بتـــــاريخ : 8/3/2010 5:01:56 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1852 0


    وصول الإمام الحسين إلى أرض كربلاء

    الناقل : SunSet | العمر :36 | المصدر : www.holykarbala.net

    كلمات مفتاحية  :


     

    (وصول الإمام الحسين إلى أرض كربلاء)


    وفي الطريق إلى الكوفة ، إلتقى الإمام الحسين (عليه السلام) بالحرّ بن يزيد الرياحي ، وكان مُرسلاً مِن قِبَل ابن زياد في ألف فارس ، وهو يريد أن يذهب بالإمام إلى ابن زياد ، فلم يوافق الإمام الحسين على ذلك ، واستمرّ في السير حتى وصل إلى أرض كربلاء في اليوم الثاني من شهر محرم سنة 61 للهجرة .
    فلمّا نزل بها ، قال : ما يُقال لهذه الأرض ؟
    فقالوا : كربلاء !
    فقال الإمام : «اللهم إنّي أعوذُ بك من الكرب والبلاء» ، ثم قال لأصحابه : إنزِلوا ، هاهنا مَحَطّ رحالنا ، ومَسفك دمائنا ، وهنا محلّ قبورنا . بهذا حدّثني جدّي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .(1)
    قال السيد ابن طاووس في كتاب «الملهوف» :
    لمّا نزلوا بكربلاء جلس الإمام الحسين (عليه السلام) يُصلح سيفه ويقول :

    يـا دهرُ أفٍ لك من خليل
    كم لك بالإشراق و الأصيل
    مِن طـالبٍ وصاحبٍ قتيل
    و الدهـر لا يقنـعُ بالبَديل
    وكـلّ حيّ سالكٌ سبيلـي(2)
    ما أقربَ الوعد من الرحيلِ

    وإنّما الأمر إلى الجليلِ

    فسمعت السيدة زينب بنت فاطمة (عليها السلام) ذلك ، فقالت : يا أخي هذا كلام مَن أيقَن بالقَتل !
    فقال : نعم يا أختاه .
    فقالت زينب : واثكلاه ! ينعى إليّ الحسين نفسه .
    وبكت النِسوة ، ولَطمن الخدود ، وشقَقن الجيوب ، وجعلت أمّ كلثوم تنادي : وامحمّداه ! واعليّاه ! وا أمّاه ! وا فاطمتاه !واحَسَناه ! واحُسيناه ! واضيعتاه بعدك يا أبا عبد الله ... إلى آخره .(3)
    ورَوى الشيخ المفيد في كتاب (الإرشاد) هذا الخبر بكيفيّة أُخرى وهي :
    قال علي بن الحسين [زين العابدين] (عليهما السلام) :
    إنّي جالس في تلك العشيّة التي قُتل أبي في صبيحتها ، وعندي عمّتي زينب تُمرّضني ، إذ اعتزل أبي في خِباء له(4) ، وعنده جوين مولى أبي ذرٍ الغفاري ، وهو يعالج سيفه(5) ويُصلحه ، وأبي يقول :

    يا دهـر أفّ لك من خليل
    كم لك بالإشراق والأصيل
    مِـن صاحب وطالبٍ قتيل
    والدهـر لا يقنـع بالبديل
    و إنّمـا الأمـر إلى الجلل
    وكلّ حـي سـالكٌ سبيلي


    فأعادها مرّتين أو ثلاثاً ، حتّى فهمتُها ، وعَرفت ما أراد ، فخَنَقتني العبرة ، فرددتها ، ولَزِمتُ السكوت ، وعلِمت أنّ البلاء قد نزل .
    وأمّا عمتي : فإنّها سَمِعت ما سمعتُ ، وهي إمرأة ، ومن شأنها النساء : الرقّة والجزع ، فلم تِملِك نفسها ، إذ وَثَبت تجرّ ثوبها ، حتى انتهت إليه فقالت :
    واثكلاه ! ليتَ الموت أعدَمَني الحياة ، اليوم ماتت أُمّي فاطمة ، وأبي علي ، وأخي الحسن ، يا خليفة الماضين وثِمال الباقين !
    فنظر إليها الإمام الحسين فقال لها : يا أُخيَّة ! لا يُذهِبنّ حِلمَك الشيطان .
    وتَرقرَقَت عيناه بالدموع ، وقال : يا أُختاه ، «لو تُرك القَطا لغَفا ونامَ»(6).
    فقالت : يا ويلتاه ! أفتغتصب نفسك اغتصاباً ؟(7) فذاك أقرَحُ لقلبي ، وأشدّ على نفسي ، ثمّ لطمت وجهها ! وأهوَت إلى جيبِها فشقّته ، وخرّت مغشيّاً عليها .
    فقام إليها الإمام الحسين (عليه السلام) فَصَبّ على وجهها الماء ، وقال لها :
    إيهاً يا أُختها ! إتّقي الله ، وتَعزّي بعزاء الله ، واعلمي أنّ أهل الأرض يموتون وأنّ أهل السماء لا يَبقون ، وأنّ كلّ شيء هالِك إلا وجه الله ، الذي خلق الخلق بقُدرته ، ويَبعث الخلق ويعيدهم وهو فردٌ وحده .
    جدّي خيرٌ مني ، وأبي خيرٌ منّي ، وأُمّي خيرٌ منّي ، وأخي [الحسن] خيرٌ منّي ، ولي ولكلّ مسلم برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أُسوة .
    فعزّاها بهذا ونحوه ، وقال لها : «يا أُختاه إني أقسمتُ عليكِ ، فأبِرّي قَسَمي(8).
    لا تَشُقّي عَلَيّ جَيباً ، ولا تَخمشي عليّ وجهاً ، ولا تَدعي عليّ بالويل والثُبور إذا أنا هلكتُ» .
    ثمّ جاء بها حتّى أجلسها عندي ، وخرج إلى أصحابه ...(9)
    أقول : سمعتُ من بعض الأفاضل : أنّ هذه الأبيات كانت مشؤمة عند العَرب ، ولم يُعرف قائلُها ، وكان المشهور عند الناس : أنّ كلّ مَن أحسّ بخطر الموت أو القتل كان يتمثّل بهذه الأبيات .
    ولا يَبعدُ هذا الكلام من الصحّة ، لأنّ الأبيات مُشتملة على عتاب الدهر وتوبيخه لا غير ، ولعلّ لهذا السبب أحسّت السيدة زينب باقتراب الخطر من أخيها الإمام الحسين (عليه السلام) وقالت : هذا الحسين يَنعى إليّ نفسه .
    وهكذا الإمام زين العابدين (عليه السلام) تَراه قد استَنبَطَ من قراءة هذه الأبيات نُزول البلاء .
    حيث إنّ هذه الأبيات لا تُصرّح ـ بظاهرها ـ بشيء من هذه الأمور ، كخطر الموت أو اقتراب موعد القتل .
    هذا .. والظاهر أنّ نهي الإمام الحسين أُخته السيدة زينب عن شقّ الجيب وخَمش الوجه إنّما كان خاصّاً بساعة قتل الإمام ، بعد الإنتباه إلى قول الإمام : «إذا أنا هلكتُ» .
    وبعبارة أخرى : إنما منَعَها أن تَشُقّ جيبها أو تخمش وجهها ساعة مصيبة مقتل الإمام وشهادته . والسيدة زينب إمتثَلت أمر أخيها ، ولم تفعل شيئاً من هذا القبيل عند شهادة الإمام في كربلاء . وإنّما قامت ببعض هذه الأعمال في الكوفة ، وفي الشام في مجلس يزيد ، عندما شاهدت ما قام به يزيد (لعنة الله عليه) من أنواع الإهانة برأس الإمام الحسين عليه السلام .
    ولعلّ نهي الإمام أخته عن شقّ الجيب ـ في تلك الساعة أو الساعات الرهيبة ـ كان لهذه الحِكمة : وهي أن لا يظهر منها أثر الضعف والإنكسار والإنهيار ، أمام أولئك الأعداء الألدّاء ، فقد كان المطلوب من السيدات ـ حينذاك ـ الصبر والتجلّد وعدم الجزع أمام المصائب .
    لانّ هذا النوع من الشجاعة ـ وفي تلك الظروف بالذات ـ ضروري أمام العدوّ الحاقد ، الذي كان يتحيّن كلّ فرصة للقيام بأيّ خطوة تُناسب نفسيّته اللئيمة ، تجاه تلك العائلة المكرّمة الشريفة ، وكانت مواجهة الحوادث بصبر جميل ومعنويّات عالية ، تعني تفويت الفُرص أمام تفكير العدوّ القيام بأيّ نوع من أنواع الاعتداء والإهانة وسحق الكرامة تجاه تلك السيدات الطاهرات المفجوعات ، اللواتي فقدن المُحامي والمدافع عنهن !
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) كتاب «الملهوف» ص 139 .
    (2) وفي نسخة :

    وإنّما الأمر إلـى الجليـل
    وكـلّ حيّ فإلـى سبيلـي
    ما أقرب الوعد إلى الرحيل
    إلـى جنـانٍ وإلى مقيـلِ

    (3) كتاب (الملهوف على قتلى الطفوف) للسيد علي بن موسى بن طاووس ، المتوفّى سنة 664 هـ ، ص 139 .
    (4) خِباء : خيمة .
    (5) ضمير هو : يرجع إلى جوين ، يُعالج : يُحاول إعداده للإستعمال في القتال .
    (6) القطا : طائرٌ معروف ، واحدة : القطاة . قالوا ـ في الأمثال ـ : «لو تُرك القطا ليلاً لَنام» يُضرَبُ مثلاً لِمَن حُمِل أو أُجبِر على مكروه من غير إرادته ، وذلك أنّ القطا لا يطير ليلاً إذا أذا أزعجوه وأفسدوا عليه راحته ، فإذا طار القطا ليلاً كان ذلك علامة على أنّ عدوّاً يُلاحقه .
    ومعنى كلام الإمام الحسين (عليه السلام) : إنّ العدوّ لو كان يتركُنا لكنّا نَبقى في وطننا في المدينة ، ولكنّه أزعجنا وأخرجَنا من بلادنا ، وسيَبقى يُلاحقنا إلى أن نَسلَم منه أو يَقتُلنا . المحقق
    (7) أي : تُقتَل ظُلماً وقَهراً .
    (8) أبرّي قَسَمي : أجيبيني إلى ما أقسَمتُكِ عليه ، ولا تَحنَثي ذلك . كما في «لسان العرب» . المحقق
    (9) كتاب (الإرشاد) للشيخ المفيد ، ص 232 . وذكره الطبري ـ المتوفّى عام 310 هـ ـ في تاريخه ج 5 ص 420 .


    المصدر : كتاب / زينب الكبرى من المهد إلى اللحد / السيد محمد كاظم القزويني


    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()