الاقتداء بالنبيين

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : أحمد صقر السويدي | المصدر : www.yanabeea.net

 

النبيون أكمل الناس أخلاقاً، وأحسنهم أعمالا، هم أتقى لله وأخشاهم له ، لما بين أيديهم من الوحي والخطاب الرباني من الحكمة والكتاب المبين ، وقد وصفهم الله بأتم الصفات وأكمل الأخلاق ، وأمرنا أن نقتدي برسوله صلى الله عليه وسلم خاصة وبسائر النبيين عامة :
 
َ{لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً{21} (الأحزاب 21)
 
وأما الاقتداء بالنبيين عامة فقد قال :
[أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ{89} أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ{90}] (الأنعام 89-90)
 
وعن العوام قال سألت مجاهدا عن سجدة ص فقال سألت ابن عباس عن سجدة ص (وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ }ص24 فقال: أو تقرأ ومن ذريته داود وسليمان إلى قوله أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده وكان داود عليه السلام ممن أمر نبيكم صلى الله عليه وسلم بالإقتداء به [ أي أن داود عليه السلام سجد هنا خر راكعا وأناب ] "البخاري"
 
والاقتداء بالنبيين موافقة أفضل عمل وأكرم خلق وهو الذي أعنيه في هذا المقام.
قال القرطبي : إن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء عليهم السلام وقد أمر بالاقتداء بهم فقال "فبهداهم اقتده".
 
وإليك بعض مواطن الاقتداء :
 
أولا : فمن أراد الكرم والجود فلينظر إلى إبراهيم عليه السلام مع أضيافه :
قال تعالى مادحا حسن ضيافته إبراهيم عليه السلام لأضيافه :[وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ{69}] (هود 69)
 
وقال أيضا : [هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ{24} إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ{25} فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ{26}] (الذاريات 24-26)
 
ثم لينظر القارئ إلى يوسف عليه السلام :
[ وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ{59}] (يوسف 59)
 
وقال له أخوته بعد أن مضهم الفقر والجوع إذ عرفوا جوده وكرمه وسعة عطائه :
{فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ }يوسف88
 
وكما وصف الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه "أجود بالخير من الريح المرسلة".
 
ثانيا : ومن أراد الصبر على البلاء فلينظر إلى أيوب عليه السلام :
قال تعالى : [وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ{41} ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ{42} وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ{43} وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ{44}] (ص)
 
وقال في الاقتداء بالهمم العالية : {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ }الأحقاف35
 
ثالثا : ومن أراد النظر إلى طول العطاء في الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلينظر إلي نوح عليه السلام :
[وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ] (العنكبوت 14)
 
رابعا : ومن أراد أن ينظر إلى الأسر المؤمنة والبيوت الملتزمة فلينظر إلى:
بيت النبي صلى الله عليه وسلم :
[وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً] (الأحزاب 33)
 
وبيت زكريا :
[وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ{89} فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ{90}] (الأنبياء 89-90)
 
وإسماعيل عليه السلام :
[ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً{54} وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً{55}](مريم 54-55)
 
ولهذا الاقتداء فوائد منها:
1. إن الاقتداء يثمر الموافقة والمحبة والمماثلة : فمن اقتدى بقوم أحبهم وعاش مواقفهم الكريمة.
2. يثمر المنافسة في الخير والسعي الدؤوب لتمثل أخلاق النبيين : ألم تر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتدي بيوسف عليه السلام فيقول لبعض بني عمه كما قال يوسف لأخوته: " لا تثريب عليكم اليوم ".
3. يثمر تحقيق المغفرة والرحمة :
[قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{31}] (آل عمران 31