بتـــــاريخ : 7/20/2008 7:55:54 PM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 958 0


    أعنف العنف .

    الناقل : heba | العمر :42 | الكاتب الأصلى : فهد بن سليمان الشقيران | المصدر : www.almostshar.com

    كلمات مفتاحية  :
    اسرة


    أعنف العنف .

     

    أ. فهد بن سليمان الشقيران .

     نشرت الصحف في الأسبوع الماضي عدة أخبار تتعلق بـ»العنف الأسري» وهو المرض الفتاك الذي ينخر بصمت في عمق مجتمعنا الآن، إذا كنا قد مررنا بفترة ضحكنا فيها على أنفسنا وظننا أننا من المعصومين فإن هذه الظاهرة تجعل من يتتبع أخبارها يصاب بالإحباط، خاصةً وأن الإحصائيات تتطور وتزداد، وظهور هذه الحالات لا يعود إلى كون هذه الحالات جديدة علينا، ولكن الصحافة هي التي بدأت تنفتح أكثر وأكثر لرصد الطبقة المجهولة والتي قلما تسلط عليها الأضواء، وهي «البيوت». في مجتمعنا أعتبر «البيت» هو الميدان الحقيقي لأي رصد يتناول أي ظاهرةٍ اجتماعية، لأن تركيبتنا الثقافية حصرت الحركة العفوية في «البيت» أما في بقية الأماكن فالإنسان يحكم بقوة النظام الاجتماعي، لهذا يطيب لي رصد أي ظاهرة خطيرة يمكن أن تحدث في البيوت.


    نشرت مثلاً صحيفة المدينة في عددها الصادر في 1 مارس عن «امرأة» معلمة لها أخ غير شقيق تسلط عليها بالعنف والضرب حيث وقف هذا الأخ ضد كل حقوق المرأة النظامية وأسوأ ما قام به أن قام بمنعها من «الزواج» وهدد كل من يريد أن يخطبها بالقتل! كما قام هذا الأخ بتهديد إخوتها من الأم بالقتل –أيضاً- إن هم زوجوها! وهذا التصرف يعود بحسب الخبر إلى حقد قديم على أحد إخوتها وطمعه بأن يكون هو الوكيل أدى حقده هذا إلى تحويل حياة هذه المرأة إلى جحيم لا يطاق، ويستخدم التهديد بالقتل ضدها وكأنه في غابة وليس تحت نظام «دولة»! لجأت المعلمة إلى القضاء وأصدر أمراً بالقبض على أخيها، هذا الأخ –حسب رواية الصحيفة- يهددهم بالرشاش دائماً على كل صغيرةٍ وكبيرة.


    الجيد في قصة تلك المعلمة أنها لجأت إلى «جمعية حقوق الإنسان» وإلى «الإعلام» لإنهاء هذه القصة، ولمنحها الحق في العيش والحق في الزواج. ومن جهة أخرى فقد لفت نظري إحصائيات عن «العنف الأسري» نقلتها صحيفة عكاظ في عددها الصادر في 2 مارس وذلك نقلاً عن دراسة اجراها مركز ابحاث الجريمة بوزارة الداخلية ولم تخطئ الجريدة حينما وصفت «العنف الأسري» بأنها البيئة النموذجية لتفريخ المجرمين، دراسة مركز أبحاث الجريمة ذكر أن 45% من حالات العنف تحدث في الحياة اليومية، وأن الإيذاء النفسي هو الأعنف حيث تصل نسبته إلى 33.6% يليه الإيذاء البدني والذي قدرت نسبته بنحو 25.3% والإيذاء البدني نفسه يصحبه إيذاء نفسي في الغالب، ويأتي الإهمال على ذيل نسب العنف الأسري بنسبة قدرت بنحو 23.9%.


    أما العنف الذي يوجه ضد الأطفال فإحصائياته على النحو الآتي: يأتي على رأس القائمة الضرب المبرّح للأطفال بنسبة 21% يليه التعرض للصفع بنسبة 20% ثم القذف بالأشياء التي في متناول اليد بنسبة 19% أما الضرب بالأشياء الخطيرة فنسبته 17% الملفت أن الأكثر تعرضاً للعنف والترويع والسلخ الأسري هم من الأيتام الذين وقفت الشريعة بصفهم دائماً فهم من الذين رأت الشريعة أن رعايتهم يجب أن تكون «فوق العادة» لكن يبدو أن العنف ضدهم قد وجه بشكل غير عادي فـ70% من المتعرضين للعنف من الأطفال هم أيتام! يلي الأيتام أبناء المطلقين بنسبة 58% وهي نسب مرعبة حدّ الدهشة، ويكفي أنها النسب المعتمدة من قبل مركزٍ تابع لوزارة الداخلية لنعرف دقتها وخطر ما تدل عليه اجتماعياً.


    لذا أقترح أن يتم تخصيص جزءٍ من الجهاز الأمني للتعامل مع «العنف الأسري» حيث يتم تخصيص رقم ثلاثي يسهّل اتصال الضحية بالأمن من أجل إنقاذه من الجحيم، كما أقترح تخصيص بعض أفراد الأمن أو الضباط من أجل هذا الغرض حتى يتم التعامل المباشر والدائم مع أي عنف أسري لأنها تدخل في نطاق «الجريمة» التي يجب على الأجهزة الأمنية أن تتعامل معها بسرعة وأن تقف على أساس وجذر المشكلة حتى يتم القضاء عليها قبل تطوّرها.


    لاحظت من خلال رصدي لهذه الظاهرة أنها تستهدف في الغالب «المرأة» و«الطفل» وهو استهداف لعصب المجتمع، فالمرأة تجسد الطموح والازدهار فهي مركز المجتمع وحينما تكون ضحية هذا القمع وهذا العنف الحاد فإننا بهذا نرسم طريقها نحو الانتحار الدنيوي والموت البطيء الذي يتم من قبل أفراد أسرٍ قامت تربيتهم على أساس احتقار المرأة ووأدها وتبخيسها، وهي ثقافة يجب أن يتم نقدها من جذورها، كما يجب أن نفضح الأفكار التي تجعل من المرأة مجرد أداة للإلغاء والسحق، ولا أدري حتى الآن لماذا يخاف الرجل من «طموح المرأة».


    أما الطفل فهو الكائن البريء الذي يمارس النقد لأي شيء بشكل عفوي، فالطفل «فيلسوف فطري» يقوم بنقد الأشياء والسؤال عنها بهدوء، يقول نقده ويمضي، الطفل يشترك مع الفيلسوف والناقد بصفة أساسية فكلاهما «ناشر فضائح» و «أدوات نقد» لذا من المهم إيجاد وسائل أمنية وثقافية تسهّل برمجة استراتيجة وطنية ودولية من أجل وقف مدّ العنف الأسري الذي أصبح أعنف كابوس يمكن أن يفكر فيه المرء، وأن نتجه إلى رصد الأخطاء التي تهدد استقرار الفرد داخل «البيت» لأن البيت- في مجتمعنا المغلق- هو ساحة الحركة وهو «الميدان الاجتماعي» الحقيقي.




     

     


    المصدر / صحيفة اليوم ، العدد 12703 .
     

     

     

    كلمات مفتاحية  :
    اسرة

    تعليقات الزوار ()