بتـــــاريخ : 11/1/2009 9:44:27 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 2258 1


    تفسير بن كثير - سورة البقرة - الآية 37

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : quran.al-islam.com

    كلمات مفتاحية  :

    فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ

    القول في تأويل قوله تعالى . { فتلقى آدم من ربه كلمات } قال أبو جعفر : أما تأويل قوله : { فتلقى آدم } فقيل إنه أخذ وقبل , وأصله التفعل من اللقاء كما يتلقى الرجل الرجل يستقبله عند قدومه من غيبة أو سفر , فكذلك ذلك في قوله : { فتلقى } كأنه استقبله فتلقاه بالقبول , حين أوحى إليه , أو أخبر به . فمعنى ذلك إذا : فلقى الله آدم كلمات توبة فتلقاها آدم من ربه وأخذها عنه تائبا فتاب الله عليه بقيله إياها وقبوله إياها من ربه . كما : 648 - حدثني يونس بن عبد الأعلى , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : { فتلقى آدم من ربه كلمات } الآية , قال : لقاهما هذه الآية : { ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } 7 23 وقد قرأ بعضهم : " فتلقى آدم من ربه كلمات " فجعل الكلمات هي المتلقية آدم . وذلك وإن كان من وجهة العربية جائزا إذ كان كل ما تلقاه الرجل فهو له متلق وما لقيه فقد لقيه , فصار للمتكلم أن يوجه الفعل إلى أيهما شاء ويخرج من الفعل أيهما أحب , فغير جائز عندي في القراءة إلا رفع " آدم " على أنه المتلقي الكلمات لإجماع الحجة من القراء وأهل التأويل من علماء السلف والخلف على توجيه التلقي إلى آدم دون الكلمات , وغير جائز الاعتراض عليها فيما كانت عليه مجمعة بقول من يجوز عليه السهو والخطأ . واختلف أهل التأويل في أعيان الكلمات التي تلقاها آدم من ربه , فقال بعضهم بما : 649 - حدثنا به أبو كريب , قال : حدثنا ابن عطية , عن قيس , عن ابن أبي ليلى , عن المنهال بن عمرو , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس : { فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه } قال : أي رب ! ألم تخلقني بيدك ؟ قال : بلى , قال : أي رب ! ألم تنفخ في من روحك ؟ قال : بلى , قال : أي رب ! ألم تسكني جنتك ؟ قال : بلى , قال : أي رب ! ألم تسبق رحمتك غضبك ؟ قال : بلى , قال : أرأيت إن أنا تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنة ؟ قال : نعم . قال : فهو قوله : { فتلقى آدم من ربه كلمات } وحدثني علي بن الحسن , قال : حدثنا مسلم , قال : حدثنا محمد بن مصعب , عن قيس بن الربيع , عن عاصم بن كليب , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس نحوه . 650 - وحدثني محمد بن سعد , قال : حدثني أبي , قال : حدثني عمي , قال : حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله : { فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه } قال : إن آدم قال لربه إذ عصاه رب أرأيت إن أنا تبت وأصلحت ؟ فقال له ربه : إني راجعك إلى الجنة . 651 - وحدثنا بشر بن معاذ , قال : حدثنا يزيد بن زريع , عن سعيد , عن قتادة قوله : { فتلقى آدم من ربه كلمات } ذكر لنا أنه قال : يا رب أرأيت إن أنا تبت وأصلحت ؟ قال : إني إذا راجعك إلى الجنة . قال : وقال الحسن إنهما قالا : { ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } 7 23 652 - وحدثني المثنى , قال : حدثنا آدم العسقلاني , قال : حدثنا أبو جعفر عن الربيع . عن أبي العالية في قوله : { فتلقى آدم من ربه كلمات } قال : إن آدم لما أصاب الخطيئة , قال : يا رب أرأيت إن تبت وأصلحت ؟ فقال الله : إذا أرجعك إلى الجنة فهي من الكلمات . ومن الكلمات أيضا : { ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } 7 23 653 - وحدثني موسى بن هارون , قال : حدثنا عمرو بن حماد , قال : حدثنا أسباط , عن السدي : { فتلقى آدم من ربه كلمات } قال : رب ألم تخلقني بيدك ؟ قيل له : بلى , قال : ونفخت في من روحك ؟ قيل له : بلى , قال : وسبقت رحمتك غضبك ؟ قيل له : بلى , قال : رب هل كنت كتبت هذا علي ؟ قيل له : نعم , قال : رب إن تبت وأصلحت هل أنت راجعي إلى الجنة ؟ قيل له : نعم . قال الله تعالى : { ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى } 20 122 وقال آخرون بما : 654 - حدثنا به محمد بن بشار , قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي , قال : حدثنا سفيان عن عبد العزيز بن رفيع , قال : حدثني من سمع عبيد بن عمير , يقول : قال آدم : يا رب خطيئتي التي أخطأتها أشيء كتبته علي قبل أن تخلقني , أو شيء ابتدعته من قبل نفسي ؟ قال : بلى شيء كتبته عليك قبل أن أخلقك . قال : فكما كتبته علي فاغفره لي ! قال : فهو قول الله : { فتلقى آدم من ربه كلمات } وحدثنا ابن سنان , قال : حدثنا مؤمل , قال : حدثنا سفيان , عن عبد العزيز بن رفيع , قال : أخبرني من سمع عبيد بن عمير بمثله . وحدثنا ابن سنان , قال : حدثنا وكيع بن الجراح , قال : حدثنا سفيان , عن عبد العزيز بن رفيع , عمن سمع عبيد بن عمير يقول : قال آدم , فذكر نحوه . وحدثنا المثنى , قال : حدثنا أبو نعيم , قال : حدثنا سفيان , عن عبد العزيز بن رفيع , قال : أخبرني من سمع عبيد الله بن عمير بنحوه . وحدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن عبد العزيز , عن عبيد بن عمير بمثله . وقال آخرون بما : 655 - حدثني به أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي , قال : حدثنا عبد الرحمن بن شريك , قال : حدثنا أبي , قال : حدثنا حصين بن عبد الرحمن , عن حميد بن نبهان , عن عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية أنه قال : قوله : { فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه } قال آدم : اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك , أستغفرك وأتوب إليك , تب علي إنك أنت التواب الرحيم . 656 - وحدثني المثنى بن إبراهيم , قال : حدثنا أبو غسان , قال : أنبأنا أبو زهير , وحدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي , قال : أخبرنا أبو أحمد , قال : حدثنا سفيان وقيس جميعا عن خصيف , عن مجاهد في قوله : { فتلقى آدم من ربه كلمات } قال قوله : { ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا } حتى فرغ منها . 657 - وحدثني المثنى , قال : حدثنا أبو حذيفة , قال : حدثني شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , كان يقول في قول الله : { فتلقى آدم من ربه كلمات } الكلمات : اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك , ربي إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك خير الغافرين . اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك , ربي إني ظلمت نفسي فارحمني إنك خير الراحمين . اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك , رب إني ظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم . وحدثنا ابن وكيع , قال : حدثنا أبي , عن النضر بن عربي , عن مجاهد : { فتلقى آدم من ربه كلمات } قال : هو قوله : { ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا } 7 23 الآية . 658 - وحدثنا القاسم , قال : حدثنا الحسين , قال : حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد : { فتلقى آدم من ربه كلمات } قال : أي رب أتتوب علي إن تبت ؟ قال : نعم ! فتاب آدم , فتاب عليه ربه . 659 - وحدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله : { فتلقى آدم من ربه كلمات } قال : هو قوله : { ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } 7 23 660 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : هو قوله : { ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } . 7 23 وهذه الأقوال التي حكيناها عمن حكيناها عنه وإن كانت مختلفة الألفاظ , فإن معانيها متفقة في أن الله جل ثناؤه لقى آدم كلمات , فتلقاهن آدم من ربه فقبلهن وعمل بهن وتاب بقيله إياهن وعمله بهن إلى الله من خطيئته , معترفا بذنبه , متنصلا إلى ربه من خطيئته , نادما على ما سلف منه من خلاف أمره . فتاب الله عليه بقبوله الكلمات التي تلقاهن منه وندمه على سالف الذنب منه . والذي يدل عليه كتاب الله أن الكلمات التي تلقاهن آدم من ربه هن الكلمات التي أخبر الله عنه أنه قالها متنصلا بقيلها إلى ربه معترفا بذنبه , وهو قوله : { ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } 7 23 وليس ما قاله من خالف قولنا هذا من الأقوال التي حكيناها بمدفوع قوله , ولكنه قول لا شاهد عليه من حجة يجب التسليم لها فيجوز لنا إضافته إلى آدم , وأنه مما تلقاه من ربه عند إنابته إليه من ذنبه . وهذا الخبر الذي أخبر الله عن آدم من قيله الذي لقاه إياه فقاله تائبا إليه من خطيئته , تعريف منه جل ذكره جميع المخاطبين بكتابه كيفية التوبة إليه من الذنوب , وتنبيه للمخاطبين بقوله : { كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم } 2 28 على موضع التوبة مما هم عليه من الكفر بالله , وأن خلاصهم مما هم عليه مقيمون من الضلالة نظير خلاص أبيهم آدم من خطيئته مع تذكيره إياهم من السالف إليهم من النعم التي خص بها أباهم آدم وغيره من آبائهم .

    فَتَابَ عَلَيْهِ

    القول في تأويل قوله تعالى : { فتاب عليه } قال أبو جعفر : وقوله : { فتاب عليه } يعني على آدم , والهاء التي في " عليه " عائدة على " آدم " . وقوله : { فتاب عليه } يعني رزقه التوبة من خطيئته . والتوبة معناها الإنابة إلى الله والأوبة إلى طاعته مما يكره من معصيته

    إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ

    القول في تأويل قوله تعالى : { إنه هو التواب الرحيم } قال أبو جعفر وتأويل قوله : { إنه هو التواب الرحيم } أن الله جل ثناؤه هو التواب على من تاب إليه من عباده المذنبين من ذنوبه التارك مجازاته بإنابته إلى طاعته بعد معصيته بما سلف من ذنبه . وقد ذكرنا أن معنى التوبة من العبد إلى ربه : إنابته إلى طاعته , وأوبته إلى ما يرضيه بتركه ما يسخطه من الأمور التي كان عليها مقيما مما يكرهه ربه , فكذلك توبة الله على عبده هو أن يرزقه ذلك , ويتوب من غضبه عليه إلى الرضا عنه , ومن العقوبة إلى العفو والصفح عنه . وأما قوله : { الرحيم } فإنه يعني أنه المتفضل عليه مع التوبة بالرحمة , ورحمته إياه إقالة عثرته وصفحه عن عقوبة جرمه .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()