بتـــــاريخ : 7/4/2009 12:34:56 AM
الفــــــــئة
  • الاقتصـــــــــاد
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1644 0


    ترجيح آراء الفقهاء حول الوعد في البيع

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : د. توفيق الطيب البشير | المصدر : www.ecoworld-mag.com

    كلمات مفتاحية  :
    ترجيح آراء الفقهاء حول الوعد في البيع
    د. توفيق الطيب البشير
    د.توفيق الطيب البشير
    د.توفيق الطيب البشير
    يثار في كثير من المجالس النقاش حول الوعد في البيع ، وهل هو ملزم أم لا؟ وهل يجوز بيع المرابحة للواعد بالشراء على هذا الأساس؟ وكذلك الإيجار المقرون بوعد البيع؟ وينتهي الحوار في بعض الأحيان إلى غير نتيجة لاستناد بعض المتحاورين إلى فتوى الدكتور يوسف القرضاوي، وذهاب البعض الآخر إلى فتوى الشيخ الأشقر في كتابيهما المعروفين «بيع المرابحة للآمر بالشراء كما تجريه المصارف الإسلامية»، حيث ذهب الأول إلى الإلزام واختار الثاني عدم جواز الإلزام في الوعد. واستند الشيخان إلى قواعد وضوابط محددة وإلى فتاوى سابقة في الموضوع، ولكننا الآن في أمس الحاجة إلى تفصيل القول في هذه المسألة لكثرة تعامل الناس في هذا الزمان في العقود التي ترتبط بالوعد.
    ما هو الوعد بالبيع؟

    الوعد بالبيع هو إعلان أحد المتبايعين رغبته بأن يبيع عيناً معينة بثمن معلوم إذا قبل الآخر الشراء خلال فترة محدودة . وهو جائز اتفاقاً، كما نقل عن ابن عرفة قوله عن العدة (أي الوعد) بأنها إخبار عن إنشاء المخبر معروفاً في المستقبل والوفاء بها مطلوب اتفاقاً.
    واختلف الفقهاء حول ما إذا كان الواعد ملزماً بوعده في حالة قبول المشتري الشراء أم غير ملزم على ثلاثة مذاهب؛ مذهب الإلزام المطلق، وهو مذهب ابن شبرمة والخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، ومذهب استحباب الوعد لا وجوبه، وهو مذهب الجمهور، ومذهب بين الوجـوب وعدمه بتفصـيل في المسألة، وهو مذهب المالكية .
    قال ابن كثير؛ وذهب الإمام مالك، رحمه الله، إلى أنه إذا تعلق بالوعد غرم على الموعود وجب الوفاء به كما لو قال لغيره تزوج ولك على كل يوم كذا فتزوج وجب عليه أن يعطيه ما دام كذلك لأنه تعلق به حق آدمي وهو مبني على المضايقة وذهب الجمهور إلى أنه لا يجب مطلقاً.
    آراء الفقهاء

    المذهب الأول : وجوب الوفاء بالوعد مطلقاً :
    ومن أصحاب هذا المذهب الفقيه المالكي ابن شبرمة، وقد حكى عنه ابن حزم أنه قال؛ الوعد كله لازم ويقضى به على الواعد ويجبر .
    ومنهم أيضاً الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه. قال ابن حجر؛ قال المهلب إنجاز الوعد مأمور به مندوب إليه عند الجميع وليس بفرض لاتفاقهم على أن الموعود لا يضارب بما وعد به مع الغرماء. ونقل الإجماع في ذلك مردود فإن الخلاف مشهور لكن القائل به قليل، وقال ابن عبد البر وابن العربي أجل من قال به عمــر بن عبد العزيز وعن بعض المالكية أن ارتبط الوعد بسبب وجب الوفاء به وإلا فلا.
    ومن هؤلاء أيضاً، ابن العربي الذي يرى وجوب الوفاء بالوعد مطلقاً، وإن كان قد استثنى صاحب العذر من الوفاء. قال القرطبي؛ قال ابن العربي؛ فإن كان المقول منه وعداً فلا يخلو أن يكون منوطاً بسبب، كقوله إن تزوجت أعنتك بدينار أو ابتعت حاجة كذا أعطيتك كذا، فهذا لازم إجماعاً من الفقهاء، وإن كان وعداً مجرداً فقيل يلزمه بتعلقه.
    المذهب الثاني: القول بالوجوب وعدمه بتفصيل:
    وهو مذهب المالكية ولهم في الوفاء بالوعد أربعة أقوال جمعها الشيخ عليش في فتح العلي فقال؛ فالوفاء بالعدة (أي الوعد) مطلوب بلا خلاف، واختلف في وجوب القضاء بها على أربعة أقوال حكاها ابن رشد في كتاب جامع البيوع وفي كتاب العارية وفي كتاب العدة ونقلها عنه غير واحد، فقيل يقضى بها مطلقاً وقيل لا يقضى بها مطلقاً وقيل يقضى بها إن كانت على سبب , وإن لم يدخل الموعود بسبب العدة في شيء كقولك أريد أن أتزوج أو أن أشتري كذا أو أن أقضي غرمائي فأسلفني كذا أو أريد أن أركب غدا إلى مكان كذا فأعرني دابتك أو أن أحرث أرضي فأعرني بقرك فقال نعم, ثم بدا له قبل أن يتزوج أو أن يشتري أو أن يسافر فإن ذلك يلزمه, ويقضى عليه به , فإن لم يترك الأمر الذي وعدك عليه, وكذا لو لم تسأله وقال لك هو من نفسه أنا أسلفك كذا أو أهب لك كذا لتقضي دينك أو لتتزوج أو نحو ذلك فإن ذلك يلزمه ويقضى به عليه, ولا يقضى بها إن كانت على غير سبب كما إذا قلت أسلفني كذا ولم تذكر سبباً أو أعرني دابتك أو بقرك ولم تذكر سفراً, ولا حاجة فقال نعم ثم بدا له أو قال هو من نفسه أنا أسلفك كذا أو أهب لك كذا ولم يذكر سبباً ثم بدا له , والرابع يقضى بها إن كانت على سبب ودخل الموعود بسبب العدة في شيء، وهذا هو المشهور من الأقوال.
    ومنه قال المالكية، أنه لو كان الوعد بالبيع مترتباً على سبب فإنه يلزم صاحبه على المشهور من المذهب ورتبوا أيضاً سائر الوجوه . قال محمد بن رشد؛ قوله بعه وأنا أرضيك عدة إلا أنها عدة على سبب وهو البيع والعدة إذا كانت على سبب لزمت بحصول السبب في المشهور من الأقوال. وقد قيل إنها لا تلزم بحال وقيل إنها تلزم على كل حال وقيل إنها تلزم إذا كانت على سبب , وإن لم يحصل السبب.
    المذهب الثالث: القول باستحباب الوفاء لا وجوبه:
    وهو مذهب الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة وبعض المالكية. ونقل عن ابن عرفة قوله: وأما العدة فليس فيها إلزام الشخص نفسه شيئاً الآن, وإنما هي إخبار عن إنشاء المخبر معروفاً في المستقبل, ولا خلاف في استحباب الوفاء بالوعد.
    فالحنفية لا يقولون بوجوب إنجاز الوعد. وجاء في التمهيد ما يؤيد ذلك، فقال ابن عبد البر؛«قال أبو حنيفة وأصحابه والأوزاعي والشافعي وعبيد الله بن الحسين وسائر الفقهاء أما العدة فلا يلزمه منها شيء لأنها منافع لم يقبضها في العارية لأنها طارئة وفي غير العارية أشخاص وأعيان موهوبة لم تقبض ولصاحبها الرجوع فيها».
    ومع ذلك فهم يلزمون الواعد بإنجاز وعده عند الحاجة، كما جاء في البحر الرائق؛ وإن ذكر البيع بلا شرط ثم شرطاه على وجه المواعدة جاز البيع ولزم الوفاء وقد يلزم الوعد لحاجة الناس فراراً من الربا .
    ويتأكد عند الشافعية الوفاء بالوعد ولكنه غير واجب، كما يتأكد استحباب وفاء الوعد، قال تعالى }وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم| وقال عز وجل }يا أيـها الذين آمنوا أوفوا بالعقود| وقال سبحانه }وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا| وتتأكد كراهة خلافه أي الوعد، قال تعالى }يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون|. وروى الشيخان خبر «آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب , وإذا وعد أخلف , وإذا أؤتمن خان». وزاد مسلم في رواية؛ «وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم» وإنما لم يجب الوفاء بالوعد ولم يحرم إخلافه، لأنه في معنى الهبة وهي لا تلزم إلا بالقبض .
    وأما الحنابلة فهم كذلك لا يقولون بالإلزام كما جاء في الفروع؛ ولا يلزم الوفاء بالوعد, نص عليه لأنه يحرم بلا استثناء , لقوله تعالى } ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله| ولأنه في معنى الهبة قبل القبض .
    وجاء في الإنصاف؛ لا يلزم الوفاء بالوعد على الصحيح من المذهب. لأنه لا يحرم بلا استثناء . قال تعالى؛ }ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله| ولأنه في معنى الهبة قبل القبض .
    الخلاصة

    وبعد هذا الاستعراض المفصل لآراء الفقهاء في المسألة، يترجح لدينا استحباب الوعد لا وجوبه لأن الوجوب يجعل من الوعد عقداً ولا يكون بينهما فرق، والعقود نفسها بين لازم وجائز فكيف بالوعد الذي لم يرق للقطع والبت وإنما هو مجرد إخبار لأمر مستقبل متروك للمشيئة، ولم تكن هناك أدلة صريحة في وجوب الوفاء بالوعد في المعاوضات ولا في عدمه وإنما الإجماع على الاستحباب وكراهة الإخلاف. والله أعلم .
    رئيس الفريق الاستشاري - دار الدراسات الاقتصادية - الرياض.


    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()