بتـــــاريخ : 11/3/2009 11:24:31 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 893 0


    تفسير بن كثير - سورة البقرة - الآية 50

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : quran.al-islam.com

    كلمات مفتاحية  :

    وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ

    القول في تأويل قوله تعالى : { وإذ فرقنا بكم البحر } أما تأويل قوله : { وإذ فرقنا بكم } فإنه عطف على : { وإذ نجيناكم } بمعنى : واذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم , واذكروا إذ نجيناكم من آل فرعون , وإذ فرقنا بكم البحر . ومعنى قوله : { فرقنا بكم } : فصلنا بكم البحر , لأنهم كانوا اثني عشر سبطا , ففرق البحر اثني عشر طريقا , فسلك كل سبط منهم طريقا منها . فذلك فرق الله بهم جل ثناؤه البحر , وفصله بهم بتفريقهم في طريق الاثني عشر . كما : 759 - حدثني موسى بن هارون , قال : حدثنا عمرو بن حماد , قال : حدثنا أسباط بن نصر , عن السدي : لما أتى موسى البحر كناه أبا خالد , وضربه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم , فدخلت بنو إسرائيل , وكان في البحر اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط . وقد قال بعض نحويي البصرة : معنى قوله : { وإذ فرقنا بكم البحر } فرقنا بينكم وبين الماء : يريد بذلك : فصلنا بينكم وبينه وحجزناه حيث مررتم به . وذلك خلاف ما في ظاهر التلاوة ; لأن الله جل ثناؤه إنما أخبر أنه فرق البحر بالقوم , ولم يخبر أنه فرق بين القوم وبين البحر , فيكون التأويل ما قاله قائلو هذه المقالة , وفرقه البحر بالقوم , إنما هو تفريقه البحر بهم على ما وصفنا من افتراق سبيله بهم على ما جاءت به الآثار .

    فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ

    القول في تأويل قوله تعالى : { فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون } قال أبو جعفر : إن قال لنا قائل : وكيف غرق الله جل ثناؤه آل فرعون , ونجى بني إسرائيل ؟ قيل له : كما : 760 - حدثنا ابن حميد , قال : حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , عن محمد بن كعب القرظي , عن عبد الله بن شداد بن الهاد , قال : لقد ذكر لي أنه خرج فرعون في طلب موسى على سبعين ألفا من دهم الخيل سوى ما في جنده من شهب الخيل ; وخرج موسى , حتى إذا قابله البحر ولم يكن له عنه منصرف , طلع فرعون في جنده من خلفهم , { فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال } موسى : { كلا إن معي ربي سيهدين } 26 61 : 62 أي للنجاة , وقد وعدني ذلك ولا خلف لوعده . 761 - حدثنا ابن حميد , قال : حدثنا سلمة , قال : حدثني ابن إسحاق , قال : أوحى الله إلى البحر فيما ذكر إذا ضربك موسى بعصاه فانفلق له , قال : فبات البحر يضرب . بعضه بعضا فرقا من الله وانتظار أمره , فأوحى الله جل وعز إلى موسى : { أن اضرب بعصاك البحر } 26 63 فضربه بها وفيها سلطان الله الذي أعطاه , { فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم } 26 63 أي كالجبل على يبس من الأرض . يقول الله لموسى : { اضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى } 20 77 فلما استقر له البحر على طريق قائمة يبس سلك فيه موسى ببني إسرائيل , وأتبعه فرعون بجنوده . 762 - وحدثنا ابن حميد , قال : حدثنا سلمة , قال : حدثني محمد بن إسحاق , عن محمد بن كعب القرظي , عن عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي , قال : حدثت أنه لما دخل بنو إسرائيل البحر , فلم يبق منهم أحد , أقبل فرعون وهو على حصان له من الخيل حتى وقف على شفير البحر , وهو قائم على حاله , فهاب الحصان أن ينفذه ; فعرض له جبريل على فرس أنثى وديق , فقربها منه فشمها الفحل , فلما شمها قدمها , فتقدم معها الحصان عليه فرعون , فلما رأى جند فرعون فرعون قد دخل دخلوا معه وجبريل أمامه , وهم يتبعون فرعون وميكائيل على فرس من خلف القوم يسوقهم , يقول : الحقوا بصاحبكم . حتى إذا فصل جبريل من البحر ليس أمامه أحد , ووقف ميكائيل على ناحيته الأخرى وليس خلفه أحد , طبق عليهم البحر , ونادى فرعون حين رأى من سلطان الله عز وجل وقدرته ما رأى وعرف ذلته وخذلته نفسه : { آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين } 10 90 763 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن أبي إسحاق الهمداني , عن عمرو بن ميمون الأودي في قوله : { وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون } قال : لما خرج موسى ببني إسرائيل بلغ ذلك فرعون , فقال : لا تتبعوهم حتى يصيح الديك . قال : فوالله ما صاح ليلتئذ ديك حتى أصبحوا فدعا بشاة فذبحت , ثم قال : لا أفرغ من كبدها حتى يجتمع إلي ستمائة ألف من القبط . فلم يفرغ من كبدها حتى اجتمع إليه ستمائة ألف من القبط . ثم سار , فلما أتى موسى البحر , قال له رجل من أصحابه يقال له يوشع بن نون : أين أمرك ربك يا موسى ؟ قال : أمامك ! يشير إلى البحر . فأقحم يوشك فرسه في البحر حتى بلغ الغمر , فذهب به ثم رجع , فقال : أين أمرك ربك يا موسى ؟ فوالله ما كذبت ولا كذبت ! ففعل ذلك ثلاث مرات , ثم أوحى الله جل ثناؤه إلى موسى : { أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم } 26 63 يقول : مثل جبل . قال : ثم سار موسى ومن معه وأتبعهم فرعون في طريقهم , حتى إذا تتاموا فيه أطبقه الله عليهم , فلذلك قال : { وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون } قال معمر : قال قتادة : كان مع موسى ستمائة ألف , وأتبعه فرعون على ألف ألف ومائة ألف حصان . 764 - وحدثني عبد الكريم بن الهيثم , قال : حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي , قال : حدثنا سفيان , قال : حدثنا أبو سعيد , عن عكرمة , عن ابن عباس , قال : أوحى الله جل وعز إلى موسى أن أسر بعبادي ليلا إنكم متبعون قال : فسرى موسى ببني إسرائيل ليلا , فأتبعهم فرعون في ألف ألف حصان سوى الإناث وكان موسى في ستمائة ألف , فلما عاينهم فرعون قال : { إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حذرون } 26 54 : 56 فسرى موسى ببني إسرائيل حتى هجموا على البحر , فالتفتوا فإذا هم برهج دواب فرعون فقالوا : يا موسى { أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا } 7 129 هذا البحر أمامنا , وهذا فرعون قد رهقنا بمن معه . { قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون } قال : فأوحى الله جل ثناؤه إلى موسى { أن اضرب بعصاك البحر } وأوحى إلى البحر : أن اسمع لموسى وأطع إذا ضربك . قال : فبات البحر له أفكل - يعني له رعدة - لا يدري من أي جوانبه يضربه , قال : فقال يوشع لموسى : بماذا أمرت ؟ قال : أمرت أن أضرب البحر . قال : فاضربه ! قال : فضرب موسى البحر بعصاه , فانفلق , فكان فيه اثنا عشر طريقا , كل طريق كالطود العظيم , فكان لكل سبط منهم طريق يأخذون فيه . فلما أخذوا في الطريق , قال بعضهم لبعض : ما لنا لا نرى أصحابنا ؟ قالوا لموسى : أين أصحابنا لا نراهم ؟ قال : سيروا فإنهم على طريق مثل طريقكم . قالوا : لا نرضى حتى نراهم - قال سفيان , قال عمار الدهني : - قال موسى : اللهم أعني على أخلاقهم السيئة . قال : فأوحى الله إليه : أن قل بعصاك هكذا - وأومأ إبراهيم بيده يديرها على البحر - قال موسى بعصاه على الحيطان هكذا , فصار فيها كوى ينظر بعضهم إلى بعض , قال سفيان : قال أبو سعيد , عن عكرمة , عن ابن عباس : فساروا حتى خرجوا من البحر , فلما جاز آخر قوم موسى هجم فرعون على البحر هو وأصحابه , وكان فرعون على فرس أدهم ذنوب حصان . فلما هجم على البحر هاب الحصان أن يقتحم في البحر , فتمثل له جبريل على فرس أنثى وديق . فلما رآها الحصان تقحم خلفها , وقيل لموسى : اترك البحر رهوا - قال : طرقا على حاله - قال : ودخل فرعون وقومه في البحر , فلما دخل آخر قوم فرعون وجاز آخر قوم موسى أطبق البحر على فرعون وقومه فأغرقوا . 765 - حدثنا موسى بن هارون , قال : حدثنا عمرو بن حماد , قال : حدثنا أسباط بن نصر , عن السدي : أن الله أمر موسى أن يخرج ببني إسرائيل , فقال : { أسر بعبادي ليلا إنكم متبعون } 26 60 فخرج موسى وهارون في قومهما , وألقي على القبط الموت فمات كل بكر رجل . فأصبحوا يدفنونهم , فشغلوا عن طلبهم حتى طلعت الشمس , فذلك حين يقول الله جل ثناؤه : { فأتبعوهم مشرقين } 26 60 فكان موسى على ساقة بني إسرائيل , وكان هارون أمامهم يقدمهم . فقال المؤمن لموسى : يا نبي الله , أين أمرت ؟ قال : البحر . فأراد أن يقتحم , فمنعه موسى . وخرج موسى في ستمائة ألف وعشرين ألف مقاتل , لا يعدون ابن العشرين لصغره ولا ابن الستين لكبره , وإنما عدوا ما بين ذلك سوى الذرية . وتبعهم فرعون وعلى مقدمته هامان في ألف ألف وسبعمائة ألف حصان ليس فيها ماذبانه , يعني الأنثى ; وذلك حين يقول الله جل ثناؤه : { فأرسل فرعون في المدائن حاشرين إن هؤلاء لشرذمة قليلون } 26 53 : 54 يعني بني إسرائيل . فتقدم هارون , فضرب البحر , فأبى البحر أن ينفتح , وقال : من هذا الجبار الذي يضربني ؟ حتى أتاه موسى , فكناه أبا خالد وضربه فانفلق { فكان كل فرق كالطود العظيم } 26 63 يقول : كالجبل العظيم . فدخلت بنو إسرائيل . وكان في البحر اثنا عشر طريقا , في كل طريق سبط , وكانت الطرق انفلقت بجدران , فقال كل سبط : قد قتل أصحابنا ! فلما رأى ذلك موسى , دعا الله , فحملها لهم قناطر كهيئة الطيقان . فنظر آخرهم إلى أولهم , حتى خرجوا جميعا . ثم دنا فرعون وأصحابه , فلما نظر فرعون إلى البحر منفلقا , قال : ألا ترون البحر فرق مني قد انفتح لي حتى أدرك أعدائي فأقتلهم ؟ فذلك حين يقول الله جل ثناؤه : { وأزلفنا ثم الآخرين } 26 64 يقول : قربنا ثم الآخرين ; يعني آل فرعون . فلما قام فرعون على أفواه الطرق أبت خيله أن تقتحم , فنزل جبريل على ماذبانه , فشام الحصان ريح الماذبانه , فاقتحم في أثرها , حتى إذا هم أولهم أن يخرج ودخل آخرهم , أمر البحر أن يأخذهم , فالتطم عليهم . 766 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : لما أخذ عليهم فرعون الأرض إلى البحر قال لهم فرعون : قولوا لهم يدخلون البحر إن كانوا صادقين . فلما رآهم أصحاب موسى , قالوا : { إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين } 26 61 : 62 فقال موسى للبحر : ألست تعلم أني رسول الله ؟ قال : بلى . قال : وتعلم أن هؤلاء عباد من عباد الله أمرني أن آتي بهم ؟ قال : بلى . قال : أتعلم أن هذا عدو الله ؟ قال : بلى . قال : فانفرق لي طريقا ولمن معي . قال : يا موسى , إنما أنا عبد مملوك ليس لي أمر إلا أن يأمرني الله تعالى . فأوحى الله عز وجل إلى البحر : إذا ضربك موسى بعصاه فانفرق , وأوحى إلى موسى أن يضرب البحر , وقرأ قول الله تعالى : { فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى } 20 77 وقرأ قوله : { واترك البحر رهوا } 44 24 سهلا ليس فيه تعد . فانفرق اثنتي عشرة فرقة , فسلك كل سبط في طريق . قال : فقالوا لفرعون : إنهم قد دخلوا البحر . قال : ادخلوا عليهم , قال : وجبريل في آخر بني إسرائيل يقول لهم : ليلحق آخركم أولكم . وفي أول آل فرعون , يقول لهم : رويدا يلحق آخركم أولكم . فجعل كل سبط في البحر يقولون للسبط الذين دخلوا قبلهم : قد هلكوا . فلما دخل ذلك قلوبهم , أوحى الله جل وعز إلى البحر , فجعل لهم قناطر ينظر هؤلاء إلى هؤلاء , حتى إذا خرج آخر هؤلاء ودخل آخر هؤلاء أمر الله البحر فأطبق على هؤلاء . ويعني بقوله : { وأنتم تنظرون } أي تنظرون إلى فرق الله لكم البحر وإهلاكه آل فرعون في الموضع الذي نجاكم فيه , وإلى عظيم سلطانه في الذي أراكم من طاعة البحر إياه من مصير ركاما فلقا كهيئة الأطواد الشامخة غير زائل عن حده , انقيادا لأمر الله وإذعانا لطاعته , وهو سائل ذائب قبل ذلك . يوقفهم بذلك جل ذكره على موضع حججه عليهم , ويذكرهم آلاءه عند أوائلهم , ويحذرهم في تكذيبهم نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم أن يحل بهم ما حل بفرعون وآله في تكذيبهم موسى صلى الله عليه وسلم . وقد زعم بعض أهل العربية أن معنى قوله : { وأنتم تنظرون } كمعنى قول القائل : " ضربت وأهلك ينظرون , فما أتوك ولا أعانوك " بمعنى : وهم قريب بمرأى ومسمع , وكقول الله تعالى : { ألم تر إلى ربك كيف مد الظل } 25 45 وليس هناك رؤية , إنما هو علم . والذي دعاه إلى هذا التأويل أنه وجه قوله : { وأنتم تنظرون } : أي وأنتم تنظرون إلى غرق فرعون . فقال : قد كانوا في شغل من أن ينظروا مما اكتنفهم من البحر إلى فرعون وغرقه . وليس التأويل الذي تأوله تأويل الكلام , إنما التأويل : وأنتم تنظرون إلى فرق الله البحر لكم على ما قد وصفنا آنفا , والتطام أمواج البحر بآل فرعون في الموضع الذي صير لكم في البحر طريقا يبسا , وذلك كان لا شك نظر عيان لا نظر علم كما ظنه قائل هذا القول الذي حكينا قوله .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()