هل تتأثر العلاقة الجنسية بمرض السكري؟!

الناقل : SunSet | الكاتب الأصلى : د. عمرو أبو خليل | المصدر : www.boswtol.com

الأمر قد يحتاج إلى سؤال صريح لصاحب الشأن حول حالته الجنسية
الأمر قد يحتاج إلى سؤال صريح لصاحب الشأن حول حالته الجنسية

د. عمرو أبو خليل


الرجاء التكرّم بإفادتي في حل مشكلتي التي عليها سأحدد مصير حياتي؛ فقد تقدّم لي شخص وهو من نواحٍ كثيرة ممتاز، وهو يكبرني بـ١٣ عاما؛ حيث إنه في الأربعين من عمره، وتكمن المشكلة الحقيقية في أن هذا الشخص مصاب بمرض السكري منذ ٣ سنوات، وهو ما يجعلني أتردّد كثيرا في اتخاذ قراري.

حقيقة أودّ أن أعرف كل التفاصيل عن مدى تأثير السكري على الناحية الجنسية، وإلى أي درجة تأخذ الحياة الجنسية الأهمية في الحياة الزوجية؟ وهل يا ترى من السهل على الزوجة أن تضحّي بهذا الجانب في حياتها وترضى بحظها؛ أم إنه ليس من العقل أن أضحّي؟ أرجوكم أفيدوني.

الصديقة العزيزة.. إن تأثير مرض السكري على القدرة الجنسية يأتي من تأثيره على الأعصاب المغذية للعضو الذكري والمسمّاة "الأعصاب الذاتية"، وهي المسئولة عن عملية انتصاب العضو الذكري، ويُؤثّر مرض السكري في مراحل متأخرة منه على حساسية هذه الأعصاب وأدائها لدورها، وهو ما يُؤدّي إلى فقدان الانتصاب، كما أن التغيرات التي يحدثها السكري في الأعصاب الجسمية تؤدّي إلى تفاقم هذا التأثير، وهو تأثير مستمر وغير قابل للعلاج، ولكن يمكن التغلّب عليه بتنشيط طريق آخر للانتصاب دون الاحتياج للأعصاب عن طريق دواء "الفياجرا" شرط أن تكون الرغبة الجنسية عادية، وألا يكون مريض السكري مريضا بالقلب، أو يتعاطى أدوية القلب المحتوية على النيترات.

إن فهمنا العملية الجنسية على أنها ليست مجرد إيلاج عضو داخل عضو أو التقاء جسد بجسد؛ فنقول إن الزوجين متحابان ولن يُؤدّي مرض السكري إلى فقدان الزوجين للجنس كلغة بينهما للتعبير عن الحب، ولكن إذا نظرنا للأمر من الناحية البيولوجية العضوية منفصلة عن الناحية النفسية؛ فإن هذه العملية الجنسية لا تكون كاملة بالمعنى العلمي لها؛ بمعنى أن الزوج لا يكون قادرا على الإيلاج الكامل، وبالتالي قد لا تشعر الزوجة بالمتعة الكاملة التي تشعر بها لحظة الإيلاج أو في أثناء وجود العضو داخلها، وهو ما يؤدي إلى وصولها إلى ذروة الشبق، وهو ما قد يشعرها بالإحباط أو النفور من العملية الجنسية.

لذا فإن بروز هذه المشكلة بين زوجين متفاهمين متحابين بعد فترة من زواجهما، ووجود فترة سابقة لعلاقة جنسية صحيحة وسوية بين الزوجين تجعل الزوجين قادرين على تجاوز هذه الأزمة في العلاقة الجنسية، أما أن تبدأ حياة زوجية جديدة على هذا الوضع؛ بحيث تكون الزوجة الشابة الصغيرة التي ليس لها حياة جنسية سابقة، وما زالت في ذروة احتياجها الجنسي والعاطفي مطالبة بالتكيّف مع هذا النقص في حياتها الجنسية؛ فهذا أمر يحتاج إلى وقفة لمراجعة الأمر في إطار سؤالك الخطير المطروح في رسالتك، وهو "لأي درجة تأخذ الحياة الجنسية الأهمية في الحياة الزوجية؟ وهل يا ترى من السهل أن تضحّي الزوجة بهذا الجانب من حياتها؟

إن الحياة الجنسية هي جزء من إنسانية الإنسان، بل إن الجنس الإنساني -إن صحّ التعبير- هو أحد تفردات الإنسان على الحيوان، على عكس ما يشيع البعض من أن الجنس هو الجزء
الحيواني منا، ويتحوّل الجنس إلى حيوانية حين يتخلّى الإنسان عن كونه إنسانا وهو يلتقي شريك حياته في هذه اللحظة الحميمية.

لذا فلا يصحّ السؤال أو يصبح السؤال في غير موضعه عندما نقول: هل من السهل أن نضحي بهذا الجانب في حياتنا؟ لأنه لا يصلح أن نتخلّى عن جزء من إنسانيتنا وبشريتنا، وهنا نحن نتحدّث عن الحياة الجنسية بطولها وعرضها، وكل أطيافها التي قد تغني فيها اللمسة الحانية الصادقة عن الإيلاج في لحظة ما، ولكن يظلّ الإيلاج جزءا من الصورة وظلا لها.

إننا نقصد تعبير "الحياة الجنسية"، ونرى أنه أفضل من الجنس أو العملية الجنسية؛ لأنه فعلا حياة كاملة بمراحلها وأطوارها المختلفة ونموّها وتقلباتها؛ فلا يمكن إعطاؤها حكما واحدا أو شكلا جامدا؛ فلكل مرحلة من هذه الحياة ما يناسبها ويصلح لها، وما يصلح لمرحلة ويحدث الاكتفاء في مرحلة قد لا يصلح لمرحلة سابقة أو تالية، وما يكفي شخصا أو زوجين قد لا يكفي آخرين.

نرجو أن تكون هذه التطوافة التي ما كنا ونحن نقرأ رسالتك لأول وهلة نتصوّر أننا سنطوف بها، وكنا نتصوّر أننا سنقول لك هذا هو أثر السكري على القدرة الجنسية للرجل، وهو تأثير يختلف توقيته من شخص لشخص، بل ودرجته أيضا، وقد يحتاج إلى ١٠ سنوات أو أكثر حتى يحدث أثره الكامل؛ ولذا فإن الأمر قد يحتاج إلى سؤال صريح لصاحب الشأن حول حالته الجنسية حاليا، وهو سؤال لا ندري هل وصل مجتمعنا لدرجة تسمح بالسؤال فيه بدرجة مباشرة؛ بحيث نقيّم الموقف بناء على ذلك.. أرجو أن أكون ساهمت في مساعدتك، وأتمنى لك حياة سعيدة.