وردة للذئب

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : طالب همّاش | المصدر : www.adab.com

 

الانتحارُ الحرُّ بينَ ربابتينِ،‏

بكاءَ أغنيةٍ يلوّحُ عمرَهَا للقمحِ،‏

قلبٌ مقبلٌ من عتمةِ الدنيا‏

ليضاجعَ الرمانْ!‏

موالُ ثاكلةٍ على الزيتون،‏

أخدودُ الحياةِ الكهلُ،‏

جنحُ حنانها المجروحِ...‏

قافيةُ المواويلِ التي راحت‏

تلاطمها الرياحُ‏

على جذوعِ السنديانْ. /هو صوتنا المبحوحُ خلفَ الريحِ‏

مهباجُ الضياعِ المرُّ،‏

قدّيسُ الثلوجِ‏

وذئبُهَا المتروكُ إثماً ضائعاً‏

في وحشة الوديانْ.‏

يعوي ويرحلُ في قفارِ الأرضِ‏

تتبعهُ ذئابُ الحزنِ من جبلٍ إلى جبلٍ‏

وينبحُ في ظلامِ الليل بالخسرانْ!‏

ظلٌ يرامحُ في سوادِ الليلِ أشباح العواءِ،‏

ويختفي كالحزنِ في جسدِ المراثي‏

كلّما مرَّ الحداءُ على ضريحِ الأرضِ‏

يأتي خلسةً‏

ليضمَّ أرملةَ المواويلِ الجريحةَ‏

بعد غيبتهِ الطويلةِ‏

أو يخصِّلَ من جدائلِ شعرها السوداءِ‏

سنبلةً‏

لطفلتهِ التي شبّتْ على الأحزانْ.‏

وبكلّ أغنية ننادمُ صوتَهُ المجروحَ،‏

نلمحُ في المراثي ظلَّهُ المكسورَ‏

محنيّاً على قبرِ الضياعِ‏

ككتلةٍ منحوتةٍ للدمعِ والغفرانْ!‏

يا توأميْ ومسيحيَ المصلوب فوقَ‏

بداوة الصبّارِ!‏

لا قلبٌ يدقُّ على وجيبكَ‏

خلفَ هذا السور..‏

لا امرأةٌ تحوكُ‏

على أنينكَ‏

ضلعَهَا المكسورَ،‏

لا ريحٌ تكرّرُ روحها‏

إلا على جذعِ الحدا والانتظارْ.‏

لا شيءَ غيرُ الريحِ‏

تشنقُ في البراري خصلةَ الحزنِ البريئةَ،‏

والشحوبُ المرُّ في وجهِ القفارْ.‏

وأصابعٌ مغمورةٌ بالرملِ‏

ترفعُ وردةَ الندمِ الأخيرةَ‏

بين أنقاضِ الشقاءْ!‏

لا شيءَ في هذا المكان سوى‏

قصاصاتِ الخريفِ‏

تهيمُ في أفقٍ حزينٍ‏

ثم تهوي كالتوائمِ‏

فوق قمصانِ العماءْ.‏

لا شيءَ في هذا السوادِ سوى صدى‏

طاحونةٍ خرساءَ خلف الحرشِ‏

توقظُ بالعويلِ مرارةَ الطيونِ في سفحِ من الهجرانْ.‏

وعقابُ أيامٍ‏

يكرّرها غرابٌ جارحٌ عندَ الغيابِ‏

مبدّداً بسوادهِ أميَّةَ الصوانْ.‏

فارفعْ عواءكَ في جهاتِ الأرضِ!‏

لن تبكي عليكَ غزالةٌ‏

لتصيرَ أيّوباً على الأيامِ‏

بل ستموتُ وحدكَ في شتاءٍ ماطرٍ، ناءٍ‏

كما فزاعة للحزنِ‏

مصلوباً على بوابة البستانْ.‏

لكنني في وحدتي يرتابُ بي ظلّي‏

فيرفعني إلى أحجيّةِ الجدرانِ ظلاً خائفاً‏

يبكي على قمرِ الأقاصي‏

مثل ذئبٍ نابحٍ في وحشةِ الوديانْ.