بتـــــاريخ : 11/1/2009 10:01:48 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1555 0


    تفسير بن كثير - سورة البقرة - الآية 38

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : quran.al-islam.com

    كلمات مفتاحية  :

    قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا

    وقد ذكرنا القول في تأويل قوله : { قلنا اهبطوا منها جميعا } فيما مضى فلا حاجة بنا إلى إعادته إذ كان معناه في هذا الموضع هو معناه في ذلك الموضع . وقد : 661 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : حدثنا هشيم , قال : أخبرنا إسماعيل بن سالم , عن أبي صالح في قوله : { اهبطوا منها جميعا } قال : آدم , وحواء , والحية , وإبليس .

    فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى

    القول في تأويل قوله تعالى : { فإما يأتينكم مني هدى } قال أبو جعفر : وتأويل قوله : { فإما يأتينكم } فإن يأتكم , و " ما " التي مع " إن " توكيد للكلام , ولدخولها مع " إن " أدخلت النون المشددة في " يأتينكم " تفرقة بدخولها بين " ما " التي تأتي بمعنى توكيد الكلام التي تسميها أهل العربية صلة وحشوا , وبين " ما " التي تأتي بمعنى " الذي " , فتؤذن بدخولها في الفعل , أن " ما " التي مع " إن " التي بمعنى الجزاء توكيد , وليست " ما " التي بمعنى " الذي " . وقد قال بعض نحويي البصريين : إن " إما " " إن " زيدت معها " ما " , وصار الفعل الذي بعده بالنون الخفيفة أو الثقيلة , وقد يكون بغير نون . وإنما حسنت فيه النون لما دخلته " ما " , لأن " ما " نفي , فهي مما ليس بواجب , وهي الحرف الذي ينفي الواجب , فحسنت فيه النون , نحو قولهم : " بعين ما أرينك " حين أدخلت فيها " ما " حسنت النون فيما هنا . وقد أنكر جماعة من أهل العربية دعوى قائلي هذه المقالة أن " ما " التي مع " بعين ما أرينك " بمعنى الجحد , وزعموا أن ذلك بمعنى التوكيد للكلام . وقال آخرون : بل هو حشو في الكلام , ومعناها الحذف , وإنما معنى الكلام : بعين أراك , وغير جائز أن يجعل مع الاختلاف فيه أصلا يقاس عليه غيره .

    فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ

    القول في تأويل قوله تعالى : { فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون } قال أبو جعفر : والهدى في هذا الموضع البيان والرشاد , كما : 662 - حدثنا المثنى بن إبراهيم , قال : حدثنا آدم العسقلاني قال : حدثنا أبو جعفر , عن الربيع , عن أبي العالية في قوله : { فإما يأتينكم مني هدى } قال : الهدى : الأنبياء والرسل والبيان . فإن كان ما قال أبو العالية في ذلك كما قال , فالخطاب بقوله : { اهبطوا } وإن كان لآدم وزوجته , فيجب أن يكون مرادا به آدم وزوجته وذريتهما . فيكون ذلك حينئذ نظير قوله : { فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين } 41 11 بمعنى أتينا بما فينا من الخلق طائعين . ونظير قوله في قراءة ابن مسعود : " ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرهم مناسكهم " فجمع قبل أن تكون ذرية , وهو في قراءتنا : { وأرنا مناسكنا } 2 128 وكما يقول القائل لآخر : كأنك قد تزوجت وولد لك وكثرتم وعززتم . ونحو ذلك من الكلام . وإنما قلنا إن ذلك هو الواجب على التأويل الذي ذكرناه عن أبي العالية ; لأن آدم كان هو النبي صلى الله عليه وسلم أيام حياته بعد أن أهبط إلى الأرض , والرسول من الله جل ثناؤه إلى ولده , فغير جائز أن يكون معنيا وهو الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : { فإما يأتينكم مني هدى } خطابا له ولزوجته : فإما يأتينكم مني هدى أنبياء ورسل إلا على ما وصفت من التأويل . وقول أبي العالية في ذلك وإن كان وجها من التأويل تحتمله الآية , فأقرب إلى الصواب منه عندي وأشبه بظاهر التلاوة أن يكون تأويلها : فإما يأتينكم مني يا معشر من أهبطته إلى الأرض من سمائي , وهو آدم وزوجته وإبليس , كما قد ذكرنا قبل في تأويل الآية التي قبلها : إما يأتينكم مني بيان من أمري وطاعتي ورشاد إلى سبيلي وديني , فمن اتبعه منكم فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون , وإن كان قد سلف منهم قبل ذلك إلي معصية وخلاف لأمري وطاعتي . يعرفهم بذلك جل ثناؤه أنه التائب على من تاب إليه من ذنوبه , والرحيم لمن أناب إليه كما وصف نفسه بقوله : { إنه هو التواب الرحيم } وذلك أن ظاهر الخطاب بذلك إنما هو للذين قال لهم جل ثناؤه : { اهبطوا منها جميعا } والذين خوطبوا به هم من سمينا في قول الحجة من الصحابة والتابعين الذين قد قدمنا الرواية عنهم . وذلك وإن كان خطابا من الله جل ذكره لمن أهبط حينئذ من السماء إلى الأرض , فهو سنة الله في جميع خلقه , وتعريف منه بذلك للذين أخبر عنهم في أول هذه السورة بما أخبر عنهم في قوله : { إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون } 2 6 وفي قوله : { ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين } 2 8 وأن حكمه فيهم إن تابوا إليه وأنابوا واتبعوا ما أتاهم من البيان من عند الله , على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم , أنهم عنده في الآخرة , ممن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون , وأنهم إن هلكوا على كفرهم وضلالتهم قبل الإنابة والتوبة , كانوا من أهل النار المخلدين فيها . وقوله : { فمن تبع هداي } يعني فمن اتبع بياني الذي أبينه على ألسن رسلي أو مع رسلي , كما : 663 - حدثنا به المثنى , قال : حدثنا آدم , قال : حدثنا أبو جعفر , عن الربيع , عن أبي العالية : { فمن تبع هداي } يعني بياني . وقوله : { فلا خوف عليهم } يعني فهم آمنون في أهوال القيامة من عقاب الله غير خائفين عذابه , بما أطاعوا الله في الدنيا واتبعوا أمره وهداه وسبيله { ولا هم يحزنون } يومئذ على ما خلفوا بعد وفاتهم في الدنيا , كما : 664 - حدثني يونس بن عبد الأعلى , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : { لا خوف عليهم } يقول لا خوف عليكم أمامكم , وليس شيء أعظم في صدر الذي يموت مما بعد الموت , فأمنهم منه وسلاهم عن الدنيا , فقال : { ولا هم يحزنون } .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()