بتـــــاريخ : 11/1/2009 8:19:35 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1548 0


    تفسير - بن كثير - سورة البقرة - الآية 20

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : quran.al-islam.com

    كلمات مفتاحية  :

    يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ

    ثم عاد جل ذكره إلى نعت إقرار المنافقين بألسنتهم , والخبر عن وعنهم وعن نفاقهم , وإتمام المثل الذي ابتدأ ضربه لهم ولشكهم ومرض قلوبهم , فقال : { يكاد البرق } يعني بالبرق : الإقرار الذي أضروه بألسنتهم بالله وبرسوله وما جاء به من عند ربهم , فجعل البرق له مثلا على ما قدمنا صفته . { يخطف أبصارهم } يعني : يذهب بها ويستلبها ويلتمعها من شدة ضيائه ونور شعاعه . كما : 393 - حدثت عن المنجاب بن الحارث , قال : حدثنا بشر بن عمار , عن أبي روق عن الضحاك , عن ابن عباس , في قوله : { يكاد البرق يخطف أبصارهم } قال : يلتمع أبصارهم ولما يفعل . قال أبو جعفر : والخطف : السلب , ومنه الخبر الذي روي عن النبي " أنه نهى عن الخطفة " يعني بها النهبة ; ومنه قيل للخطاف الذي يخرج به الدلو من البئر خطاف لاختطافه واستلابه ما علق به . ومنه قول نابغة بني ذبيان : خطاطيف حجن في حبال متينة تمد بها أيد إليك نوازع فجعل ضوء البرق وشدة شعاع نوره كضوء إقرارهم بألسنتهم وبرسوله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من عند الله واليوم الآخر وشعاع نوره , مثلا

    كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ

    ثم قال تعالى ذكره { كلما أضاء لهم } يعني أن البرق كلما أضاء لهم , وجعل البرق لإيمانهم مثلا . وإنما أراد بذلك أنهم كلما أضاء لهم الإيمان وإضاءتهم لهم أن يروا فيه ما يعجبهم في عاجل دنياهم من النصرة على الأعداء , وإصابة الغنائم في المغازي , وكثرة الفتوح , ومنافعها , والثراء في الأموال , والسلامة في الأبدان والأهل والأولاد , فذلك إضاءته لهم ; لأنهم إنما يظهرون بألسنتهم ما يظهرونه من الإقرار ابتغاء ذلك , ومدافعة عن أنفسهم وأموالهم وأهليهم وذراريهم , وهم كما وصفهم الله جل ثناؤه بقوله : { ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه } 22 11

    مَشَوْا فِيهِ

    ويعني بقوله : { مشوا فيه } مشوا في ضوء البرق . وإنما ذلك مثل لإقرارهم على ما وصفنا . فمعناه : كلما رأوا في الإيمان ما يعجبهم في عاجل دنياهم على ما وصفنا , ثبتوا عليه وأقاموا فيه , كما يمشي السائر في ظلمة الليل وظلمة الصيب الذي وصفه جل ثناؤه , إذا برقت فيها بارقة أبصر طريقه فيها ;

    وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا

    { وإذا أظلم } يعني ذهب ضوء البرق عنهم ويعني بقوله : " عليهم " : على السائرين في الصيب الذي وصف جل ذكره , وذلك للمنافقين مثل . ومعنى إظلام ذلك : أن المنافقين كلما لم يروا في الإسلام ما يعجبهم في دنياهم عند ابتلاء الله مؤمني عباده بالضراء وتمحيصه إياهم بالشدائد والبلاء من إخفاقهم في مغزاهم وإنالة عدوهم منهم , أو إدبار من دنياهم عنهم ; أقاموا على نفاقهم وثبتوا على ضلالتهم كما قام السائر في الصيب الذي وصف جل ذكره إذا أظلم وخفت ضوء البرق , فحار في طريقه فلم يعرف منهجه .

    وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ

    القول في تأويل قوله تعالى : { ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم } قال أبو جعفر : وإنما خص جل ذكره السمع والأبصار بأنه لو شاء أذهبها من المنافقين دون سائر أعضاء أجسامهم للذي جرى من ذكرها في الآيتين , أعني قوله : { يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق } وقوله : { يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه } فجرى ذكرها في الآيتين على وجه المثل . ثم عقب جل ثناؤه ذكر ذلك بأنه لو شاء أذهبه من المنافقين عقوبة لهم على نفاقهم وكفرهم , وعيدا من الله لهم , كما توعدهم في الآية التي قبلها بقوله : { والله محيط بالكافرين } واصفا بذلك جل ذكره نفسه أنه المقتدر عليهم وعلى جمعهم , لإحلال سخطه بهم , وإنزال نقمته عليهم , ومحذرهم بذلك سطوته , ومخوفهم به عقوبته , ليتقوا بأسه , ويسارعوا إليه بالتوبة . كما : 394 - حدثنا ابن حميد , قال : حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , عن محمد بن أبي محمد , عن عكرمة , أو عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس : { ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم } لما تركوا من الحق بعد معرفته . 395 - وحدثني المثنى , قال : حدثنا إسحاق , قال : حدثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع بن أنس , قال : ثم قال يعني قال الله - في سماعهم يعني أسماع المنافقين وأبصارهم التي عاشوا بها في الناس - : { ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم } . قال أبو جعفر : وإنما معنى قوله : { لذهب بسمعهم وأبصارهم } لأذهب سمعهم وأبصارهم , ولكن العرب إذا أدخلوا الباء في مثل ذلك قالوا : ذهبت ببصره , وإذا حذفوا الباء قالوا : أذهبت بصره , كما قال جل ثناؤه : { آتنا غداءنا } 18 62 ولو أدخلت الباء في الغداء لقيل : ائتنا بغدائنا . قال أبو جعفر : فإن قال لنا قائل : وكيف قيل : { لذهب بسمعهم } فوحد , وقال : { وأبصارهم } فجمع ؟ وقد علمت أن الخبر في السمع خبر عن سمع جماعة , كما الخبر في الأبصار خبر عن أبصار جماعة ؟ قيل : قد اختلف أهل العربية في ذلك , فقال بعض نحويي الكوفة : وحد السمع لأنه عنى به المصدر وقصد به الخرق , وجمع الأبصار لأنه عنى به الأعين . وكان بعض نحويي البصرة يزعم أن السمع وإن كان في لفظ واحد فإنه بمعنى جماعة , ويحتج في ذلك بقول الله : { لا يرتد إليهم طرفهم } 14 43 يريد لا ترتد إليهم أطرافهم , وبقوله : { ويولون الدبر } 54 45 يراد به أدبارهم . وإنما جاز ذلك عندي لأن في الكلام ما يدل على أنه مراد به الجمع , فكان فيه دلالة على المراد منه , وأداء معنى الواحد من السمع عن معنى جماعة مغنيا عن جماعه , ولو فعل بالبصر نظير الذي فعل بالسمع , أو فعل بالسمع نظير الذي فعل بالأبصار من الجمع والتوحيد , كان فصيحا صحيحا لما ذكرنا من العلة ; كما قال الشاعر : كلوا في بعض بطنكم تعفوا فإن زماننا زمن خميص فوحد البطن , والمراد منه البطون لما وصفنا من العلة .

    إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

    القول في تأويل قوله تعالى : { إن الله على كل شيء قدير } قال أبو جعفر : وإنما وصف الله نفسه جل ذكره بالقدرة على كل شيء في هذا الموضع , لأنه حذر المنافقين بأسه وسطوته وأخبرهم أنه بهم محيط وعلى إذهاب أسماعهم وأبصارهم قدير , ثم قال : فاتقوني أيها المنافقون واحذروا خداعي وخداع رسولي وأهل الإيمان بي لا أحل بكم نقمتي فإني على ذلك وعلى غيره من الأشياء قدير . ومعنى قدير : قادر , كما معنى عليم : عالم , على ما وصفت فيما تقدم من نظائره من زيادة معنى فعيل على فاعل في المدح والذم .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()