بتـــــاريخ : 11/6/2009 9:07:09 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1187 0


    تفسير بن كثير - سورة البقرة - الآية 199

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : quran.al-islam.com

    كلمات مفتاحية  :

    ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ

    القول في تأويل قوله تعالى : { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } / اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , ومن المعني بالأمر بالإفاضة من حيث أفاض الناس , ومن الناس الذين أمروا بالإفاضة من موضع إفاضتهم . فقال بعضهم : المعني بقوله : { ثم أفيضوا } قريش , ومن ولدته قريش الذين كانوا يسمون في الجاهلية الحمس أمروا في الإسلام أن يفيضوا من عرفات , وهي التي أفاض منها سائر الناس غير الحمس . وذلك أن قريشا ومن ولدته قريش , كانوا يقولون : لا نخرج من الحرم . فكانوا لا يشهدون موقف الناس بعرفة معهم , فأمرهم الله بالوقوف معهم . ذكر من قال ذلك : 3044 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال : ثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي , قال : ثنا هشام بن عروة , عن أبيه . عن عائشة قالت : كانت قريش ومن كان على دينها وهم الحمس , يقفون بالمزدلفة يقولون : نحن قطين الله , وكان من سواهم يقفون بعرفة . فأنزل الله : { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } 3045 - حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث , قال : ثني أبي , قال : ثنا أبان , قال : ثنا هشام بن عروة , عن عروة : أنه كتب إلى عبد الملك بن مروان كتبت إلي في قول النبي صلى الله عليه وسلم لرجل من الأنصار " إني أحمس " وإني لا أدري أقالها النبي أم لا ؟ غير أني سمعتها تحدث عنه . والحمس : ملة قريش , وهم مشركون , ومن ولدت قريش في خزاعة وبني كنانة . كانوا لا يدفعون من عرفة , إنما كانوا يدفعون من المزدلفة وهو المشعر الحرام , وكانت بنو عامر حمسا , وذلك أن قريشا ولدتهم , ولهم قيل : { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } وأن العرب كلها كانت تفيض من عرفة إلا الحمس كانوا يدفعون إذا أصبحوا من المزدلفة . 3046 - حدثني أحمد بن محمد الطوسي , قال : ثنا أبو توبة , قال : ثنا أبو إسحاق الفزاري , عن سفيان , عن حسين بن عبيد الله , عن عكرمة , عن ابن عباس , قال : كانت العرب تقف بعرفة , وكانت قريش تقف دون ذلك بالمزدلفة , فأنزل الله : { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } فرفع النبي صلى الله عليه وسلم الموقف إلى موقف العرب بعرفة . 3047 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام , عن عبد الملك , عن عطاء : { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } من حيث تفيض جماعة الناس . 3048 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا الحكم , قال : ثنا عمرو بن قيس , عن عبد الله بن أبي طلحة , عن مجاهد قال : إذا كان يوم عرفة هبط الله إلى السماء الدنيا في الملائكة , فيقول : هلم إلي عبادي , آمنوا بوعدي وصدقوا رسلي ! فيقول : ما جزاؤهم ؟ فيقال : أن تغفر لهم . فذلك قوله : { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم } 3049 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح - وحدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح - عن مجاهد : { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } قال : عرفة . قال : كانت قريش تقول : نحن الحمس أهل الحرم ولا نخلف الحرم ونفيض عن المزدلفة . فأمروا أن يبلغوا عرفة . 3050 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } , قال قتادة : وكانت قريش وكل حليف لهم وبني أخت لهم لا يفيضون من عرفات , إنما يفيضون من المغمس ويقولون : إنما نحن أهل الله , فلا نخرج من حرمه . فأمرهم الله أن يفيضوا من حيث أفاض الناس من عرفات , وأخبرهم أن سنة إبراهيم وإسماعيل هكذا : الإفاضة من عرفات . 3051 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } قال : كانت العرب تقف بعرفات , فتعظم قريش أن تقف معهم , فتقف قريش بالمزدلفة ; فأمرهم الله أن يفيضوا مع الناس من عرفات . 3052 - حدثت عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع قوله : { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } , قال : كانت قريش وكل ابن أخت وحليف لهم لا يفيضون مع الناس من عرفات , يقفون في الحرم ولا يخرجون منه , يقولون : إنما نحن أهل حرم الله فلا نخرج من حرمه . فأمرهم الله أن يفيضوا من حيث أفاض الناس ; وكانت سنة إبراهيم وإسماعيل الإفاضة من عرفات . 3053 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا سلمة , عن ابن إسحاق , عن عبد الله بن أبي نجيح , قال : كانت قريش - لا أدري قبل الفيل أو بعده - ابتدعت أمر الحمس , رأيا رأوه بينهم ; قالوا : نحن بنو إبراهيم وأهل الحرمة وولاة البيت وقاطنو مكة وساكنوها , فليس لأحد من العرب مثل حقنا ولا مثل منزلنا , ولا تعرف له العرب مثل ما تعرف لنا , فلا تعظموا شيئا من الحل كما تعظمون الحرم , فإنكم إن فعلتم ذلك استخفت العرب بحرمكم , وقالوا : قد عظموا من الحل مثل ما عظموا من الحرم . فتركوا الوقوف على عرفة , والإفاضة منها , وهم يعرفون ويقرون أنها من المشاعر والحج ودين إبراهيم , ويرون لسائر الناس أن يقفوا عليها , وأن يفيضوا منها . إلا أنهم قالوا : نحن أهل الحرم , فليس ينبغي لنا أن نخرج من الحرمة , ولا نعظم غيرها كما نعظمها نحن الحمس - والحمس : أهل الحرم - ثم جعلوا لمن ولدوا من العرب من ساكني الحل مثل الذي لهم بولادتهم إياهم , فيحل لهم ما يحل لهم , ويحرم عليهم ما يحرم عليهم . وكانت كنانة وخزاعة قد دخلوا معهم في ذلك , ثم ابتدعوا في ذلك أمورا لم تكن , حتى قالوا : لا ينبغي للحمس أن يأقطوا الأقط , ولا يسلئوا السمن وهم حرم , ولا يدخلوا بيتا من شعر , ولا يستظلوا إن استظلوا إلا في بيوت الأدم ما كانوا حراما , ثم رفعوا في ذلك فقالوا لا ينبغي لأهل الحل أن يأكلوا من طعام جاءوا به معهم من الحل في الحرم إذا جاءوا حجاجا أو عمارا , ولا يطوفون بالبيت إذا قدموا أول طوافهم إلا في ثياب الحمس , فإن لم يجدوا منها شيئا طافوا بالبيت عراة . فحملوا على ذلك العرب فدانت به , وأخذوا بما شرعوا لهم من ذلك , فكانوا على ذلك حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم , فأنزل الله حين أحكم له دينه وشرع له حجته : { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم } يعني قريشا والناس العرب . فرفعهم في سنة الحج إلى عرفات , والوقوف عليها , والإفاضة منها ; فوضع الله أمر الحمس , وما كانت قريش ابتدعت منه عن الناس بالإسلام حين بعث الله رسوله . * حدثنا بحر بن نصر , قال : ثنا ابن وهب , قال : أخبرني ابن أبي الزناد , عن هشام بن عروة , عن أبيه , عن عائشة , قال : كانت قريش تقف بقزح , وكان الناس يقفون بعرفة . قال : فأنزله الله : { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } وقال آخرون : المخاطبون بقوله : { ثم أفيضوا } المسلمون كلهم , والمعني بقوله : { من حيث أفاض الناس } من جمع , وبالناس إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام . ذكر من قال ذلك . 3054 - حدثت عن القاسم بن سلام , قال : ثنا هارون بن معاوية الفزاري , عن أبي بسطام عن الضحاك , قال : هو إبراهيم . والذي نراه صوابا من تأويل هذه الآية , أنه عنى بهذه الآية قريشا ومن كان متحمسا معها من سائر العرب لإجماع الحجة من أهل التأويل على أن ذلك تأويله . وإذ كان ذلك كذلك فتأويل الآية : فمن فرض فيهن الحج , فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج , ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس , واستغفروا الله إن الله غفور رحيم , وما تفعلوا من خير يعلمه الله . وهذا إذ كان ما وصفنا تأويله فهو من المقدم الذي معناه التأخير , والمؤخر الذي معناه التقديم , على نحو ما تقدم بياننا في مثله , ولولا إجماع من وصفت إجماعه على أن ذلك تأويله . لقلت : أولى التأويلين بتأويل الآية ما قاله الضحاك من أن الله عنى بقوله : { من حيث أفاض الناس } من حيث أفاض إبراهيم ; لأن الإفاضة من عرفات لا شك أنها قبل الإفاضة من جمع , وقيل وجوب الذكر عند المشعر الحرام . وإذ كان ذلك لا شك كذلك وكان الله عز وجل إنما أمر بالإفاضة من الموضع الذي أفاض منه الناس بعد انقضاء ذكر الإفاضة من عرفات وبعد أمره بذكره عند المشعر الحرام , ثم قال بعد ذلك : { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } كان معلوما بذلك أنه لم يأمر بالإفاضة إلا من الموضع الذي لم يفيضوا منه دون الموضع الذي قد أفاضوا منه , وكان الموضع الذي قد أفاضوا منه فانقضى وقت الإفاضة منه , لا وجه لأن يقال : أفض منه . فإذا كان لا وجه لذلك وكان غير جائز أن يأمر الله جل وعز بأمر لا معنى له , كانت بينة صحة ما قاله من التأويل في ذلك , وفساد ما خالفه لولا الإجماع الذي وصفناه وتظاهر الأخبار بالذي ذكرنا عمن حكينا قوله من أهل التأويل . فإن قال لنا قائل : وكيف يجوز أن يكون ذلك معناه : والناس جماعة , وإبراهيم صلى الله عليه وسلم واحد , والله تعالى ذكره يقول : { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } ؟ قيل : إن العرب تفعل ذلك كثيرا , فتدل بذكر الجماعة على الواحد . ومن ذلك قول الله عز وجل : { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم } 3 173 والذي قال ذلك واحد , وهو فيما تظاهرت به الرواية من أهل السير نعيم بن مسعود الأشجعي , ومنه قول الله عز وجل : { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا } 23 51 قيل : عنى بذلك النبي صلى الله عليه وسلم . ونظائر ذلك في كلام العرب أكثر من أن تحصى .

    وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ

    القول في تأويل قوله تعالى : { واستغفروا الله إن الله غفور رحيم } يعني بذلك جل ثناؤه : { فإذا أفضتم من عرفات } منصرفين إلى منى { فاذكروا الله عند المشعر الحرام } وادعوه واعبدوه عنده , كما ذكركم بهدايته , فوفقكم لما ارتضى لخليله إبراهيم , فهداه له من شريعة دينه بعد أن كنتم ضلالا عنه . وفي " ثم " في قوله : { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } من التأويل وجهان : أحدهما ما قاله الضحاك من أن معناه : ثم أفيضوا فانصرفوا راجعين إلى منى من حيث أفاض إبراهيم خليلي من المشعر الحرام , وسلوني المغفرة لذنوبكم , فإني لها غفور , وبكم رحيم . كما : 3055 - حدثني إسماعيل بن سيف العجلي , قال : ثنا عبد القاهر بن السري السلمي , قال : ثنا ابن كنانة , ويكنى أبا كنانة , عن أبيه , عن العباس بن مرداس السلمي , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دعوت الله يوم عرفة أن يغفر لأمتي ذنوبها , فأجابني أن قد غفرت , إلا ذنوبها بينها وبين خلقي , فأعدت الدعاء يومئذ , فلم أجب بشيء , فلما كان غداة المزدلفة قلت : يا رب إنك قادر أن تعوض هذا المظلوم من ظلامته , وتغفر لهذا الظالم , فأجابني أن قد غفرت " قال : فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال : فقلنا : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيناك تضحك في يوم لم تكن تضحك فيه ؟ قال : " ضحكت من عدو الله إبليس لما سمع بما سمع إذا هو يدعو بالويل والثبور , ويضع التراب على رأسه " 3056 - حدثنا مسلم بن حاتم الأنصاري , قال : ثنا بشار بن بكير الحنفي , قالا : ثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع , عن ابن عمر , قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة , فقال : " أيها الناس إن الله تطول عليكم في مقامكم هذا , فقبل محسنكم , وأعطى محسنكم ما سأل , ووهب مسيئكم لمحسنكم , والتبعات فيما بينكم أفيضوا على اسم الله ! " فلما كان غداة جمع قال : " أيها الناس إن الله قد تطول عليكم في مقامكم هذا , فقبل من محسنكم , ووهب مسيئكم لمحسنكم , والتبعات بينكم عوضها من عنده أفيضوا على اسم الله ! " فقال أصحابه : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضت بنا بالأمس كئيبا حزينا , وأفضت بنا اليوم فرحا مسرورا ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني سألت ربي بالأمس شيئا لم يجد لي به , سألته التبعات فأبى علي , فلما كان اليوم أتاني جبريل قال : إن ربك يقرئك السلام ويقول التبعات ضمنت عوضها من عندي " . فقد بين هذان الخبران أن غفران الله التبعات التي بين خلقه فيما بينهم إنما هو غداة جمع , وذلك في الوقت الذي قال جل ثناؤه : { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله } لذنوبكم , فإنه غفور لها حينئذ , تفضلا منه عليكم , رحيم بكم . والآخر منهما : ثم أفيضوا من عرفة إلى المشعر الحرام , فإذا أفضتم إليه منها فاذكروا الله عنده كما هداكم .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()