بتـــــاريخ : 10/8/2010 7:30:42 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 2332 0


    مقدمة كتاب ( الإسلام .. وتكريم المرأة ) للأستاذ الدكتور حامد الرفاعي

    الناقل : SunSet | العمر :36 | الكاتب الأصلى : حامد الرفاعي | المصدر : www.dialogueonline.org

    كلمات مفتاحية  :

     

     

    مقدمة كتاب

    ( الإسلام ..  وتكريم المرأة )  للأستاذ الدكتور حامد الرفاعي

     

     

    كثر الحديث عن المرأة .. والناس في حوار و جدل متواصل بشأنها وبشأن أحوالها .. ولم لا ؟

     

     

    أليست المرأة أمنا , وزوجتنا , وابنتنا , وأختنا , وجدتنا , وخالتنا وعمتنا .. ؟

     

     

    أليست المرأة شريكة الرجل في تحمل مسؤوليات الحياة .. ؟  "   والمؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون    بالمعروف وينهون عن المنكر " .

    أليست المرأة مكلفة مع الرجل من رب العالمين في النهوض بمهمة الاستخلاف في الأرض " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة .. الآية "

     

     

    أليست المرأة على درجة واحدة مع الرجل في التكريم والإجلال من رب العالمين ؟ " ولقد كرمنا بني آدم .. الآية "

     

     

    أليست قدسية حياة المرأة والرجل على مرتبة واحدة من المكانة والصون عند رب العالمين جلّ جلاله ؟

     

     

    " .. من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعاً "

     

     

    أليست المرأة منبت البشرية ومنشئة أجيالها .. ؟

    " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلكم من نفس واحة وخلق منها زوجها وبث منهما رجال كثيراً ونساء  "

     

     

    أليست المرأة سكن البشرية ومصدر المودة والحنان بين أجيالها ..؟

     

     

    " هو الذي خلق لكم من أنسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " .

     

     

    ألم يمنحها رب العزة والجلال من التكريم والتبجيل أكثر مما هو للرجل ..؟

     

     

    " سأل سائل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أولى الناس  بصحبتي يا رسول الله.. ؟ قال عليه الصلاة والسلام : أمك .. قال ثم من .. ؟ قال أمك .. قال ثم من ..؟ قال أمك ..ثم أبوك .

     

     

    ويقول المصطفى صلوات الله وسلامه علية : " الجنة تحت أقدام الأمهات " .

     

     

    فلا غرابة إذاً ولا عجب .. أن تكون للمرأة هذه المنزلة العظيمة عند الناس .. وأن تنال منهم كل هذا الاهتمام .

     

     

    إلا أن هذا الاهتمام للأسف ليس سواءً بين المهتمين .. فمنهم من كان اهتمامه مصدر شر وإساءة للمرأة وحياتها وكرامتها .. ومنهم من يربد بها خيراً وتكريماً وإجلالاً .

     

     

    منهم من اتخذها سلعة ومتعة .. فأقام علاقته معها على أساس من الانتفاع والاستمتاع والمصلحة العابرة.. ومنهم من أرادها شريكة حياة ورفيقة درب .. فأقام حياته معها على أساس من المودة والاحترام المتبادل بينهما .. وعلى أساس من المسؤولية المتكاملة والمنصفة بينهما في ميادين الحياة .

     

     

    والتاريخ البشري والواقع المعاصر , يتحدثان عن وقائع مؤلمة لما عانته ولا تزال تعانيه المرأة , من ظلم وبخس واعتداء وانتهاك لكرامتها .. وانتقاص لمراتب التكريم والإجلال التي اختصها بها ربها جلّ شأنه .. وبالمقابل فإن المسيرة البشرية تقدم لنا صوراً مشرقة .. ووقائع كريمة وجليلة عن حالة المرأة .. وما تمتعت به ولا تزال من إجلال وتكريم وتقديس .. بين أقوام على أساس مما أوجب له ربها من مكانة وعزة في نفوسهم .. وعلى أساس ما يعتقدون ويؤمنون .

     

     

     ويعرض هذا الكتاب فيما يعرض حالات ووقائع تمثل الموقفين المتناقضين تجاه المرأة عبر التاريخ .. كما يقدم جانباً من الهجمة الشرسة والمتواصلة من جهات متعددة رسمية وشعبية في العالم .. من أجل النيل من كرامة المرأة ورسالتها المقدسة في الحياة .. كما يعرف الكتاب بالتحالف الإيجابي والخيّر بين جهات دينية وفكرية رسمية وشعبية في العالم .. من أجل التأكيد على القيم الربانية الخالدة التي سنها رب الناس .. وتعارف عليها العقلاء والحكماء والمصلحون .. بشأن كرامة المرأة وقدسية رسالتها .. وبشأن العلاقة الكريمة المنصفة بينها وبين الرجل .. في ميادين الحيات ومسؤولياتها المتنوعة .

     

     

    مما يؤكد أن هناك صراع ومواجهة بين الخير والشر بشأن مسألة المرأة , ومكانتها ومسؤولياتها  , وقيم العلاقة بينها وبين الرجل في الحياة .. وأحسب أن الأمر سيحسم بنهاية المطاف لصالح كرامة المرأة والرجل , وفق فطرتهما التي فطر الله الإنسان عليها .. وعلى أساس من قيم رب الناس .. اللطيف الخبير الرحيم بأحوالهم وما يصلح لهم .. ومن نماذج بشائر هذا الحسم الخيّر والإيجابي لصالح كرامة الإنسان واستقامته في الحياة .. أن أصواتاً شجاعة ومنصفة تتعالى اليوم في كثير من بقاع الأرض .. تطالب بالكف عن العبثية المزرية والمشينة بمسألة المرأة , ورسالتها الجليلة في الحياة .. ,اذكر فيما يلي نموذجين لحالة صحوة الضمير بشأن المرأة والأسرة والمجتمع :

     

     

    ·      أولهما من التجربة الماركسية الشيوعية :

     

     

    يقول جورباتشوف الرئيس السوفيتي الأسبق في كتابه الشهير البيريستوريكا : ( ولكن طيلة سنوات تاريخنا البطولي والمتألق , عجزنا أن نولي اهتماماً لحقوق المرأة الخاصة , واحتياجاتها الناشئة عن دورها كأم وربة منزل , ووظيفتها التعليمية التي لا غنى عنها بالنسبة للأطفال .. إن المرأة إذ تعمل في مجال البحث العلمي .. وفي مواقع البناء .. وفي الإنتاج والخدمات .. وتشارك في النشاط الإبداعي .. لم يعد لديها وقت للقيام بواجباتها اليومية في المنزل – العمل المنزلي – وتربية الأطفال .. وإقامة جو أسري طيب .. لقد اكتشفنا أن كثيراً من مشاكلنا –  في سلوك الأطفال , والشباب , وفي معنوياتنا , وثقافتنا , وفي الإنتاج  –  تعود جزئياً إلى تدهور العلاقات الأسرية .. والموقف المتراخي من المسؤوليات الأسرية ) . إلى أن يقول :  ( والآن في مجرى البيريستوريكا .. بدأنا نتغلب على الوضع .. ولهذا السبب نجري الآن مناقشات حادة في الصحافة .. وفي المنظمات العامة .. وفي العمل والمنزل .. بخصوص مسألة ما يجب أن نعمله لنسهل على المرأة العودة إلى رسالتها النسائية البحتة )  . إلى أن يقول : ( إن عصب طريقة التفكير الجديدة , يتمثل في الاعتراف بأولوية القيم , ولنكون أكثر دقة , فإن الاهتمام بالقيم هو من أجل بقاء البشرية ) ص 138, 139, 175 .

     

     

    ·      والنموذج الثاني من التجربة اللبرالية :

     

     

     يقول جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق والمشهور في مقالة له , نشرتها جريدة الشرق الأوسط في عددها ( 5730 ) تاريخ 10 / 07 / 1994 م بترخيص من خدمة ( لوس أنجلس تايمز) ونختار منه الفقرات التالية :

     

     

        إن أزمة القيم الراهنة تعود إلى الستينات حيث بدأت النسبية الثقافية والإباحية الأخلاقية , والاستعداد لإلقاء اللوم على المجتمع فيما يتعلق بسلوك الأفراد ).

     

     

    o    إلى أن يقول : ( لقد بدأت أمريكا تجربتها المشؤومة في الإباحية الاجتماعية قبل ثلاثين عاماً , وقد يتطلب نقد هذه العملية ثلاثة عقود أخرى ) .

     

     

    o     إلى أن يقول في مقالة ثانية له نشرت في نفس المرجع السابق :( إن الإباحية الاجتماعية أفرزت لنا أجيال غير مسؤولة , تحولت إلى الجريمة , ففي أمركا كل خمس دقائق تقع ثلاثة جرائم ( جريمة قتل , وجريمة سرقة , وجريمة اغتصاب ) , فلا تستغرب إيها القارئ الكريم إذا علمت أن هذه الجرائم قد وقعة بالفعل مع نهاية قراءتك لهذا الفقرات من هذا المقال ‍‍‍.. إن الجريمة اليوم تكلفنا باهضاً  .. إننا ننفق على مكافحة الجريمة سنوياً ما يزيد عن 80 مليار دولار ..وتضيف لإساءة استخدام الثروة والفساد الاجتماعي بلايين أخرى لا تحصى .. ولكن الثمن الإنساني الذي يدفع موتاً وتدميراً لحياة الإنسان , وآمالاً محبطة هو أغلى بكثير , ويقع بتفاوت مرير على قلة حصانتنا).

     

     

    o  ويختم جيمس بيكر فيقول : ( إن المسؤولية الشخصية هي ما يجعلنا شعباً قوياً, أما الاستمرار في أزمة القيم فسيحولنا إلى شعب ضعيف ).

     

     

    وفي عام 2000 م زارنا في مؤتمر العالم الإسلامي بجدة وفد نسائي أمريكي , برئاسة السيدة جينا أبر كرومبي / مستشارة الرئيس كلنتون , ومسؤولة في مجلس الأمن القومي الأمريكي , ورئيسة دائرة شؤون بلدان أسيا وجنوب شرق آسيا إذ ذاك  في وزارة الخارجية الأمريكية, وهي اليوم القنصل الأمريكي بجدة , وكان الوفد مهتم بمسألتين:

     

     

    1. المرأة,

     

     

    2. الديموقراطية.

     

     

    أما حوارنا بشأن المرأة وهو ما يتعلق بموضوع هذا الكتاب , فقد بدأ بسؤال للسيدة جينا حيث قالت : لقد حاولنا بأنفسنا التعرف على وضع المرأة في الإسلام فلم نستطع .. واستعنا بأصدقائنا من العرب والمسلمين , فجاءت المعلومات متناقضة .. فقررنا أن نأتي مباشرة إلى ديار المسلمين , لنسمع منهم مباشرة بشأن هذه المسألة .. وأنتم في مؤتمر العالم الإسلامي والدكتور حامد شخصياً ممن رشحوا لنا , للتحاور معهم بهذا الشأن , فماذا عندكم يا سيدي ..؟

     

     

    قلت لها بعد الترحيب والشكر والتقدير : عندي كلمة واحدة .. فإن حققت المطلوب اختصرنا الطريق .. وإلا سنفتح الملفات للمزيد من التفصيل والتوضيح .. قالت وما هي هذه الكلمة ..؟

    قلت إن مسألة المرأة عندنا , وعند العظماء الذين أسسوا أمريكا وكل عظماء العالم وحكمائه سواء .. المرأة : أم المجتمع , ومصدر استقراره , وحارسة أمنه .. والأسرة : هي الوحدة الأساس من وحدات بناء المجتمع المدني السليم .. بل هي المؤسسة المركزية بين مؤسسات المجتمع الحضاري الآمن .. ونقطة الافتراق يا سيدتي بيننا وبينكم بشأن المرأة , بدأت يوم أن قررتم - على نقيض منهج أجدادكم وعظمائكم - أن تشطبوا مؤسسة الأسرة من مؤسسات المجتمع المدني .. بل وألغيتموها .. واستبدلتموها بالإباحية الاجتماعية.. وأقمتم على أساس من هذا القرار وهذا التوجه الثقافي الطارئ لديكم .. قاعدة تحرير المرأة من البيت .. أي تحرير المرأة من ثقافة الأسرة إلى ثقافة الا أسرة .. أو ثقافة تعدد وتنوع الأسرة.. وما يتعلق بذلك من سلوكيات معروفة لدى الوفد الكريم .. أما نحن فلا نزال نصر على تمسكنا بمبدأ : أن الأسرة والتي عمادها المرأة , والمؤسسة على التزاوج الشرعي والقانوني بين المرأة والرجل .. هي الوحدة الأساس , والمؤسسة المركزية بين مؤسسات المجتمع المدني المتحضر والآمن .

     

     

    قالت مبتسمة : وهل تريدني إن أهجر عملي في مجلس الأمن القومي لبلدي وأعود للأسرة ..؟  قلت لها لا .. ولكن عليك وعليّ , وعلى كل رجل وامرأة , وعلى كل فلسفة لأي مجتمع ابتداءً , أن تقوم على العلاقة المتوازنة بين واجبات كل فرد في مؤسسة الأسرى  , والمؤسسات الأخرى في المجتمع .. وعلينا أن نؤمن جميعاً بأن مؤسسة الأمن القومي الأولى لكل أمة هي الأسرة .. وما يأتي بعدها من مؤسسات وأسباب .. ينبغي أن يكون امتداداً لها وليس إلغاءً لوجودها , ومسخاً لرسالتها المقدسة .

    قالت : أشكرك لقد أجبت وأفدت .. حقاً ما قلت هو نقطة مركزية وجوهرية .. بين رؤيتنا ورؤيتكم بشأن الأسرة والمجتمع .. جديرة بالاحترام والتأمل .. وأعتبر ما قلت كاف ويغني عن الدخول في التفاصيل , لأنها غالباً مبنية على أساس من هذا التوجه الذي سأنقله بأمانة للمسؤولين المعنيين .

     

     

    ومن الجدير بالذكر أن السيدة هيلاري كلنتون وبعد شهر تقريباً من هذا اللقاء , كتبت في مقالتها الأسبوعية – آن ذاك -  في جريد عرب نيوز السعودية عبارة جاء فيها : "  آن الأوان لنا في أمريكا , لأن نقيم علاقة توازن بين واجباتنا في الأسرة وباقي مؤسسات المجتمع.  

    المؤلف
    جدة في /  25 محرم 1426 هـ
    05  مارس 2005 م


    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()