خاتمة عن المنهج

الناقل : heba | الكاتب الأصلى : علياء العسيلى | المصدر : www.tarbya.net

إن الله سبحانه وتعالى عندما خلق الإنسان وجعله على الأرض ,وهو يتعلم من تجاربه في حياته يعيش الصراع مع نفسه تارةً ومع الطبيعة تارةً أخرى فهو يقوم بتهذيب نفسه ويطوع موارد الطبيعة لكي يحافظ على بقائه وحياته وفي كل هذه الحالات فهو يتعلم ويعلم أبنائه على كيفية التعامل مع الطبيعة التي يعيش فيها , فعليه أن يأكل ويلبس ويتقي شر البرد والحر ويوفر لنفسه وعائلته الأمان , الإنسان عليه أن يجرب حتى يتعلم,يجرب ويكرر أحياناً حتى يصل في النهاية إلى الشيء الذي يريده.

 

فكما نعلم أن التعليم في المجتمعات البدائية كان بالتلقين وبتقليد الصغار للكبار يتعلم الأولاد ما يقوم به الكبار ويحافظون على العادات والتقاليد وأنماط الثقافة الموجودة عند آبائهم وأجدادهم

ولكن عندما تقدمت المجتمعات وكبرت وضمت أعداد كبيرة من البشر أصبحت أنماطهم الثقافية وعاداتهم وتقاليدهم كبيرة لا يمكن أن يتم الاحتفاظ بها كما في المجتمعات السابقة فظهرت الحاجة للمدارس أو لمؤسسات تقوم بمهمة نقل التراث الثقافي للأولاد وحتى يتم المحافظة عليه من الزوال, ولقد أرتبط وجود المدارس أو المؤسسات المعنية بمهمة تعليم الأبناء بوجود الحكومات وكان ذلك عندما استوطن الناس على ضفاف الأنهار كدجلة والفرات والنيل وظهور الحضارات,كما في حضارة وادي الرافدين, وحضارة وادي النيل, والحضارة اليونانية, والحضارة الرومانية.

 

إذ تعد هذه الحضارات من أكثر حضارات العالم قدماً وأسهمت بشكل فاعل في تطور التربية وازدهار التعليم القديم والذي امتدت جذوره إلى العصر الحديث وما الحديث المعاصر إلا نتيجة لتراكم الخبرات بما سجله الإنسان في التاريخ ليتطور على نحو حديث وعصري.

 

فالتعليم ونقل الخبرات هذه كان يتم عبر المنهج الذي يتم تدريسه للأبناء من أجل الهدف الذي يسعون له وهو نقل الخبرات للأبناء والحفاظ على التراث وإعداد الأبناء للحياة.

 

فنحن نعرف أن كل سلوك هادف ورائه فكرة تحركه فالتربية يحركها الفكر التربوي والتربية عمادها المنهج.

 

فعندما يكون المنهج متطوراً ومنفتحاً ومتمشياً مع ما يتطلبه العصر من تغير في إعداد شخصية الأولاد كلما كان هذا المنهج عملياً وعقلانياً , ويؤدي بالضرورة إلى رقي المجتمع ووضعه في مصاف المجتمعات المتقدمة التي لا تستطيع بلادنا العربية الوصول إلى مستواها, فالتاريخ مليئ بالأحداث التي تؤكد هذا الكلام حيث أن ألمانيا  عندما هزمت على يد نابليون لم تجد غير المعلم والطالب وسيلة للنهوض من هزيمتها وعندما انتصرت قال بسمارك لقد انتصر المعلم الألماني ,وهذه اليابان أيضاً عندما هزتها أمريكا بالقنبلتين الذريتين فلقد وجدت مخرجها من أزمتها المعلم والتلميذ والتركيز على نوعية التعليم حتى أصبحت من كبرى الدول الصناعية فالتاريخ ملىء بالتجارب التي تستحق منا وقفةً عندها علنا نضع أقدامنا على أول الطريق الصحيح الذي نبدأ من خلاله بنهضة صحيحة فهذه النهضة لا تأتي من فراغ بل من فكر صحيح يوجهها وهذا الفكر لا يأتي إلا بتربية صحيحة وهذه التربية الصحيحة تعتمد على أساس قوي يوجهها ويدعمها ألا وهو المنهج الذي يعتبر العهود الفقري للتربية.

 

الجميع في الوطن العربي يتكلم عن الإصلاح والتصحيح والتغيير والنهضة ولكن للأسف الشديد لا يوجد على أرض الواقع أي تغير ملموس يبشر بالخير أو يعطي أمل بإمكانية الارتقاء بهذه الأمة إلى مصاف الأمم المتطورة أو العودة بها إلى أمجادها,فهذه الأمة (أمة اقرأ) التي خصها الله سبحانه وتعالى بهذه الميزة فكانت أول كلمة في رسالتنا السماوية(اقرأ)

ونحن الآن أبعد الناس عن القراءة.

 

فالتعليم لا يعني فقط كما يعتقد عدد غير قليل من الناس هو قراءة المنهاج أو تدريسه فالمعلم يجب أن يربط بين ما يعلمه لتلاميذه في غرفة الصف نظرياً وبين التطبيق العملي في المجتمع الخارجي أو البيئة التي يعيش فيها التلميذ حتى لا يشعر بالفصل بين ما يتعلمه وبين ما يعيشه على أرض الواقع.

 

فالمعلم هو العنصر الأساسي في تطوير المنهج فيجب إعداده بالطريقة المناسبة للتمشي مع المفهوم الحديث للمنهج, وهذا يعود للجامعات والكليات التي تختص بإعداد المعلمين الذين يتعاملون مع التلاميذ في مراحل حياتهم المختلفة والذين لهم الدور الأكبر في التأثير على هؤلاء التلاميذ ,وبالتأكيد سنلحظ التغير على مستوى المجتمع بأكمله عندما نعد أطفال أو طلاب إعداداً كاملاً لشخصياتهم مع المحافظة على القيم والعادات والتقاليد الجيدة التي هي من واقع ديننا  ومناسباً لواقعهم ومتمشياً مع متطلبات التطور والتقدم ومتمشياً مع تحدي التكنولوجيا ومتطلبات العصر الموجودة في العلم من حولنا ,كل هذه الأمور يجب إن يحتويها المنهاج ويركز عليها علنا نخرج بنتيجة إيجابية ترضي طموحنا كأمة كانت في الماضي لها القيادة والريادة