بتـــــاريخ : 3/30/2009 9:46:15 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1621 0


    طريق الهداية - التوبة والاستغفار 98

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : الدكتور محمد هداية | المصدر : www.islamiyyat.com

    كلمات مفتاحية  :
    التوبة الاستغفار

     

    التوبة والاستغفار 98
    تقديم علاء بسيوني
    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. موعد ولقاء جديد نخطو فيه خطوات على طريق الهداية. مع سورة الإسراء كنا سألنا في اللقاء السابق مجموعة أسئلة سنضعها على مائدة النقاش والبحث اليوم. مسألة أن ربنا سبحانه وتعالى يطرح صورة النار وكل ما فيها من مساوئ ونكبات ومن سخط ومن إهانة ومسألة الجنة وما فيها من نعيم، المفروض أن هذا كله يكفي للمذنب أن يتعظ ويتقي النار ويحلم بالجنة، نقف هنا ونضع مليون خط تحت (يحلم بالجنة) وهو يجلس في بيته يعمل على هواه أو يعمل حسب المنهج الإلهي؟! هذا سؤال مهم. مسألة أن يشتاق الإنسان للجنة هذه مسألة فطرية لكن أتصور أن الواحد إذا أراد أن يشتاق للجنة يحتاج أن يسمع أكثر في القرآن فالإنسان بطبعه طمّاع يريد أن يرى النعم والمتع. لما وقفنا في سورة الإسراء عند قوله تعالى (فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)) قلنا هل يكفي هذا التوصيف بالنسبة للإنسان المؤمن اللبيب أن يعرف أن هذا فيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر؟ هل هذا يوصل إلى هذه النتيجة؟ وهل أراد ربنا سبحانه وتعالى بهذا الإختصار أن نطلق العنان لخيالنا ونحلم ماذا في الجنة ونتمنى وما نتمناه يتحقق. أسئلة كثيرة ونحن نتمنى أن نكون من أهل الجنة.
    أنا سعيد بالحلقة لأنها تتكلم عن الجنة لأنها تطبيق لقول "بشِّروا ولا تنفِّروا" ولا أتضايق عندما نتكلم عن النار لأنه يكون من باب التحذير.
    الذين يريدون العاجلة جعل الله تعالى لهم جهنم يصلاها مذموماً مدحورا أما الذي أراد الآخرة فقال تعالى عنه (فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)) ثم قال بعدها (كلا نمد) إستقبال كلمة العطاء على أساس أنه سيؤدي بي إلى الجنة لكن عطاء ربنا هنا لأنه قال (هؤلاء وهؤلاء) وكأنه يتكلم عن صنفين من البشر فهل إن أعطاني بعض النعم التي استعجلت بها وأودت بي إلى النار هل هذا عطاء أو شيء سيء؟ فلماذا سماه الله تعالى عطاء في الحالتين؟
    د. هداية: عندنا عدة أسئلة: السؤال الأول هل يكفي قوله تعالى (فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19))؟ أقول أنها تكفي لسبب لأن الآية قبلها ناقشناها الحلقة الماضية (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18)) إذن من طلب العاجلة فهو في النار إلا من تاب إلى الله تبارك وتعالى وهذا الاستثناء غير موجود في الآية وإنما يوجد ما هو أكبر من الاستثناء وهو قول الحق تبارك تعالى (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ) بصيغة الفعل المضارع لأنه قد يأتي أحدهم وينتقل إلى الفئة الأخرى فطبعاً يكفي جداً أن يقول (فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)) قال أولئك مع أنه في الآية الأخرى قال (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ) طالما ما زالوا يعملون فيطلق عليهم (هؤلاء) وإذا صاروا من أهل الجنة يقال لهم (أولئك) بعيد المنزلة والمنال.
    السؤال الثاني ما هو عطاء ربك؟ هل هو عطاء واحد أو عطائين؟ الذي يقسمه على اثنين (هؤلاء وهؤلاء)، لكن قبل أن أجيب على هذا السؤال أذهب لآية لما كنت أحقق التفسير الآية تقول (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21)) أقسم بالله 99.9 % يتكلمون عن التفضيل الذي يحس به الناس أين دوري أنا كداعية؟ يقولون المال والبنون لكنها ليست هي التفضيل، الآية تقسم على اثنين وتلقيك للقرآن هو الذي سيصنفك. الآية تقول (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) لو كان سألنا عشرة أشخاص عن معنى التفضيل في الآية يقول لك أحدهم الذي عنده مال والآخر يقول الذي عنده أولاد وآخر عنده سلطان ولا يقول أحد أن هذا من أهل الجنة وليس عنده لكنهم لم يعرفوا أن الذي ليس عنده هذا تفضيل. يقول تعالى (وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا) فالذي كتبه الله تعالى من أهل الجنة أعطاه المنهج ليسير عليه وأعطاه صبراً على عدم المال وصبر على عدم الجاه إذا أعطاه، وإذن عطاء ربك مقسوم على اثنين أيضاً المال عند الذي طلب العاجلة هذا عطاء وعدم المال عند الذي طلب الآخرة عطاء أيضاً.
    المقدم: هل أفهم من هذا أن الأغنياء المتقين لن يدخلوا الجنة؟!
    د. هداية: لا، يدخلوا، أنا قلت عند الذي يطلب العاجلة، أنا محكوم بصنفين صنف طلب العاجلة هذا لن يدخل الجنة أبداً بدليل أنه قال بعدها (ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18)) الناس في الدنيا مقسومة إلى قسمين فإذا بقي هذا الذي طلب العاجلة في قسمه فلن يدخل الجنة أبداً بدليل الآية (ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ) - هذا كلام الله تعالى وليس كلامي أنا - وجاء الفعل بصيغة المضارع حتى إذا أراد أن ينتقل السامع من صنف إلى صنف بعد أن تسمع الشرح يمكنه أن يأتي لكنه سيكون عندها من الصنف الذي أراد الآخرة. عندما نقسم العطاء عندنا صنفان أعطى الذي طلب العاجلة مالاً أو لم يعطه مالاً وبقي يطلب العاجلة وحتى إذا لم يعطه يكون عطاء لأن المال قد يفسده فبحكمته منعه سبحانه وتعالى. إسمع الآية الآن بهذا المفهوم (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20)) انظر ماذا سيطلب هذا وهذا؟ الذي أراد الآخرة لن يموت من الجوع لأن الله تعالى سيعطيه مالاً وقد يكون مالاً كثيراً لكن هذا الذي أراد الآخرة سيُهلك هذا المال في الخير ولن يطغى به. عندما نسمع (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21)) أنا شخصياً سأنظر من باب أن الذي مُنع المال وكانت له العاقبة الجنة هذا الذي فُضِّل وإن كان مُنع فالمنع في حد ذاته بهذا المفهوم عطاء.
    المقدم: سيأتي أحدهم ويسأل لماذا إذا طلب أحدهم المال والله تعالى لم يعطه لأنه بعلمه يعلم أن المال سيلهيه ويفسده فربنا سبحانه وتعالى برحمته منعه لأنه أراد أن يكون من أهل الجنة ولماذا غيره أذا طلب يُعطى المال؟
    د. هداية: أنت تريد أن تسأل لماذا فُضِّل الأول من عند الله تعالى؟ هذه إرادة الله.
    المقدم: هناك آية أخرى تقول نفس الكلام (يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء) ما هي حدود المشيئة الإلهية وشروطها التي تجعل فلان يستأهل المغفرة أم غيره فلا؟
    د, هداية: حكمة الله تبارك وتعالى لأنه من حكمة الله تبارك وتعالى هذا المنهج. أسأل سؤالاً هل كل من رأى محمداً صلى الله عليه سلم سيدخل الجنة؟ بالقطع لا، الذين كفروا به وقت نزول الرسالة وماتوا وهم كفار لن يدخلوا الجنة. البعض يقول ليتني عشت في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، يا أخي سِر على مراد الله. هل تريد أن تعيش في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم مثل أبو لهب مثلاً؟ كن واعياً. لا أقول ليتني كنت في عصر كذا لأن هذا ليس من العقيدة، لأن الله تعالى خلقني لهذا الزمان. من العقيدة أن أُسلِّم يعني لا ينفع أن تطلق العنان لهواك، لما قال تعالى (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ (20)) العطاء واحد لكن هناك هؤلاء وهؤلاء هذا يجعل العطاء عطائين وأكد (وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا) يعني إطلب كما تشاء. بعد أن نعلم هذان التصنيفان سنطلب الآخرة والذي يطلب العاجلة بعد أن عرف هذه التصنيفات يكون غبياً. المولى عز وجل له إرادة وله حكمة فإذا قال البعض هذا مؤمن وهذا كافر قل له هذا من حكمة الله. يقول تعالى (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)) لم يقل أحسن تكوين، لماذا أقسم بهذه الأمور بالذات في السورة؟ إشارات إلى الرسالات السماوية ومهبط الوحي. قلنا سابقاً أن البلد الأمين إشارة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهذا من باب التفسير الإشاري. (التين) إشارة إلى آدم، والزيتون إشارة عيسى وطور سنين إلى موسى وهذا البلد الأمين إشارة إلى إبراهيم ومحمد عليهم الصلاة والسلام، أشار إلى شتات الرسالات في القسم وقال في المقسوم عليه (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) ولم يقل أحسن تكوين ليعني حتى إذا رأيت واحداً قبيح الخلقة فهذا ما يقوم هذه النطفة وإذا رأيت كافراً في عقيدته فاعلم أن هذا ما يقوِّم هذه النطفة، هذه حكمة الله تبارك وتعالى ومع ذلك هل منع الله كافراً أن يُسلِم؟ بالعكس بل دعاه إلى الإسلام والإيمان وأرسل له الرسالات ولما جاءت الرسالة الخاتمة ذكر كل ما ورد في الرسالات السابقة ونحن إلى الآن لا يمكن أن نمنعنأحداً أن يسلم أو آخر أن يتنصر ولا يمكن أن ترغم أحداً أو تكرهه لا على الإسلام ولا على الكفر والقرآن عبّر عن هذا (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ (256) البقرة).
    المقدم: أظن أن لهذه الآية سبب في النزول لما الرسول صلى الله عليه وسلم كان في المدينة ورأى أحداً من الأنصار كان قبل البعثة المحمدية أرسل أولاده إلى الشام مع قبائل اليهود على أساس أنهم أهل كتاب وأن الآولاد تعلموا وتاجروا ودخلوا في أحد الأديرة وتنصروا فلما جاءت البعثة وأسلم أبوهم وعندما أتوا إلى المدينة طلب منهم أبوهم أن يسلموا فرفضوا أن يدخلوا في الإسلام وحبسهم وأكرههم على الإسلام وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك وقال له: أيدخل بعضي إلى النار وأنا أنظر؟ قال له الرسول صلى الله عليه وسلم الآية (لا إكراه في الدين)
    د. هداية: هذه هي العقيدة، العقيدة أن يدخل الإنسان الدين باختياره بحرية لكني أسأل سؤالاً ألم يرسل الله تعالى المنهج؟ ألم يرسل الرسل؟ قال تعالى (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (15) الإسراء) فإذا جاء الرسول بطلت الحجة.
    المقدم: نسأل سؤالاً عن مسألة الاشتياق للرسول صلى الله عليه وسلم فكلنا نجب أن نراه ولكننا إن شاء الله تعالى سنجتمع به في الآخرة. الله تعالى قال (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ (144) آل عمران) الله تعالى قبض الرسول لكن هذا لا يعني أن المنهج انتهى بل على العكس هو باق إلى يوم القيامة. مع اشتياقنا للرسول صلى الله عليه وسلم وحبنا لأن نراه لا يجب أن نقول ليتنا كنا في زمانه لأن هذه إرادة الله عز وجل لكن عندنا فرصة لأن نلتقي به إذا مشينا على منهجه لأن الرسول صلى الله عليه وسلم مكلّف بإيصال المنهج لنا. هل الرسول صلى الله عليه وسلم هو المبتغى في ذاته وشخصه أو في منهجه الذي أبلغه ثم تطبيقه وسنّته؟
    د. هداية: الأهم في الموضوع هو المنهج (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ (193) آل عمران) لم يقل إننا رأينا، رؤية الرسول صلى الله عليه مبتغى لنا وهدف وغاية لنا جميعاً أن نكون في صحبة الرسول صلى الله عليه وسلم لكن هذا الكلام يجب أن نقف عند المهم فيه، أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه لما مات الرسول صلى الله عليه وسلم ماذا قال؟ عمر رضي الله عنه قال من قال إن محمداً قد مات سأضرب عنقه لأنه كان رافضاً للفكرة فأبو بكر قال فليجلس المتكلم يا معشر المسلمين من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ولا يمكن أن نقول أن أبا بكر لم يكن يحب الرسول صلى الله عليه ولسم لكن هذه مسألة عقيدة فقال : من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌ لا يموت. إذن المهم المنهج. الصاحبة لم يكونوا يذهبوا لرؤية الرسول ولكن لسؤاله وعندما قعدوا عن المسألة أرسل الله تعالى لهم جبريل يسأله ليعلمهم. إذن وجوده صلى الله عليه وسلم له غاية "السماع والتطبيق" أن أستمع إلى المنهج وأطبّق (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) الجن) أستمع أهم شيء كان يمكن أن يجلسوا ليتأملوا جماله صلى الله عليه وسلم لكن ليست هذه القصة. غاية المنهج أن تقلِّد الرسول كيف كان يصلي كيف كان يصوم كيف كان يحج كيف كان يتعامل؟ ولذلك في الصلاة قال صلوا كما رأيتموني أصلي وفي الحج قال خذوا عني مناسككم وكان في كل موقف يشرح لهم ويوصيهم هذا ليس له علاقة برؤية الرسول لكن كما قلنا من يجتهد ويكون في منزلة عالية سيرى الرسول صلى الله عليه وسلم.
    المقدم: يقول صلى الله عليه وسلم: إذا سألتم الله الجنة فاطلبوا الفردوس الأعلى، الفردوس الأعلى واضح أنها منزلة متميزة وفيها النبيين والشهداء والصديقين. مسألة (سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)) تجبّ مسألة الخيال وأن أقعد مع الرسول صلى الله عليه وسلم في مجلسه وأذكر تحية جميلة "طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة مقعدا" يعني أنت قعدت في الجنة لن يزحزحك أحد منها، هل (سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)) تجب كل هذا وتفتح الخيال لكل إنسان أن يتمنى ما يتمناه من نعيم في الجنة.
    د. هداية: كما ذكرنا سابقاً العطاء مقسوم. لما تكلم عن الذي طلب الدنيا وقال عجلنا له فيها ما نشاء قال (ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا (18) الإسراء) ولما تكلم عن الذي أراد الآخرة ذكر شرطين (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا (19)) كل واحد بحسب عمله (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) المطففين). (ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا (18) الإسراء) ما معنى (يصلاها)؟ يصلاها ليس لها علاقة بالوصول وإنما يصلاها من صليّ يعني احترق بنارها من صليّ يعني احترق وخاف حرّ نارها وليس لها علاقة بالوصول أو الدخول. يصلاها يحترق بها، مدحوراً يعني مطروداً من رحمة الله تبارك وتعالى لكن مذموماً هل من الله؟ من الناس؟ أو من الله ومن الناس؟ آخذ المعنى الأخير من الله ومن الناس. شاهد الزور بعد أن يشهد للذي طلب منه أن يشهد له سيكون نظرته له سيئة لكونه شاعد زور ويسقط من عينه. هذا ذمّه رغم أنه احتاجه. عندما يرفض أح الرشوة تجد الذي حاول رشوته يحترمه. (وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا) هذه قمة المعاملات، هل رشيت أو لا؟ دفعت أو لم أدفع؟ سعي الآخرة في الدنيا والدنيا حياة وعمل وتعاملات لذا أحذر أن كلمة (وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ) تعني السعي وفق المنهج الهي لا وفق الهوى. (ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا) قال بعدها (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21) لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22)) المؤمن في الآية ليست إيمان العبودية يعني ليست درجة من درجات العبودية الخمس (الإسلام – الإيمان – التقوى – الإحسان – إسلام الوجه لله) (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) في الآية يعني العقيدة، (لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَر) يعني إذا لم تجعل مع الله إلهاً آخر تكون من الذين طلبوا الآخرة.
    المقدم: وقد يكون النساء والأولاد نوع من الإله الذي اتخذه الإنسان لنفسه؟ ويكون نوعاً من الشرك.
    د. هداية: طبعاً، الذي طلب العاجلة لم ينتبه لأمر وهو (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ) حتى الذي أخذته في الدنيا أعطاك إلياه الله تعالى، وأنت أشركت معه لذلك قلنا الرجل المشرك يتلخبط بدليل أنه قال (قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) منطق اللغة أن يقول رب أرجعن ولكنه قال أرجعون من باب الشرك لأنه ربما ظن أن ملائكة الموت هي التي ترجعه أيضاً ليس عنده ما يحكمه في هذا الإله فقال (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ (100) المؤمنون). المسألة تحتاج إلى وقفة في توصيف الآيات فليس من سبيل الصدفة أن يقول (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ) الضمائر كلها الفاعل فيها الله تعالى، (ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا) كان ينبغي أن يخيفك هذا التحذير ويرجعك (وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19) كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20)) العطاء لن يُحظَر عن أحد لكن يجب أن نقف ماذا نطلب وماذا نريد؟ العطاء مقسوم على اثنين فعلى سبيل المثال الذي يقوم الليل والذي ينام هذا كله عطاء، العطاء ليس محظوراً هنا فلم يمنع أحد الذي نام من أن يقوم ويصلي ولم يجبر أحد الذي قام على القيام .
    المقدم: هذا المثال هو في سُنة وليس تكليفاً إلهياً للجميع
    د. هداية: إذن ما الذي أجبر هذا على القيام؟ عندما أشتاق للجنة وأشتاق لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم عنها وتوصيفها فلما سمع الرجل الحديث "ركعتان في جوف الليل خير من الدنيا وما فيها" فهذا الذي قام أراد الآخرة. الآيات تحتاج لوقت طويل لتدبرها. الذي لم يطلب الآخرة ولم يسع لها سعيها وهو مؤمن وإن كان لم يطلب الدنيا فكأنه طلب الدنيا. قد يقول أحدهم أنا لم أطلب الدنيا ولا الآخرة قل له طلبت الدنيا لأنه طلب الآخرة كان مشروطاً بعمل أشياء ليكون ممن أراد الآخرة فلو لم يعملها يكون تلقائياً ممن طلب الدنيا. واحد قام يصيل القيام والآخر نائم وقد يكون من أهل الجنة أيضاً لكن هذا هو التفضيل فلما قال تعالى (وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً (21)) تلقوا الآيات في قول الحق (كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ) أو في قول الحق (انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) أنت تنظر وتقول الفقير الذي إن شاء الله من أهل الجنة مفضل على الذين عنده مال والآخر يقول لا هذا المفضل لأنه أخذ المال فكل واحد ينظر لها من منظار.
    المقدم: المفترض مع دخول الجنة أن يكون الكل راضي وليس هناك شكوى والذي يدخل النار كل الناس تذمهم (ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا) وربنا سبحانه وتعالى يذمهم لكن في الجنة المقارنة أنا دخلت للجنة بفضل ربنا ولكن في درجة متوسطة لست في مرتبة الرسول صلى الله عليه وسلم وأهلي وأقاربي كل واحد في درجة ونحن لا نعلم نعيم الجنة سؤالي لو كنت في الجنة التي في وسط ألن تطلب نفسي الذهاب إلى الجنة الأعلى أم أن الله تعالى بالنسبة لكل إنسان في مكانه يكون في منتهى الرضى والإشباع ولن يكون هناك حسد أو بغضاء أو أن قوله (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ (43) الأعراف)؟.
    د. هداية: تجيبك هذه الآية وتجيبك الآية الأخرى (جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8) البينة) رضوا عن الجزاء وقلنا سابقاً أقل الجنة جنة.
    المقدم: نسأل الله أن نكون من أهلها.
    المقدم: مسألة التوحيد والشرك مسألة مهمة جداً وسبق وتكلمنا عنها في آيات سورة الفرقان وإن شاء الله في نهاية هذه الحلقات المقبلة سنذهب إلى سورة السجدة ثم نعود لسورة الفرقان وننهي موضوع التوبة والاستغفار التي تحدثنا عنها فيما يقارب المائة حلقة. مسألة التوحيد والشرك يؤكد عليها رب العالمين مرة أخرى بعد أن تكلم عن أهل الجنة وأهل النار (لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً). البعض يقول أن الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم فهل هذا خطاب للنبي؟ وهل يمكن للنبي أن يُشرك؟
    د. هداية: الخطاب في البداية للنبي بوصفه مبلِّغاً بهذا الكلام ثم الكلام للقارئ والمستمع. الآية فيها نقطة مهمة هذا هو سبيل أهل الجنة لطلب الآخرة. لو انتبهنا لتقارب الكلمات الذي وصل النار (ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا) الذي طلب النار واحترق بنارها مذموم مدحور والذي طلب الآخرة سعيه مشكور، فذكر لك سبيل هذا فقال (لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً) يعني لو أنت جعلت مع الله إلهاً آخر ستكون ممن طلبوا العاجلة.
    المقدم: ويحصل أمران أولاً ستُذمّ وتُذل مخذولاً هذه كأن المولى يرسل رسالة طالما أنت أشركت واستعنت بغيري ومنهجي هذا المنهج الذي استعنت به وهواك سيخذلك ولن تصل
    د. هداية: هناك نقطة مهمة في الآية (لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهًا آخَرَ) هناك حديث للرسول صلى الله عليه وسلم لما قال "إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله" بعدما تكلم عن السؤال والاستعانة تكلم عن عقيدة الإنسان ساعة فقال أولاً "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك" وفي المقابل "أن يضروك" لن ينفعوا أو يضروا إلا بما أمر به الله تبارك وتعالى قضاءً وقدراً في تحقيقه فقال "واعلم أن الأمة لو اجتعمت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك"
    المقدم: مثال مريض ذهبت للدكتور وصف لي وصفة فشفيت.
    د. هداية: الدكتور عالجك والشافي هو الله تعالى.
    المقدم: الأمة ما زالت بخير وجدت في صحيفة أن شخصاً كان مريضاً وشفي بحمد الله وعادة نقرأ فلان الفلاني يشكر الدكتور الفلاني أو رئيس القسم الفلاني على شفائه ولكني قرأت في صفحة الاجتماعيات أن عائلة فلان الفلاني الذي شفي تسجد لله شكراً بأن منّ الله عليه بالشفاء ثم ذكر شكره للأطباء الذين جعلهم الله سبباً في الشفاء.
    د. هداية: هذه الآية (لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهًا آخَرَ) اتصل بي أحد الإخوة من العراق الشقيق في الأسبوع الماضي وقال في خطبة الجمعة لديهم عادة ما يفتتح الشيخ خطبته بالقول: الحمد لله الذي فضّل ديننا على سائر الأديان، وهم سمعونا عندما قلنا (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ (19) آل عمران) هذه تذكرني بالآية (لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهًا آخَرَ) هناك إله واحد بل إنه الأحد يعني هناك دين واحد لا يمكن أن يكون هناك عدة أديان. يجب أن ننتبه لهذه النقطة لأنها مسألة تهز عقيدة المستمع عندما تقول هناك أديان إذن هناك آلهة، أنت تدعو للتوحيد والآيات تقول (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ (85) آل عمران) إذن ربنا يفضل ديننا على دين من؟ الدين كله لله تعالى وهذا ليس تفضيلاً هذا مراد الله أن يكون خاتماً للرسالات واليهودية رسالة والنصرانية رسالة ومن إيماننا كمسلمين نؤمن بعيسى وموسى وسائر الأديان وفي بداية وختام البقرة نقطة مهمة في بدايتها قال (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)) وفي الختام (آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ (285)) وبعدها قال (وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا)
    المقدم: لماذا أتبعها بقوله (غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)؟
    د. هداية: لأننا طالما سنعمل سنخطئ، وإليك المصير تؤكد أننا راجعون للإله الحق فالله واحد والدين واحد ولا تفضيل. (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) يقولون محمد أفضل الأنبياء والمرسلين.
    المقدم: من الذي فضل الله أم أنت؟
    د. هداية: هناك جمل خطيرة في العقيدة تحتاج لوقفة.
    المقدم: ربنا قال في القرآن (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ (253) البقرة) ربنا يفضل.
    د. هداية: ليست على وزن أفعل أنا تقول أفضل يعني جعلت أحد أفضل من أحد لكن يجب أن تستقيم العقيدة على كلام القرآن.
    المقدم: أنا مأمور في سورة البقرة (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ)
    د. هداية: هناك مسألة أخرى وهي أنه ينسحب كره المسلمين لليهود إلى موسى عليه السلام وقد رأيتها في أميركا، موسى نبي الله وإيماننا بمحمد عليه الصلاة والسلام لا يكتمل إلا بإيماننا بموسى وعيسى عليهما السلام وقد بين القرآن هذا في كلام عيسى عليه السلام (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ (6) الصف) يعني أيّد كل ما جاء به موسى (وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ (6) الصف) كأنه يقول لهم أنا حلقة في سلسلة الذي قبلي يجي أن أوافق عليه والذي بعدي يجب أن أبشر به لأنني أنا كعيسى رسول في سلسلة فهذه قضية مهمة أن نقول فضّل ديننا على سائر الأديان هذا كلام فارغ وأسأل الله تعالى أن يكون هذا الكلام يقال بدون عقيدة راسخة داخلنا ويجب أن نصحو لكلامنا لأن العقيدة مهمة جداً بدليل أنه لما ذكر طالب الدنيا وطالب الآخرة ومصيرهما قال (لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهًا آخَرَ) ولو حصل ستقعد مذموماً مخذولاً لأنه لا يمكن عندها أن تكون من أهل الجنة. هذه قضية مهمة وأذكر الناس بالآية (وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ) أي على عقيدة سليمة وعقيدة صحيحة وعلى توحيد الألوهية بعطاء الألوهية في المناهج وبتوحيد الربوبية في عطاءات الربوبية في العطاءات المختلفة من رزق ومال وجاه وسلطان أو منع هذا كله وفي هذا عطاء.
    المقدم: لو إنسان أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن ولكن ناله من رزق المولى سبحانه وتعالى أموال وشركات ومصانع كيف لا تكون هذه الأشياء في يده وليس في قلبه؟ وكيف لا تغره الدنيا بمتعها؟ وكيف نضع منظومة متوازنة لمعيار الإنفاق لأنه مع مثرة هذه الأمور هناك أناس عندهم ثراء لا حصر له ولكن له شروط فما هي هذه الشروط؟
    د. هداية: الحسد مذموم (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)) لكن الرسول صلى الله عليه وسلم سمح بلازم معنى الحسد في موضعين في المال ينفق في سبيل الله وفي القرآن تحسد شخصاً يمشي على المنهج هذه تسمى غبطة والغبطة يعني أن تفعل مثله لكن الحسد المذموم تمني زوال النعمة عن الغير حتى لو لم تصلني، هذا مرض لكن الغبطة أقول فلان يصلي ويصوم سأفعل مثله هذه غبطة وأدعو له أن يثبته وأنا أقلده ورجل أعطاه المولى عز وجل مالاً فأنفقه في الخير في سبيل الله.
    المقدم: أليس من الذكاء أنه مع الشدة أنفق أكثر؟
    د. هداية: بالطبع، لا ينفع أن تقول لفقير الحالة الاقتصادية سيئة. هذا الموضوع في منتهى الخطورة لأن الذي يلتزم مع ناس يعطيهم فلا يقول لهم الحالة الاقتصادية سيئة ويتوقف عن إعطائهم قد يخفض المبلغ لكن لا يقطعه أنا أرى أن هذه الأحوال التي نحن فيها ابتلاء أكبر والابتلاءات يزيد في هذه الحالات كما في رمضان الشيطان سيعمل أكثر لأنك ستجتهد في العبادة أكثر والحديث عن تصفيد الشياطين في رمضان صحيح في أن الأفعال في الحديث مبنية لما لم يسمى فاعله (غُلّقت وفُتحت) أنت الذي تصفد وتفتح لأنك صائم لكن أن تفتح وتصفد وأنت جالس؟ الابتلاءات تشتد مع الكرب وهنا (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) العنكبوت) يعني قول الإيمان يكون مع (وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ) لا أقول آمنت وأقف مكتوف الأيدي ويقول أنا في الجنة! وذكر الفتنة في الآية وليس الابتلاء.
    المقدم: ما الفقر بين الابتلاء والفتنة؟ هذا ملمح من بداية سورة العنكبوت ثم نذهب إلى سورة السجدة ونعود للفرقان حتى نلم الخيوط كلها حتى نكون من أهل الجنة ومن عباد الرحمن ونضع خلاصة لهذا التوصيف الإلهي كيفية تطبيق المنهج بشكل واقعي في كل حياتنا وفي نفس الوقت نقول يا رب وفقنا وأعطنا نوراً وعلماً وهداية لنكمل مع بعض في طريق الهداية.
    كلمات مفتاحية  :
    التوبة الاستغفار

    تعليقات الزوار ()