تدنيس القرآن على يد الأمريكان .. الجريمة وأبعادها

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : سامح جاد | المصدر : www.islamway.com

لم تتوقع مجلة "النيوزويك" أن يتسبب التقرير، الذي نشرته حول انتهاك المحققين الأمريكيين في جوانتانامو، لقدسية القرآن الكريم، أثناء إحدى جلسات التحقيق، أن يحدث هذه الموجة الغاضبة في العالم الإسلامي، وإن لم تخرج عن إطار رد الفعل الشعبي إلى مستوى الحكومات، إلا بشكل ضعيف من خلال التماسات من قبل وزارات الخارجية في بعض البلدان الإسلامية للمطالبة بإجراء تحقيق في الموضوع.

وكتصوير لحجم الجريمة، التي ارتكبها الأمريكيون بشأن تدنيس القرآن الكريم، وما يتعرض له المسلمون في كافة السجون الأمريكية.. اعتبرت منظمة العفو الدولية أن "الكرامة الإنسانية سقطت ضحية لحرب الولايات المتحدة على ما يسمى بالإرهاب، ونظام التحقيق الذي تنتهجه مع المعتقلين؛ وذلك لأن الإدارة لم ترفض القانون الدولي لحقوق الإنسان فحسب، وإنما تبنّت -أيضا- استخفافاً اختيارياً بالقانون الإنساني".

شاهد عيان من جوانتانامو

كان الأردني وسام عبد الرحمن أحمد "أبو عبيدة" - الأسير السابق في جوانتانامو- والذي أفرج عنه أول من كشف عن إهانة القرآن في معتقلات التعذيب الأمريكية في قاعدة جوانتانامو بكوبا، ويروي وسام -الذي أطلق سراحه مؤخراً- فظائع التعذيب، وإهانة القرآن الكريم على يد المحققين الأمريكيين في جوانتانامو.. فيقول: "عندما دخلنا معتقل جوانتانامو بكوبا، مدّدونا على الأرض، وكانت أعيننا وآذاننا أيضاً مغطاة فيما كممت أنوفنا، وتم تقييدنا أيضاً بسلاسل وقيود في اليدين والرجلين، ووسط ذلك كله كانت تنهال علينا الشتائم من الجنود والمجندات.. ثم كانوا يأتون بالكلاب، لتقوم بملامستنا ونحن في رعب حقيقي؛ خوفاً من أن تهاجمنا".

ويضيف شاهد العيان على الجرائم الأمريكية بالقول: "أما الأكثر إهانة وإذلالاً، فكان قيام الجنود والمحققين الأمريكيين، بوضع القرآن الكريم في المرحاض أو البول عليه، وكانوا يعلمون أن هذه الإهانة، لها أثر أكبر من تعذيبنا جسدياً.. أما التعذيب الجسدي، فكانوا يتفنون في استعماله ضدنا".

أمواج الغضب الإسلامي

جاءت ردود أفعال الشعوب الإسلامية الغاضبة، لدينها الغيورة على قرآنها، على قدر بشاعة الجريمة الأمريكية، وقد بلغت موجة الاحتجاجات ذروتها في أفغانستان، حيث قتل ما لا يقل عن 10 أشخاص، وأصيب العشرات في مظاهرات غاضبة بعدة ولايات أفغانية، اشتبك فيها المتظاهرون مع قوات الأمن، لترتفع إلى 17 قتيلا و100 جريح، حصيلة التظاهرات، التي نظمت في أفغانستان.
وفي باكستان المجاورة.. شهدت مدن عدة مظاهرات، انطلقت بعد صلاة الجمعة الأخيرة، وقد أحرق خلالها المتظاهرون العلم الأمريكي، مطالبين حكومتهم بوقف مساعدتها للولايات المتحدة، في حربها على ما تسميه "الإرهاب".

أما في إندونيسيا، فقد تجمع الآلاف من المسلمين بأحد مساجد العاصمة جاكرتا، للتعبير عن غضبهم العارم، وقرأوا بياناً مشتركاً أدان واشنطن بخصوص الانتهاكات في جوانتانامو، كما عبّرت حكومة إندونيسيا -وهي حليف رئيسي في الحرب، التي تقودها الولايات المتحدة على "الإرهاب"- عن قلقها بخصوص التقرير، وقالت: إن المتورطين، يجب أن ينالوا "العقوبة التي يستحقونها"، على أفعالهم "غير الأخلاقية".

وفي مصر.. احتشد المصلون، عقب صلاة الجمعة، أمام الجامع الأزهر الشريف، رافعين المصاحف، منددين بالولايات المتحدة، وعدم اكتراثها بمشاعر المسلمين، كما طالب عدد من علماء الأزهر- في بيان- لهم بالدفاع عن المقدسات والقرآن الكريم، وطلبوا - في البيان- من رئيس الوزراء المصري أن يطالب الولايات المتحدة- أثناء زيارته لها، التي بدأت الجمعة- بتقديم اعتذار رسمي عن إهانتها للقرآن الكريم، كما طالبوا السفير الأمريكي في القاهرة بتقديم اعتذار رسمي عن هذا الانتهاك للقرآن، ووضع سجن جوانتانامو تحت إشراف إدارة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

وفي فلسطين -وفي غمرة معاناة الفلسطينيين من ويلات الاحتلال الصهيوني- خرج الآلاف، منهم في مظاهرة، نظمتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في مخيم جباليا للاجئين بقطاع غزة، وأحرق المتظاهرون، أعلاماً أمريكية وإسرائيلية- في مظاهرة، نظمتها حماس -أيضاً- في ذكرى مرور 57 عاما، على "النكبة".. حيث جرى تشريد مئات الآلاف من الفلسطينيين، في حرب عام 1948، التي أدت إلى قيام إسرائيل.

وفي العراق.. تظاهر آلاف المصلين بعد صلاة الجمعة، انطلاقاً من جامع الإمام الخالصي في بغداد؛ احتجاجاً على تدنيس القرآن ، والهجوم الأمريكي على مدينة القائم -لليوم السادس على التوالي- رافعين شعارات "الإسلام هو الحل"، "اخرجوا أيها الغزاة من أرضنا".

العدالة الأمريكية الغائبة

كان علماء المسلمين من مختلف الأقطار الإسلامية، في طليعة من هبّوا، محتجين ومنددين بالجريمة الأمريكية، فقد طالب فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم " الإدارة الأمريكية بمحاكمة المسئولين العسكريين، المتورطين في جريمة تدنيس القرآن الكريم بمعتقل جوانتانامو.

وأكد الشيخ سلمان العودة -في بيان أصدره يوم السبت- أن جريمة تدنيس المصحف الشريف، عمل دنيء و دليل جديد على استخفاف واشنطن بمشاعر مليار مسلم، يدينون بهذا القرآن ويؤمنون بأنه كلام الله أنزله على محمد -صلى الله عليه وسلم- خاتم النبيين وإمام المرسلين.

وأوضح الشيخ العودة أن هذه الجريمة امتداد للإساءة لشخص الرسول صلى الله عليه وسلم من شخصيات ذاتِ علاقة بالإدارة الأمريكية.. مؤكداً أن المتورطين في تدنيس المصحف، فجرةٌ غادرون، بعيدون عن قيم الحضارة والأخلاق، ومجرمون.

وأشار الشيخ إلى أن المسلمين، يحترمون الأنبياءَ -جميعاً- ولا يسمحون بالمساس بأحد منهم، كما يمقتون المستخفين بمقدسات الإسلام.. معتبراً أن الذين ينالون من شخص النبي صلى الله عليه وسلم وينتهكون حرمة المساجد، حقيرون، لا يعرفون معنى الموضوعية والعلم والأخلاق، وإن كانوا في هيئة البشر إلا أنه ليس لهم منها إلا مظهر الصورة.

وطالب المرشد العام للإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف -في بيان للجماعة -الحكومات العربية والإسلامية بعدم التراخي في اتخاذ الإجراءات الصارمة والحاسمة، التي تتناسب مع بشاعة الجرم، الذي ارتكبه المحققون الأمريكان بسجن جوانتانامو من تدنيس للمصاحف.

وطالبوا -في بيان أصدرته المؤسسات الإسلامية في كافة بلدان العالم برفع أصوات الاحتجاج والاستنكار والإدانة، لما لحق بأقدس المقدسات الإسلامية.

واعتبر عاكف أن الرد على جريمة تدنيس المصاحف، مسئولية كل مسلم غيور على عقيدته وإسلامه، وعلى الجميع أن يبرءوا أنفسهم من إثم التقصير في الدفاع عن القرآن وحرمته ومكانته المقدسة.. مشيرًا إلى أن ما تم، يعد حلقة من سلسلة الاعتداءات على المقدسات الإسلامية، التي طالت الأرض والعرض والكرامة، ولولا العجز والشلل العربي، ما أقدم هؤلاء المجرمون على أفعالهم.

إهدار دم المجرمين

وفي حديث خاص لشبكة "الإسلام اليوم".. طالب الدكتور مصطفى الشكعة المفكر الإسلامي وعضو مجمع البحوث الإسلامية بضرورة أن تقوم المؤسسات الدينية، في العالمين العربي والإسلامي بإهدار دم المجرمين الأمريكان، ممن تورطوا في تدنيس القرآن الكريم، ومعهم كل المجرمين، العاملين في معتقل جوانتانامو، وكذلك ضرورة ممارسة أقصى الضغوط على الولايات المتحدة؛ للقيام بتحقيق دولي حول هذه الجريمة لإدانة أولئك الحاقدين، ووضعهم على قوائم الممنوعين من دخول العالمين العربي والإسلامي.

وأكد أن هذه الجريمة ، تعد دليلاً - لايقبل الشك على زيف الدعاوى الأمريكية، التي لاتمل واشنطن من تكرارها - حول احترام الآخر، وحوار الحضارات، وقيم التسامح الزائفة، التي طالما يتشدقون بها.

وأدان الشكعة حالة الضعف والتردي والهوان، التي سمحت لهؤلاء السفهاء بارتكاب جرائمهم الحمقاء، مشيراً إلى أن صمت العالم الإسلامي على هذه الجرائم وموقفه المريب من الإساءة للإسلام ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم وقرآنه المنزّل، على يد ساسة وقساوسة الغرب يؤكد استمرارية هذه الجرائم، طالما لايوجد لها رادع، مؤكداً أن هذه التصرفات إنما تأتي في إطار استمرار الحملات الصليبية المعادية للإسلام والمسلمين.