بتـــــاريخ : 11/11/2010 12:20:33 AM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1280 0


    شرح أحاديث عمدة الأحكام الحديث الـ 250 في الهدي وتلقيده القلائد

    الناقل : SunSet | العمر :36 | الكاتب الأصلى : عبد الرحمن بن عبد الله السحيم | المصدر : saaid.net

    كلمات مفتاحية  :


    ح 250

    عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : فَتَلْتُ قَلائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَشْعَرْتُهَا وَقَلَّدَهَا - أَوْ قَلَّدْتُهَا - ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إلَى الْبَيْتِ . وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ , فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلاُّ.

    فيه مسائل :


    1= الفَتْل : اللوي والثني .
    قال ابن منظور : الفَتل : لَيّ الشيء كَلَـيِّك الحبل ، وكَفَتل الفتيلة .

    2= من أي شيء كانت تلك القلائد ؟
    في رواية للبخاري : قَالَتْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : فَتَلْتُ قَلائِدَهَا مِنْ عِهْنٍ كَانَ عِنْدِي .
    وبوّب عليه الإمام البخاري : بَاب الْقَلائِدِ مِنْ الْعِهْنِ .
    قال ابن بطال : العِهن : الصوف ، وأكثر ما يكون مصبوغًا ، ليكون أبلغ في العلامة .

    3= هل يُقلّد الهدي بِغير القلائد المفتولة ؟
    في هذا الحديث أنه بِشيء من الخيوط المفتولة من الصوف .
    وفي حديث جابر أنه قلّدها بالنعلين
    قال النووي في شرح حديث جابر رضي الله عنه : وَفِي هَذَا الْحَدِيث اِسْتِحْبَاب تَقْلِيد الإِبِل بِنَعْلَيْنِ ، وَهُوَ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة ، فَإِنْ قَلَّدَهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ جُلُود أَوْ خُيُوط مَفْتُولَة وَنَحْوهَا ، فَلا بَأْس . اهـ .

    والْجَمْع بين الحديثين ، واختلاف التقليدين مرّة بالخيوط ومرة بالنعال : أن حديث عائشة رضي الله عنها وتقليد الهدي بالخيوط كان والنبي صلى الله عليه وسلم في المدينة ، وكان ذلك قبل حجة الوداع .
    وحديث جابر رضي الله عنه في تقليد النبي صلى الله عليه وسلم لِهَدْيه في حجة الوداع .
    قال القرطبي : وأما القلائد فهي كل ما عُلِّق على أسنمة الهدايا وأعناقها علامة أنه لله سبحانه ، مِن نَعل أو غيره ، وهي سُنة إبراهيمية بَقِيت في الجاهلية وأقَرّها الإسلام ، وهي سُنَّة البقر والغنم .

    4= الإشعار الإعلام ، والشِّعار العَلامَة . قاله ابن منظور .
    قال الخطابي : الإشعار أن يطعن في سنامها بِمبضَع أو نحو ذلك حتى يسيل دمها ، فيكون ذلك عَلَمًا أنها بَدَنة .

    5= بوّب عليه الإمام البخاري : بَابُ مَنْ أَشْعَرَ وَقَلَّدَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ أَحْرَمَ . وَقَالَ نَافِع : كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِذَا أَهْدَى مِنْ الْمَدِينَةِ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ، يَطْعُنُ فِي شِقِّ سَنَامِهِ الأَيْمَنِ بِالشَّفْرَةِ وَوَجْهُهَا قِبَلَ الْقِبْلَةِ بَارِكَة .
    وقال ابن حجر : الإشعار ، وهو أن يكشط جِلد البَدَنة حتى يسيل دم ثم يَسلته ، فيكون ذلك علامة على كونها هديا ، وبذلك قال الجمهور من السلف والخلف . اهـ .

    6= مشروعية الإشعار
    قال ابن عبد البر : قال الشافعي وأبو ثور وأحمد وإسحاق وسائر أهل العلم : تُشْعَر البدن في الشق الأيمن . وحجتهم أن رسول اله صلى الله عليه وسلم قَلّد بَدَنة وأشعرها مِن الشق الأيمن ، وسَلَت الدم عنها .
    وقال ابن حجر : فيه مشروعية الإشعار .

    7= فائدة هذا الإشعار :
    في أمرين :

    الأول : أن يُعلَم أنه هدي فلا يُتعرّض له . وكان الناس يُعظِّمون الهدي حتى في الجاهلية . وفي قصة صُلح الحديبية : فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ : دَعُونِي آتِيهِ [ يعني النبي صلى الله عليه وسلم ] فَقَالُوا : ائْتِهِ . فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَذَا فُلان ، وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْبُدْنَ فَابْعَثُوهَا لَهُ ، فَبُعِثَتْ لَهُ ، وَاسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ يُلَبُّونَ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! مَا يَنْبَغِي لِهَؤُلاءِ أَنْ يُصَدُّوا عَنْ الْبَيْتِ ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ قَالَ : رَأَيْتُ الْبُدْنَ قَدْ قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ ، فَمَا أَرَى أَنْ يُصَدُّوا عَنْ الْبَيْتِ . رواه البخاري .
    وهذا دالّ على تعظيم أهل الجاهلية كل ما له علاقة بالكعبة أو الحرم عموما .

    والثاني : " الإعلام بأنها صارت هديا ليتبعها من يحتاج إلى ذلك ، وحتى لو اختلطت بغيرها تَميزت ، أو ضَلَّت عُرِفت ، أو عَطبت عَرفها المساكين بالعلامة فأكلوها " قاله ابن حجر .

    8= لا عِبرة بِكراهية من كَرِه الإشعار ، بِحُجّة أنه تعذيب للحيوان ، ولا بِحُجّة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اتِّخاذ شيء فيه الروح غَرَضًا ، ولا مِن أجل نَهْيه صلى الله عليه وسلم عن الْمُثْلَة ؛ لأن الذي فَعَل ذلك وأمَر به وشرَعَه ، هو الذي نهى عن ذلك ، ولا تعارُض بين النهي وبين الفِعْل . لأن هذا ليس مُثْلَة ، ولا هو مِن باب اتِّخاذه غَرَضًا وهدَفًا للرماية .
    قال الخطابي : الإشعار ليس مِن جُملة ما نُهِي عنه من الْمُثْلَة ... وإنما المثلَة أن يُقطع عضو من البهيمة يُراد به التعذيب ، أو تُبَان قطعة منها للأكل ، كما كانوا يفعلون ذلك ، مِن قطعهم أسنمة الإبل وإليات الشاء ، يبينونها والبهيمة حية ، فتُعذّب بذلك ، وإنما سبيل الإشعار سبيل ما أُبيح من الكيّ و التبزيغ والتوديج في البهائم ، وسبيل الختان والفِصاد والحجامة في الآدميين ؛ وإذا جاز الكيّ واللذع بالميسم ليُعرَف بذلك ملك صاحبه ، جاز الإشعار ليُعلَم أنه بَدَنة نُسُك ، فتتميّز من سائر افبل ، وتُصان ، فلا يُعرض لها حتى تبلغ المحلّ . وكيف يجوز أن يكون الإشعار مِن باب المثلَة ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة ، وأشعر بُدنَه عام حجّ ، وهو مُتأخِّر . اهـ .

    9= " السنة التقليد ، وهو في الإبل كالإجماع مِن أهل العلم " قاله الخطابي .

    10= تقليد البقر كتقليد الإبل .
    قال البخاري : باب فتل القلائد للبُدْن والبقر .
    قال النووي : وَأَمَّا الْبَقَرَة فَيُسْتَحَبّ عِنْد الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقِيهِ : الْجَمْع فِيهَا بَيْن الإِشْعَار وَالتَّقْلِيد كَالإِبِلِ .
    وقال : مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور اِسْتِحْبَاب الإِشْعَار وَالتَّقْلِيد فِي الإِبِل وَالْبَقَر .
    وقال ابن حجر : اتفق من قال بالإشعار بإلْحَاق البقر في ذلك بالإبل ، إلاَّ سعيد بن جبير .

    11= لا تُشعر الغنم ، ويُكتفى بتقليدها .
    في رواية للبخاري : قالت عائشة رضي الله عنها : كُنّا نُقلِّد الشاء .
    قال النووي : وَأَمَّا الْغَنَم فَيُسْتَحَبّ فِيهَا التَّقْلِيد وَحْده . وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب فَتْل الْقَلائِد .
    وقال ابن حجر : اتفقوا على أن الغنم لا تُشعر لِضعفها ، ولِكون صوفها أو شعرها يَستر موضع الإشعار . وأما على ما نُقِل عن مالك فَلِكونها ليست ذات أسنمة .

    12= استحباب الجمع بين الإشعار والتقليد .
    قال النووي : فِيهِ دَلِيل عَلَى اِسْتِحْبَاب الْجَمْع بَيْن الإِشْعَار وَالتَّقْلِيد فِي الْبُدْن ، وَكَذَلِكَ الْبَقَر . وَفِيهِ أَنَّهُ إِذَا أَرْسَلَ هَدْيَة أَشْعَرَهُ وَقَلَّدَهُ مِنْ بَلَده ، وَلَوْ أَخَذَهُ مَعَهُ أَخَّرَ التَّقْلِيد وَالإِشْعَار إِلَى حِين يُحْرِم مِنْ الْمِيقَات أَوْ مِنْ غَيْره . اهـ .
    يعني : أوْ مِن غير الميقات لِمَن كان محله دون الميقات ، أو كان يمرّ بِمحاذاة ميقات من المواقيت .

    13= مشروعية إهداء الهدي لغير الْمُحْرِم ، ولا يتعلّق به شيء مِن أحكام الإحرام .
    قال ابن عبد البر : فيه أن تقليد الهدي لا يُوجب على صاحبه الإحرام .
    وقال النووي : . وَفِيهِ أَنَّ مَنْ بَعَثَ هَدْيه لا يَصِير مُحْرِمًا وَلا يَحْرُم عَلَيْهِ شَيْء مِمَّا يَحْرُم عَلَى الْمُحْرِم ، وَهَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة . اهـ .
    وهذا بِخلاف الأضحية ، وسيأتي ما يتعلّق بها في باب الأضاحي في كتاب الأطعمة ، إن شاء الله .

    14= فيه تواضع أمهات المؤمنين ، وأن خدمة المرأة لزوجها لا غضاضة فيها ، وإن كان في غير الخدمة الواجبة .
    قال ابن عبد البر : وفيه عَمَل أزواج النبي عليه السلام بأيديهن ، وامتهانهن أنفسهن ، وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتهن نفسه في عَمَل بَيته ، فربما خاط ثوبه ، وخَصَف نَعله . اهـ .

    والله أعلم .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()