بتـــــاريخ : 11/6/2009 9:04:26 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1950 0


    تفسير بن كثير - سورة البقرة - الآية 198

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : quran.al-islam.com

    كلمات مفتاحية  :

    لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ

    القول في تأويل قوله تعالى : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } يعني بذلك جل ذكره : ليس عليكم أيها المؤمنون جناح . والجناح : الحرج ; كما : 2991 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } وهو لا حرج عليكم في الشراء والبيع قبل الإحرام وبعده . وقوله : { أن تبتغوا فضلا من ربكم } يعني أن تلتمسوا فضلا من عند ربكم , يقال منه : ابتغيت فضلا من الله ومن فضل الله أبتغيه ابتغاء : إذا طلبته والتمسته , وبغيته أبغيه بغيا , كما قال عبد بني الحسحاس : بغاك وما تبغيه حتى وجدته كأنك قد واعدته أمس موعدا يعني طلبك والتمسك . وقيل : إن معنى ابتغاء الفضل من الله : التماس رزق الله بالتجارة , وأن هذه الآية نزلت في قوم كانوا لا يرون أن يتجروا إذا أحرموا يلتمسون البر بذلك , فأعلمهم جل ثناؤه أن لا بر في ذلك , وأن لهم التماس فضله بالبيع والشراء . ذكر من قال ذلك : 2992 - حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي , قال : ثنا المحاربي , عن عمر بن ذر , عن مجاهد , قال : كانوا يحجون ولا يتجرون , فأنزل الله : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } قال : في الموسم . * حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا عمر بن ذر , قال : سمعت مجاهدا يحدث , قال : كان ناس لا يتجرون أيام الحج , فنزلت فيهم { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } 2993 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي , قال : ثنا عبيد الله بن موسى , قال : أخبرنا أبو ليلى , عن بريدة في قوله تبارك وتعالى : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } قال : إذا كنتم محرمين أن تبيعوا وتشتروا . 2994 - حدثنا طليق بن محمد الواسطي , قال : أخبرنا أسباط , قال : أخبرنا الحسن بن عمرو , عن أبي أمامة التيمي قال : قلت لابن عمر : إنا قوم نكري فهل لنا حج ؟ قال : أليس تطوفون بالبيت وتأتون المعرف وترمون الجمار وتحلقون رءوسكم ؟ فقلنا : بلى . قال : جاء رجل إلى النبي : صلى الله عليه وسلم فسأله عن الذي سألتني عنه , فلم يدر ما يقول له حتى نزل جبريل عليه السلام عليه بهذه الآية : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } إلى آخر الآية , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أنتم حجاج " 2995 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : أخبرنا أيوب , عن عكرمة , قال : كانت تقرأ هذه الآية : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج " . 2996 - حدثنا عبد الحميد , قال : أخبرنا إسحاق , عن شريك , عن منصور بن المعتمر في قوله : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } قال : هو التجارة في البيع والشراء , والاشتراء لا بأس به . 2997 - حدثت عن أبي هشام الرفاعي , قال : ثنا وكيع , عن طلحة بن عمرو , عن عطاء , عن ابن عباس أنه كان يقرؤها : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج " . 2998 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا عثمان بن سعيد , عن علي بن مسهر , عن ابن جريج , عن عمرو بن دينار , عن ابن عباس , قال : كان متجر الناس في الجاهلية عكاظ وذو المجاز , فلما جاء الإسلام كأنهم كرهوا ذلك , حتى أنزل الله جل ثناؤه : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } 2999 - حدثنا الحسن بن عرفة , قال : ثنا شبابة بن سوار , قال : ثنا شعبة , عن أبي أميمة , قال : سمعت ابن عمر , وسئل عن الرجل يحج ومعه تجارة , فقرأ ابن عمر : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } * حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , وحدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا يزيد بن أبي زياد , عن مجاهد , عن ابن عباس , قال : كانوا لا يتجرون في أيام الحج , فنزلت : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } * حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا حجاج , عن عطاء , عن ابن عباس , أنه قال : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } في مواسم الحج . 3000 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا يحيى بن واضح , قال : ثنا طلحة بن عمرو الحضرمي , عن عطاء قوله : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } في مواسم الحج , هكذا قرأها ابن عباس . 3001 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , قال : ثنا ليث , عن مجاهد في قوله : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } قال : التجارة في الدنيا , والأجر في الآخرة . 3002 - حدثنا محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله تعالى : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } قال : التجارة أحلت لهم في المواسم , قال : فكانوا لا يبيعون , أو يبتاعون في الجاهلية بعرفة . * حدثنا المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 3003 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } كان هذا الحي من العرب لا يعرجون على كسير ولا ضالة ليلة النفر , وكانوا يسمونها ليلة الصدر , ولا يطلبون فيها تجارة ولا بيعا , فأحل الله عز وجل ذلك كله للمؤمنين أن يعرجوا على حوائجهم ويبتغوا من فضل ربهم . 3004 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا ابن عيينة , عن عبيد الله بن أبي يزيد , قال : سمعت ابن الزبير يقول : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } في مواسم الحج . 3005 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا ابن عيينة , عن عمرو بن دينار , قال : قال ابن عباس : كانت ذو المجاز وعكاظ متجرا للناس في الجاهلية , فلما جاء الإسلام تركوا ذلك حتى نزلت : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } في مواسم الحج . 3006 - حدثنا أحمد بن حازم والمثنى , قالا : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا سفيان , عن محمد بن سوقة , قال : سمعت سعيد بن جبير يقول : كان بعض الحاج يسمون الداج , فكانوا ينزلون في الشق الأيسر من منى , وكان الحاج ينزلون عند مسجد منى , فكانوا لا يتجرون , حتى نزلت : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } فحجوا . * حدثني أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا عمر بن ذر , عن مجاهد , قال : كان ناس يحجون ولا يتجرون , حتى نزلت : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } فرخص لهم في المتجر والركوب والزاد . 3007 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط عن السدي , قوله : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } : هي التجارة , قال : اتجروا في الموسم . * حدثنا محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } قال : كان الناس إذا أحرموا لم يتبايعوا حتى يقضوا حجهم , فأحله الله لهم . * حدثنا المثنى , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا سفيان , عن يزيد بن أبي زياد , عن مجاهد , عن ابن عباس , قال : كانوا يتقون البيوع والتجارة أيام الموسم , يقولون أيام ذكر , فأنزل الله : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } فحجوا . * حدثنا أبو كريب , قال : ثنا وكيع , عن طلحة بن عمرو , عن عطاء , عن ابن عباس أنه كان يقرؤها : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج " . 3008 - حدثنا المثنى , قال : ثنا الحماني , قال : ثنا شريك , عن منصور , عن إبراهيم , قال : لا بأس بالتجارة في الحج , ثم قرأ : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } 3009 - حدثت عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع بن أنس قوله : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } قال : كان هذا الحي من العرب لا يعرجون على كسير ولا على ضالة ولا ينتظرون لحاجة , وكانوا يسمونها ليلة الصدر , ولا يطلبون فيها تجارة , فأحل الله ذلك كله أن يعرجوا على حاجتهم , وأن يطلبوا فضلا من ربهم . 3010 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا مندل , عن عبد الرحمن بن المهاجر , عن أبي صالح مولى عمر , قال : قلت لعمر : يا أمير المؤمنين , كنتم تتجرون في الحج ؟ قال : وهل كانت معايشهم إلا في الحج . 3011 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن العلاء بن المسيب , عن رجل من بني تيم الله , قال : جاء رجل إلى عبد الله بن عمر , فقال : يا أبا عبد الرحمن : إنا قوم نكري فيزعمون أنه ليس لنا حج ؟ قال : ألستم تحرمون كما يحرمون , وتطوفون كما يطوفون , وترمون كما يرمون ؟ قال : بلى , قال : فأنت حاج ; جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عما سألت عنه , فنزلت هذه الآية : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } * حدثنا الحسن , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة , قال : كانوا إذا أفاضوا من عرفات لم يتجروا بتجارة , ولم يعرجوا على كسير , ولا على ضالة ; فأحل الله ذلك , فقال : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } إلى آخر الآية . 3012 - حدثني سعيد بن الربيع الرازي , قال : ثنا سفيان , عن عمرو بن دينار , عن ابن عباس , قال : كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية , فكانوا يتجرون فيها , فلما كان الإسلام كأنهم تأثموا منها , فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم , فأنزل الله :

    { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } في مواسم الحج .

    فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ

    القول في تأويل قوله تعالى : { فإذا أفضتم من عرفات } يعني جل ثناؤه بقوله : { فإذا أفضتم } فإذا رجعتم من حيث بدأتم . ولذلك قيل للذي يضرب القداح بين الأيسار مفيض , لجمعه القداح ثم إفاضته إياها بين الياسرين , ومنه قول بشر بن أبي حازم الأسدي : فقلت لها ردي إليه جنانه فردت كما رد المنيح مفيض ثم اختلف أهل العربية في عرفات , والعلة التي من أجلها صرفت وهي معرفة , وهل هي اسم لبقعة واحدة أم هي لجماعة بقاع ؟ فقال بعض نحويي البصريين : هي اسم كان لجماعة مثل مسلمات ومؤمنات , سميت به بقعة واحدة فصرف لما سميت به البقعة الواحدة , إذ كان مصروفا قبل أن تسمى به البقعة تركا منهم له على أصله ; لأن التاء فيه صارت بمنزلة الياء والواو في مسلمين ومسلمون لأنه تذكيره , وصار التنوين بمنزلة النون , فلما سمي به ترك على حاله كما يترك " المسلمون " إذا سمي به على حاله قال : ومن العرب من لا يصرفه إذا سمي به , ويشبه التاء بهاء التأنيث ; وذلك قبيح ضعيف . واستشهدوا بقول الشاعر : تنورتها من أذرعات وأهلها بيثرب أدنى دارها نظر عالي ومنهم من لا ينون أذرعات , وكذلك عانات وهو مكان . وقال بعض نحويي الكوفيين : إنما انصرفت عرفات لأنهن على جماع مؤنث بالتاء . قال : وكذلك ما كان من جماع مؤنث بالتاء , ثم سميت به رجلا أو مكانا أو أرضا أو امرأة انصرفت . قال : ولا تكاد العرب تسمي شيئا من الجماع إلا جماعا , ثم تجعله بعد ذلك واحدا . وقال آخرون منهم : ليست عرفات حكاية ولا هي اسم منقول ; ولكن الموضع مسمى هو وجوانبه بعرفات , ثم سميت بها البقعة اسم للموضع , ولا ينفرد واحدها . قال : وإنما يجوز هذا في الأماكن والمواضع , ولا يجوز ذلك في غيرها من الأشياء . قال : ولذلك نصبت العرب التاء في ذلك لأنه موضع , ولو كان محكيا لم يكن ذلك فيه جائزا , لأن من سمى رجلا مسلمات أو بمسلمين لم ينقله في الإعراب عما كان عليه في الأصل , فلذلك خالف عانات وأذرعات ما سمي به من الأسماء على جهة الحكاية . واختلف أهل العلم في المعنى الذي من أجله قيل لعرفات عرفات ; فقال بعضهم : قيل لها ذلك من أجل أن إبراهيم خليل الله صلوات الله عليه لما رآها عرفها بنعتها الذي كان لها عنده , فقال : قد عرفت , فسميت عرفات بذلك . وهذا القول من قائله يدل على أن عرفات اسم للبقعة , وإنما سميت بذلك لنفسها وما حولها , كما يقال : ثوب أخلاق , وأرض سباسب , فتجمع بما حولها . ذكر من قال ذلك : 3013 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي , قال : لما أذن إبراهيم في الناس بالحج , فأجابوه بالتلبية , وأتاه من أتاه أمره الله أن يخرج إلى عرفات ونعتها فخرج , فلما بلغ الشجرة عند العقبة , استقبله الشيطان يرده , فرماه بسبع حصيات , يكبر مع كل حصاة . فطار فوقع على الجمرة الثانية , فصده أيضا , فرماه وكبر فطار فوقع على الجمرة الثالثة , فرماه وكبر فلما رأى أنه لا يطيقه , ولم يدر إبراهيم أين يذهب , انطلق حتى أتى ذا المجاز , فلما نظر إليه فلم يعرفه جاز , فلذلك سمي ذا المجاز . ثم انطلق حتى وقع بعرفات ; فلما نظر إليها عرف النعت , قال : قد عرفت , فسمي عرفات . فوقف إبراهيم بعرفات , حتى إذا أمسى ازدلف إلى جمع , فسميت المزدلفة , فوقف بجمع . 3014 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا عبد الرزاق , عن معمر , عن سليمان التيمي , عن نعيم بن أبي هند , قال : لما وقف جبريل بإبراهيم عليهما السلام بعرفات , قال : عرفت , فسميت عرفات لذلك . 3015 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : قال ابن المسيب : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : بعث الله جبريل إلى إبراهيم فحج به , فلما أتى عرفة قال : قد عرفت , وكان قد أتاها مرة قبل ذلك , ولذلك سميت عرفة . وقال آخرون : بل سميت بذلك بنفسها وببقاع أخر سواها . ذكر من قال ذلك : 3016 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا وكيع بن مسلم القرشي , عن أبي طهفة , عن أبي الطفيل , عن ابن عباس قال : إنما سميت عرفات , لأن جبريل عليه السلام , كان يقول لإبراهيم : هذا موضع كذا , وهذا موضع كذا , فيقول : قد عرفت , فلذلك سميت عرفات . 3017 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن عبد الملك بن أبي سليمان , عن عطاء قال : إنما سميت عرفة أن جبريل كان يري إبراهيم عليهما السلام المناسك , فيقول : عرفت عرفت , فسميت عرفات . 3018 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن زكريا , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال : قال ابن عباس : أصل الجبل الذي يلي عرنة وما وراءه موقف حتى يأتي الجبل جبل عرفة . وقال ابن أبي نجيح : عرفات : النبعة والنبيعة وذات النابت وذلك قول الله : { فإذا أفضتم من عرفات } وهو الشعب الأوسط . وقال زكريا :

    ما سال من الجبل الذي يقف عليه الإمام إلى عرفة , فهو من عرفة , وما دبر ذلك الجبل فليس من عرفة . وهذا القول يدل على أنها سميت بذلك نظير ما يسمى الواحد باسم الجماعة المختلفة الأشخاص . وأولى الأقوال بالصواب في ذلك عندي أن يقال : هو اسم لواحد سمي بجماع , فإذا صرف ذهب به مذهب الجماع الذي كان له أصلا , وإذا ترك صرفه ذهب به إلى أنه اسم لبقعة واحدة معروفة , فترك صرفه كما يترك صرف أسماء الأمصار والقرى المعارف .

    فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ

    القول في تأويل قوله تعالى : { فاذكروا الله عند المشعر الحرام } يعني بذلك جل ثناؤه : { فإذا أفضتم } فكررتم راجعين من عرفة إلى حيث بدأتم الشخوص إليها منه { فاذكروا الله } يعني بذلك الصلاة , والدعاء { عند المشعر الحرام } وقد بينا قبل أن المشاعر هي المعالم من قول القائل : شعرت بهذا الأمر : أي علمت , فالمشعر هو المعلم , سمي بذلك لأن الصلاة عنده والمقام والمبيت والدعاء من معالم الحج وفروضه التي أمر الله بها عباده . وقد : 3019 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن زكريا , عن ابن أبي نجيح , قال : يستحب للحاج أن يصلي في منزله بالمزدلفة إن استطاع , وذلك أن الله قال : { فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم } فأما المشعر فإنه هو ما بين جبلي المزدلفة من مأزمي عرفة إلى محسر , وليس مأزما عرفة من المشعر . وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 3020 - حدثنا هناد بن السري قال : ثنا ابن أبي زائدة , قال : أخبرنا إسرائيل , عن مغيرة , عن إبراهيم , قال : رأى ابن عمر الناس يزدحمون على الجبيل بجمع فقال : أيها الناس إن جمعا كلها مشعر . 3021 - حدثني يعقوب , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا حجاج , عن نافع , عن ابن عمر أنه سئل عن قوله : { فاذكروا الله عند المشعر الحرام } قال : هو الجبل وما حوله . 3022 - حدثنا هناد , قال : ثنا ابن أبي زائدة , قال : أخبرنا إسرائيل , عن حكيم بن جبير , عن ابن عباس قال : ما بين الجبلين اللذين بجمع مشعر . 3023 - حدثنا هناد , قال : ثنا ابن أبي زائدة , قال : أخبرنا الثوري , عن السدي , عن سعيد بن جبير , مثله . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , وحدثني أحمد بن حازم قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا سفيان , عن السدي , عن سعيد بن جبير , قال : سألته عن المشعر الحرام فقال : ما بين جبلي المزدلفة . 3024 - حدثنا الحسن , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن الزهري , عن سالم , عن ابن عمر , قال : المشعر الحرام : المزدلفة كلها . قال معمر : وقاله قتادة . * حدثنا هناد , قال : ثنا وكيع , قال : أنبأنا الثوري , عن السدي , عن سعيد بن جبير : { فاذكروا الله عند المشعر الحرام } قال : ما بين جبلي المزدلفة هو المشعر الحرام . 3025 - حدثنا هناد , قال : ثنا ابن أبي زائدة , قال : أخبرنا أبي , عن أبي إسحاق , عن عمرو بن ميمون , قال : سألت عبد الله بن عمر عن المشعر الحرام , فقال : إذا انطلقت معي أعلمتكه . قال : فانطلقت معه , فوقفنا حتى إذا أفاض الإمام سار وسرنا معه , حتى إذا هبطت أيدي الركاب , وكنا في أقصى الجبال مما يلي عرفات قال : أين السائل عن المشعر الحرام ؟ أخذت فيه , قلت : ما أخذت فيه ؟ قال : كلها مشاعر إلى أقصى الحرم . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا إسرائيل , وحدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن عمرو بن ميمون الأودي , قال : سألت عبد الله بن عمر , عن المشعر الحرام . قال : إن تلزمني أركه . قال : فلما أفاض الناس من عرفة وهبطت أيدي الركاب في أدنى الجبال , قال : أين السائل عن المشعر الحرام ؟ قال : قلت : ها أنا ذاك , قال : أخذت فيه , قلت : ما أخذت فيه ؟ قال : حين هبطت أيدي الركاب في أدنى الجبال فهو مشعر إلى مكة . * حدثنا هناد , قال : ثنا وكيع , عن عمارة بن زاذان , عن مكحول الأزدي , قال : سألت ابن عمر يوم عرفة عن المشعر الحرام ؟ فقال : الزمني ! فلما كان من الغد وأتينا المزدلفة , قال : أين السائل عن المشعر الحرام ؟ هذا المشعر الحرام . 3026 - حدثنا هناد , قال : ثنا ابن أبي زائدة , قال : أخبرنا داود , عن ابن جريج , قال : قال مجاهد : المشعر الحرام : المزدلفة كلها . 3027 - حدثنا هناد , قال : ثنا ابن أبي زائدة , قال : أخبرنا داود , عن ابن جريج , قال : قلت لعطاء : أين المزدلفة ؟ قال : إذا أفضت من مأزمي عرفة , فذلك إلى محسر . قال : وليس المأزمان مأزما عرفة من المزدلفة , ولكن مفاضاهما . قال : قف بينهما إن شئت , وأحب إلي أن تقف دون قزح هلم إلينا من أجل طريق الناس . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن مغيرة , عن إبراهيم , قال : رآهم ابن عمر يزدحمون على قزح , فقال علام يزدحم هؤلاء كل ما ههنا مشعر . * حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال : المشعر الحرام المزدلفة كلها . * حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 3028 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : { فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام } وذلك ليلة جمع . قال قتادة : كان ابن عباس يقول : ما بين الجبلين مشعر . 3029 - حدثنا موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي , قال : المشعر الحرام هو ما بين جبال المزدلفة , ويقال : هو قرن قزح . 3030 - حدثت عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع : { فاذكروا الله عند المشعر الحرام } وهي المزدلفة , وهي جمع . وذكر عن عبد الرحمن بن الأسود ما : 3031 - حدثنا به هناد , قال : ثنا وكيع , عن إسرائيل , عن جابر , عن عبد الرحمن بن الأسود , قال : لم أجد أحدا يخبرني عن المشعر الحرام . 3032 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا سفيان , عن السدي , قال : سمعت سعيد بن جبير يقول : المشعر الحرام : ما بين جبلي مزدلفة . 3033 - حدثنا أحمد , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا قيس , عن حكيم بن جبير , عن سعيد بن جبير , قال : سألت ابن عمر عن المشعر الحرام ؟ فقال : ما أدري , وسألت ابن عباس , فقال : ما بين الجبلين . 3034 - حدثنا أحمد , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا إسرائيل : عن أبي إسحاق , عن الضحاك , عن ابن عباس قال : الجبيل وما حوله مشاعر . 3035 - حدثنا أحمد , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا إسرائيل , عن ثوير , قال : وقفت مع مجاهد على الجبيل , فقال : هذا المشعر الحرام . * حدثنا أبو كريب , قال : ثنا حسن بن عطية , قال : ثنا إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن الضحاك , عن ابن عباس , الجبيل وما حوله مشاعر . وإنما جعلنا أول حد المشعر مما يلي منى منقطع وادي محسر مما يلي المزدلفة , لأن : 3036 - المثنى , حدثني قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن سفيان , عن زيد بن أسلم , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عرفة كلها موقف إلا عرنة , وجمع كلها موقف إلا محسرا " . 3037 - حدثني يعقوب , قال : ثني هشيم , عن حجاج , عن ابن أبي مليكة , عن عبد الله بن الزبير , أنه قال : كل مزدلفة موقف إلا وادي محسر . 3038 - حدثني يعقوب , قال : ثنا هشيم , عن حجاج , قال : أخبرني من سمع عروة بن الزبير يقول مثل ذلك . 3039 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد بن نصر , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن سفيان , عن هشام بن عروة , قال : قال عبد الله بن الزبير في خطبته : تعلمن أن عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة , تعلمن أن مزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر . غير أن ذلك وإن كان كذلك فإني أختار للحاج أن يجعل وقوفه لذكر الله من المشعر الحرام على قزح وما حوله , لأن : 3040 - أبا كريب حدثنا , قال : ثنا عبيد الله بن موسى , عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع , عن عبد الرحمن بن الحرث المخزومي , عن زيد بن علي , عن عبيد الله بن أبي رافع , عن علي قال : لما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة , غدا فوقف على قزح , وأردف الفضل , ثم قال : " هذا الموقف , وكل مزدلفة موقف " . 3041 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا يونس بن بكير , قال : أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع , عن عبد الرحمن بن الحرث , عن زيد بن علي بن الحسين , عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبي رافع , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه . 3042 - حدثنا هناد وأحمد الدولابي , قالا : ثنا سفيان , عن ابن المنكدر , عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن ابن الحويرث , قال : رأيت أبا بكر واقفا على قزح وهو يقول : أيها الناس أصبحوا ! أيها الناس أصبحوا ! ثم دفع . 3043 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا هارون , عن عبد الله بن عثمان , عن يوسف بن ماهك , قال :

    حججت مع ابن عمر , فلما أصبح بجمع صلى الصبح , ثم غدا وغدونا معه حتى وقف مع الإمام على قزح , ثم دفع الإمام فدفع بدفعته . وأما قول عبد الله بن عمر حين صار بالمزدلفة : " هذا كله مشاعر إلى مكة " , فإن معناه أنها معالم من معالم الحج بنسك في كل بقعة منها بعض مناسك الحج , لا أن كل ذلك المشعر الحرام الذي يكون الواقف حيث وقف منه إلى بطن مكة قاضيا ما عليه من الوقوف بالمشعر الحرام من جمع . وأما قول عبد الرحمن بن الأسود : " لم أجد أحدا يخبرني عن المشعر الحرام " فلأنه يحتمل أن يكون أراد : لم أجد أحدا يخبرني عن حد أوله ومنتهى آخره على حقه وصدقه ; لأن حدود ذلك على صحتها حتى لا يكون فيها زيادة ولا نقصان لا يحيط بها إلا القليل من أهل المعرفة بها , غير أن ذلك وإن لم يقف على حد أوله ومنتهى آخره وقوفا لا زيادة فيه ولا نقصان إلا من ذكرت , فموضع الحاجة للوقوف لا خفاء به على أحد من سكان تلك الناحية وكثير من غيرهم , وكذلك سائر مشاعر الحج والأماكن التي فرض الله عز وجل على عباده أن ينسكوا عندها كعرفات ومنى والحرم .

    وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ

    القول في تأويل قوله تعالى : { واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين } يعني بذلك جل ثناؤه : واذكروا الله أيها المؤمنون عند المشعر الحرام بالثناء عليه , والشكر له على أياديه عندكم , وليكن ذكركم إياه بالخضوع لأمره , والطاعة له والشكر على ما أنعم عليكم من التوفيق , لما وفقكم له من سنن إبراهيم خليله بعد الذي كنتم فيه من الشرك والحيرة والعمى عن طريق الحق وبعد الضلالة كذكره إياكم بالهدى , حتى استنقذكم من النار به بعد أن كنتم على شفا حفرة منها , فنجاكم منها . وذلك هو معنى قوله : { كما هداكم } وأما قوله : { وإن كنتم من قبله لمن الضالين } فإن من أهل العربية من يوجه تأويل " إن " إلى تأويل " ما " , وتأويل اللام التي في " لمن " إلى " إلا " . فتأويل الكلام على هذا المعنى : وما كنتم من قبل هداية الله إياكم لما هداكم له من ملة خليله إبراهيم التي اصطفاها لمن رضي عنه من خلقه إلا من الضالين . ومنهم من يوجه تأويل " إن " إلى " قد " , فمعناه على قول قائل هذه المقالة : واذكروا الله أيها المؤمنون كما ذكركم بالهدى , فهداكم لما رضيه من الأديان والملل , وقد كنتم من قبل ذلك من الضالين .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()