيمين – رحمه الله " هو داخل في الشرك وإن كان دون ذلك ، فهو جرم عظيم لأن السحر من أعظم ما يكون في الجناية على بني آدم ، فهو يفسد على المسحور أمر دينه ودنياه ، ويقلقه فيصبح كالبهائم ، بال أسوأ من ذلك .. ولهذا كان السحر يلي الشرك بالله " أ. هـ القول المفيد (1/498)

ومن علامات الساحر والمشعوذ :-


1- أن يسأل عن أم الأم وعمر الشخص ، وهذه علامة بارزة لأن الساحر يتعامل مع الشياطين وهي تنسب إلى أمهاتها .
2- أن يطلب أثرا ممن يريد سحره سواء شعر أو أظافر أو صور أو غير ذلك . وربما أخد من أثره من المكان الذي سار فيه 
3- استخدام البخور .
4- استخدام الرموز والجداول والطلاسم والحروف المقطعة والمربعات والدوائر وخلط الآيات القرآنية والأحاديث مع تمتمات وعبارات غير مفهومة وأسماء وهذه غالبا أسماء الجن والشياطين التي يستعينون بها .
5- إعطاء المريض الأحجبة المغلفة في الجلد أو الحديد أو النحاس وقد يأمره بلبسها أو تعليقها في عضده أو عنقه وغالبا يكون داخلها استغاثات شركية .
6- العمل في الظلام ، وفي الليل لأن الليل وقت انتشار القوى الشيطانية .
وهناك علامات أخرى قد لا تكون بارزة .

ولهم مكر وحيل في إضلال الناس وخداعهم منها :-


- إيهام الشخص أنهم يعلمون حاله وقد يذكرون له شيئا من الأمور التي تحصل لكل البشر كقولهم أنت تمرض أحيانا ويصبك صداع خاصة في الليل .. وقد تدخل عمل ما وتفشل وقد فشلت مرارا .. وهكذا من غالب أحوال الناس مما يخدع ضعاف الإيمان ويوهمهم بصدقه .
وهو من الموبقات والكبائر وأضراره على البدن كثيرة وهو عمل فاسد من شيطان ضال ، ومن باع دينه بدنياه ،


ومن أبرز أضراره ما يلي : -


1- التفريق بين الزوجين كما قال تعالى {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ}وهم غالبا يطلبون لمن يريدون سحره سواء من شعر أو ثوب .. أوغير ذلك .
2- الجنون حيث يقو الجني الموكل بالسحر بالتمركز في عقل المسحور
3- القتل فمن السحر ما يقتل .
4- المرض فقد يتمركز في عضو معين ويعطله فيصاب بالعمى أو الشلل .
5- الوسواس ورؤية الأحلام المزعجة كالحيوانات المفترسة والثعابين .. وغير ذلك .
6- النزيف عند المرأة ، فيقوم الجني المكلف بالتمركز في رحم المرأة ويركض ركضة في العرق فيستمر نزول الدم عليها .
7- حبس الرجل عن امرأته وهو ما يعرف ( بالربط ) فلا يستطيع مجامعتها .

قال ابن قدامه – رحمه الله "فمنه ( أي السحر ) ما يقتل وما يمرض وما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها ومنها ما يفرق بين المرء وزوجه وما يبغض أحدهما إلى الآخر أو يحبب بين اثنين " أ.هـ المغني (10/113)

وللوقاية من السحر وإبطاله ينبغي على العبد الإكثار من الذكر وقراءة القرآن وآية الكرسي وسورة البقرة .
قال ابن كثير – رحمه الله " أنفع ما يستعمل لإذهاب السحر ما أنزل الله على رسوله في إذهاب ذلك وهما المعوذتان .. وكذلك قراءة آية الكرسي فإنها مطردة للشيطان " أ. هـ تفسير القرآن (1/159)
وقراءة سورة الفاتحة فعن خارجة بن الصلت التميمي عن عمه أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقبل راجعا من عنده فمر على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد فقال أهله : " إنا قد حدثنا أن صاحبكم هذا قد جاء بخير ( أي رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فهل عنده شيء يداويه قال فرقيته بفاتحة الكتاب ثلاث أيام كل يوم مرتين فبرأ فأعطوني مائة شاة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال : خذها فلعمري من أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق " رواه أبو داود رقم 3896، وصححه الألباني
قال ابن القيم " فالقلب إذا كان ممتلئا من الله مغمور بذكره وله من التوجهات والدعوات والأذكار .. كان هذا من أعظم الأسباب التي تمنع إصابة السحر له ومن أعظم العلاجات له بعدما يصيبه " .

ومن الوقاية من السحر التصبح بسبع تمرات إتباعا لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في الحديث عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم ( من إصطبح كل يوم تمرات عجوة لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل ) وفي رواية ( من تصبح سبع تمرات عجوة .. ) رواه البخاري رقم 5435
ومن العلاج ما روي عن وهي بن منبه وذكره القرطبي في التذكرة من أفضل الأذكار ص16 وذكرها الشيخ سليمان آل شيخ في تفسير العزيز الحميد وذكرها سماحة الشيخ إبن باز في جموع الفتاوى
" أن يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر مندقة بين حجرين ثم يضربه بالماء ويقرأ عليه آية الكرسي والمعوذتين ، ثم يحسو منه ثلاث حسوات ويغتسل به ، فإنه يذهب عنه كل مابه – إن شاء الله تعالى – وهو جيد للرجل إذا حبس عن أهله " .

- المحافظة على قراءة سورة الفلق والناس مع سورة الإخلاص ثلاثا حين يصبح وثلاثا حين يمسي .
وفي حديث عقبة بن نافع – وقد أوصاه صلى الله عليه وسلم بقراءتها – وقال له ( تعوذ بها فما تعوذ متعوذ بمثلها ) .
قال ابن القيم رحمه الله " حاجة العبد إلى الاستعاذة بهاتين السورتين أعظم من حاجته إلى االنفس والطعام والشراب واللباس " أ.هـ بدائع الفوائد (2/426)

وينبغي على العبد صدق الاعتماد على الله والتوكل عليه وعدم الخوف من السحرة والمشعوذين فإنهم ليسوا بشيء قال تعالى : {وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ} البقرة 112
وكثرة الاستعاذة بالله تعالى والمحافظة على أوردة الصباح والمساء ، يقول ابن القيم رحمه الله – " أكثر تسلط الأرواح الخبيثة على أهله تكون من جهة قلة دينهم وخراب قلوبهم وألسنتهم من حقائق الذكر والتعاويذ والتحصنات النبوية والإيمانية " أ.هـ زاد المعاد (4/69) .

هاذ وأسأل الله تعالى أن يعيذنا جميعا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يثبتنا على الحق ويجعلنا هداه مهتدين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم