بتـــــاريخ : 8/7/2008 7:20:20 AM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1502 0


    متى أكبر ؟

    الناقل : heba | العمر :42 | الكاتب الأصلى : هبة مصطفى | المصدر : www.amrkhaled.net

    كلمات مفتاحية  :

    دفعت الشباك دفعة صغيرة بأصابعي .. فإذا بظل ملقى على الأرض .. وصوت أنين مكتوم .. فتاة في عمر الزهور شعراتها تنام على وجنتيها الورديتين التي تبتل بدموعها الحزينة .. بين يديها ترقد قصاصات من الأوراق التي مزقتها .. ثم تحاول أن تعيد تجميعها مرة أخرى .. وتنظر إليها بحزن وتتوقف الدموع .. وتقرب القصاصات المجمعة من عينيها .. تقرأ بعناية .. ثم ألقتها وسالت دموعها وعلا أنينها مرة أخرى .

    منذ متى ؟؟ منذ عدة أشهر ربما .. لم تكن تفكر فيما تفكر فيه الآن ولا تعاني مما تعانيه الآن .

    هل كان دخولها الجامعة يستدعي كل هذه السعادة التي قامت بها .. فقد تخلصت من زي المدرسة التقليدي .. ورمت كل الشرابات البيضاء حتى طرحتها البيضاء تخلصت منها .. وفتحت ذراعيها للجامعة وحياة الجامعة الجديدة .. الآن سترى كل ما سمعت أختها لميا وصديقاتها يتحدثون فيه .. الآن سيكون لها حياتها الجامعية الشخصية التي تحكيها لصديقاتها عندما يأتون لزيارتها مثلما تفعل صديقات أختها .

    في أول يوم .. لم تستمع لكلام أختها أن الدراسة تتأخر أسبوع وربما أسبوعين .. ومن أول يوم جهزت حذاءها الجديد وحقيبتها الجديدة ذات الألوان الغريبة .. وجيب وبلوزة وطرحة ملونة بكل ألوان الدنيا .. إلا الأبيض .. ونامت على رائحة ملابسها الجديدة التي علقتها على شماعة خارج دولاب ملابسها .

    ومع أول ضوء للصباح استيقظت وقلبها يدق من السعادة والقلق .. وارتدت كل ملابسها وبعد أن دقت الساعة الثامنة خرجت منطلقة لكليتها وهي لا تكاد تصدق أنها أصبحت فتاة كبيرة وتذهب أيضا للجامعة .. وتعمدت أن تراها كل من سوسو وشوشو ومي وعايدة بنات الجيران اللاتي مازلن في الثانوي .. كانت تحس بإحساس غريب جداً أول مره تشعر به .. الحقيبة .. ليست مرتاحة في الحقيبة .. لا تعرف كيف تحملها على كتف واحدة .. وغير متعودة أن تمسكها بكلتا يديها .. تريد أن تحملها على كتفيها الاثنين .. كما كانت تحمل حقيبة المدرسة .. هذا الإحساس المزعج مع خجلي وقلقي سيفسد علي أول يوم في الجامعة " هكذا حدثت نفسها " .

    وهاهي الجامعة .. كما كنت أراها من بعيد .. كبيرة وجميلة .. تبدو المباني قديمة قليلاً ولكن غير مهم .. ولو أني كنت أتمنى أن تكون جديدة مثل أول يوم لي .. كحذائي وحقيبتي وطرحتي الملونة .

    دخلت خائفة .. تنظر حولها .. وتحس بأن الجميع ينظرون لها .. فأسرعت الخطى ولم تلتفت لا يمنة ولا يسرى .. وذهبت ووقفت تحت الشجرة الكبيرة التي تواعدت أن تلتقي صديقتها وفاء تحتها .

    مرت عشر دقائق كاملة ووفاء لم تأتي .. ولكني لم أحس بالوقت .. فقد انشغلت بمراقبة الفتيات .. وخصوصا أحذيتهن .. فكثير منهن يلبسن كعباً عالياًِ .. أما أنا فحذائي كحذاء المدرسة إلا أنه ملون كالحقيبة .. عندها أحسست أني غريبة .. أنهم سيكتشفون أني لا أنتمي لمجتمع الجامعة ويضحكون على .. أحسست وقتها أني في المدرسة .. وأن الجرس علا صوته إيذاناً بطابور الصباح .. وعندها أحسست برغبة قوية في البكاء لأني أريد أن أكبر وأكون كأختي لميا وصديقاتها .. مللت من المدرسة ومن الكتب وكل شيء .. أحسست بيد تدفعني فاجأتني ..

    وفاء : صباح الخير

    أنا : تأخرتِ

    وفاء : آسفة لكن المواصلات كانت صعبة عندي الصبح .. تعالى هافرجك على الكلية .

    وأخذتني من يدي .. وأنا لازلت خائفة أن يلاحظ أحدهم حذائي الذي يشبه حذاء المدرسة وألوانه التي اكتشفت أنها سخيفة جداً وتشبه الألوان التي بزي المهرجين .

    ولكن لم ألبث إلا قليلاً جداً .. وعادت إلي السعادة مرة أخرى وأحسست بالأمان مع وفاء فهي معي في سنة أولى .. ولكنها جاءت مرات كثيرة مع والدها الذي يعمل إدارياً في الجامعة ... هي تعرف كل شيء .. وأنا مطمئنة أنها تعرف .. فسرت معها وأنا أحس بالأمان والسعادة .. وأعجبتني كليتي كثيراً بكل ما فيها.

    ومرت الأيام سريعاً واندمجت سريعاً في المحاضرات وحفظت مواعيدها فوراً مثلما كنت أحفظ كلمات اللغة الإنجليزية في المدرسة .. جلست في ركن هادي .. وأخرجت الجدول وحفظته! .. وليس هذا فحسب بل اشتركت في معظم الأنشطة في الكلية .. أريد أن أعيش حياتي الجامعية بكل تفاصيلها وبحذافيرها لا أريد أن يفوتني شيئ .. وفي رحلة من الرحلات .. تعرفت عليه !

    كان يجلس بجواري .. شاب هادئ ومع ذلك فله تعليقات مرحة جداً .. لم يكن يحدثني في البداية وكان يشارك الجميع .. وبعدها سكت لوقت قصير .. والتفت إلي وقال لي ممكن نتعرف ؟؟

    لم أفكر كثيراً .. فهذا جزء من حياة الجامعة .. وجود زملاء من الجنس الآخر .. وأنا سمعت لميا وصديقاتها كثيراً يتحدثون عن زملائهم .. وهناك من يحدث لميا على الهاتف ولكني لم أخبر أمي لأني وعدت لميا .. أنا أيضا سيكون لي قصصي الخاصة التي أتحدث فيها .. كل هذا دار في ذهني في ثانية واحده قبل أن أقول طبعاً .

    ولا أعرف لماذا بدا متفاجئاً للحظة واحدة ولكنه أكمل وعرفني بنفسه .. هو معي في نفس الكلية ولكن سنة ثالثة .. وأنا أيضا قلت تماماً مثلما قال .. اسمي ودراستي وأين أسكن وما هي أنشطتي في الجامعة .. لا أريد أن أبدو غبية لا أعرف كيف أتكلم .

    وتبادلنا حديثاً بسيطاً حول الدراسة وأساتذتنا في الجامعة .. وانتهت الرحلة وكان أهم حدث بها هو تعرفي على هشام .

    وبعدها كان عندما يراني يأتي ليسلم علي وينصرف .. أعتقد أني لم أكن ودودة معه بما يكفي ليتكلم معي أكثر .. فكنت أتعمد حين أراه أن أذهب أنا أولاً وأسلم عليه .. أول مره ذهبت كان يقف وسط أصدقائه .. وبعد أن خطوت خطوة واحدة بعيدا سمعتهم يضحكون ويعلقون تعليقات سخيفة .. لكنه لم يقل شيئاً .. هو إنسان محترم وهادئ وكل شيء جميل به .. والأيام تجعلني أقترب منه أكثر .. وهو أيضا بدأ يتكلم معي أكثر من مجرد إلقاء سلام عابر .. وبعد فترة بسيطة .. قال لي أجمل كلمة سمعتها .. صارحني بحبه .. وصارحته أيضا بما أشعر به .. وكان يوم خيالياً .. وتعلقت به أكثر بكثير من ذي قبل .. وتجرأت أكثر .. وكلما أراه أذهب لأحدثه طويلاً .. وهو متجاوب معي .. لم أحس يوماً باهتمام قوي منه كما أفعل أنا .. ولكنه مهتم ويحدثني ويسأل عني وهذا يكفيني .. إلا أن أتي ذلك اليوم ... لا أعرف ماذا حدث .. تغير كلياً .. حتى أنه لم يجلس معي حين جلست أحدثه ككل يوم وتعلل بمحاضراته وذهب .. مع أنه سابقاً لم يكن يهتم .. وكان يجلس معي .. ويوم يجر يوماً .. لم أعد أراه مطلقاً .. يهرب من اتصالاتي ومن لقائي .. وحتى أصدقاؤه يقولون أنهم لا يعرفون عنه شيئاً .. فلم أجد أمامي إلا أن أصبر وأصارحه بتغيره المفاجئ .

    جلست بجواري وفاء ذات يوم .. ومعها مجلة الكلية .. تصدر بنسخ محدودة .. وكانت تقرأ مشكلة العدد الأسبوعي .. وكانت تقرأ بصوت عالي .. شاب تعرف على فتاة في رحلة .. ما زالت في سنه أولى وهو في سنه ثالثة .. رآها وحيدة فأحب أن يكون على ذوق معها ويعرفها على آخرين .. لكنه فوجئ أنها متجاوبة زيادة .. وبعدها فوجئ أنها تشجع إقامة علاقة عاطفية معه .. فأخبرها أنه يحبها .. عملا بالمثل الذي لا أعرف من أين جاء به " الي يلاقي دلع وميدلعش يبأ عبيط " .. وهي الآن تحبه بشكل لا يوصف .. وهو يقول أنه مل هذه العلاقة ولا يريدها .. أخلص منها إزاي ؟؟

    جذبت المجلة من يد وفاء .. وقرأت مرة أخرى ودموعي بدأت تسقط رغماً عني .. وتركت وفاء حائرة في تساؤلاتها وأسرعت للمنزل .. أبكي وأبكي .. لا أصدق .. فعلاً أحببته .. فعلاً .. ربما كنت مزوداها قليلاً لكن فعلاً أحببته .. ولا أتخيل كيف سيكون لحياتي معنى بدونه .. ولم يمض إلا 3 أشهر على بدء دراستي الجامعية .. قطعت المجلة قطعاً . وبكيت فوقها .. وتمنيت أن أعود مرة ثانية لمدرستي .. وأن تعود لي أفكاري الصغيرة .. لا أريد حياة لميا وصديقاتها .. فعلت تماما مثلما يفعلون .. لماذا يحدث لي أنا هكذا .. هل أنا ثقيلة لهذه الدرجة .. أن يطلب مساعدة في الخلاص مني !!!

    هبة مصطفى

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()