بتـــــاريخ : 7/25/2008 12:09:10 PM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1539 0


    خبرات الإساءة في مرحلة الطفولة ( 1 / 2 ) .

    الناقل : heba | العمر :42 | الكاتب الأصلى : د. مسفر بن يحيى القحطاني | المصدر : www.almostshar.com

    كلمات مفتاحية  :
    طفل

    خبرات الإساءة في مرحلة الطفولة ( 1 / 2 ) .

     

    د. مسفر بن يحيى القحطاني .

      

    أطفال الأمة هم أمل الغد، وبهم تنهض، وهم أساس استمرارها وعليهم تعلق الآمال، وعلى قدر ما يحصل عليه الأطفال من حقوق هـي لهم مشروعة وواجب على كل أب وأم، بقدر ما يتحقق على أيديهم نجاح مجتمعاتهم ورقيها. ومن هذه الحقوق والواجبات أن ينشأ النشأة السليمة في محيط أسري ينعم بالرحمة والهدوء ومحيط مجتمعي يوفر لهم الأمان والاستقرار ويدفعهم نحو الأمام بقوة وثبات ؛ حتى ينعموا بقدرٍ من الصحة النفسية بعيدًا عن خبرات الإساءة وكل ما يدمر الذات وينهي الشعور بالاطمئنان واستقرار النفس، وتتباين المجتمعات الإنسانية في منح الأطفال حقوقهم وما لهم من واجبات وذلك من ثقافة مجتمع إلى آخر بحسب المنطلقات العقدية والفكرية التي يقوم عليها كل مجتمع وظروفه السياسية والاقتصادية والاجتماعية .

     

     والأطفال لا تقتصر حاجاتهم على الغذاء والملبس والمأوى والرعاية الصحية اللازمة فحسب بل يحتاجون أيضا إلى جانب ذلك كله إلى النمو النفسي والاجتماعي المتوازن المشبع لكل مرحلة من مراحلهم العمرية والتي تجعلهم أفراداً أسوياء ناضجين في كل ما يصدر عنهم من سلوك وفي طبيعة تفاعلهم مع أنفسهم ومع الآخرين. ولكن حين يتعرض الأطفال خلال عملية التنشئة الاجتماعية إلي خبرات سيئة ومواقف مؤلمة فإن ذلك سيجعلهم عرضة للكثير من المشكلات والاضطرابات النفسية، وهذا ما أكد عليه علماء نفس الطفولة وعلماء الطب النفسي وعلماء التربية من أن " طفولة الإنسان تعتبر من أكثر مراحل الحياة أهمية وخطورة وهي تلعب دوراً بارزاً في بناء قدرات الإنسان وتكوين شخصيته، وحتى وأن بعض مشكلات الكبار ترجع في أسبابها إلى مرحلة الطفولة وإلى التجارب القاسية التي تحيط بالإنسان في طفولته. ولقد أرجع فرويد حالات المرض في مراحل الكبر إلى تجارب السنوات الخمس الأولى من حياة الشخص. وأكد أن جميع اهتمامات الشخص البالغ وتفضيلاته واتجاهاته وضعت جذورها في مرحلة الطفولة.

     

    ولذا يجب على المحلل النفسي أن يتتبع الأعراض المرضية، وأن يرجع في دراسته إلى التجارب التي مارسها وعايشها الطفل، ولا يقف عند حد الفترة الزمنية التي تحدث فيها الحالة المرضية فبيئة الطفل الأولى ذات تأثير هائل في تعيين الطريق أمام التوافق في مرحلة الرشد. فشاب اليوم.. طفل الأمس، وأن نظرة على طفولته لجديرة بان تبين لنا الأسس النفسية لما عليه سلوكه اليوم من سواء أو شذوذ أو جناح، فلقد أشار علماء النفس لأثر الماضي المبكر من حياة الفرد في حاضره، ومن أثر الصدمات الانفعالية أبان مرحلتي الرضاعة والطفولة المبكرة في التمهيد لاضطراب الشخصية في عهد الكبر. ولاشك أن خبرات الطفولة لها أهميتها بل خطورتها في المراحل المتأخرة من نمو الشخصية. فالإطـار الأساسي لشخصية الفرد يتشكل خلال الخمس أو الست سنوات الأولى من عمر الطفولة. لأن للطريقة التي يُربى بها الطفل في سنواته الأولى دور مهم في تكوينه النفسي فأسلوب التربية الذي يثير مشاعر الخوف وانعدام الأمن في مواقف التفاعل يترتب عليه تعرض الطفل لمشكلات نفسية أو اضطرابات نفسية.

     

    وتاريخياً فأن سوء معاملة الأطفال والقسوة في التعامل معهم لها تـاريخ طويل إذ تعددت صور إساءتهم وإهانتهم لدى معظم المجتمعات وعبر التاريخ الإنساني. ففي العصور القديمة كان الأطفال يقدمون كقرابين، كما كان غير المرغوب فيهم من قبل ذويهم ـ وبصفة خاصة البنات ـ يتم تركهم في العراء على سفوح الجبال حتى الموت، كذلك في العصور الحديثة ـ عصر الثورة الصناعيةـ كان الأطفال يعملون لساعات طويلة في المصانع وفي تنظيف المداخن وفي مناجم الفحم وقد كان للجروح والإصابات التي قاسى منها هؤلاء الأطفال الفضل في نشأة ودفع حركة الإصلاح في القرن التاسع عشر.

     

     أما الاهتمام بدراسة وعلاج مشكلة إساءة معاملة الأطفال فهي حديثة نسبياً وخصوصاً في مجتمعاتنا العربية ودليل ذلك أن ما هو متوفر من الدراسات العربية في هذا الجانب كانت خلال العقدين الماضيين كما أنها قليلة ونادرة وقد يعزى ذلك إلى عدة أسباب منها أن السبب يعود إلى اعتقاد البعض بأن هذه الأمور خاصة لا تعنينا في كثير أو قليل وهي ليست تلك المشكلة التي تستحق عناء البحث، فهم يرون بأن الطفل سوف يتجاوز هذه المرحلة، وعندها تنتهي كل المشكلات، إلا أن من عانى منها لا يزال يذكرها وإن كان يحاول جاهداً نسيانها أو تناسيها.

     

    طفولة الإنسان كما يؤكد علماء النفس هي أهم مرحلة من مراحل حياته لأنها المرحلة التي يتحدد فيها مفهوم هذا الإنسان للحياة ونظرته إليها فإذا تعرض لخبرات مؤلمة أختل نموه النفسي وأصبح مهيأ للانحراف في أي مرحلة من مراحل حياته، هذه الخبرات المؤلمة مصدرها أسرة الطفل لأنها البيئة الوحيدة المحيطة به في هذه المرحلة. ورغم التأخر النسبي الذي حصل فيما يخص التنبيه على ظاهرة إساءة معاملة الأطفال، إلا أن دراسات سابقة حتى على صعيد المملكة نبهت إلى وجود هـذه الظاهرة في أوساط مجتمعاتنا العربية ودعت جميعها إلى عدم تجاهلها والبحث عنها لدراستها ووضع حلولاً مناسبة لها لتلائم بيئتنا وثقافتنا، خصوصاً وأن المملكة العربية السعودية كانت من أوائل الموقعين على معاهدة حقوق الطفل وهي بتبنيها الدين الإسلامي كمرجعية قانونية حصرية تتفوق على غيرها من البلدان وذلك لأن الدين الإسلامي كان سباقاً إلى حماية الطفل ولعل من أول السلوكيات التي حرمها الإسلام في هذا الجانب هي منع وأد البنات. حيث يقول الله تعالى: ( وَإِذَا الموءودة سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ) ( التكوير: 8 ـ 9

     ) .

     

     

     

    كلمات مفتاحية  :
    طفل

    تعليقات الزوار ()