بتـــــاريخ : 7/26/2010 4:17:35 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1053 0


    الحضارة بين الإيمان والإلحاد

    الناقل : SunSet | العمر :36 | الكاتب الأصلى : الشيخ محمد الغزالي | المصدر : www.altareekh.com

    كلمات مفتاحية  :

    لا يختلف أحد مع نفسه أن العصر الذي نعيش فيه عصر طغيان المادة واستحكام أمرهاوسيطرة نوازعها الطيبة والخبيثة على تقاليد الحياة وقوانينها ، ونعنى بالمادةتغليب البدن على الروح ٬ وتغليب الدنيا على الآخرة ، أو بتعبير أصرح جحود ما وراءعالمنا المحسوس من حياة أخرى في يومنا القريب أو في غدنا البعيد ٬ وإطراح الأديانباعتبارها أفكارا تبدي وتعيد حول هذه المعاني...!
     
    وإن كان لا بأس من قبول الأديان ٬من حيث كونها وصايا خلقية ٬ ونصائح شخصية ٬ ومسكنات اجتماعية!!. أما الإيمان باللهإيمانا ينطوي على الجد والتوقير والملاحظة ٬ ويرتقي إلى مصاف المسائل التي تهتم بهاالدول ٬ وتعقد لها المؤتمرات ٬ على نحو ما نسمع به ونقرأ عنه فلا.. وأما الإيمانباليوم الآخر  إيمانا يقذف في النفوس أن العمران البشري إلى انقراض ٬ وأن النشاطالإنساني منقلب لا محالة يوما إلى حساب دقيق ٬ ونقد عميق ٬ كما يقول الشاعر:
     
    فإنككالليل الذي هو مدركي **وإن خلت أن المنتأى عنك واسع!
     
     فهذا أيضا لا يكترث العالم به،  ولا يستعد له ، بل لعله شيء يهزأ به ، ويسخر من أصحابه.
     
    والأديان برغم ما يزعم لهامن منزلة تقليدية أقصيت تماما عن مراكز التوجيه الأعلى للإنسان ، والدنيا الآن تسيربقوة جارفة إلى غير غاية ٬ وهى مشغولة أعظم الشغل بالوقود الذي تستهلكه في هذاالسير من غذاء ٬ وكساء ٬ ومتاع ٬ وشهوة ٬ وذهب وفضة ٬ وما يستتبعه الحصول على هذاالوقود ٬ من خصام وسلام ٬ واغتيال واحتيال ٬ وانقسام وانسجام.
     
    وهذا هو عمل الدول قديما وحديثا في عصبة الأمم ومجلس الأمن ، وقد سخر العلمتسخيرا ناجحا في هذه الآفاق كلها ، ويوشك أن تأخذ الأرض زخرفها وتزدان ٬ ويظن أهلهاأنهم قادرون عليها.. ثم ماذا بعد ذلك؟. إن الأفئدة لما فرغت من الإيمان باللهواليوم الأخر ٬ امتلأت إيمانا بأمور أخرى ٬ اختلقتها اختلاقا ، فالحقيقة كما يقولالعلامة ‘هارى أرسون ‘ في كتابه كيف تكون رجلا حقا؟: ‘.. إنه ما من إنسان يستطيع أنيكون غير مؤمن ٬ فقد ر كب الإنسان من الناحية النفسانية بحيث أصبح مضطرا إلىالإيمان بالله أو بغيره!. ومتى مات الإيمان الإيجابي ٬ فإن الإيمان السلبي يحلمحله ، يتعلق بالمستحيلات أكثر من الممكنات ٬ وبالآراء التي تجعل منا ضحايا للحياة ٬لا سادة لها ٬ وبالفلسفات التي تدفعنا إلى مثل الحالة النفسية التي كان ‘ رابليهيجود فيها بأنفاسه وهو يقول: اسدلوا الستار ٬ فقد انتهى تمثيل المهزلة.
     
    وهذا صحيح ٬ فالإنسان إن لم يعبد الله عبد غيره ٬ ولن يتحرر البتة من العبودية" إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا " وفى التدليل على هذه الحقيقة  يذكرالمؤلف أن صديقا لـ ‘ برجنيف ‘ كتب إليه يوما لشيء : " يبدو لي أن وضع الإنسان نفسهفي المحل الثاني هو كل مغزى الحياة ، فأجابه قائلا : يبدو لي أن اهتداء المرء إلى مايقدمه على نفسه ويضعه في المحل الأول  هو كل مشكلة الحياة.. فالذي يقدمه الإنسانعلى نفسه كائنا ما كان هو ما يؤمن به ، ومتى بذل الإنسان إيمانه من قلبه ٬ فقد شدزناد النشاط الإنساني ‘ ا. هـ.
    ونحن نأسف  لأن الأجيال الحاضرة ضلت سبيل الإيمان الصحيح ٬ واستنفدت قواها فيباطل بعد باطل ، كما نأسف لأنها لما عجزت عن التسامي بالغرائز السفلى استنامت لها٬وهامت فيها ٬ وقررت إطلاق زمامها لتعربد كيف تشاء.
     وعندي أن هذا الارتكاسالروحاني  يفوت ثمرات التقدم العلمي كلها ٬ فخير للناس أن يمشوا على الأرض وهمأطهار  من أن يطيروا في الجو وهم لصوص ، وخير للأرض أن تكون معابد مضاءة بالشموع ٬من أن تكون مراقص مضاءة بالكهرباء ، على أي أنقاض قامت المادية الحديثة: إن الماديةالقائمة على نوازع الأثرة وقوانين المنفعة ٬ وانتهاز اللذائذ واشترائها بأي ثمن ٬قد كسبت المعركة ضد الأديان ٬ دون أن تجد أمامها مقاومة تذكر.
     
     ونعنى بالأديان ماكان له أصل محترم من وحى السماء ، أما ما يسود الهند والصين واليابان وغيرها منوثنيات أخذت سمت الدين وصيغته ٬ فهي أفكار وعواطف أرضية ٬ لا مكان هنا لمحاسبتها. وإنما نعرض لليهودية والمسيحية.. ثم نتكلم عن الإسلام.
    ولما كان التقدم العلمي والاتجاه المادي  قد طفر طفرته الكبرى في الغرب ٬ حيثتوجد اليهودية وتسود المسيحية ، ولما كان الإسلام في هذه الفترة محسورا في بلاده ٬بين همل لا يدركون شيئا ٬ ولا يحسنون عملا ٬ بل كان شائه الحقائق ٬ طامس المعالم ،  راكد التيار.. فقد انفردت المادية بالديانتين القديمتين فافترستهما ٬ ونظرت في شرقالأرض وغربها فلم تسمع صوتا يتحداها ، فظنت أن الأمر قد استتب لها ، ولم تحسب فيالإسلام قوة يستطيع بها البقاء ٬ بله زيادة من قوة يستطيع بها المغالبة والنجاح ، إذكانت جماهير المسلمين أشبه بالغيوم الكثيفة حول شمس الإسلام تميت شعاعه  ، وتردنهاره ظلاما طويلا
    المصدر : موقع الشيخ محمد الغزالي

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()